تحذيرات من «كارثة وبائية» في ريف حلب الشمالي

بعد نفاد كميات كبيرة من الأدوية

كوادر طبية في مشفى أفرين بريف حلب الشمالي (الشرق الأوسط)
كوادر طبية في مشفى أفرين بريف حلب الشمالي (الشرق الأوسط)
TT

تحذيرات من «كارثة وبائية» في ريف حلب الشمالي

كوادر طبية في مشفى أفرين بريف حلب الشمالي (الشرق الأوسط)
كوادر طبية في مشفى أفرين بريف حلب الشمالي (الشرق الأوسط)

أعلنت هيئة الصحة التابعة للإدارة الذاتية ومنظمات محلية طبية في مناطق الشهباء بريف محافظة حلب الشمالية، عن «نفاد كميات كبيرة من الأدوية» و«منع دخول سيارات الإسعاف» إلى مشافي حلب للعلاج.
وقال الدكتور محمد نور شباب مدير هيئة الصحة لـ«الشرق الأوسط»، إن المنطقة تواجه كارثة إنسانية في حال استمرار فرض الحصار ومنع إدخال الأدوية جراء قيود وإجراءات تتخذها الحواجز الأمنية النظامية.
وقالت كوادر «منظمة الهلال الأحمر» الكردية وطاقم مشفى أفرين الطبي إن عدم السماح بإدخال المستلزمات الطبية والدوائية للمنطقة، «قد أدى لحصولِ نقص ونفاد للجزءِ الأعظمِ من تلك المواد لدرجة حرجة، بحيث يتعذر معها القيام بالواجباتِ الإنسانيةِ وتقديم الرعاية الصحية المناسبة للمراجعين والمرضى وجلهم يقطنون مخيمات النزوح».
ومنذ بداية شهر يونيو (حزيران) الماضي، تمنع الحواجز الأمنية التابعة للنظام الحاكم دخول سيارات وشحنات الأدوية إلى المناطق الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» والإدارة الذاتية، كما تمنع خروج سيارات الإسعاف التابعة لمشفى أفرين التي كانت تسعف الحالات المرضية الحرجة إلى مدينة حلب للعلاج والتداوي، وتضم تلك المناطق 5 مخيمات وسبع نقاط طبية تابعة للهلال الكردية تقدم خدمات إسعافية إلى جانب مشفى أفرين الوحيد الذي يقدم خدماته بالمجان. ويشير الطبيب نور شباب إلى جهود جمعيات ومنظمات محلية في تقديم مساعدات إنسانية، «لكن تلك الجهود لا تلبي احتياجات سكان المنطقة الصحية والإنسانية، إذ إن جميعهم من مهجري مدينة عفرين الكردية».
وناشد نور شباب منظمتي «الصليب الأحمر الدولية» و«الصحة العالمية» بلعب دور رئيسي لإيصال الأدوية والمساعدات الإنسانية إلى المنطقة، «بهدف منع سياسات الحكومة السورية باللعب بحياة السكان والنازحين وتوزيعها بشكل عادل على المخيمات وقاطني المنطقة».
وفي السياق، سجلت هيئة الصحة في الإدارة الذاتية أمس (الاثنين)، ثلاث إصابات جديدة بفيروس كورونا في مناطق نفوذها، وتوزعت الإصابات بين حالتين بالرقة وحالة واحدة في الحسكة، وتعد هذه أدنى حصيلة للإصابات بالوباء منذ ظهوره في مارس (آذار) العام الماضي في سوريا، وبلغ عدد الإصابات بالفيروس في مناطق الإدارة 18535 إصابة، بينها 763 حالة وفاة و1876 تماثلت للشفاء.
من جهة أخرى، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنه يواصل مواكبة تفشي فيروس كورونا في المحافظات السورية ضمن مناطق نفوذ النظام السوري، حيث أفادت مصادر طبية موثوقة من تلك المناطق، بتسجيل نحو 108 آلاف إصابة جديدة بفيروس «كورونا» المستجد خلال الأيام الماضية في مختلف المحافظات، وسط تسجيل 485 حالة وفاة جديدة بالفيروس بالفترة ذاتها.
وأشار المرصد إلى أن النظام السوري يتستر عن الأرقام الحقيقية عبر إعلان عشرات الإصابات والوفيات بشكل يومي فقط، ويتم تسجيل الوفيات الكبيرة على أنها حدثت بأمراض تتلعق بالرئة، وسط تفشٍ للفيروس في عموم المحافظات السورية، في حين وردت معلومات للمرصد السوري عن حدوث وفيات جراء تلقي لقاح كورونا في مناطق عدة، وذلك نظراً لسوء تخزين اللقاح.
ووفقاً لآخر إحصائيات المرصد السوري المستمدة من مصادر طبية موثوقة ضمن مناطق سيطرة قوات النظام، فإن أعداد المصابين بفيروس «كوفيد - 19» بلغت نحو مليون ونصف المليون إصابة مؤكدة، تعافى منها أكثر من مليون و200 ألف، بينما توفي 25719 شخصاً. يذكر أن الأعداد الرسمية لوزارة الصحة التابعة للنظام السوري منذ دخول الجائحة إلى الأراضي السورية، هي 25619 إصابة، توفي منها 1885، بينما بلغت حالات الشفاء 21845. وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان وفاة 211 طبيباً ضمن مناطق نفوذ النظام السوري متأثرين بإصابتهم بفيروس كورونا منذ بدائة الجائحة، بينهم 172 توفوا خلال عام 2020 الماضي، وثقهم المرصد السوري بالاسم.


مقالات ذات صلة

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)
صحتك طفل يخضع لاختبار الكشف عن فيروس كورونا (أرشيفية - أ.ب)

دراسة: «كورونا» يزيد من خطر إصابة الأطفال والمراهقين بالسكري

كشفت دراسة جديدة عن أن عدوى فيروس كورونا تزيد من خطر إصابة الأطفال والمراهقين بمرض السكري من النوع الثاني مقارنة بعدوى أمراض الجهاز التنفسي الأخرى.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.