شاشة الناقد

لقطة من فيلم «سعاد»
لقطة من فيلم «سعاد»
TT

شاشة الناقد

لقطة من فيلم «سعاد»
لقطة من فيلم «سعاد»

- The Misfits (★★)
> إخراج: رَني هارلن
> الولايات المتحدة (2020)
> نبذة: مجموعة تستقطب عقل أمهر اللصوص لإحباط خطط الإخوان المسلمين
«إذا لم يكن هذا مسليّاً جداً، فإنه محزن»، يقول بيرس بروسنان وهو يتلقى خبر أن العملية التي أعتقد سيخرج منها بمليون دولار على الأقل ليست عملية سرقة، بل خطة لتقويض مساعي رجل أميركي يزمع تحويل سجن بناه في دولة عربية اسمها جزيرستان إلى مركز علاقات مع الإخوان المسلمين قد يتسبب عنه تمويلها للقيام بعلميات تخريبية.
لكن العبارة ذاتها تتطابق مع حال الفيلم تماماً. هو فيلم محزن كون نكاته لا تُضحك ومشاهده المفترض بها أن تُثير التشويق تأتي فاترة التأثير في أفضل حالاتها، خصوصاً في النصف الأول من الفيلم. لكن النصف الثاني هو بدوره غير مقنع والعمل بأسره يقفز فوق ما لا يستطيع السيناريو تفسيره أو الإتيان بمنطق قابل للتصديق.
ليس أن الحبكة خالية من المعنى السياسي المناسب: هناك خلية إرهابية لـ«الإخوان المسلمين» يرأسها مرشّح لخلافة قائدها تعيش في أرض بلد عربي وهناك ذلك العميل الأميركي (تيم روث) المتفاني في التعامل مع الإرهابيين ليس إيماناً بسياستهم، بل لمصالحه المادية وحدها. الخطّة التي يقوم بها أفراد شّلة محترفة من العاملين على مجابهة أشرار العالم ومساعدة الشعوب على درء أخطار المجاعات والحروب وسواها، تطلب معونة النشّال المحترف بايس (بروسنان) الذي يعتقد أنه سينال ثروة. بعد ممانعة يقبل قيادة الفريق لكنه يكتشف أنه عمل خيري لا طائل مادياً منه. يقبل لأن السيناريو أشار له بالقبول ومن نقطة قبوله إلى آخر الفيلم سيدير الخطّة المحكمة للنيل من تلك الشخصيات الآثمة ويحبط مخططات الثعلب الأميركي.
سبق للمخرج الفنلندي (الذي حقق أشهر أفلامه في هوليوود) أن تعامل مع موضوع أن العرب قد يكونون ضحية مؤامرات تشترك فيها جهات أميركية مدروسة. هذا ورد في The Long Kiss Goodnight قبل 25 سنة. هناك جهة أميركية تريد توريط العرب في عملية إرهابية. الجهة في الفيلم الجديد قد تكون ذاتها. العرب هم المختلفون: ضحايا غير منظورين ومجموعة إرهابية تخطط لعمليات خطرة.
أسلوب هارلن كان أكثر نجاحاً في التعامل مع عنصر التشويق (يخلو الفيلم منه هنا على نحو شبه تام) وأكثر حضوراً على صعيد كيفية إدارة وتنفيذ المشاهد عموماً. بالإضافة إلى غياب هذين العنصرين، هناك الحوار الذي يبدو كما لو الكاتب (كيرت ويمر) ترجمه عن طريق «غوغل». التمثيل من الجميع مبرمج لكن بيرسنان كان أفضل حالاً في العديد من الأفلام السابقة له. هو هنا يحاول استنباط شخصية بوندية مختلفة، لكن لو عمد إلى بعض بوند لأفاد الفيلم واستفاد [عروض تجارية عامّة].

- سعاد (★★)
> إخراج: آيتن أمين
‫> مصر | (2020)‬
> نبذة: فتاة شابّة تعيش شخصيتين واحدة بحجاب والأخرى من دونه
أثار فيلم «سعاد» الذي كان من المفترض به أن يُعرض في العام الماضي في مهرجان «كان» الملغى، ثم انتقل إلى مهرجان برلين في مطلع هذه السنة، إعجاباً كبيراً بين عديد من النقاد العرب (وبعض الأجانب). ما استند عليه المعجبون هو أن الفيلم يتناول وضع فتاة مصرية تعيش حياتين متلازمتين: هي محجبة حين تدعوها الحاجة ومنفتحة على تطلّعاتها المشروعة ككل فتاة في مثل عمرها. إنه التناقض بين حالتين وحوله ضخ المعجبون ملاحظاتهم حول طروحات الفيلم وقاموا بوضعها بين قوسين كبيرين للأهمية.
للتأكيد على أهمية الفيلم بالنسبة لهم، استندوا على أن الفيلم انتخب في عدة مهرجانات. وهل هناك ما هو أعلى شهادة من ذلك؟ نعم. شهادة من يرى الأمور على أساس ما يوفّره الفيلم من فن إخراج وفن عمل متكامل وليس على ما يطرحه من مواضيع وقضايا.
شخصية سعاد المذكورة تحتل القسم الأول من ثلاثة أقسام. في ذلك وحده إجحاف للقسمين الآخرين لأنهما متوازيان في الحجم والأهمية بالنسبة للعمل ككل. هي فتاة تدرس الطب وتعيش مع شقيقتها رباب الأصغر سناً وتموت بعد قليل من دون مبرر.
هنا ينتقل الفيلم إلى رباب (الجزء الثاني) التي تقوم برحلة من ضاحية القاهرة إلى الإسكندرية، حيث يعيش أحمد، الذي هو صديق سعاد. بعد حديث طويل وثرثرة تستحق جائزة ننتقل في الجزء الثالث إلى أحمد نفسه.
إذا كان الفيلم محاولة لتصوير ثلاث نماذج لحياة الشباب المصري (ذكوراً وإناثاً) فإن النماذج المطروحة ليست متكاملة. لا هي شاملة ولا وافية ولا عميقة ولا الرابط بينها وبين المجتمع قائم على أكثر من فعل كتابة تتمنى تجسيد ما لا نراه مجسّداً. حتى ولو اعتبر البعض أن الفيلم نجح في هذه الناحية (وهو لم يفعل) فإن هزال العملية التصويرية ورداءة التقنيات (صوت وصورة) والحديث الذي لا يتوقف عن الاسترسال فيما تم سابقاً طرحه تجعل من «سعاد» عملاً لا يستحق اعتباره نموذجاً حتى ولو كان في البال تقليد أفلام رتشارد لينكلاتر (المعروفة برباعية Before) القائمة على الحوار كاملاً. الفارق يمكن تدريسه (عروض مهرجان تريبيكا).

- Reflection: A Walk with Water (★★★)
‫> إخراج: إيمَت برينن ‬
‫> الولايات المتحدة (2021)‬
يتناول هذا الفيلم التسجيلي موضوعاً محورياً واحداً: شح المياه في ولاية كاليفورنيا. الولاية التي تعيش على حصّة محدودة من الأمطار سنوياً. تعاني في بعض مساحاتها من الجفاف، وفي مساحات أخرى من هدر المياه من دون استثمار ناجح. الناتج عن كل ذلك التأكيد بأن مستقبل الولاية لا يبشّر بالخير وأن الإنسان وما تسبب به من مشاكل بيئية مسؤول أول عن ذلك.
يسبر المخرج الشاب إيمَت برينن موضوعه بدراية مسبقة لما سيطرحه. لقد عمد إلى دراسة الوضع إحصائياً ومكانياً وبل تاريخياً أيضاً ثم استعان بعدد من علماء البيئة لجانب مجموعة من القلقين على مستقبل الحياة في تلك الولاية.
نرى هؤلاء يمشون فوق أرض كان من المفترض بها أن تكون مائية. أو يتحدّثون عن كيف كان الوضع عليه قبل مائة سنة. التاريخ هنا مرتبط بكيف يختلف التاريخ عندما كان يعيش المواطنون الأميركيون الأصليون فوق أرض غنية بالطبيعة وكيف يعيش أبناء اليوم قحطاً مشهوداً. تتساءل إحدى المشتركات في الفيلم عما سيكون الوضع عليه بالنسبة للجيل المقبل.
لا يملك الفيلم جواباً. لا يحتاج إلى ذلك. لديه من الإحصاءات والمشاهد التي يستخدم فيها الرسم المتحرك لشرح ما يحدث الكثير.
في طيّات كل ذلك لا يفتأ الفيلم تذكيرنا بما نعرفه حين أنعم الله علينا بقوله: «وخلقنا من الماء كل شيء حي». الماء بدورها حيّة تتعرّض للأذى كما يتعرّض الإنسان ذاته والحيوان والأشجار وكل من يعتمد عليها.
فنياً لا يتّبع الفيلم الكثير من التناول المختلف عما قد نراه بيد مخرج آخر، لكنه جيد التنفيذ وينجح في المزج بين المقابلة وبين الإيضاحات المرسومة وبين مشاهد الطبيعة وهي تعاني قسوة غير مسبوقة (عروض مهرجان تريبيكا)

★ ضعيف| ★ ★ : وسط| ★★★: جيد | ★★★★: ممتاز | ★★★★★: تحفة


مقالات ذات صلة

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

يوميات الشرق المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا.

انتصار دردير (جدة)
يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.