الراعي: السعودية لم تعتدِ على سيادة لبنان بل هبّت لتحييده وضمان استقلاله

بخاري يوصي بالتنوع والعيش المشترك عملاً بـ«اتفاق الطائف»

السفير بخاري متوسطاً البطريرك الراعي والرئيس فؤاد السنيورة في بكركي أمس (الشرق الأوسط)
السفير بخاري متوسطاً البطريرك الراعي والرئيس فؤاد السنيورة في بكركي أمس (الشرق الأوسط)
TT

الراعي: السعودية لم تعتدِ على سيادة لبنان بل هبّت لتحييده وضمان استقلاله

السفير بخاري متوسطاً البطريرك الراعي والرئيس فؤاد السنيورة في بكركي أمس (الشرق الأوسط)
السفير بخاري متوسطاً البطريرك الراعي والرئيس فؤاد السنيورة في بكركي أمس (الشرق الأوسط)

أكد البطريرك الماروني بشارة الراعي أن المملكة العربية السعودية «لم تعتد على سيادة لبنان ولم تنتهك استقلاله، ولم تستبح حدوده ولم تورطه في حروب، لم تعطل ديمقراطيته ولم تتجاهل دولته»، مشدداً على أنها «لطالما كانت تؤيد لبنان في المحافل العربية والدولية، تقدم له المساعدات المالية، وتستثمر في مشاريع نهضته الاقتصادية والعمرانية. كانت ترعى المصالحات والحلول»، وقال إن السعودية «فهمت معنى وجود لبنان وقيمته في قلب العالم العربي، ولم تسع يوما إلى تحميله وزرا أو صراعا أو نزاعا، لا بل كانت تهب لتحييده وضمان سيادته واستقلاله».
جاء كلام الراعي خلال رعايته احتفالاً لمناسبة صدور كتاب «علاقة البطريركية المارونية بالمملكة العربية السعودية» للآباتي أنطوان ضو في الصرح البطريركي في بكركي بحضور سفير خادم الحرمين الشريفين في لبنان وليد بخاري. وقال الراعي أمس: «تشرفت بلقاء خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان خلال زيارتي إلى المملكة في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، ولمست في هذه الزيارة حبهما للبنان وفي الوقت عينه حزنهما الشديد على الحالة من التقهقر التي وصل إليها، والمتناقضة مع مقدرة اللبنانيين الخلاقة».
وأمل السفير بخاري، في كلمته، من الأفرقاء اللبنانيين «أن يغلبوا المصلحة اللبنانية العليا لمواجهة التحديات التي يعيشها لبنان، ومن بينها محاولة البعض العبث بالعلاقة الوثيقة بين لبنان وعمقه العربي وإدخاله في محاور أخرى تتنافى مع مقدمة الدستور اللبناني»، مؤكداً أن «لا شرعية لخطاب الفتنة والتقسيم والشرذمة، ولا شرعية لخطاب يقفز فوق هوية لبنان العربي»، كما أوصى «بالمحافظة على التنوع والعيش المشترك الذي أرسى أسسه اتفاق الطائف المؤتمن على الوحدة الوطنية وعلى السلم الأهلي».
وقال بخاري «إننا نجتمع اليوم (أمس) في مناسبة جامعة للفكر والثقافة، مناسبة تجسد مسيرة تاريخية لعمق العلاقة بين المملكة العربية السعودية والبطريركية المارونية والتي تمثل ضمانة حقيقية للحفاظ على لبنان الرسالة، لبنان الحر والسيد المستقل».
وقال بخاري: «من صرح المحبة نطلق نداء السماء للأرض ونجدد العهد والوعد بدور المملكة العربية السعودية بنشر ثقافة السلام ومد جسور الوسطية والاعتدال وتعزيز سبل التعايش وحفظ كرامة الإنسان»، وأكد: «لأننا دعاة سلم وسلام، فإن مستقبلنا في هذا الشرق هو السلام، بعيدا كل البعد عن التعصب والطائفية والتطرف أيا كان مصدره وذريعته».
وإذ استذكر ما قاله البابا فرنسيس في «يوم الصلاة من أجل لبنان»، «إن لبنان هو مشروع سلام رسالته هي أن يكون أرض تسامح وتعددية وواحة أخوة تلتقي فيها الأديان والطوائف المختلفة»، شدد على أنه «انطلاقا من مرجعية بكركي التاريخية وأهمية الدور الوطني والجامع للكاردينال الراعي نوصي بالمحافظة على التنوع والعيش المشترك الذي أرسى أسسه اتفاق الطائف المؤتمن على الوحدة الوطنية وعلى السلم الأهلي».
وأشار بخاري إلى أن «العمق العربي يشكل ركيزة أساسية في رؤية السعودية 2030 الهادفة إلى تعزيز الانتماء لهوية ثقافية معاصرة ترسم آفاق المستقبل أمام «عولمة العروبة» التي تتسع للجميع وتزخر بقبول الآخر والتفاعل والتكامل معه». وأضاف: «انطلاقا من رمزية المناسبة والمكان، تجدد المملكة اليوم الشراكة والأخوة تحت مظلة عروبية جامعة ركائزها الاعتدال، والحوار، والمحبة والسلام». وأكد أن «المملكة لا تسمح بالمساس بالهوية الوطنية اللبنانية ولا المساس بنسيج العروبة تحت أي ذريعة كانت، فالمسيحي كما المسلم مكون أساسي ومكون وازن في هذه الهوية المشرقية العربية الأصيلة».
وأكد البطريرك الراعي، من جهته، أن «المملكة العربية السعودية كانت أول دولة عربية تعترف باستقلال لبنان سنة 1943، وعلى أساس من هذه العهود والوعود تعاطت المملكة مع لبنان، واحترمت خيار اللبنانيين وهويتهم وتعدديتهم ونظامهم وتقاليدهم ونمط حياتهم». وشدد على أن السعودية «لم تعتد على سيادة لبنان ولم تنتهك استقلاله. لم تستبح حدوده ولم تورطه في حروب. لم تعطل ديمقراطيته ولم تتجاهل دولته. كانت السعودية تؤيد لبنان في المحافل العربية والدولية، تقدم له المساعدات المالية، وتستثمر في مشاريع نهضته الاقتصادية والعمرانية. كانت ترعى المصالحات والحلول، وكانت تستقبل اللبنانيين، وتوفر لهم الإقامة وفرص العمل».
وتطرق إلى علاقة البطريركية والمملكة، مؤكداً أنها «تتخطى الاعتبارات التي تتحكم بعلاقة دولة بدولة». وقال: «السعودية بالنسبة لهذا الصرح هي السعودية. نحبها كما هي. ولا ننظر إليها من خلال خياراتها السياسية ومواقفها القومية وعلاقاتها العربية والدولية. علاقتنا بها تتخطى المحاور إلى محور جامع هو الشراكة المسيحية/الإسلامية». وقال الراعي بأن «عرى الصداقة بين البطريركية المارونية والسعودية متنت أكثر فأكثر عرى الصداقة والتعاون بين المملكة ولبنان»، وأضاف: «كان اللبنانيون أوائل الذين سافروا إلى المملكة وساهموا في مشاريع الإعمار والتصنيع والإنماء والسياحة والتعليم. ولعب وجهاؤهم، بناء لطلب ملوكها، دورا مميزا في تنظيم الإدارة وتوطيد علاقات المملكة مع الشرق والغرب. ولقد أخلص هؤلاء اللبنانيون هناك للمملكة وبادلوها الوفاء. وفيما لم تميز المملكة بين لبناني وآخر، كنا نستشعر احتضانها المسيحيين العاملين في أراضيها. والحق يقال إن أبناءنا حين يهاجرون، فللعمل لا للسياسة، وللدخل لا للتدخل؛ وهم رسل لبنان لا رسل دولة أخرى، أو مشروع آخر».
وتوجه الراعي إلى كل لبناني يعيش في المملكة أو يعمل فيها «أن يحب شعبها ويحترم قيادتها ويلتزم قوانينها وتقاليدها ويحفظ أمنها. فمن لا يكون مستقيما في الدولة التي تحتضنه لا يكون أمينا للوطن الذي أنجبه».
وأكد الراعي أنه «مع السعودية بدت العروبة انفتاحا واعتدالا ولقاء، واحترام خصوصيات كل دولة وشعب وجماعة، والتزام مفهوم السيادة والاستقلال»، مشيراً إلى أنه «مع السعودية برزت العروبة عاطفة سجية لا مشروعا عقائديا يتحدى المشاعر الوطنية والخصوصيات الحضارية ويختزل القوميات والهويات. مع السعودية احتجب البعد الجغرافي أمام جيرة العقل والقلب».



تأكيد سعودي على التكامل الأمني الخليجي

وزراء الداخلية بدول الخليج ناقشوا خلال اجتماعهم في قطر تعزيز مسيرة التعاون الأمني المشترك (واس)
وزراء الداخلية بدول الخليج ناقشوا خلال اجتماعهم في قطر تعزيز مسيرة التعاون الأمني المشترك (واس)
TT

تأكيد سعودي على التكامل الأمني الخليجي

وزراء الداخلية بدول الخليج ناقشوا خلال اجتماعهم في قطر تعزيز مسيرة التعاون الأمني المشترك (واس)
وزراء الداخلية بدول الخليج ناقشوا خلال اجتماعهم في قطر تعزيز مسيرة التعاون الأمني المشترك (واس)

أكد الأمير عبد العزيز بن سعود وزير الداخلية السعودي، الأربعاء، موقف بلاده الراسخ في تعزيز التواصل والتنسيق والتكامل بين دول الخليج، خصوصاً في الشأن الأمني من أجل صون الحاضر الزاهر لدول الخليج وحماية مقدراتها وتنميتها من أجل مستقبل مشرق، وذلك خلال الاجتماع الـ41 لوزراء الداخلية بدول مجلس التعاون الخليجي في قطر.

وناقش وزراء الداخلية خلال الاجتماع الذي عقد برئاسة الشيخ خليفة بن حمد وزير الداخلية القطري (رئيس الدورة الحالية)، الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال، التي من شأنها الإسهام في تعزيز مسيرة التعاون الأمني المشترك بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

الأمير عبد العزيز بن سعود خلال مشاركته في الاجتماع الـ41 لوزراء الداخلية بدول الخليج في قطر (واس)

وأشار وزير الداخلية السعودي في كلمة خلال الاجتماع، إلى مواجهة الأجهزة الأمنية تحديات تتمثل في أنماط الجريمة المستجدة، خصوصاً المرتبطة بإساءة استخدام التقنية، وتطور أساليب تهريب وترويج المخدرات، وظهور أنواع متعددة من الجريمة المنظمة العابرة للحدود، ومنها تهريب وصناعة الأسلحة عبر تقنيات متقدمة أصبحت سهلة الاقتناء من قبل التنظيمات الإجرامية، التي ستساهم في انتشار الجريمة والتهديدات الإرهابية والتطرف في ظل عدم الاستقرار الذي تمر به الكثير من الدول، لافتاً إلى أهمية حشد الجهود المشتركة، والسعي إلى تطوير الخطط والاستراتيجيات وبناء القدرات لمواجهة ذلك.

وأوضح وزير الداخلية السعودي أن الاجتماع بما يصدر عنه من نتائج «يعزز العمل الأمني الخليجي المشترك، ويساهم في التعامل بنجاح مع المستجدات والتحديات التي تواجه الأجهزة الأمنية، بما يحقق التوجهات الحكيمة لقادة دول المجلس وتطلعات شعوبنا، ويرسخ منظومة الأمن والاستقرار، ويعزز فرص التنمية والازدهار، وأن يكلل أعمال الاجتماع بالنجاح».

وقال الأمير عبد العزيز بن سعود عبر حسابه الرسمي على منصة «إكس» إنه بتوجيه من القيادة السعودية أكد خلال الاجتماع موقف بلاده في «تعزيز التواصل والتنسيق والتكامل بين دولنا وخصوصاً في الشأن الأمني؛ لصون حاضرنا الزاهر، وحماية مقدراتنا وتنميتنا من أجل مستقبل مشرق».