حاخام يدعو إلى خطف قادة من «حماس» لـ«التبادل»

إخراج طفلة من تحت الأنقاض بغزة في أعقاب الغارات الإسرائيلية مايو الماضي (رويترز)
إخراج طفلة من تحت الأنقاض بغزة في أعقاب الغارات الإسرائيلية مايو الماضي (رويترز)
TT

حاخام يدعو إلى خطف قادة من «حماس» لـ«التبادل»

إخراج طفلة من تحت الأنقاض بغزة في أعقاب الغارات الإسرائيلية مايو الماضي (رويترز)
إخراج طفلة من تحت الأنقاض بغزة في أعقاب الغارات الإسرائيلية مايو الماضي (رويترز)

مع تجمع أصدقاء أحد الجنود المحتجزين في قطاع غزة في أول مظاهرة تطالب الحكومة بالسعي لإطلاق سراحهم، خرج رجل دين يهودي كبير، هو الحاخام دوف هالبرتل، بمطلب أن تقوم إسرائيل بخطف عدد من قادة «حماس» لإجبار هذه الحركة على صفقة تبادل أسرى.
وقال هالبرتال، خلال حديث مع إذاعة المستوطنين «القناة 7»، إن «الطريقة الصحيحة للإفراج عن أسرى إسرائيل في غزة، تكون باختطاف كبار قادة (حماس) أو أسرهم، سواء من بيوتهم ومكاتبهم في غزة أو في أي مكان آخر في العالم، نختطف منهم القائد تلو الآخر حتى تستسلم (حماس)، فلا يتم إطلاق سراحهم حتى تحرير جنودنا».
وأضاف هذا الحاخام، المعروف بتطرفه، أن إطلاق سراح مخطوفين جدد هو الثمن المناسب لتنفيذ صفقة، وليس هناك ثمن آخر. وتابع، أنه إذا لم يتنازلوا بعد اختطاف زعيم واحد نختطف زعيماً آخر، ثانياً وثالثاً ورابعاً، حتى ننتزع موافقتهم. وعدّ الحاخام إخفاق الحكومة في تحرير الأسرى الإسرائيليين تعبيراً عن العجز، «في الأيام التي لم تكن فيها الدولة خائفة من العرب، كنا نقوم بعمليات كهذه. أما اليوم فتسود روح التراخي التي تسيطر على قلوب أصحاب القرار المستعدين لدفع أسعار باهظة». وأعاد للأذهان، أنه في واحدة من أكثر العمليات جرأة في الماضي، اختطفت دورية تابعة للجيش الإسرائيلي ضباطاً سوريين كباراً من الأراضي اللبنانية، وأدى ذلك إلى إطلاق سراح جنود إسرائيليين أسرى في سوريا، وقد شارك في جزء من العملية، آنذاك، بنيامين نتنياهو. «ماذا يمكن أن يحدث إذا اختطفنا المسؤولين الكبار في (حماس)؟ هل سيطلقون صواريخ؟ فليطلقوها. فسوف نسوي غزة بالأرض، وسيفهمون من هو صاحب السيادة، وكيف ستتعامل إسرائيل معهم». وطالب رجل الدين اليهودي، بتغيير جذري في المعادلة مع «حماس» والعرب في إسرائيل «يجب أن يخافوا منا، وإذا قامت (حماس) بنفخ بالون واحد في الجنوب، يجب قصف غزة بين عشية وضحاها، وتدمير الأحياء السكنية على كل بالون بعد إشعار الإخلاء».
ودعا الحاخام إلى اجتياح بري في قطاع غزة، وقال إن هناك حاجة أيضاً إلى بدء العمليات البرية، «لكني أخشى أن جيشنا قد لا يكون ماهراً، ونحن نخشى نتائج القتال، لن يكون هذا مفاجئاً؛ نظراً لمشاعر الدونية لدى قادة البلاد».
في هذه الأثناء، خرج مجموعة من الجنود المسرّحين، الذين حاربوا مع الجندي هدار غولدن في قطاع غزة عام 2014، في مظاهرة أمام مقر وزارة الدفاع ورئاسة أركان الجيش في تل أبيب، أمس (الخميس)؛ احتجاجاً على تقاعس الحكومة عن إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة.
وقد بادر إلى المظاهرة غال شفارتس، الذي حارب إلى جانب غولدن لسنوات عديدة، وتم استدعاؤه للتحقيق بسبب تصريحاته الناقدة لقيادة الجيش والدولة. فأعلن أنه سيواصل الكلام وسيصعده حتى تقوم القيادة بواجبها وتطلق سراح الأسرى. وأكد أنه لولا المظاهرات في البلاد لإطلاق سراح الأسير غلعاد شليط، لكان ما زال أسيراً حتى اليوم. ولذلك؛ فإنه ينوي الاستمرار في المظاهرات حتى يطلق سراح الأسرى.
المعروف أن هناك أربعة أسرى إسرائيليين لدى «حماس»، اثنان منهم جنديان قررت إسرائيل أنهما أصيبا وتوفيا وتطالب بإعادة رفاتيهما، ومواطنان آخران أحدهما عربي من النقب والآخر مدني إثيوبي، دخلا غزة بمبادرتهما، واعتقلتهما «حماس».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.