سنوات السينما

مشهد من «ليو الأخير»
مشهد من «ليو الأخير»
TT

سنوات السينما

مشهد من «ليو الأخير»
مشهد من «ليو الأخير»

Leo the Last
‪(1970)‬
هاوي الطيور يكتشف جديداً
★★★★
> بعد تجربتيه الناجحتين (فنيّاً) في هوليوود والمتمثلتين بفيلمه البوليسي الحاد Point Blank (1967) وبفيلمه الدرامي Hell in the Pacific الذي تقع أحداثه خلال الحرب العالمية الثانية (1968) وقبل أن يعود إلى إطار السينما الأميركية لإخراج فيلمه الأميركي الأهم «خلاص» Deliverance (1972)، حقق جون بورمن «ليو الأخير» كدراما وكوميديا نافذة.
يدور حول أمير أرستقراطي من مملكة أوروبية بائدة لا يزال يعيش حياة الثراء اسمه ليو (قام به الإيطالي مارشيللو ماسترويوني). هوايته الوحيدة مراقبة الطيور. له باع طويل في ذلك وبل يبدو أن لا شيء آخر في الحياة، بما في ذلك أي شأن اجتماعي، يوازي تلك الهواية أهمية عنده. ذات يوم يصل ليو للندن في زيارة بدت عادية، لكنه سيكتشف ما يصبح بالتدريج أكثر أهميّـة من مراقبة العصافير وهو مراقبة امرأة سوداء اسمها سالامبو (غلينا فورستر جونز) تعيش معدمة وعلى حافة الجوع مع صديقها.
إنه أمر جديد عليه لم يكن شهده من قبل ويرقبه بفضول وتعجب. ينتقل الأمر به إلى الاهتمام ومن الاهتمام إلى الرغبة في المشاركة في حمايتها بعدما دخل صديقها السجن لقيامه بضرب صاحب دكان حاول اغتصابها وبعد أن أخذ قوّاد الحي (تدور الأحداث في نواحي نوتينغ هيل غيت التي كانت شهدت سنة 1958 اضطرابات عنصرية كبيرة) يحوم حولها ليحوّلها إلى واحدة من مومساته.
التجربة التي يتعرض إليها جون بورمن هي وضع ثري لا يعلم شيئاً عن حياة من هم دون مستواه الطبقي أمام فقيرة لا أمل لها في حياة أفضل. والنتيجة فيلم يعالج الفوارق الطبقية (والعنصرية) إنما من دون أجندة سياسية طاغية.
لم ينتم المخرج الآيرلندي بورمان إلى صانعي الأفلام التسجيلية الذين انتقلوا إلى رحى السينما الروائية ولا إلى المخرجين الذين قادوا، في الستينات، منهج السينما الحرّة وكانوا نواة ما عُـرف بـ«السينما البريطانية الجديدة»، لكنه حافظ على مسافة بينه وبين السينما الترفيهية ومنح كل أعماله سمة فنية واضحة حتى حين كانت بعض أفلامه ذات مواضيع شيّـقة. كان الناقد الراحل مايك وولنغتون على حق حين قال إن بورمن هو «ابن عم بعيد النسب لأنطونيوني» على الأقل في بعض أفلامه مثل «ليو الأخير».
وللصدفة البحتة، كان مايكل أنجلو أنطونيوني قد حقق قبل أشهر قليلة من هذا الفيلم «نقطة زابرسكي» (Zabriski‪’‬s Point) الذي انتقل من أجله إلى الولايات المتحدة ليقدّم نقداً لنظامها الاقتصادي. نلاحظ هنا أن النهايتين الماثلتين في «نقطة زابرسكي» و«ليو الأخير» متشابهتان. في الأول يتم تفجير قصر لشخص ثري يرمز الفيلم به إلى قطاع رجال الأعمال، وفي الثاني يقوم ليو بتدمير قصره مستخدماً للغاية ألعاباً نارية.
لكن معالجة بورمن أرق في كل الأحوال وغير مُسيّسة إلا بمقدار ما يختار المُشاهد استقباله من مفادات. هو اقتباس من مسرحية لجورج تابوري بعنوان «الأمير» أحاطت بحياة أرستقراطي معزول عن العالم وواقعه. ما يجعل الفيلم ناجحاً في مسعاه الساخر معالجته البصرية ولو أنها بدت تشبّهاً بتلك التي وفّرها فديريكو فيلليني في أفلامه.

★ ضعيف| ★ ★ : وسط| ★★★: جيد | ★★★★: ممتاز | ★★★★★: تحفة


مقالات ذات صلة

لماذا لا تصمد «أفلام المهرجانات» المصرية في دور العرض؟

يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من فيلم «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

لماذا لا تصمد «أفلام المهرجانات» المصرية في دور العرض؟

رغم تباين ردود الفعل النقدية حول عدد من الأفلام التي تشارك في المهرجانات السينمائية، التي تُعلي الجانب الفني على التجاري، فإن غالبيتها لا تصمد في دور العرض.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة الأردنية ركين سعد (الشرق الأوسط)

الفنانة الأردنية ركين سعد: السينما السعودية تكشف عن مواهب واعدة

أكدت الفنانة الأردنية ركين سعد أن سيناريو فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، الذي عُرض بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، استحوذ عليها بمجرد قراءته.

انتصار دردير (جدة )
يوميات الشرق إيني إيدو ترى أنّ السينما توحّد الشعوب (البحر الأحمر)

نجمة «نوليوود» إيني إيدو لـ«الشرق الأوسط»: السينما توحّدنا وفخورة بالانفتاح السعودي

إيني إيدو التي تستعدّ حالياً لتصوير فيلمها الجديد مع طاقم نيجيري بالكامل، تبدو متفائلة حيال مستقبل السينما في بلادها، وهي صناعة تكاد تبلغ الأعوام الـ40.

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق طاقم فيلم «سكر» على السجادة الحمراء (البحر الأحمر السينمائي)

«سكر»... فيلم للأطفال ينثر البهجة في «البحر الأحمر السينمائي»

استعراضات مبهجة وأغنيات وموسيقى حالمة، وديكورات تُعيد مشاهديها إلى أزمان متباينة، حملها الجزء الثاني من الفيلم الغنائي «سكر».

انتصار دردير (جدة)
يوميات الشرق «سلمى وقمر»... قصة حقيقية لسائق سوداني اندمج في عائلة سعودية

«سلمى وقمر»... قصة حقيقية لسائق سوداني اندمج في عائلة سعودية

المفاجأة جاءت مع نهاية الفيلم، ليكتشف الجمهور أن «سلمى وقمر» مستلهمٌ من قصة حقيقية. وأهدت المخرجة عهد كامل الفيلم إلى سائقها السوداني محيي الدين.

إيمان الخطاف (جدة)

شاشة الناقد: أفلام على اختلافها لم تأتِ جيدة جداً

«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)
«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)
TT

شاشة الناقد: أفلام على اختلافها لم تأتِ جيدة جداً

«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)
«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)

معطراً بالنعناع ★★☆

رسائل شفهية في عتمة الأماكن

فيلم محمد حمدي الأول مختلف جداً عن أي فيلم مصري (أو عربي) حٌقّق في تاريخ السينما العربية. الاختلاف بحد ذاته لا يمنح الفيلم درجة التقييم. من الممكن أن يكون مختلفاً وبديعاً أو مختلفاً ورديئاً وهو أقرب إلى التصنيف الثاني. فيلم داكن في الصورة وفي الذوات البشرية التي تسكنه. يجد المخرج لها مبررات مناسبة. هذا لأن أبطاله يتقدمهم دكتور محبط (علاء الدين حمادة)، يعيشون حالات من الكآبة المطلقة تزداد عبثاً مع تناولهم الحشيشة طوال الوقت. أي نحو 90 دقيقة من مدة عرض الفيلم (التي تبلغ 113 دقيقة). وعوض استمتاعهم بهذه «السلطنة» تبقى أدمغتهم واعية وقادرة على الحديث في مسائل وجودية وسياسية (على الخفيف) مع قليل من الشّعر وكثير من الذكريات التي تتشابك بحيث لا تتضح لها زاوية فعلية تنطلق منها أو تعود إليها.

في دقائقه الـ10 الأولى يؤسّس أسلوب عمله من حالات شخصية وتصوير (قام به بنفسه) وإيقاع. هذا الإيقاع خافت باستمرار والمُشاهد عليه أن يفتح أذنيه جيداً ليتمكّن من التقاط الكلمات المتبادلة. هذا لأن الإيقاع الخافت يشمل كذلك الأداء والتلقين وتشخيص الحالات. الدكتور وأصحابه (من ثلاثة لأربعة حسب المشاهد) يركضون في الظلمة مثل جرذان هاربة من مطاردين (لا نعرفهم) ويأوون دوماً إلى خرابات تضمّهم بعتمتها أو إلى شِقق هي بدورها تبدو كخرابات كلّ شيء فيها قديم وباهت. حتى في ساعات النهار فإن النور مبتسر تأكيداً أو ترميزاً للحالة التي يمر بها أشخاص الفيلم.

الصورة، على الرغم من سوداويتها، هي أهم وأفضل من الموضوع المطروح. صحيح أن رجال الفيلم يتعاطون، لجانب الحشيش، مسائل تهمّهم، لكن ليس كل ما يهم شخصية ما في فيلم ما يهم المشاهدين. بالضرورة. لذا تنحصر الحسنات في الصورة. بينما تمرّ المَشاهد بإيقاع خافت ورتيب، مما يحدّ كثيراً من قدرة الفيلم على التواصل مع مشاهديه.

* عروض حالياً في مهرجان مراكش

Maria ★★★

العمق العاطفي لماريا كالاس

«ماريا» هو ثالث فيلم بيوغرافي ينجزه المخرج التشيلي بابلو لاراين (حسب اللفظ الأسباني) بعد (Jackie) «جاكي»، 2016 و(Spencer) «سبنسر»2021. مثل سابقيه هو فيلم عن امرأة ومثلهما هو عن شخصية حقيقية هي مغنية الأوبرا ماريا كالاس (هناك حفنة أفلام عنها أهمها «Maria By Callas» لتوم وولف، 2017) إلى جانب فيلم إيطالي آخر في التحضير بعنوان «Maria‪/‬Callas» لروبرت دورنهلم.

«ماريا» (ذِ أبارتمنت)

معالجة لاراين تختلف كونها متّصلة بالكيفية التي يحاول فيها تقديم رؤيته لشخصياته فهو يسعى دائماً إلى التقاط العمق العاطفي أكثر مما يهتم لسرد السيرة حكائياً. على ذلك، «ماريا» كما يقدّمه هنا يبقى على السطح أكثر من الدخول في عمق شخصيّته. ما يشغله في سرد الأيام الأخيرة من حياة بطلته هو التصاميم الفنية والديكوراتية وتحريك الكاميرا عبرها وهذا جيد لولا إنه يأتي على حساب تحديدٍ أفضل لمن هي ماريا كالاس.

يسرد الفيلم أحداثها الأخيرة وبعض مواقفها الشخصية والفنية لكن الحكاية يمكن لها أن تكون عن أي شخصية لمغنية وإن كانت خيالية. بطبيعة الحال، وكما بات مألوفاً، يعمد المخرج إلى مشاهد استرجاعية (الفلاشباك) بالأبيض والأسود لكن أهم عنصر في هذه الدراما هي محاولة ماريا التغلّب على ذكرياتها مع أرسطو أوناسيس (الذي تركها للزواج من جاكي كينيدي، شخصية فيلم لوراين السابق).

* عروض حالياً في مهرجان البحر الأحمر

TROIS AMIES ★⭐︎

حوارات ومشاهد تُراوح مكانها

لا يبتعد المخرج موريه في فيلمه «ثلاث صديقات» عن التيمة التي اختارها سابقاً لمعظم ما حقّقه من أفلام مثل «تغيير عنوان» (Changement d'adresse) 2007، و«هل نُقبّل» (Shall We Kiss) 2007، و«الأشياء التي نقولها، الأشياء التي نفعلها» (Les Choses qu'on dit, les Choses qu'on fait) 2020. التيمة المذكورة لا تخرج عن نطاق تداول وتناول العلاقات المتأرجحة ما بين الحب والجنس، أو الحب من دون جنس أو العكس.

«ثلاث صديقات» (موبي دَك فيلمز)

القصّة في عنوانها: 3 صديقات جوان (إنديا هير)، ريبيكا (سارا فورستييه) وأليس (كامل كوتان) والعديد من الحكايات السابقة (تشعر جوان إنها مسؤولة عن موت حبيبها السابق إريك لأنها تركته)، وفي الحكايات الحاضرة يتداولن التجارب التي مررن بها مع آخرين. لا الأحداث مهمّة ولا الحوار (يمتد بلا نهاية) يعني كثيراً. كل ذلك يَرِد مثل قراءة صفحة واحدة من مجلة إشاعات ومن دون لمسات فنية تذكر. بدورها كل لقطة تشبه، تأسيساً وإدارة. ما يسبقها وما يليها.

* عروض: حالياً في صالات فرنسية

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز