المجتمع الدولي ينتفض على دياب ويحاصره سياسياً

يتهمه بالتناغم مع موقف «حزب الله»

المجتمع الدولي ينتفض على دياب ويحاصره سياسياً
TT

المجتمع الدولي ينتفض على دياب ويحاصره سياسياً

المجتمع الدولي ينتفض على دياب ويحاصره سياسياً

قال مصدر دبلوماسي غربي إن عدداً من السفراء اضطروا إلى تنظيم هجوم سياسي مضاد استهدف رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، على خلفية ما صدر عنه في اجتماعه بالسفراء العرب والأجانب المعتمدين لدى لبنان، باتهامه المجتمع الدولي بالوقوف وراء الحصار المفروض على لبنان، وتحميله مسؤولية انهياره، وعجز حكومته عن توفير الحد الأدنى من الحلول للاحتياجات الحياتية الضرورية للبنانيين. وكشف لـ«الشرق الأوسط» أن السفراء فوجئوا بالحملة التي أُريد منها تحويل الأنظار عن إخفاق المنظومة الحاكمة في استجابتها لخريطة الطريق الفرنسية لوقف انهياره.
ولفت المصدر الدبلوماسي الذي فضل عدم ذكر اسمه إلى أن دياب تسبب في إغضاب السفراء، بتحميله بلدانهم مسؤولية الحصار المفروض على لبنان، وقال إنهم انتفضوا عليه في اللقاء لأنهم قرأوا في إصراره على رمي مسؤولية الانهيار في حضن المجتمع الدولي محاولة مكشوفة للتناغم في موقفه مع اتهام السفيرة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا بتدمير العملة اللبنانية، بالتلازم مع اتهام بلادها بفرض حصار على الشعب اللبناني والبيئة الحاضنة للمقاومة تريد منه التحريض على المقاومة.
وقال: «لنفترض أن الأمين العام لـ(حزب الله) حسن نصر الله قال نصف الحقيقة في هذا الخصوص، مع أنه لا يمت بصلة إلى الحقيقة، فأين النصف الآخر من الحقيقة؟ ومن يتحمل مسؤوليته؟ ولماذا قرر الهروب إلى الأمام برمي كرة التقصير في مرمى المجتمع الدولي؟ وهل كان دياب مضطراً للسير بلا ضوابط في تبنيه لاتهامات الحزب؟ إلا إذا كان لا يدرك حقيقة موقف الدول الداعم للبنان، ويتجاهل ما قدمته من نصائح تتيح لحكومته الانتقال بالبلد من مرحلة التأزم إلى التعافي المالي».
وغمز من قناة دياب بتجهيله للمسؤول الذي يقف وراء انهيار لبنان. وسأل المصدر السياسي عن موقفه من كل ما صدر عن نصر الله في خصوص التحقيقات التي يتولاها المحقق العدلي القاضي طارق بيطار في جريمة تفجير مرفأ بيروت، في ضوء طلبه رفع الحصانة عن 3 وزراء سابقين هم الآن أعضاء في البرلمان من جهة، وبطلب الإذن الذي يسمح له بملاحقة قادة أمنيين وعسكريين سابقين؟
ورأى أن موقف نصر الله من رفع الحصانة عن الوزراء السابقين، وطلب الإذن لملاحقة القادة الأمنيين، يتعارض مع الاحتكام إلى ما ستؤدي إليه التحقيقات لتحديد المسؤولية، وبالتالي من غير الجائز أن يستبقها بذريعة أن هناك من يحاول توظيفها سياسياً، وصولاً إلى الاستهداف السياسي. وعد المصدر نفسه أن المجتمع الدولي، وإن كان يدعو باستمرار إلى تشكيل حكومة مهمة تلتزم بالمواصفات والشروط الإصلاحية التي طرحها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مبادرته، فإنه في المقابل لا يبرر لدياب انكفاءه عن ممارسة مهامه في تصريف الأعمال، وغيابه غير المبرر في غالب الأحيان عن الحضور إلى مكتبه في السراي الحكومي، وحصر معظم نشاطاته في تشكيل اللجان الوزارية التي بقيت مشلولة غير قادرة على تفعيل حكومة تصريف الأعمال، علماً بأن بعض اللجان كانت قد شُكلت بأعداد فضفاضة، وضمت في عضويتها أعضاء يفوق عددهم عدد أعضاء الحكومة. وسأل المصدر نفسه: هل المجتمع الدولي والمؤسسات المالية الدولية كانت وراء تدمير علاقات لبنان بعدد من الدول العربية والأجنبية، من دون أن تبادر الحكومة قبل أن تستقيل لتصحيحها، باعتماد سياسة النأي بلبنان عن الصراعات الدائرة في المنطقة شرطاً لإعادة ترميمها؟ وقال إن السؤال نفسه ينسحب على رئاسة الجمهورية، بعد أن طالب البطريرك الماروني بشارة الراعي بفك الحصار عن الشرعية.
وأكد أن الحكومة، قبل أن تستقيل، لم تأخذ بالنصائح التي أُسديت لها، وخلاصتها أن مساعدة المجتمع الدولي للبنان تبدأ بمبادرة اللبنانيين إلى مساعدة أنفسهم، وقال إن مشكلة لبنان الأولى تكمن في تخلي الشرعية، الممثلة بالرئيس ميشال عون، عن دورها التوفيقي في جمع اللبنانيين تحت سقف إعلان حالة طوارئ اقتصادية وسياسية، تضع في أولوياتها إنقاذ البلد، ومنعه من السقوط في الهاوية.
وعد أن إصرار بعضهم على العناد والمكابرة يعيق التوصل إلى إعلان حالة تضامن وطني باتت أكثر من ضرورة بعد جريمة العصر التي تمثلت في انفجار مرفأ بيروت، وقال: «هل المجتمع الدولي هو من أعاق التفاوض مع صندوق النقد الدولي للحصول على مساعدة مالية لخفض منسوب الكوارث الاقتصادية والاجتماعية التي يرزح تحت وطأتها السواد الأعظم من اللبنانيين، أو حال دون الاستجابة، فعلاً لا قولاً، للمبادرة التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإنقاذ لبنان؟».
وتوقف أمام التفات المجتمع الدولي إلى المؤسسات والمنظمات العاملة في نطاق المجتمع المدني، ومبادرته إلى تقديم المساعدات لها، وقال إن السبب يعود إلى انعدام الثقة بالمنظومة الحاكمة والطبقة السياسية ووزارات وإدارات الدولة، باستثناء المؤسسة العسكرية والقوى الأمنية الأخرى التي ينظر إليها المجتمع الدولي على أنها آخر ما تبقى من معالم الدولة، ولا يمكن مساواتها بالآخرين الذين تدور من حولهم شبهات الفساد وهدر المال العام وسوء استخدامه.
وفي هذا السياق، سأل المصدر: هل كان لحجب المساعدات العربية والأجنبية عن إدارات الدولة، وحصرها بالهيئات العاملة في المجتمع المدني، من دوافع تقف وراء الأسباب «المجهولة» التي استعان بها دياب لشن هجومه على المجتمع الدولي، محملاً إياه الحصار المفروض على لبنان؟ وقال إن الأخير لم ينتظر طلب الحكومة للمساعدة، إنما بادر إلى تقديمها من دون العودة إليها.
لذلك فإن دياب -بحسب المصدر- أوقع نفسه في مشكلة مجانية مع المجتمع المدني كان في غنى عنها، لما سيترتب عليها من ردود فعل لن تكون لمصلحة الحكومة المستقيلة التي يتعامل معها المجتمع الدولي على أنها استقالت وتخلت عن مسؤوليتها قبل أن تستقيل تحت ضغط الفاجعة غير المسبوقة التي أصابت لبنان من جراء تفجير المرفأ.
وعليه، لم يكن دياب مضطراً بعد هجوم نصر الله على الولايات المتحدة إلى أن يشاركه في هجومه، بتحميل الخارج مسؤولية الانهيار بذريعة الحصار المفروض على لبنان الذي تحاصره في الواقع المنظومة الحاكمة، برفضها الالتزام بخريطة الطريق الأممية لإنقاذه، بدءاً بتشكيل حكومة مهمة.
ويبقى السؤال: كيف سيتعامل دياب مع الحصار المفروض عليه، أو الذي فرضه على نفسه بتجاوزه للأصول الدبلوماسية المتعارف عليها في مخاطبته للدول والمؤسسات الدولية؟ وأين يقف عون من الاشتباك السياسي الذي تسبب به دياب؟ وهل يشكل له محطة ليعيد النظر بعلاقته مع «حزب الله»، بما يتيح له تجاوز ما يتعرض له من انتقادات محلية ودولية، على خلفية توفير الغطاء السياسي له داخلياً وخارجياً، والاستقواء به في مواجهة معارضيه؟



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.