سيمونيه لـ«الشرق الأوسط»: نتفهم شواغل دول الخليج فيما يتعلق بالأنشطة الإيرانية

أكد أن الإصلاحات السعودية تقدمية وفعالة للغاية

باتريك سيمونيه (تصوير: علي الظاهري)
باتريك سيمونيه (تصوير: علي الظاهري)
TT

سيمونيه لـ«الشرق الأوسط»: نتفهم شواغل دول الخليج فيما يتعلق بالأنشطة الإيرانية

باتريك سيمونيه (تصوير: علي الظاهري)
باتريك سيمونيه (تصوير: علي الظاهري)

قال باتريك سيمونيه، سفير الاتحاد الأوروبي لدى السعودية وسلطنة عمان والبحرين، إن أوروبا تتفهم شواغل دول الخليج بشأن الأنشطة الإيرانية في المنطقة، مبيناً أن الوضع اليوم يختلف عن 2015 وهناك الكثير من الأمور التي تحتاج إلى معالجة.
وأوضح سيمونيه في حوار مع «الشرق الأوسط» أن الاتحاد الأوروبي يتابع الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية السعودية بإعجاب شديد، مشيراً إلى أن جدول الإصلاحات الذي يقوم به ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تقدمي وشامل وفعال للغاية، معتبراً المملكة العمود الفقري للحرب ضد الإرهاب. فإلى تفاصيل الحوار...
- العلاقات مع السعودية
أكد باتريك سيمونيه، أن علاقات الاتحاد الأوروبي مع السعودية ومجلس التعاون الخليجي علاقات بعيدة الأمد ولديها جذور راسخة في التاريخ، مبيناً أنها بدأت رسمياً في الثمانينات الميلادية من القرن الماضي، وكان حينها الاتحاد الأوروبي 15 دولة فقط، و6 دول خليجية.
وأضاف «لدينا الجوار المشترك، والعلاقات التاريخية، والتحديات المشتركة، ونحن أول مزود للاستثمارات الأجنبية المباشرة لمجلس التعاون، وثاني أكبر شريك تجاري للمنطقة بعد الصين، تركيزنا اليوم على العلاقات الاقتصادية، ونتواصل مع السعودية بشأن (رؤيتها 2030)، ونعمل في أمور مثل التنويع الاقتصادي والاتفاق الأخضر الأوروبي، والتغير المناخي والصحة العامة، ونهتم أيضاً بالانفتاح الاجتماعي الحاصل في المملكة وبحث الفرص في العديد من القطاعات الجديدة مثل الثقافة والترفيه».
وتابع «كما أننا في السنوات الثلاث الماضية نتفاوض حول عدد من الاتفاقات الفردية بشكل ثنائي، آخذين في الاعتبار خصائص كل دولة، وبالنسبة للسعودية نحن على وشك التوقيع على تعاون نتفاوض عليه منذ أربع سنوات، ونتوقع التوقيع على هذا التعاون خلال زيارة الممثل الأعلى للسياسة الخارجية ونائب رئيس المفوضية المتوقعة في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل».
وشدد سيمونيه على أن الاتفاق المزمع مع السعودية يعد أساساً قانونياً للتعاون المستقبلي بين الجانبين، ويتحدث عن العلاقات السياسية والاقتصادية والأمن الإقليمي، إلى جانب التغير المناخي، ويعد تحركاً سياسياً مهماً للغاية، حيث أشار إلى أن السعودية شريكاً مهماً.
- الإصلاحات السعودية
بحسب سفير الاتحاد الأوروبي في السعودية، فإن أوروبا ترى أن القيادة والشعب السعودي متقدمون ومنفتحون تماماً، لافتاً إلى أن معظم الشعب السعودي شباب بعكس أوروبا نسبة كبار السن فيها كبيرة؛ ولذلك نحن ننظر إلى السعودية كي نستشرف المستقبل الخاص بنا في أوروبا.
وأضاف «ما يجعلنا متحمسين للعلاقات مع السعودية هو الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تحققت خلال السنوات الخمس الماضية، حيث إن جدول الإصلاحات الذي يقوم به الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، تقدمي وشامل وفعال للغاية، ونتابع انفتاح السعودية على العالم وأمور مثل التنوع الاقتصادي، وتابعنا اللقاء التلفزيوني وحديث ولي العهد، عن الإصلاح الديني والإسلام المعتدل، كل هذه الأمور مهمة بالنسبة لنا، كما ندعم كل المبادرات مثل الشرق الأوسط الأخضر والطاقة المتجددة، والهيدروجين الأخضر، وندعم الجدول الإصلاحي لـ(رؤية 2030)».
- حقوق الإنسان
دحض باتريك سيمونيه ما يقال عن استخدام أوروبا ملف حقوق الإنسان للابتزاز، قائلاً «لا يمكننا أبداً القول إننا نعطي دروساً في حقوق الإنسان لأي شخص، نحن في الاتحاد الأوروبي لدينا العديد من المشكلات، لكن العلاقات مع الدول تستند إلى العديد من المبادئ، مثل سلطة القانون وحرية الأشخاص، وهذه القيم نرغب من الآخرين الالتزام بها، لكن لا يمكننا القيام بالابتزاز أو إجبار الآخرين أو نعطيهم دروساً في حقوق الإنسان».
وأضاف «عملنا ينحصر بشكل أساسي في الحوار والنقاش بين النظراء كدول متساوية، ونحترم الدول كافة بشكل كامل، صحيح لدينا أدوات نتعامل بها في بعض المواقف التي تحدث فيها انتهاكات لقيم الاتحاد الأوروبي، حيث فرضنا عقوبات على روسيا والصين وإيران، لكننا نتعامل على أساس الاحترام المتبادل والحوار بين الأطراف، وعملي يركز على تعريف هذه الأمور والحوار والنقاش، ودائماً أصدم عندما أقرأ بأننا نحاول أن نفرض الديمقراطية على بقية دول العالم، وهذا الأمر غير صحيح».
- التجارة الحرة مع الخليج
يعتقد السفير سيمونيه بأن مسؤولية تأخير توقيع اتفاقية تجارة حرة بين أوروبا والخليج تقع على عاتق الجانبين، مستبعداً أن تكون الملفات السياسية هي السبب الرئيسي في عدم التوقيع حتى الآن.
وقال «أعتقد القرار يقع على عاتق الجانبين، الوضع ينحصر على المواضيع الاقتصادية، ولا يوجد بعد سياسي كبير (...) حالياً نحاول إعادة بدء المناقشات الفنية من أجل استئناف المفاوضات، هناك اهتمام بدول أخرى مثل الصين واليابان وباكستان والهند والمملكة المتحدة ونيوزلندا وأستراليا، لكن لا تنسوا أننا ثاني أكبر شريك تجاري للمنطقة، وهذا خيار استراتيجي علينا اتخاذه ونحتاج إلى قرار حكيم وواع على أعلى مستويات القيادة لاتخاذه».
وتابع «أنا على قناعة بأن هذا الاتفاق من مصلحتنا المشتركة، وسوف نحاول التغلب على كل العقبات التي تواجهنا، 98 في المائة من الاتفاق يدور حول أمور اقتصادية مثل السوق المشتركة والخدمات والسلع وسوف يكون له منافع اقتصادية مهمة (...) البعد السياسي ليس كبيراً، أمامنا طريق طويلة، السعوديون يقولون لدينا علاقات جيده مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، ولكن لا تنسوا أننا أكبر مزود للاستثمارات الأجنبية المباشرة، وأننا أصدقائكم القدامى وعلاقاتنا ضاربة في القدم، لا أود انتقاد أي جهة فكلا الجانبين عليهما العمل معاً لتوقيع هذه الاتفاقية».
- الاتفاق النووي مع إيران
رأى باتريك سيمونيه أن هناك الكثير من سوء الفهم حول هذا الموضوع، موضحاً: «يقال إن اهتمام الاتحاد الأوروبي بإيران أكثر من اهتمامه بالسعودية، ولكني أؤكد أن منطقة الخليج تحظى بأهمية كبرى لدى الاتحاد الأوروبي. فنحن نحاول التوصل إلى الاستقرار والسلام والأمن، وأن يكون هناك هيكل شامل للأمن الإقليمي في المنطقة، ونحن نتفهم شواغل وتحفظات دول الخليج فيما يتعلق بالأنشطة الإيرانية في المنطقة».
وأضاف: «كما أننا نحتاج إلى بناء علاقات مع الأطراف كافة في المنطقة. وكما تعلمون، يعمل الاتحاد الأوروبي على تنسيق محادثات فيينا بشأن اتفاق خطة العمل الشاملة المشتركة مع إيران. ونحتاج إلى إعادة الولايات المتحدة للاتفاقية ولضمان تنفيذ إيران الكامل لها». وتابع: «لا يمكننا القول بأن الأمر سهل، ولكننا نعمل على ذلك ولا يمكن أبداً تجاهل كل تلك النقاط التي ذكرتها. ينبغي أن ندرك أن العالم في 2021 يختلف عن العالم في 2015، فقد تغيرت الكثير من الأمور وهناك العديد من المسائل التي نودّ معالجتها ونتحاور عليها مع شركائنا».
- الأزمة اليمنية
أكد السفير، أن الاتحاد الأوروبي يدعم الجهود الأممية والإقليمية لحل الأزمة اليمنية، كما شدد على دعم الحكومة اليمنية للعودة والقيام بأعمالها على أكمل وجه، واتهم الحوثيين بعدم الاستماع لدعوات السلام ومواصلة الحرب. وقال في هذا الصدد «منذ بداية الأزمة في اليمن، الاتحاد الأوروبي حشد جميع إمكاناته لمساعدة الشعب اليمني، والوصول إلى حل سياسي، وقد كان وفد الاتحاد الأوروبي أول وفد يزور الحكومة بعد عودتها إلى عدن هذا العام، نسمع العديد من التعليقات حول موقفنا، وأود التوضيح بأننا ندعم بشدة الحكومة اليمنية من أجل أن تعمل بشكل كامل وتستعيد عملها وتوفر الأمن والخدمات للشعب اليمني، ونحن جزء من الجهود الدولية، وهناك مبادرات مثل المبادرة السعودية ونعمل مع الأمم المتحدة والولايات المتحدة وحشد جميع الجهود لإيجاد حل للأزمة». وتابع «لكننا نرى الحوثي يشدد هجماته في مأرب ونحاول أن نتواصل بهذا الشأن، لكنهم لا يستمعون لدعوات المجتمع الدولي للعودة إلى طاولة المشاورات لإيجاد حل حقيقي للأزمة، وسوف نواصل كل الجهود الدبلوماسية».
- مكافحة الإرهاب
أوضح باتريك، أن مكافحة الإرهاب من الموضوعات المهمة، معتبراً أن لدى السعودية خبرة وفهماً أكبر لهذه المشكلة العالمية التي تواجه العديد من الدول، وقال «نحن ندعم جهود السعودية؛ لأنها تعتبر العمود الفقري للحرب ضد الإرهاب، كما ندعم جهودها كافة لتعزيز وتقديم رؤية جديدة للإسلام المعتدل في المنطقة وهذه مهمة للغاية بالنسبة لنا في أوروبا، ولدينا اهتمام مشترك في مجال مكافحة الإرهاب والأمن السيبراني».
- أوروبا و«كورونا»
تغيرت ملامح السفير سيمونيه عندما سألناه عما إذا كانت أوروبا أخفقت في مواجهة جائحة كورونا، ورد بقوله «الطريقة التي تصيغ بها السؤال مثيرة، الولايات المتحدة وروسيا الوضع فيهما كان أشد من الاتحاد الأوروبي، لم نكن الكتلة التي عانت أكبر عدد من الإصابات أو الوفيات، بل أصبحنا أكبر مصدر ومنتج للقاحات، فالسعودية حصلت على 11 مليون لقاح من الاتحاد الأوروبي من إجمالي 17 مليون لقاح». وتابع محاولاً توضيح الصورة بشكل أكبر قائلاً «نقوم بشراء اللقاحات ولدينا نظام متطور في هذا الأمر، واستطعنا العمل سريعاً ومبكراً، نعم حدث تأخير، لكن كل شخص حصل على فرصة متساوية من اللقاح، وساعدنا الدول الصغيرة، وسيطرنا على الجائحة، وإذا ما تحدثنا عن الفشل فالجميع فشل، لكن هل فشلنا أكثر من الآخرين، لا».



السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
TT

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)

أكدت الرياض ولندن، الخميس، ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، والالتزام بالمعايير الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وذلك في بيان مشترك عقب زيارة كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني للسعودية هذا الأسبوع، التي جاءت انطلاقاً من أواصر علاقتهما المميزة.

وذكر البيان أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وستارمر أكدا خلال جلسة مباحثات رسمية على أهمية الدور الذي يقوم به مجلس الشراكة الاستراتيجية في تعزيز التعاون بين البلدين، واستعرضا التقدم الكبير المحرز في تطوير العلاقات الثنائية وتنويعها.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بينهما، والتزامهما برفع حجم التجارة البينية إلى 37.5 مليار دولار بحلول عام 2030، وزيادة الاستثمار في صناعات الغد، بما يحقق النمو المستدام. كما اتفقا على برنامج طموح للتعاون يهدف لتعزيز الازدهار المتبادل، والأمن المشترك، ومعالجة التحديات العالمية.

وأشادا بنمو الاستثمارات المتبادلة، ونوّها بالاستثمارات السعودية الكبيرة في المملكة المتحدة خلال عام 2024، ومنها لصندوق الاستثمارات العامة، مثل «سيلفريدجز» و«مطار هيثرو»، والاستثمار الإضافي في نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، ما يعزز العلاقات المتنامية بين شمال شرقي إنجلترا والسعودية.

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء البريطاني خلال جلسة مباحثات رسمية في الرياض (واس)

وبينما تعدّ المملكة المتحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في السعودية، نوّه الجانبان بإعلان الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات عن خططها لزيادة حجم تعرضها السوقي إلى 6 مليارات دولار أميركي، وذلك في ضوء نجاح التمويل (المتوافق مع الشريعة الإسلامية) بقيمة تبلغ نحو 700 مليون دولار للاستثمار بمشروع القدية (غرب الرياض).

وأعربا عن تطلعهما إلى تطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تخدم المصالح المتبادلة، والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام. ورحّبا بالتقدم الكبير المحرز بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة.

وأشادا بالتعاون القائم بين البلدين في قطاع الطاقة، وأكدا أهمية تعزيزه بمجالات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف وتطبيقاته، والتكنولوجيا النظيفة، وابتكارات الطاقة والاستدامة. واتفقا على العمل المشترك لإنشاء تحالف الهيدروجين النظيف بين جامعاتهما بقيادة جامعتي «الملك فهد للبترول والمعادن»، و«نيوكاسل».

وأكدا أهمية تعزيز موثوقية سلاسل التوريد العالمية، وتحديداً مع إطلاق السعودية مبادرة لتأمين الإمدادات، وخاصة بمجالات الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، والمعادن الخضراء، والبتروكيماويات المتخصصة، وإعادة تدوير النفايات، والمركبات الكهربائية.

جانب من جلسة المباحثات بين الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر (واس)

كما رحّبا بإطلاق السعودية 5 مناطق اقتصادية خاصة تستهدف الصناعات والقطاعات الاستراتيجية، وتوفر للشركات البريطانية فرصة الاستفادة من مزايا وحوافز على جميع مستويات سلاسل التوريد.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في قطاع الخدمات المالية، ومجال تطوير قطاعات التعدين المستدامة، وتنويع إمدادات المعادن النادرة المستخدمة في التقنيات النظيفة. وأعربت بريطانيا عن دعمها وعزمها المشاركة على مستوى رفيع في «منتدى مستقبل المعادن السعودي» خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2025.

كما أكدا على مركزية الاتفاقية الأممية الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس، ونوّها بنتائج مؤتمر الأطراف «كوب 29»، وأهمية العمل لتحقيق نتيجة طموحة ومتوازنة في «كوب 30» عام 2025. ورحّبت بريطانيا بطموحات الرياض وقيادتها عبر مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، ورئاستها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16».

وأعربت بريطانيا أيضاً عن دعمها جهود السعودية في مجالات البيئة والتغير المناخي من خلال تنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته الرياض، وأقرّه قادة مجموعة العشرين، مؤكدة دعمها القوي لـ«رؤية 2030»، والتزامها بالفرص التي تتيحها في إطار الشراكة بين البلدين.

ولي العهد السعودي يصافح رئيس الوزراء البريطاني لدى وصوله إلى قصر اليمامة (واس)

ورحّب البلدان بتزايد عدد الزوار بينهما، وعبّرا عن تطلعهما إلى زيادة هذه الأعداد بشكل أكبر خاصة في ظل زيادة الربط الجوي بينهما، وتسهيل متطلبات الحصول على التأشيرة من الجانبين.

واتفقا على أهمية تعزيز التعاون في مختلف القطاعات الثقافية، بما في ذلك من خلال إطلاق برنامج تنفيذي جديد لتعزيز مشاركة بريطانيا في تطوير محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، كما رحّبا بالاتفاق على إطلاق شراكة بين الهيئة الملكية للعلا والمجلس الثقافي البريطاني تزامناً مع احتفال الأخير بمرور 90 عاماً على تأسيسه.

وأشادا بنتائج تعاونهما الاستراتيجي في مجالات التعليم والتعليم العالي والتدريب. ورحّبا بالخطط الاستراتيجية لزيادة عدد المدارس البريطانية في السعودية إلى 10 مدارس بحلول عام 2030، وافتتاح فروع للجامعات البريطانية في السعودية، كما عبّرا عن التزامهما بمواصلة التباحث حول زيادة التعاون في مجالات الاحتياجات التعليمية الخاصة، والتدريب التقني والمهني.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية، ومواجهة تحديات الصحة العالمية. ونوّها بالمناقشات الجارية بين الجامعات البريطانية والشركاء السعوديين المحتملين لإنشاء كلية لتدريب الممرضين بالسعودية. كما اتفقا على أهمية الاستفادة من فرصهما لزيادة التعاون بمجالات السلامة الغذائية، والمنتجات الزراعية.

ولي العهد السعودي يستقبل رئيس الوزراء البريطاني (واس)

واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في الأنشطة والبرامج الرياضية، وأشادا بالمشروع المشترك بين الجامعات السعودية والبريطانية لدعم تطوير القيادات النسائية المستقبلية بمجال الرياضة، والشراكة المتنامية بمجال الرياضات الإلكترونية.

وأشادا بمستوى تعاونهما بمجال الدفاع والأمن على مرّ العقود الماضية، وأكدا التزامهما بشراكة دفاعية استراتيجية طموحة ومستقبلية، بما يسهم في تطويرها لتركز على الصناعة وتطوير القدرات، وزيادة التشغيل البيني، والتعاون بشأن التهديدات المشتركة بما يسهم في تحقيق الأمن والازدهار في البلدين.

واتفقا على توسيع التعاون في مجالات النشاط السيبراني والكهرومغناطيسي، والأسلحة المتقدمة، والقوات البرية، والطائرات العمودية، والطائرات المقاتلة. كذلك تعزيزه أمنياً حيال الموضوعات المشتركة، بما فيها مكافحة الإرهاب والتطرف.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال العمل الإنساني والإغاثي، وشدّدا على ضرورة مواصلة التعاون في المحافل والمنظمات الدولية لمعالجة التحديات الاقتصادية العالمية، والتزامهما بتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وعقد حوار استراتيجي سعودي - بريطاني سنوياً بشأن المساعدات والتنمية الدولية، واتفقا على التمويل المشترك لمشاريع في هذا الإطار بقيمة 100 مليون دولار.

الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر قبيل جلسة المباحثات في قصر اليمامة (واس)

وحول تطورات غزة، أكد الجانبان ضرورة إنهاء الصراع، وإطلاق سراح الرهائن فوراً وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، مشددين على الحاجة الملحة لقيام إسرائيل بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، وتمكين المنظمات الدولية والإنسانية من القيام بعملها.

وبحثا كيفية العمل بينهما لتنفيذ حلّ الدولتين بما يحقق إحلال السلام الدائم للفلسطينيين والإسرائيليين. وأعربت بريطانيا عن تطلعها إلى انعقاد المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن الحل السلمي، الذي سترأسه السعودية وفرنسا في يونيو (حزيران) 2025.

وفي الشأن السوري، رحّب الجانبان بأي خطوات إيجابية لضمان سلامة الشعب السوري، ووقف إراقة الدماء، والمحافظة على مؤسسات الدولة ومقدراتها. وطالبا المجتمع الدولي بالوقوف بجانب الشعب، ومساعدته في تجاوز معاناته المستمرة منذ سنوات طويلة، مؤكدين أنه حان الوقت ليحظى بمستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والازدهار.

وفيما يخص لبنان، أكدا أهمية المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية سياسية وفقاً للقرار 1701. كما اتفقا على ضرورة تجاوزه لأزمته السياسية، وانتخاب رئيس قادر على القيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة.

ولي العهد السعودي يصافح الوفد المرافق لرئيس الوزراء البريطاني (واس)

وبشأن اليمن، أكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي، وأهمية دعم الجهود الأممية والإقليمية للتوصل لحلٍ سياسيٍ شاملٍ للأزمة اليمنية، وضمان أمن البحر الأحمر لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.

وحول الأوضاع السودانية، أكدا أهمية البناء على «إعلان جدة» بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان عبر مواصلة الحوار لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار، وحل الأزمة، ورفع المعاناة عن شعبه، والمحافظة على وحدة البلاد، وسيادتها، ومؤسساتها الوطنية.

ورحّب الجانبان باستمرار التواصل بين البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا، مؤكدين أهمية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام العادل والمستدام الذي يحترم السيادة والسلامة الإقليمية بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمية لرئيس الوزراء البريطاني في قصر اليمامة بالرياض (واس)