استبعاد شغل الائتلاف المعارض «مقعد سوريا» في القمة العربية

مصادر دبلوماسية لـ «الشرق الأوسط»: المعارضة تتجاوب مع الطرح المصري لتمكين القاهرة من الوساطة

وزير الخارجية المصري سامح شكري (يسار الصورة) لدى اجتماعه بأعضاء وفد المعارضة السورية في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
وزير الخارجية المصري سامح شكري (يسار الصورة) لدى اجتماعه بأعضاء وفد المعارضة السورية في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

استبعاد شغل الائتلاف المعارض «مقعد سوريا» في القمة العربية

وزير الخارجية المصري سامح شكري (يسار الصورة) لدى اجتماعه بأعضاء وفد المعارضة السورية في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
وزير الخارجية المصري سامح شكري (يسار الصورة) لدى اجتماعه بأعضاء وفد المعارضة السورية في القاهرة أمس (إ.ب.أ)

تزامنا مع جهود مصرية مكثفة لدعوة صفوف المعارضة السورية لتوحيد كلمتها من أجل الوصول إلى حوار فعال مع النظام، مما يمكن من الوصول إلى حل سياسي ينهي الأزمة السورية المستمرة منذ 4 أعوام، يبدو أن المقعد السوري في جامعة الدول العربية، الذي مُنح للمعارضة، ممثلة في الائتلاف السوري المعارض، خلال قمة الدوحة عام 2013، يبتعد عن يد الائتلاف، في ظل معارضة دول عربية لذلك المنهج، وصلت إلى حد التهديد بالانسحاب من الجامعة في حال استمرار الائتلاف في المقعد السوري في قمة شرم الشيخ المزمع إقامتها نهاية الشهر الحالي.
وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي التقى أمس مع هيثم المالح رئيس اللجنة القانونية بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية.
وصرح المالح، عقب اللقاء، بأنه بحث مع الأمين العام للجامعة مدى إمكانية دعوة الائتلاف السوري لحضور اجتماعات مجلس الجامعة على المستوى الوزاري والقمة العربية المقبلة، المقرر انعقادها في شرم الشيخ.
وقال المالح إنه «رغم أن قمة الدوحة التي عقدت في عام 2013 منحت الائتلاف مقعد سوريا، وكرست قمة الكويت عام 2014 ذلك، إلا أن هناك دولا عربية هددت بالانسحاب من الجامعة، إذا تم منح المقعد إلى الائتلاف الوطني السوري»، معربا عن أمله في أن تتم دعوة الائتلاف لحضور القمة المقبلة.
وأشارت مصادر دبلوماسية تحدثت إلى «الشرق الأوسط» إلى أن هناك عنصرين رئيسين لمعارضة بعض الدول العربية على منهج استمرار الائتلاف في المقعد السوري، أولهما سياسي، حيث إن استمرار المعارضة في المقعد يعني عمليا أن الحل السياسي ليس هو الأولوية للجامعة العربية، وهو عكس الاتجاه الشائع حاليا سواء عربيا أو دوليا بأن الحل السياسي للأزمة هو الأسلم والأقرب والأفضل للدولة والشعب السوري، من أجل وقف نزف الدم.
وبالنسبة للعنصر الثاني، فهو يتعلق بتحفظ بعض الدول العربية، ومعارضة صريحة للبعض الآخر، على قرار منح المقعد للمعارضة السورية، مع يعني أن بقاء المقعد شاغرا هو أفضل الحلول حتى لا يتسبب الأمر في خلاف جوهري بداخل القمة.
وتقول المصادر الدبلوماسية العربية، التي تحدثت شريطة عدم تعريفها، إن «انقسام المعارضة السورية ذاتها يصب في مصلحة الدول التي تعارض منحها المقعد. وهذه الدول (مع اختلاف درجات معارضتها) أبرزها الجزائر والعراق ولبنان ومصر التي ترى أن الحل السياسي للأزمة يتطلب عدم تنحية النظام السوري تماما عن جامعة الدول العربية، لأن ذلك يحسم الموقف بالوقوف إلى جانب أحد طرفي المعادلة، مما يضع الطرف الآخر في موضع الخصم، وحتما سيفشل أي جهود للحوار».
كما تقول المصادر إن قرار قمة الكويت بترك المقعد شاغرا عام 2014 «كان قرارا وسطيا حكيما لعدم تفاقم الوضع».
وعلى صعيد متصل، التقى وزير الخارجية المصري سامح شكري، أمس السبت، أعضاء لجنة متابعة اجتماع القاهرة للمعارضة السورية، وذلك في إطار التحضير لعقد مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية المقرر خلال شهر أبريل (نيسان) المقبل لفصائل المعارضة السورية.
وأكد وزير الخارجية المصري خلال الاجتماع على الأهمية البالغة لتطوير الرؤية المشتركة للقوى الوطنية السورية للخروج من الأزمة السياسية والأمنية الراهنة في سوريا.
وشدد شكري على ضرورة الخروج من المأزق الراهن في سوريا، من خلال دفع الحل السياسي، وتوصل المعارضة السورية إلى نقطة التقاء فيما بينها بما يضمن وقف نزف الدم السوري، وتحقيق تطلعات الشعب السوري الشقيق في بناء نظامه الديمقراطي التعددي الذي يحفظ لسوريا وحدتها الإقليمية، ونوه بأهمية حسن الإعداد والتحضير لمؤتمر القاهرة للمعارضة خلال الشهر المقبل.
وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية السفير بدر عبد العاطي إن أعضاء لجنة متابعة اجتماع القاهرة للمعارضة السورية (ومن بينهم هيثم مناع ووليد البني وفايز سارة وجهاد مقدسي) أجمعت، خلال اللقاء، على الأهمية البالغة للدور المصري والعربي في حل الأزمة السورية بالوسائل السياسية، وتقديرهم لعودة مصر للاضطلاع بدورها الإقليمي، كما تناولوا التحضيرات الموضوعية واللوجيستية الخاصة بانعقاد مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية بما يضمن خروجه بالنتائج المرجوة، ويدفع الحل السياسي للإمام، ويسهم في توحيد رؤى وصفوف المعارضة.
وأوضح المتحدث أنه تم التشاور خلال اللقاء حول الأوضاع الإقليمية والدولية الراهنة وانعكاساتها علي تطورات الأزمة السورية، وكيفية تعزيز الدور العربي للخروج من الأزمة السورية.
وفي تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، أكد الدكتور فايز سارة عضو لجنة المعارضة السورية، أن اللقاء كان طبيعيا وتقليديا وتنسيقيا.
وأفاد سارة بأن مصر دولة مهمة بالنسبة للمعارضة، ولها مكانة ومواقف تشكل رقما كبيرا في معادلة الحل، مشيرا إلى أنه تم التشاور حول الأوضاع داخل سوريا والمعارك التي تدور ضد الشعب السوري.
وأضاف: «كما تحدثنا عن مبادرة (المبعوث الدولي ستيفان) دي ميستورا، وتجميد القتال في مدينة حلب، وآفاق الحل السياسي». وقال: «إننا نطمح لحل ينهى حالات العنف والتطرف والفوضى في البلاد، وأخذها نحو تحول ديمقراطي، وإلى الحرية والمساواة»، موضحا أن الوزير شكري أكد لوفد المعارضة دعم مصر للشعب السوري والمساعدة للوصول إلى الحل السياسي.
ونفى سارة أي تدخل لمصر في عمل لجنة المعارضة، مؤكدا أن «القاهرة لم تطلب أي شيء منا.. ودورها يقتصر على المشورة وتقديم الدعم لنشاط مجموعة القاهرة، التي تؤمن بالحل السياسي»، وأشار إلى أن مهمة اللجنة هي التنسيق بين معارضي الداخل والخارج والجماعات العسكرية والشخصيات المختلفة من أجل تقوية الحل السياسي.
وردا على سؤال حول مدى ارتباط اجتماع القاهرة بلقاء موسكو المبرمج بين النظام والمعارضة، قال سارة: «لا توجد أي ارتباط.. وهدف اجتماعات القاهرة تقوية ظروف الحل السياسي». أما عن نتائج اجتماعات اللجنة مع بعضها، أوضح سارة بأنها وضعت تصورا لأوراق المؤتمر والمشاركين وعددهم، الذي يشمل تقريبا نحو 150 شخصية من جميع المكونات السياسية والعسكرية، وكل من يؤمن بالحل السياسي.
وأضاف أن اللجنة ناقشت كل المشاكل والعقبات التي تعوق عملها، وكذلك موعد انعقاد المؤتمر الذي تحدد له بشكل مبدئي نهاية شهر أبريل المقبل.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».