الصدر يطالب بإعلان الحداد في النجف على خلفية زيارة السفير الأميركي

دعا إلى جمع «تواقيع مليونية» احتجاجًا على دخول جونز إلى مرقد الإمام علي

الصدر يطالب بإعلان الحداد في النجف على خلفية زيارة السفير الأميركي
TT

الصدر يطالب بإعلان الحداد في النجف على خلفية زيارة السفير الأميركي

الصدر يطالب بإعلان الحداد في النجف على خلفية زيارة السفير الأميركي

انفرد مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري، من بين كل القيادات الدينية والسياسية الشيعية باتخاذ موقف حاد من الزيارة التي قام بها السفير الأميركي لدى العراق، ستيوارت جونز إلى مرقد الإمام علي بن أبي طالب في مدينة النجف، الأسبوع الماضي. وفي حين أكد مقرب من الحوزة العلمية في النجف أنه «لا يوجد إشكال شرعي في زيارة غير المسلم لمساجد المسلمين أو المراقد الدينية، باستثناء بيت الله الحرام في الكعبة المشرفة لقداستها المطلقة»، فإن قياديا في التيار الصدري أكد من جانبه أن «الجهة التي دعت السفير الأميركي للقيام بهذه الزيارة لديها أجندة خاصة بها تتعارض تماما مع توجهات التيار الصدري الرافض للوجود الأميركي في العراق والمنطقة».
ودعا زعيم التيار الصدري في بيان له، أمس، ردا على سؤال من أتباعه بشأن زيارة السفير الأميركي لدى العراق ستيوارت جونز لضريح الإمام علي، يوم الأربعاء الماضي، أهالي النجف إلى استنكار تلك الزيارة «حفاظا على سمعة مدينتهم المقدسة». كما دعا الجهات المختصة الرسمية في النجف إلى «استنكار ذلك بل والاعتذار عن تلك الزيارة»، مضيفا: «العجب كل العجب من عدم استنكار من ينتمون للنهج الجهادي، ولذا أطالبهم بجمع تواقيع مليونية لاستنكار ذلك، وخصوصا أننا كنا قد أمرناهم بالتظاهر في مثل تلك الزيارة». واعتبر الصدر أن تلك الزيارة «يراد منها إيصال عدة رسائل، وهي التقارب الأميركي الشيعي، وهو كاذب لا محالة، وأنا أعلن براءتي أمام الله وأمام الشعب من تلك الزيارة المشؤومة»، لافتا إلى أن «تلك الزيارة فرض نفوذ للمحتل الأميركي في تلكم المحافظة». وهدد الصدر «بالاحتفاظ بالرد لنفسه لو تكررت الزيارة»، مشيرا إلى أن «دخول السفير إلى الحرم وطرد زواره كان الطامة الكبرى، وعلى أهالي النجف إعلان الحداد الشعبي ونشر السواد لثلاثة أيام». وخاطب الصدر الجميع بالقول إن «السفير ودولته هما المسببان الرئيسيان لما يعانيه العراق من ويلات الإرهاب الذي جاء بعد احتلاله لأراضينا المقدسة، وكل ما سال من دماء وما زال يسيل من دماء المدنيين والمجاهدين من الحشد الشعبي، بل والجيش والشرطة العراقية هي برقبتهم وبسببهم»، متهما واشنطن بـ«دعم الإرهاب والتطرف والميليشيات الوقحة».
من جانبه، أكد الأستاذ في الحوزة العلمية والمقرب من المرجعية الشيعية العليا في النجف حيدر الغرابي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «من الناحية الفقهية لا يوجد إشكال شرعي في أن يدخل غير المسلم مساجد المسلمين أو أضرحتهم باستثناء بيت الله الحرام في الكعبة المشرفة لقداسته المطلقة، وبالتالي لا يوجد من هذه الناحية ما يمنع من القيام بهذه الزيارة».
وأضاف أن «المسألة المهمة في هذه الزيارة أنها ذات طابع سياسي وهو ما يعني استغلال بعدها الديني لأغراض سياسية غير صحيحة»، موضحا أن «الهدف من هذه الزيارة إيصال رسائل ملغمة إلى إخواننا السنة وإلى دول إقليمية معروفة ببدء مرحلة جديدة من التعاون الشيعي – الأميركي، وهو أمر غير صحيح بالمرة». وردا على سؤال حول دوافع الجهة التي دعت السفير الأميركي إلى القيام بهذه الزيارة، قال الغرابي إن «الجهة التي قامت بذلك قد لا تكون مدركة للنتائج السلبية التي يمكن أن تتركها هذه الزيارة، التي تنبه إليها السيد الصدر ببعدها السياسي، لا سيما أننا نرى أن الأميركيين هم المسؤولون عن كل ما حصل للعراق من تدمير».
من جهته، أكد عضو البرلمان العراقي عن كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري، جمعة البهادلي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «السيد الصدر ينطلق في ذلك من مواقف مبدئية ثابتة، وهي رفض التعامل مع الأميركيين لأنهم هم السبب في كل ما حصل للعراق والمنطقة، وبالتالي فإن زيارة السفير الأميركي لمرقد الإمام علي يراد منها الإيحاء بأنه لا وجود لأي موقف معارض من أي طرف شيعي لمثل هذه الزيارة». وأضاف البهادلي أن «التيار الصدري ينطلق من مسؤوليتين شرعية ووطنية حيال كل هذه الأمور، وبالتالي لا يمكنه الوقوف مكتوف الأيدي حيال مثل هذه الزيارة والدوافع الخبيثة لها، وهو ما يجعلنا نتخذ موقفا مناوئا، لأن هناك تاريخا يحاسبنا فيما لو لم يكن لدينا موقف واضح ومحدد».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».