كتب الموتى المعروضة للبيع الرخيص في شارع المتنبي

ما تدونه الأسماء والتواريخ من قصص

شارع المتنبي
شارع المتنبي
TT

كتب الموتى المعروضة للبيع الرخيص في شارع المتنبي

شارع المتنبي
شارع المتنبي

يعج شارع المتنبي بمتبضعي الكتب، بوصفه أحد المعالم الثقافية البارزة في بغداد، وقد يغري عنوان الكتاب الزبائن، لكن التجوال على الأغلفة الحديثة الطبع لا يتوقف مع آخر إصدارات دور النشر العراقية والعربية، فغالبا ما يذهب الباحثون عن عناوين محددة إلى بسطات الكتب، حيث يجدون كتبا مجلدة، تهرأت بعض أوراقها. وعادة يقود فتح غلاف الكتاب إلى قراءة ما كتب على صفحته الأولى، حيث تسجل عادة الأسماء والتواريخ، فلعل إهداء ما قاد المتبضع إلى قصة نادرة تبقى أسرارها تتنقل بين حلقة محدودة الأصدقاء. وفي هذه الإهداءات أو الختوم قصص ترتبط بأسماء معروفة عراقيا وعربيا لكتاب وسياسيين أو مفكرين، أو لأناس عاديين.
الكتبي فارس الكامل شهد بيع مكتبتين عراقيتين أخذته معهما قصص الإهداء والتواريخ إلى سوق الكتب والقراءات اللامنتهية، فهو يشير إلى الوقت الذي بيعت فيه أمامه مكتبة الكاتبة والمترجمة العراقية سعاد محمد خضر، والعلامة كامل مصطفى الشيبي. يقول لنا: «أذكر حادثة في التسعينات حين اشتريت كتاب (قبل السقوط) للكاتب والمفكر المصري فرج فودة بعد فترة على اغتياله، وكان فيه إهداء من فودة لأحد الأشخاص المصريين المقيمين في مصر». ويبدو أن لهذا الكتاب قصة ما وثقها الكامل: «يبدو أن رجلا مصريا في العراق أوصى صديقه أن يشتري الكتاب من مصر، واشتراه هذا المصري من سوق الأزبكية في القاهرة وعليه إهداء فرج فودة، وأرسله إلى صديقه المصري في العراق، وأنا اشتريته لاحقا من (المتنبي)».
ما تدونه الأسماء والتواريخ من قصص، تترك هي الأخرى علامات ومدونات شخصية، تضيف للكتاب دهشة أخرى غير قصة الكتاب نفسه، وهي تضيف للكتب قيمة أخرى لقيمتها الأصلية، ففيها يجد القارئ ملامح إنسانية لقارئ آخر سبقه، وترك عليها انطباعاته.. يومياته، وذاكرة ما ارتبطت بحدث شخصي. وبذلك لا يعود الكتاب مادة للمطالعة فقط، بل هي يوميات شخص ثان توقفت مع هذه الصفحات في زمن ما، قد يكون عقدا من الزمن أو قد يكون قبل مائتي عام، مثلما حصل مع الكاتب والروائي العراقي أحمد سعداوي مع نسخة من كتاب «مقامات الحريري». يسرد سعداوي قصته مع هذا الكتاب لـ«الشرق الأوسط»: «ما زلت أحتفظ بنسخة من (مقامات الحريري) مطبوعة في مطبعة بولاق الحجرية بمصر قبل نحو مائتي سنة، وهي نسخة مجلدة بشكل أنيق وبكعب، وورقها أحمر لا يمكن تقليب صفحاته من دون أن يتساقط منه فتات الورق المتهرئ، وكان من المثير بالنسبة لي رؤية الأختام والتواقيع على صفحة الكتاب الأولى، وكيف انتقل من يد مالك إلى آخر، أتذكر منهم (جرجس مرقص لوقا)، وختم باسم (لبيد الحنفي)، وتوقيعات أخرى».
من يتعمق في الكتب القديمة يمر على روائح.. على ملامح، وعلى أيام قد تعود لموسم الشتاء أو الصيف، لكنها جميعا تعود لحيوات لم تعد موجودة، مثلا يثير انتباه سعداوي، بطاقة حافلة حكومية تعود إلى سبعينات القرن الماضي، «قد يكون صاحبها استخدمها، بلا شك، لكي يعلم الصفحات التي وصل لها، ثم نسيها هناك، فالكتب مع هذه التأشيرة تغدو له أكثر شخصية، وهذه التواقيع والخربشات على بعض الصفحات تعيد تذكيرنا بالقراءة الأولى».
ليس عن طريق الصدفة رست هذه الكتب في ميناء البسطات والمكتبات القديمة، وفي شارع المتنبي بالذات. فقد باع عراقيون كثر كتبهم، ليس خوفا، بل بسبب الحاجة. هذا ما يشير له مهتمون، البعض منهم يضع ختما باسمه على صفحة أو اثنتين من كتب مكتبته الخاصة، لكي يسهل عليه استرجاعها بعد إعارتها للآخرين، ولكي لا تختلط مع كتب غيره.
«غير أن هؤلاء حين باعوا كتبهم (في سنوات الحصار السوداء)، حرصوا على شطب أسمائهم منها، أو اقتلاع الصفحة الأولى فقط، لكي لا يتعرف المشترون على تفاصيل فاقتهم»، مثلما يذهب الباحث والشاعر عماد عبد اللطيف جاسم في قوله، ويتابع: «البعض كانت لديه كتب أثيرة على نفسه، قريبة من روحه. وضع على كل سطر فيها علامات وخطوط، وتعليقات، وكتب الكثير من الانطباعات، بل وحتى شتائم عابرة، ومقاطع من نصوص من وحي لحظة القراءة، التي لا يمكن أن تعوّض، أو تعود. مثل هؤلاء باعوا أولا الكتب الأكثر بعدا عن الروح. واحتفظوا بالكتب الأثيرة. بعد مدة اضطر هؤلاء لبيع الكتب الأثيرة. من مات منهم، ولم يبع أيًّا من كتبه، فإن ورثته باعوا مكتبته قبل أن ينتهي اليوم الثالث لمجلس الفاتحة».
كتب الموتى كانت أفضل فرصة لتجّار الكتب في شارع المتنبي. لم يكن الباعة يعرفون قيمتها بعد موت أصحابها فباعوها بأبخس الأثمان. فقد اشترى باعة مكتبات كاملة، فيها مئات الكتب، واسترجعوا تكلفة ما دفعوه في شرائها من خلال بيع كتابين أو 3 كتب قيّمة منها فقط، والباقي كان مجرد ربح. يقول الباحث عماد عبد اللطيف جاسم: «لم يكن الباعة في شارع المتنبي (وهم فئة محترفة بالبيع والشراء، رغم أن البعض منهم قرّاء نهمون، ومثقفون، وكتّاب)، ليرحموا أحدا عند عقد صفقة البيع مع الورثة. (إذا كانت هناك استثناءات فإنها نادرة، وأنا أشك بوجودها أصلا)».
بعض المشترين كانوا يعرفون أصحاب المكتبات الموتى. بعضهم كانوا أساتذتهم، وبعضهم أصدقاءهم، وبعضهم كانوا إلى ما قبل بضعة أيام يترددون على شارع المتنبي لشراء الكتب منهم. مع ذلك كانوا يبادرون لمفاتحة أبنائهم، ويتسابقون لتقديم عروض الشراء للراغبين بالبيع (ومعظمهم كانوا راغبين في البيع، للتخلص من هذا الإرث الثقيل). من المفارقات في هذه الظاهرة أن بعض الكتاب والأدباء أهدوا نسخا من كتبهم إلى أدباء آخرين، وذيّلوا الإهداء بأسمائهم وتواقيعهم.
بعد مدة وجد هؤلاء الكتّاب أن أصدقاءهم قد عرضوا الكتب المهداة للبيع دون أن يكلفوا أنفسهم حذف عبارات الإهداء، لكنها، مثل إهداءات كثيرة، أضفت وجودًا آخر على كتاب، هو وجود أشخاص أحياء؛ وحدها خطوط الحبر أو الأختام تشير إليهم.



ديمي مور «في حالة صدمة» بعد فوزها بأول جائزة تمثيل خلال مسيرتها

مور مع جائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)
مور مع جائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)
TT

ديمي مور «في حالة صدمة» بعد فوزها بأول جائزة تمثيل خلال مسيرتها

مور مع جائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)
مور مع جائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)

حصلت الممثلة ديمي مور على جائزة «غولدن غلوب» أفضل ممثلة في فئة الأفلام الغنائية والكوميدية عن دورها في فيلم «ذا سابستانس» الذي يدور حول ممثلة يخفت نجمها تسعى إلى تجديد شبابها.

وقالت مور وهي تحمل الجائزة على المسرح: «أنا في حالة صدمة الآن. لقد كنت أفعل هذا (ممارسة التمثيل) لفترة طويلة، أكثر من 45 عاماً. هذه هي المرة الأولى التي أفوز فيها بأي شيء بصفتي ممثلة»، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

الممثلة ديمي مور في مشهد من فيلم «ذا سابستانس» (أ.ب)

تغلبت الممثلة البالغة من العمر 62 عاماً على إيمي آدمز، وسينثيا إيريفو، ومايكي ماديسون، وكارلا صوفيا جاسكون وزندايا لتفوز بجائزة أفضل ممثلة في فيلم موسيقي أو كوميدي، وهي الفئة التي كانت تعدّ تنافسية للغاية.

وقالت مور في خطاب قبولها للجائزة: «أنا في حالة صدمة الآن. لقد كنت أفعل هذا لفترة طويلة، أكثر من 45 عاماً. هذه هي المرة الأولى التي أفوز فيها بأي شيء بصفتي ممثلة وأنا متواضعة للغاية وممتنة للغاية».

اشتهرت مور، التي بدأت مسيرتها المهنية في التمثيل في أوائل الثمانينات، بأفلام مثل «نار القديس إلمو»، و«الشبح»، و«عرض غير لائق» و«التعري».

وبدت مور مندهشة بشكل واضح من فوزها، وقالت إن أحد المنتجين أخبرها ذات مرة قبل 30 عاماً أنها «ممثلة فشار» أي «تسلية».

ديمي مور تحضر حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب» الـ82 في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا (رويترز)

وأضافت مور: «في ذلك الوقت، كنت أقصد بذلك أن هذا ليس شيئاً مسموحاً لي به، وأنني أستطيع تقديم أفلام ناجحة، وتحقق الكثير من المال، لكن لا يمكن الاعتراف بي».

«لقد صدقت ذلك؛ وقد أدى ذلك إلى تآكلي بمرور الوقت إلى الحد الذي جعلني أعتقد قبل بضع سنوات أن هذا ربما كان هو الحال، أو ربما كنت مكتملة، أو ربما فعلت ما كان من المفترض أن أفعله».

وقالت مور، التي رُشّحت مرتين لجائزة «غولدن غلوب» في التسعينات، إنها تلقت سيناريو فيلم «المادة» عندما كانت في «نقطة منخفضة».

وأضافت: «لقد أخبرني الكون أنك لم تنته بعد»، موجهة شكرها إلى الكاتبة والمخرجة كورالي فارغيت والممثلة المشاركة مارغريت كوالي. وفي الفيلم، تلعب مور دور مدربة لياقة بدنية متقدمة في السن على شاشة التلفزيون تلتحق بنظام طبي غامض يعدها بخلق نسخة مثالية من نفسها.