مصر والسودان تعولان على مجلس الأمن لكبح إثيوبيا في أزمة «السد»

لقاء سامح شكري ومريم المهدي عدّ قرار أديس أبابا بدء «الملء الثاني» تصعيداً خطيراً

وزيرا خارجية مصر والسودان خلال اجتماعهما في نيويورك أمس (وزارة الخارجية المصرية)
وزيرا خارجية مصر والسودان خلال اجتماعهما في نيويورك أمس (وزارة الخارجية المصرية)
TT

مصر والسودان تعولان على مجلس الأمن لكبح إثيوبيا في أزمة «السد»

وزيرا خارجية مصر والسودان خلال اجتماعهما في نيويورك أمس (وزارة الخارجية المصرية)
وزيرا خارجية مصر والسودان خلال اجتماعهما في نيويورك أمس (وزارة الخارجية المصرية)

للمرة الثانية تضع إثيوبيا دولتي المصب السودان ومصر أمام الأمر الواقع، باستمرارها في عملية الملء الأحادي لسد النهضة، قبل أن تتوصل الدول الثلاث إلى اتفاق مُرضٍ ومتوافق عليه، قبيل ساعات من جلسة خاصة لمجلس الأمن يبحث فيها تطورات النزاع حول السد، الذي حشدت له القاهرة والخرطوم دعماً كبيراً وسط عدد من الدول الأعضاء بالمجلس لوقف أي إجراءات أحادية من الجانب الإثيوبي.
وأكد وزيرا خارجية السودان ومصر خلال لقاء لهما في نيويورك أمس رفضهما المشدد إعلان إثيوبيا البدء في عملية الملء الثاني للسد من دون اتفاق، واعتبراه «تصعيداً خطيراً»، يكشف عن «سوء نية» إثيوبيا ورغبتها في فرض الأمر الواقع على دولتي المصب ودليلاً عملياً جديداً على إصرارها على التصرف الانفرادي الذي يهدد سلامة السدود السودانية والأمن البشري في كل من السودان ومصر.
وذكر بيان للخارجية المصرية، أن وزير الخارجية المصري سامح شكري التقى نظيرته السودانية مريم الصادق المهدي في إطار «التنسيق والتشاور القائم بين البلدين حول مستجدات ملف سد النهضة الإثيوبي وفي إطار الإعداد لجلسة مجلس الأمن الدولي المقررة يوم غد الخميس بناءً على طلب من مصر والسودان».
وقالت الخارجية السودانية في بيان أمس، إن الإصرار الإثيوبي على التصرف الأحادي، الذي ألحق الضرر بالسودان جراء الملء الأول، وما يمكن أن يسببه الملء الثاني، يؤكد عدم توفر الإرادة السياسية لإثيوبيا للوصول لاتفاق. وأضافت «بعد الإعلان المؤسف من وزير الري الإثيوبي، فإن أهمية اضطلاع مجلس الأمن بدوره الوقائي في حفظ الأمن والسلم الدوليين أصبح أمراً بالغ الحيوية للدفع لتعزيز عملية التفاوض في المسار الأفريقي من أجل الوصول لاتفاق ملزم يلبي مصالح الدول الثلاث في سقف زمني لا يتعدى 6 أشهر».
وبحسب مصادر واسعة الاطلاع تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن السودان يرغب في صدور قرار بالتصويت أو بالتوافق بين الدول الأعضاء بالمجلس، يلزم جميع أطراف النزاع بعدم اتخاذ أي إجراءات أحادية الجانب، ويعزز دور الاتحاد الأفريقي في وساطة المفاوضات بضم الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وأميركا لفريق الوساطة، بالإضافة إلى توفير الضمانات للوصول إلى حل واتفاق ملزم قانوناً.
وبحسب المصادر، يحتاج السودان إلى 9 أصوات دون استخدام أي دولة حق الفيتو، لكن مثل هذه القرارات تتجاذبها المصالح والتقاطعات الدولية التي تلعب دوراً مؤثراً في اتخاذها داخل المجلس.
وأوضحت المصادر ذاتها، أن صدور بيان رئاسي من مجلس الأمن لن يكون ملزماً، لكنه مفيد إذ يمثل رأى الدول فيما يتعلق بالنزاع بين الدول الثلاث.
وستشارك إثيوبيا في الجلسة رغم معارضتها انعقادها، حيث تُصر على مواصلة المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي. كما استنكرت إثيوبيا أمس «تدخل» جامعة الدول العربية، التي دعمت بدورها دوراً لمجلس الأمن في الخلاف.
وبدأت إثيوبيا المرحلة الثانية من ملء بحيرة سدّ النهضة، الذي تقيمه منذ 2011 على الرافد الرئيسي لنهر النيل، في إجراء حذرت منه مصر والسودان – مسبقاً - ما ينذر بمزيد من التصعيد.
ووصفت وزارة الري المصرية في بيان مساء أول من أمس الخطوة بأنها تعد «انتهاكاً للقوانين والأعراف الدولية التي تحكم المشروعات المقامة على الأحواض المشتركة للأنهار الدولية»، مؤكدة «رفض مصر القاطع لهذا الإجراء الأحادي الذي يُعدّ خرقاً صريحاً وخطيراً لاتفاق إعلان المبادئ».
وتسلمت وزارة الري والموارد المائية المصرية وكذلك السودانية «خطاباً من نظيرتهما الإثيوبية للإخطار ببدء الملء الثاني للسد خلال موسم الأمطار الحالي.
وسبق أن قامت إثيوبيا في يوليو (تموز) العام الماضي بإنجاز المرحلة الأولى للملء بسعة 4.9 مليارات متر مكعب، رغم حضّ مصر والسودان على تأجيل الملء حتى التوصّل إلى اتفاق شامل.
ورغم أن المخطط الإثيوبي للمرحلة الثانية يتطلب 13.5 مليار متر مكعب من الماء، فإنها «فشلت عمداً أو عجزاً من تعلية الجزء الأوسط للسد اللازم لتخزين تلك الكمية، واكتفت بنحو 4 مليارات فقط»، وفق وزير الموارد المائية المصري الأسبق الدكتور محمد نصر الدين علام، الذي وصف الخطوة بأنها لـ«تحقيق مكاسب داخلية من دون استفزاز حقيقي لمصر والسودان».
وأجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري سلسلة من اللقاءات خلال زيارته الحالية إلى نيويورك شملت مندوبي روسيا، والصين، وتونس، وإستونيا، وآيرلندا، والمكسيك والنرويج الأعضاء في المجلس، وسفراء اللجنة العربية المعنية بمتابعة تطورات الملف، والمندوبين الدائمين لمجموعة الدول الأفريقية بمجلس الأمن. وطالب بـ«ضرورة اضطلاع المجلس بمسؤولياته تجاه هذه القضية».
من جهته، عقد وزير الموارد المائية المصري محمد عبد العاطي اجتماعاً بتقنية الفيديو كونفرانس مع أنجر اندرسون، مديرة برنامج الأمم المتحدة للبيئة، للتباحث حول الموقف الحالي لملف سد النهضة، مستعرضاً الموقف المائي المصري وحجم التحديات التي تواجه قطاع المياه في مصر.
وأكد عبد العاطي، أن مصر ليست ضد التنمية في إثيوبيا، لكن يجب أن يتم تنفيذ مشروعات التنمية وفقاً لقواعد القانون الدولي، مع مراعاة شواغل دول المصب، مشيراً إلى أن «مصر أبدت مرونة في التفاوض قوبلت بتعنت كبير من الجانب الإثيوبي نظراً لأن إثيوبيا ليس لديها الإرادة السياسية للوصول لاتفاق، وإنها تسعى دائماً للتهرب من أي التزام عليها تجاه دول المصب».
وتتفاوض مصر والسودان وإثيوبيا منذ نحو 10 سنوات بشكل متقطع للوصول إلى اتفاق حول ملء وتشغيل السدّ الذي تبنيه أديس أبابا ليصبح أكبر مصدر لتوليد الطاقة الكهرومائية في أفريقيا بقدرة متوقعة تصل إلى 6500 ميغاواط.
وترى إثيوبيا أن السد ضروري لتحقيق التنمية الاقتصادية، في حين تعتبره مصر تهديداً حيوياً لها؛ إذ يعتبر نهر النيل مصدراً لنحو 97 في المائة من مياه الري والشرب في البلاد.



مقتل العشرات في أنحاء متفرقة من قطاع غزة... والدبابات تتوغل في خان يونس

مقتل العشرات في أنحاء متفرقة من قطاع غزة (أ.ف.ب)
مقتل العشرات في أنحاء متفرقة من قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مقتل العشرات في أنحاء متفرقة من قطاع غزة... والدبابات تتوغل في خان يونس

مقتل العشرات في أنحاء متفرقة من قطاع غزة (أ.ف.ب)
مقتل العشرات في أنحاء متفرقة من قطاع غزة (أ.ف.ب)

توغلت دبابات إسرائيلية في الأحياء الشمالية في خان يونس بجنوب قطاع غزة، اليوم (الأربعاء)، وقال مسعفون فلسطينيون إن ضربات جوية إسرائيلية قتلت 47 شخصاً على الأقل في أنحاء القطاع.

ووفقاً لـ«رويترز»، قال سكان إن الدبابات توغلت في خان يونس بعد يوم واحد من إصدار الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء جديدة، قائلاً إنه يجري إطلاق صواريخ من المنطقة.

ومع سقوط قذائف بالقرب من المناطق السكنية، فرّت الأسر من ديارها واتجهت غرباً نحو منطقة أُعلن أنها منطقة إنسانية آمنة في المواصي.

وقال مسؤولون فلسطينيون ومن الأمم المتحدة إنه لم تعد هناك مناطق آمنة في غزة، وإن معظم سكانها البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة نزحوا بضع مرات.

وفي وقت لاحق من اليوم (الأربعاء)، قال مسعفون إن ضربة جوية إسرائيلية على منطقة خيام للنازحين في المواصي قتلت 17 شخصاً على الأقل وأدت إلى إصابة عدد كبير.

وقال الدفاع المدني الفلسطيني إن الهجوم أدى إلى اشتعال نيران في خيام تؤوي عائلات نازحة.

وأضاف أن غارة جوية إسرائيلية أخرى أصابت 3 منازل في مدينة غزة، ما أسفر عن مقتل 10 أشخاص على الأقل وإصابة عشرات آخرين. وما زالت عمليات الإنقاذ مستمرة لانتشال آخرين مدفونين تحت الأنقاض.

وقال مسعفون إن 11 شخصاً قُتلوا في 3 غارات جوية على مناطق في وسط غزة، بينهم 6 أطفال ومسعف. وأضافوا أن 5 من القتلى لقوا حتفهم بينما كانوا ينتظرون في طابور أمام أحد المخابز.

وأضاف المسعفون أن 9 فلسطينيين آخرين قُتلوا بنيران دبابة في رفح بالقرب من الحدود مع مصر.

ولم يدلِ الجيش الإسرائيلي حتى الآن بتعليق على تقارير المسعفين.

وقال حسام أبو صفية، مدير مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة، إن القوات الإسرائيلية أطلقت النار على المستشفى لليوم الخامس على التوالي، ما أدى إلى إصابة 3 من أفراد الطاقم الطبي، أحدهم على نحو خطير، مساء الثلاثاء.

ضربات طائرات مسيرة

قال أبو صفية: «الطائرات المسيرة تسقط قنابل معبأة بالشظايا التي تصيب كل مَن يجرؤ على التحرك، الوضع حرج للغاية».

وقال سكان في 3 بلدات؛ هي جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، إن القوات الإسرائيلية فجّرت عشرات المنازل.

ويقول الفلسطينيون إن الجيش الإسرائيلي يحاول إبعاد الناس عن الطرف الشمالي لقطاع غزة من خلال عمليات الإخلاء القسري والقصف بهدف إنشاء منطقة عازلة.

وينفي الجيش الإسرائيلي هذا ويقول إنه عاد إلى المنطقة لمنع مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) من إعادة تجميع صفوفهم في المنطقة التي أخلاها منهم قبل ذلك.

في سياق متصل، أفاد تلفزيون «الأقصى» الفلسطيني بمقتل 25 شخصاً في قصف إسرائيلي على مربع سكني في مدينة غزة.

وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية إن طائرات حربية إسرائيلية قصفت منزلاً في محيط شارع النفق بحي الشيخ رضوان في شمال المدينة.

كما قال مسؤول صحي فلسطيني إن هجوماً إسرائيلياً على مخيم في غزة أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 21 شخصاً.

وقال عاطف الحوت، مدير مستشفى ناصر في مدينة خان يونس جنوب القطاع، إن الهجوم أسفر أيضاً عن إصابة 28 شخصاً بجروح.

وذكرت القوات الإسرائيلية أن طائراتها استهدفت قياديين في «حماس»، «متورطين في أنشطة إرهابية» في المنطقة. وأضاف أن الغارة تسببت في حدوث انفجارات ثانوية، ما يشير إلى وجود مواد متفجرة في المنطقة.

ولم يكن من الممكن تأكيد الادعاءات الإسرائيلية بشكل مستقل؛ حيث إن الغارة يمكن أن تكون قد أشعلت وقوداً أو أسطوانات غاز طهي أو مواد أخرى في المخيم.