اغتيال رئيس هايتي جوفينيل مويز

واشنطن تصفه بـ«الجريمة المروعة» وبريطانيا بـ«العمل البغيض»

دعا رئيس الوزراء الانتقالي كلود جوزيف المواطنين إلى الحفاظ على هدوئهم (أ.ف.ب)
دعا رئيس الوزراء الانتقالي كلود جوزيف المواطنين إلى الحفاظ على هدوئهم (أ.ف.ب)
TT

اغتيال رئيس هايتي جوفينيل مويز

دعا رئيس الوزراء الانتقالي كلود جوزيف المواطنين إلى الحفاظ على هدوئهم (أ.ف.ب)
دعا رئيس الوزراء الانتقالي كلود جوزيف المواطنين إلى الحفاظ على هدوئهم (أ.ف.ب)

قتل مجهولون جوفينيل مويز، رئيس هايتي، في منزله بالرصاص، أمس الأربعاء؛ الأمر الذي واجه إدانات دولية، خصوصاً من لندن وواشنطن. وقال رئيس الوزراء الانتقالي كلود جوزيف: «اغتيل الرئيس في منزله على أيدي أجانب يتحدثون الإنجليزية والإسبانية»، وأضاف أن الشرطة والجيش سيضمنان النظام. كما أعلن جوزيف، الذي تولى قيادة البلاد، أن زوجة الرئيس أصيبت بجروح خلال الهجوم الليلي.
ودعا جوزيف المواطنين إلى الحفاظ على هدوئهم، فيما أمرت حكومة جمهورية الدومينيكان بـ«إغلاق فوري» لحدودها مع هايتي. وصرح ضابط الاتصالات في وزارة دفاع حكومة الدومينيكان، سينيت سانشيز، لوكالة الصحافة الفرنسية بأن إغلاق الحدود بدأ السريان على الفور.
وتشهد هايتي تدهوراً في الوضع الأمني لا سيما في شوارع العاصمة بور أو برنس، ومنذ مطلع يونيو (حزيران) تدور مواجهات بين عصابات متنافسة تشل حركة السير بين النصف الجنوبي للبلاد والعاصمة الهايتية. وإضافة إلى الأزمة السياسية، ازدادت عمليات الخطف للحصول على فدية في الأشهر القليلة الماضية، في مؤشر جديد على النفوذ المتزايد للعصابات المسلحة في الدولة الكاريبية. وأبدى الرئيس الأميركي جو بايدن قلقاً كبيراً وصدمة جراء عملية الاغتيال.
وقال في بيان أصدره البيت الأبيض أمس الأربعاء: «إننا في صدمة وحزن لسماع أنباء الاغتيال المروع للرئيس جوفينيل مويز والهجوم على السيدة الأولى، وندين هذا الهجوم الوحشي». وعرض الرئيس بايدن تقديم المساعدة لضمان أمن واستقرار هايتي. ووصفت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، واقعة الاغتيال بـ«بالهجوم المروع والمأساوي». وقالت جين ساكي لقناة «إم إس إن بي سي»: «ما زلنا نجمع معلومات، وما زلنا نقيم الوضع الآن». ووصفت ساكي الاغتيال خلال مقابلة مع قناة «سي إن إن» بأنه «مأساة مؤسفة... جريمة مروعة». وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن اغتيال رئيس هايتي عمل بغيض، وناشد الحفاظ على السلم في البلاد.
وأضاف: «أشعر بالصدمة والحزن لوفاة الرئيس مويز». وتابع: «تعازينا لأسرته ولشعب هايتي. هذا عمل بغيض، وأدعو إلى التحلي بالهدوء في هذا الوقت».
وتولى مويز رئاسة هايتي؛ أفقر دول الأميركيتين، بموجب مرسوم بعد إرجاء الانتخابات التشريعية التي كانت مقررة في 2018 بسبب خلافات؛ من بينها انتهاء ولايته. وواجه الرئيس معارضة شديدة من شرائح واسعة من الناس عدّت ولايته غير قانونية. وخلال عهده توالى 7 رؤساء حكومة في 4 سنوات؛ آخرهم كان جوزيف الذي كان من المفترض تغييره هذا الأسبوع بعد 3 أشهر في المنصب.
إضافة إلى الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية، كان من المفترض أن تنظم هايتي استفتاءً دستورياً في سبتمبر (أيلول) المقبل بعد إرجائه مرتين. ورفضت المعارضة والعديد من منظمات المجتمع المدني التعديل الدستوري المدعوم من مويز والهادف إلى تقوية السلطة التنفيذية. ووضع الدستور الحالي في عام 1987 بعد سقوط الديكتاتور دوفالييه، وينص على أن «أي مشاورات شعبية بهدف تعديل الدستور في استفتاء، ممنوعة رسمياً».
وقال منتقدوه أيضاً إنه لم يكن من الممكن تنظيم استفتاء نظراً لانعدام الأمن عموماً في البلاد.
وواجه مويز اتهامات بعدم التحرك في مواجهة الأزمات المتعددة في البلاد. ودعا كل من مجلس الأمن الدولي والولايات المتحدة وأوروبا إلى إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية شفافة وحرة في هايتي بحلول نهاية 2021. وكان مويز أعلن، الاثنين، تعيين رئيس جديد للوزراء هو أرييل هنري مع مهمة خاصة هي إجراء الانتخابات. وكلف مويز هنري «تشكيل حكومة موسعة من أجل حل مشكلة انعدام الأمن» في البلاد، والعمل في اتجاه «إجراء انتخابات عامة وتنظيم استفتاء». وهنري مقرب من المعارضة لكن تعيينه لم يلق ترحيباً من غالبية أحزاب المعارضة التي كانت تصر حتى الآن على مطالبها بتنحي الرئيس.



أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
TT

أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)

في إطار سعيهما لتعزيز قبضتهما على السلطة، يهاجم رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا ونائبته وزوجته روزاريو موريو الكنيسة الكاثوليكية، بعدما عملا على سجن أو نفي شخصيات معارضة.
بدأ المقاتل السابق في جبهة التحرير الوطني الساندينية، بدعم قوي من زوجته، بالتأسيس لاستمرارية في السلطة منذ عودته إليها في عام 2007. وسمحت تعديلات دستورية في العامين 2011 و2014 برفع الحظر المفروض على إعادة انتخاب الرئيس، الذي كان منصوصاً عليه سابقاً في الدستور، حسبما تقول عالمة الاجتماع إلفيرا كوادرا التي تعيش في المنفى في كوستاريكا.
وتشير كودارا لوكالة «الصحافة الفرنسية» إلى أن أورتيغا (76 عاماً) «حوّل بذلك شكل الحكومة التي نصّ عليها الدستور» من أجل الانتقال إلى نظام «استبدادي» يضع «صنع القرار المطلق في أيدي الثنائي الرئاسي».
ومنذ القمع الدامي لاحتجاجات عام 2018 التي كانت تُطالب باستقالة الزوجيْن، تمرّ نيكاراغاوا بـ«أزمة مطوّلة لا يمكن تخطّيها» لأن أورتيغا وزوجته «أكّدا استمراريتهما في السلطة خلال انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2021. ومن خلال مأسسة الدولة البوليسية».
وأُعيد انتخاب أورتيغا لولاية رابعة على التوالي خلال انتخابات غاب عنها جميع منافسيه الأقوياء المحتملين، بسبب اعتقالهم أو إرغامهم على العيش في المنفى.
ولطالما دان المجتمع الدولي أفعال النظام في نيكاراغوا. وطالبت منظمة الدول الأميركية، أول من أمس الجمعة، الحكومة في نيكاراغوا بوقف «المضايقات والقيود التعسّفية» بحق المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والمنظمات الدينية والمعارضين. وطالبت أيضاً بـ«الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين الذين يُقدّر عددهم بنحو 190».
ويعتبر المحلل والنائب السابق في نيكاراغوا إيليسيو نونييز، الذي يعيش هو أيضاً في المنفى، أن جبهة التحرير الوطني الساندينية «تنتقل من موقع الحزب المهيمن إلى موقع الحزب الواحد (...) مع خلق عبادة شخصية لا مثيل لها حالياً في أميركا اللاتينية».
ومنذ عام، تمّ اعتقال 46 معارضاً أو مجرد منتقد للحكومة وحُكم عليهم بالسجن لفترات تصل إلى 13 عاماً. وكان سبعة منهم يريدون الترشّح إلى الرئاسة.
- قمع الإعلام
وكانت وسائل الإعلام أيضاً من الأهداف الأولى للسلطة.
لم تعد صحيفة «لا برينسا» La Prensa، التي كانت تنشر نسخة ورقية، موجودة إلّا على الإنترنت، بعدما اختار صحافيوها المنفى خوفاً من الاعتقال، وذلك عقب مصادرة مقرّها وزجّ مديرها لورينزو هولمان بالسجن.
وأغلقت السلطات أيضاً المحطة التلفزيونية التابعة للكنيسة الكاثوليكية في نيكاراغوا، بالإضافة إلى عدة إذاعات في أبرشيات مختلفة، وعشرات وسائل الإعلام المستقلة.
في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2020. أصدرت نيكاراغوا تشريعاً يستهدف الذين يتلقون أموالاً من الخارج ويفرض تسجيلهم لدى السلطات بصفة «عملاء أجانب». وأثار هذا القانون انتقادات المجتمع الدولي لما يشكله من خطر على الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان.
وبموجب هذا القانون، اعتبرت أكثر من ألف مؤسسة ومنظمة غير حكومية كان بعضها يكرّس عمله للدفاع عن حقوق الإنسان، غير قانونية. وأغلقت جامعات خاصة ومنظمات ثقافية بين عشية وضحاها.
في يوليو (تموز) اضطرت راهبات مجمّع الإرساليات الخيرية الذي أسسته الأم تيريزا، إلى الرحيل من نيكاراغوا، وطُردن كأنّهن «منبوذات»، حسبما قال مركز نيكاراغوا للدفاع عن حقوق الإنسان.
- «كنيسة صامتة»
وتُظهر الكنيسة الكاثوليكية نفسها على أنها آخر معقل يحمي من الإجراءات التعسّفية. لكن الموالين للحكومة يعتبرون الكهنة والأساقفة الذين ينتقدون النظام «أنبياء مزيّفين».
ومنعت الشرطة أسقف ماتاغالبا (شمال شرق) المونسنيور رولاندو ألفاريز من التنقّل، منذ 4 أغسطس (آب)، مما يعكس ذروة الأزمة مع نظام يسعى إلى إسكات رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية المحلية لقمع أصوات المعارضة.
وقال ألفاريز في إحدى عظاته: «لطالما أرادت الحكومة كنيسة صامتة، لا تريدنا أن نتكلّم وأن نندّد بالظلم».