بوليسيتش ليس أول أميركي يفوز بـ{أبطال أوروبا»

كيروفسكي حصد لقب البطولة مع دورتموند في وقت كانت فيه كرة القدم الأميركية بمهدها

بوليسيتش يرفع كأس دوري أبطال أوروبا مع تشيلسي (أ.ف.ب)
بوليسيتش يرفع كأس دوري أبطال أوروبا مع تشيلسي (أ.ف.ب)
TT

بوليسيتش ليس أول أميركي يفوز بـ{أبطال أوروبا»

بوليسيتش يرفع كأس دوري أبطال أوروبا مع تشيلسي (أ.ف.ب)
بوليسيتش يرفع كأس دوري أبطال أوروبا مع تشيلسي (أ.ف.ب)

قبل ثلاث سنوات من الآن، كان المنتخب الأميركي لكرة القدم يشاهد نهائيات كأس العالم عبر شاشات التلفزيون بدلاً من أن يشارك فيها. لكن مع اقتراب انطلاق كأس العالم 2022 بقطر، تبدو الأمور أكثر تشجيعاً. وعلاوة على ذلك، فإن انتصارات النجم الأميركي كريستيان بوليسيتش المتتالية في نهائيات دوري أبطال أوروبا ودوري أمم الكونكاكاف تعكس التطور الكبير الذي طرأ على مستوى ونتائج المنتخب الأميركي. ولا يعد بوليسيتش هو النجم الوحيد في المنتخب الأميركي، فهناك لاعبون رائعون آخرون مثل جيوفاني رينا، وويستون ماكيني، وسيرجينيو ديست، وجميعهم يلعبون في أفضل الأندية في العالم. في الحقيقة، كان هذا النوع من النجاح في أوروبا غير مسبوق للاعبين الأميركيين قبل خمس سنوات فقط، قبل أن يظهر بوليسيتش كظاهرة شابة في بوروسيا دورتموند الألماني.
لكنها لم تكن المرة الأولى التي نرى فيها لاعباً أميركياً يرفع كأس دوري أبطال أوروبا، كما أنها ليست المرة الأولى التي يساعد فيها لاعبو كرة القدم أميركيون بوروسيا دورتموند في التألق بالملاعب الأوروبية. لقد كان النجم الأميركي يوفان كيروفسكي لاعباً بصفوف بوروسيا دورتموند المتوج بلقب دوري أبطال أوروبا في موسم 1997 - 1998، على الرغم من أنه لم يشارك في المباراة النهائية، على عكس بوليسيتش الذي شارك مع تشيلسي. لكن كلاً من كيروفسكي وبوليسيتش، الذي ولد جده في كرواتيا، ترتبط عائلتهما بجذور أوروبية.
يقول كيروفسكي، الذي يشغل الآن منصب المدير التقني لنادي لوس أنجليس غالاكسي الأميركي: «جاء والداي إلى هنا من مقدونيا، لذلك كانت هذه خطوة كبيرة بالنسبة لي أن أعود إلى أوروبا وأنا في السادسة عشرة من عمري، لكن والديّ دعماني بشدة وأنا محظوظ جداً لأنني نجحت كلاعب كما نجحت في مسار آخر بعد نهاية مسيرتي الكروية». كان كيروفسكي يعلم أن الانتقال إلى أوروبا في مثل هذه السن الصغيرة مغامرة، خصوصاً أنه في ذلك الوقت كان يُنظر إلى لاعبي كرة القدم الأميركيين على أنهم حديثو العهد بكرة القدم في أحسن الأحوال.
يقول كيروفسكي: «لم يكن هناك كثير من الأميركيين الذين يلعبون في الخارج بذلك الوقت، لذلك كان هناك انطباع سائد آنذاك بأن الأميركيين لا يجيدون لعب كرة القدم، لكنهم يجيدون ألعاباً أخرى مثل كرة القدم الأميركية أو البيسبول أو كرة السلة. والآن، هناك مزيد ومزيد من الأميركيين في الملاعب الأوروبية». لقد كان تعاقد مانشستر يونايتد مع كيروفسكي وهو صغير بمثابة شهادة على أنه لاعب جيد وينتظره مستقبل كبير. لكن بعض المشاكل المتعلقة بتصريح العمل أعاقت تقدمه في الفريق الأول، لينتقل بعد ذلك إلى بوروسيا دورتموند في عام 1996. يقول كيروفسكي عن ذلك: «كنت مستعداً لاتخاذ الخطوة التالية، لكن مسيرتي هناك توقفت بسبب بعض الإجراءات الروتينية، وكان هذا أصعب شيء بالنسبة لي».
وقال كيروفسكي في وقت لاحق لصحيفة «لوس أنجليس تايمز»، إنه كان من الصعب الدخول في التشكيلة الأساسية لبوروسيا دورتموند، وانتهت مسيرته الكروية في أوروبا في عام 2004 بنادي برمنغهام سيتي، بعدما لعب 23 مباراة على مدار موسم ونصف الموسم مع الفريق الذي كان يلعب آنذاك في الدوري الإنجليزي الممتاز. وبعد ذلك، خاض كيروفسكي مسيرة كروية ناجحة في الدوري الأميركي الممتاز، حيث فاز بلقبين مع لوس أنجليس غالاكسي، قبل أن يعلن اعتزاله اللعب في عام 2011.
عُين كيروفسكي مديراً تقنياً لنادي لوس أنجليس غالاكسي في عام 2013، وفاز مع الفريق بلقب الدوري الأميركي الممتاز في العام التالي. وقد ساعدته الخبرات والاتصالات التي كونها خلال فترة وجوده بأوروبا في التعاقد مع كثير من اللاعبين البارزين، وبلغ الأمر ذروته في عام 2018 عندما تعاقد مع النجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش. وبينما ينصب تركيز كيروفسكي بالكامل على مساعدة لوس أنجليس غالاكسي في الفوز بلقب الدوري الأميركي الممتاز للمرة السادسة في تاريخه، فإنه لا يزال يراقب أداء الجيل الجديد من اللاعبين الأميركيين في الملاعب الأوروبية. ويتسم كيروفسكي، البالغ من العمر 45 عاماً، بالتواضع الشديد لدرجة أنه يخجل من القول إنه مهد الطريق لنجاح بوليسيتش في الملاعب الأوروبية.
يقول كيروفسكي: «لا أعرف ما إذا كان يتعين علي أن أقول ذلك أم لا، لكني أعتقد أنه من الرائع للرياضة بشكل عام هنا في هذا البلد أن يلعب بوليسيتش في المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا وأن يلعب في نادٍ كبير مثل تشيلسي، وأن يفوز بلقب دوري أبطال أوروبا. ولا يعد بوليسيتش هو اللاعب الأميركي الوحيد الذي يحقق نجاحات كبيرة في الملاعب الأوروبية، فهناك لاعبون آخرون يقدمون مستويات رائعة مثل ماكيني في يوفنتوس وتاير آدامز في لايبزيغ. أعتقد أن هذا أمر رائع لهذه الرياضة، وأمر رائع للجميع هنا في عالم كرة القدم في الولايات المتحدة».
وقابل كيروفسكي بوليسيتش خلال زيارته إلى دورتموند، ويشعر بالتفاؤل من أن لاعباً أميركياً آخر سوف يتفوق على بوليسيتش في نهاية المطاف ويحرز هدفاً في المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا. يقول كيروفسكي: «كانت هناك فترة زمنية طويلة بيني وبين اللاعب التالي الذي فاز بلقب دوري أبطال أوروبا. لكني أعتقد الآن أن كرة القدم الأميركية قد تطورت كثيراً لدرجة أنه أصبح لدينا كل هذا العدد من اللاعبين البارزين في الأندية الكبيرة، وسيكون هناك المزيد في المستقبل. هذه مجرد البداية، والدوري الأميركي الممتاز يلعب دوراً رئيسياً في ذلك، وأعتقد أنه سيكون هناك مزيد ومزيد من اللاعبين الذين سيتألقون في الملاعب الأوروبية. لقد كانت لدينا فجوة كبيرة جداً، لكنني أعتقد أننا لن ننتظر الآن لمدة 25 أو 26 عاماً أخرى لكي يفوز لاعب أميركي بلقب دوري أبطال أوروبا». ويأمل كيروفسكي أن يُترجم هذا التطور الكبير في مستوى اللاعبين الأميركيين الشباب إلى نجاح كبير مع المنتخب الأميركي في البطولات الدولية الكبرى، مشيراً إلى أن كرة القدم الأميركية لا تعاني من نقص في المواهب. ويضيف: «نحن في بداية جيل من اللاعبين الذين يمكنهم حقاً نقلنا إلى مستوى آخر».
ويشعر كيروفسكي أيضاً بالسعادة بسبب ازدياد الاهتمام بكرة القدم في الولايات المتحدة بشكل عام، وهو الأمر الذي يعتقد أنه قد يؤدي إلى عودة نجوم كبار إلى أوطانهم من أوروبا. ويقول: «سوف يعودون في نهاية المطاف. عندما رحلت عن الولايات المتحدة إلى أوروبا، لم يكن الدوري الأميركي الممتاز موجوداً، ولم يكن هناك دوري من الأساس. لكن في نهاية مسيرتي الكروية، بدأ الدوري وتطور. لقد كنت دائماً أقول لنفسي إنني أرغب في اللعب بوطني، في لوس أنجليس غالاكسي، ولحسن الحظ أنني نجحت في ذلك. الدوري الأميركي الممتاز يتطور بشكل كبير لدرجة أن اللاعبين الذين يلعبون بالخارج سيرغبون في مرحلة ما بالعودة واللعب هنا».
ويشعر مشجعو كرة القدم في الولايات المتحدة بسعادة غامرة لما حققه كيروفسكي وبوليسيتش وكل اللاعبين الآخرين الذين يتألقون في أوروبا، والذين أصبحوا مصدر إلهام للشباب الأميركيين. يوافق كيروفسكي على ذلك: «أرى هذا الدوري يتطور بشكل سريع، وسيكون أحد أفضل الدوريات في العالم يوماً ما».


مقالات ذات صلة

ماريسكا: تشيلسي لا ينافس على «البريميرليغ»

رياضة عالمية إنزو ماريسكا مدرب تشيلسي (رويترز)

ماريسكا: تشيلسي لا ينافس على «البريميرليغ»

قال ماريسكا إنه ولاعبي تشيلسي لا يشعرون بأنهم دخلوا في إطار المنافسة على لقب «البريميرليغ» بعد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية إنزو ماريسكا (رويترز)

ماريسكا: سيتم التدوير بين اللاعبين في مواجهتي آستانة وبرينتفورد

يأمل إنزو ماريسكا، المدير الفني للفريق الأول لكرة القدم بنادي تشيلسي الإنجليزي، ألا يكون بحاجة لأي لاعب من اللاعبين الذين سيواجهون فريق آستانة، الخميس.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية كول بالمر (أ.ف.ب)

بالمر: جماهير تشيلسي عاشت لحظات عصيبة قبل انضمامي

يمر فريق تشيلسي بلحظة مختلفة بعد فوزه الثامن في 12 مباراة تحت قيادة مدربه الإيطالي إنزو ماريسكا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية إنزو ماريسكا مدرب تشيلسي (إ.ب.أ)

ماريسكا بعد انتفاضة تشيلسي المذهلة: حققنا فوزا رائعا

أشاد المدرب إنزو ماريسكا بالفوز الرائع لفريقه تشيلسي، بعدما عوض تأخره بهدفين في أول 11 دقيقة ليفوز 4-3 على توتنهام هوتسبير.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية كول بالمر تألق في فوز تشيلسي على توتنهام برباعية (إ.ب.أ)

«البريميرليغ»: في ليلة تألق بالمر... تشيلسي يعاقب توتنهام برباعية

سجل كول بالمر هدفين من ركلتي جزاء، ليعدل تشيلسي تأخره بهدفين في غضون أول 11 دقيقة إلى انتصار 4-3 خارج ملعبه على توتنهام هوتسبير.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».