الحكومة الليبية تبدأ تحضيراتها لإجراء الانتخابات

نشطاء يتظاهرون أمام «المفوضية» للتمسك بإجرائها في موعدها

رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي وخالد مازن وزير الداخلية بحكومة «الوحدة الوطنية» (المكتب الإعلامي للمجلس)
رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي وخالد مازن وزير الداخلية بحكومة «الوحدة الوطنية» (المكتب الإعلامي للمجلس)
TT

الحكومة الليبية تبدأ تحضيراتها لإجراء الانتخابات

رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي وخالد مازن وزير الداخلية بحكومة «الوحدة الوطنية» (المكتب الإعلامي للمجلس)
رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي وخالد مازن وزير الداخلية بحكومة «الوحدة الوطنية» (المكتب الإعلامي للمجلس)

في تحرك ملموس باتجاه إجراء الانتخابات العامة في البلاد، وجه عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية، بتشكيل لجنة وزارية للتنسيق بين عدد من المؤسسات وتقديم التسهيلات لـ«المفوضية العليا» لدعم وتنفيذ الاستحقاق المرتقب، في وقت تظاهر مواطنون ونشطاء للمطالبة بعقد الانتخابات كما هو مقرر لها في الرابع والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وتزامن القرار الذي اتخذه الدبيبة مساء أول من أمس، مع تحرك مماثل لرئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، لبحث كيفية تأمين الانتخابات وصناديق ومراكز الاقتراع في ظل اتساع المسافات بين المدن الليبية والانفلات الأمني ببعض المناطق.
ووفقاً للقرار الحكومي يترأس اللجنة الانتخابية وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية وليد اللافي، وتضم في عضويتها وزيري الدولة لشؤون المهجرين وحقوق الإنسان، والدولة لشؤون المرأة، بالإضافة إلى وكلاء من وزارات الداخلية والخارجية والصحة والشباب.
ورغم هذا الإجراء من السلطة التنفيذية فإن محللين يستبعدون إجراء الانتخابات في موعدها وفقاً للخريطة الأممية، وأرجع بعضهم ذلك إلى أن «كثيراً من الأطراف المنخرطة في العملية السياسية غير مقنعة من الأساس بإجراء هذا الاستحقاق، على الأقل راهناً».
ويناط باللجنة الجديدة التنسيق بين المؤسسات المختلفة للعمل على دعم وتنفيذ الانتخابات، والتنسيق مع المفوضية الوطنية العليا وتقديم كافة التسهيلات لها، بجانب تفعيل الدور المناط بمؤسسات الدولة المختلفة في دعم هذا المسار.
كما تتضمن مهام اللجنة الإسهام في نشر التوعية بأهمية الانتخابات والمشاركة بها واحترام نتائجها، والمساهمة في تجهيز مركز إعلامي حكومي يشرف على المواكبة الإعلامية للانتخابات، وتنفيذ برامج وأنشطة متنوعة تسهم في توسيع المشاركة السياسية للمرأة والشباب، بجانب أي مهام تكلف بها اللجنة من رئيس الوزراء.
وأتاح القرار للجنة بالاستعانة بمن تراه لإنجاز مهامها، على أن يقدم رئيسها تقارير دورية إلى رئيس الحكومة، ونص في آخر مواده على العمل بهذا القرار من تاريخ صدوره، وحضت الجهات المختصة على تنفيذه.
وفي السياق ذاته، بحث المنفي مع وزير الداخلية خالد مازن سبل تأمين العملية الانتخابية بجميع مراحلها استعداداً لإجرائها نهاية العام الجاري، داعياً «جميع الأطراف لتقديم التنازلات لتوفير البيئة المناسبة لإنجاحها، وتغليب مصلحة الوطن العليا على المصالح الشخصية والجهوية».
وتطرق المنفي للتباحث مع مازن حول عموم الوضع الأمني في البلاد، مؤكداً حرصه على ضرورة توحيد المؤسسات الأمنية، ورفع مستوى أدائها لمواجهة «الإرهاب والجريمة المنظمة»، وترسيخ الأمن والسلم الاجتماعي، حتى تتمكن من القيام بمهامها بالشكل المطلوب، وصولاً لتحسين الظروف الحياتية للمواطن.
كما أوصى المنفي بضرورة دعم مديريات الأمن بكافة أنحاء ليبيا، لأداء مهامها على أكمل وجه، كما اطلع على الوضع الأمني بالمنطقة الشرقية.
وفيما أكد مازن بذل كل الجهود لتأمين العملية الانتخابية، ثمّن أيضاً دور المجلس الرئاسي في دعم حكومة «الوحدة الوطنية» لـ«الوصول بليبيا إلى بر الأمان، وتسخير كافة الجهود من أجل النهوض بليبيا وتوحيد مؤسساتها»، بجانب «السعي في مشروع المصالحة الوطنية للم الشمل، وجمع الأفرقاء ليسود الأمن والأمان أرجاء البلاد».
وسجل قرابة ألفي مواطن في منظومة تسجيل الناخبين، منذ الإعلان عن انطلاقها الأحد الماضي، بحسب المفوضية التي دعت المواطنين إلى المسارعة في تسجيل بياناتهم للمشاركة في الاستحقاق.
وفيما تعد المرة الأولى للخروج إلى الشارع منذ تولي حكومة الدبيبة المسؤولية، احتشد نشطاء ومواطنون قبالة مقر المفوضية العليا للانتخابات بالعاصمة طرابلس مساء أول من أمس، للمطالبة بإجراء الاستحقاق الرئاسي والبرلماني في الموعد الذي حدده «ملتقى الحوار السياسي».
ورفع المتظاهرون لافتات دوّن على بعضها «الانتخابات المباشرة حق للشعب الليبي في تقرير مصيره... لا للتمديد»، و«منظمات المجتمع المدني والشعب الليبي هم من يقرر الانتخابات المباشرة»، مطالبين الحكومة الالتزام بموعد الانتخابات ورفض إرجائها تحت أي دافع.
وحمل بعض المتظاهرين صناديق فارغة في دلالة على صناديق الاقتراع، وأخذ باقي المحتشدين يدلون بأصواتهم فيها. وقال أحمد عبد الحكيم حمزة رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أحد المشاركين في التظاهرة، لـ«الشرق الأوسط»، إن وقفتهم استهدفت «دعم المفوضية الوطنية العليا للقيام بمهامها، بالإضافة إلى المطالبة للالتزام بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المباشرة في موعدها ورفض أي محاولة لإعاقتها أو عرقلتها».
وفي إطار تفعيل المهام والاختصاصات للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات لتنفيذ البرامج العملية لإجراء الانتخابات نُظّم المؤتمر العلمي الأول لـ«الإعلام والانتخابات» على مدار اليومين الماضيين، بالتعاون مع كلية الفنون والإعلام جامعة طرابلس، والمنظمة الدولية للنظم الانتخابية، وبمشاركة العديد من الباحثين والمختصين من مختلف الجامعات الليبية، تحت شعار (الشريك - الوسيط - الرقيب).
وقالت المفوضية إن المؤتمر انتهى إلى مجموعة من التوصيات من بينها سن التشريعات المنظمة للانتخابات، وضرورة إصدار القوانين واللوائح المنظمة لمدونة السلوك الإعلامي؛ لإلزام العاملين بقطاع الإعلام باتباعها والامتثال لضوابطها.
ودعا المشاركون في المؤتمر للعمل على إنشاء مرصد إعلامي لتسجيل وتوثيق ودراسة وتحليل المخالفات المهنية المتعلقة بالانتخابات لتفاديها مستقبلاً وضمان سير العملية الانتخابية وفق المعايير الدولية.



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.