واشنطن تدعو أطراف أزمة سد النهضة إلى حلّ تفاوضي

جلسة في مجلس الأمن لضمان استمرار المحادثات بقيادة الاتحاد الأفريقي

المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد (رويترز)
المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد (رويترز)
TT

واشنطن تدعو أطراف أزمة سد النهضة إلى حلّ تفاوضي

المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد (رويترز)
المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد (رويترز)

دعت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، مصر والسودان وإثيوبيا، اليوم (الخميس)، إلى مواصلة البحث عن حل لأزمة سد النهضة عن طريق التفاوض، مجددة التزام واشنطن بالعمل مع أطراف القضية لضمان استئناف المفاوضات بقيادة الاتحاد الأفريقي، وفقا لوكالة الأنباء الألمانية.
وشددت، في إحاطتها خلال جلسة مجلس الأمن الدولي لمناقشة قضية سد النهضة الإثيوبي، على استعداد بلادها لدعم الجهود البناءة لحل قضية السد، مشيرة إلى أن الالتزام السياسي مطلوب للتوصل إلى حل لأزمة سد النهضة.
وتابعت المندوبة الأميركية قائلة إن الاتحاد الإفريقي هو المنبر الأنسب لمعالجة مسألة سد النهضة، وأعربت عن التزام الولايات المتحدة بتقديم دعمها «السياسي والتقني لتيسير التوصل لنتيجة ناجحة». ودعت أطراف الأزمة للامتناع عن أي إجراءات من شأنها تقويض المفاوضات الرامية لحل القضية.
ومن ناحيته، وصف مندوب كينيا في مجلس الأمن قلق مصر والسودان بشأن أضرار سد النهضة الإثيوبي بأنه «مشروع». وأكد دعم بلاده ولاية الوسيط الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي (الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي) ودعا كل الأطراف للالتزام بتقديم خبرتهم لحل الأزمة. وأضاف: «نعترف بأهمية مبدأ التكامل في ملف سد النهضة ونوصي الأطراف المعنيين بالعودة لطاولة المفاوضات في إطار العلمية التي يقودها الاتحاد الأفريقي».
من جهته، حض تشانغ جيون مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة، على حل أي خلافات حول استغلال مياه نهر النيل عن طريق الحوار والتعاون. وأكد أن بلاده تولي أهمية قصوى لقضية سد النهضة، وأعرب عن تفهمه لمخاوف مصر والسودان.
وشدد على ضرورة حل الخلافات بين أطراف الأزمة عبر الحوار والمشاورات، وأعرب عن تطلعه إلى استمرار اضطلاع الاتحاد الأفريقي بدوره للتوسط في الأزمة.
وقالت إنغر أندرسون، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إن سد النهضة سيكون له تأثيرات كبيرة على مجرى نهر النيل، مشيرة إلى أنه يجب تبني مبدأ «نهر واحد - شعب واحد - رؤية واحدة». وشددت على أهمية التوصل لاتفاق، وأشادت بالجهود المستمرة في التفاوض للتوصل إلى اتفاق.
وأعرب طارق الأدب مندوب تونس عن أمله في أن تساهم الجلسة في دفع مسار المفاوضات تحت إشراف الاتحاد الأفريقي لمساعدة الدول الثلاث على التوصل إلى اتفاق ملزم يراعي مصالح شعوبها، مبدياً أمله في أن يحفظ الاتفاق الأمن المائي ويجنب المنطقة مزيدا من التوتر.
ورأى أن التوصل إلى اتفاق أمر غير مستحيل إذا توافرت الإرادة السياسية للدول الثلاث في حل المسائل القانونية العالقة. وأشار إلى أهمية الامتناع عن اتخاذ إجراءات أحادية.
وقالت المندوبة الدائمة لبريطانيا برباره وودوورد إن المملكة المتحدة تعلق أهمية كبيرة على التوافق بين الأطراف حول التطورات التي تؤثر في موارد طبيعية مشتركة. ولفتت إلى وجود عدد من العناصر الرئيسية الضرورية للتوصل إلى توافق حول السد وردت في إعلان المبادئ الذي وافقت عليه الأطراف عام 2015، خصوصا مبادئ عدم التسبب بأي ضرر كبير ومبدأ الاستخدام المنطقي القائم على المساواة. ورأت أن «التوصل لاتفاق يتطلب تسوية وتنازلات من جميع الأطراف».
وقال بارفيه أونانغا أنيانغا، المبعوث الأممي للقرن الأفريقي، إن الدول الأفريقية دعت إثيوبيا إلى عدم القيام بالملء الأحادي لسد النهضة.

*موقفا مصر والسودان
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري، إن المشروع التونسي لحل الأزمة يمكّن الأمم المتحدة من الدفع بخبرائها لمعالجة موضوع السد تقنياً، والخروج بتوصيات ملزمة للجميع في ظل إطار زمني محدد. وأضاف أن المجلس يجب أن يبقى ملتزماً بسلام القارة الأفريقية ورخائها، محذراً من الإخفاق في علاج هذه الأزمة.
وأكد حرص مصر على التوصل لاتفاق يحافظ على كل دول حوض النيل، متابعاً: «نحرص على تحقيق مناخ من الرخاء لشعوبنا».
وقالت وزيرة الخارجية السودانية، مريم الصادق المهدي، إنه يجب التوصل إلى حل عادل ومنصف يرضي جميع الأطراف. وأضافت أن السودان لا يزال يعترف بحقوق إثيوبيا في استخدام نهر النيل، بشرط ملء سد النهضة وتشغيله بموجب مبادئ الاستغلال المنصف والمعقول لموارد النهر دون الإضرار بمصالح بقية الدول.
 



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».