تونس تشهد انتشاراً سريعاً للفيروس

عزته إلى عدم تنفيذ الإجراءات الوقائية

مريضة «كورونا» في مستشفى بمدينة القيروان (أ.ف.ب)
مريضة «كورونا» في مستشفى بمدينة القيروان (أ.ف.ب)
TT

تونس تشهد انتشاراً سريعاً للفيروس

مريضة «كورونا» في مستشفى بمدينة القيروان (أ.ف.ب)
مريضة «كورونا» في مستشفى بمدينة القيروان (أ.ف.ب)

حذرت المتحدثة باسم اللجنة العلمية لمجابهة «كورونا» في تونس، جليلة بن خليل، من تدهور الحالة الوبائية، قائلة إنها «صعبة للغاية ولم تشهد البلاد لها مثيلاً منذ بدء الجائحة»، وكشفت عن ارتفاع نسبة التحاليل الإيجابية، مؤكدة أنها باتت تتراوح بين 30 و50 في المائة بمختلف جهات البلاد، كما أشارت إلى تزايد عدد المصابين الوافدين على أقسام الطوارئ في انتظار الحصول على أسرة إنعاش أو قوارير أكسجين، وهو ما يهدد المنظومة الصحية بالانهيار بعد أن بلغت طاقتها القصوى في معظم المناطق، على حد تعبيرها.
وعزت أسباب هذه الحالة الوبائية غير المسبوقة إلى عدم تنفيذ الإجراءات الوقائية اللازمة للتصدي للفيروس بتحوراته المتعددة، خصوصاً منها ارتداء الكمامة والتباعد الجسدي وتفادي التجمعات البشرية. واعتبرت بن خليل أن مسؤولية هذه الأزمة الصحية المستفحلة في تونس جماعية في المقام الأول، وتتحملها السلطات التونسية التي لم تحرص على فرض إلزامية تطبيق الإجراءات المتخذة بالشكل المطلوب، وكذلك عدد كبير من التونسيين الذين لم يلتزموا بالتدابير الوقائية لحماية أنفسهم وعائلاتهم ومحيطهم الاجتماعي، كما أن اللجنة العلمية تتحمل جزءاً من المسؤولية، إذ إنها لم توفق ربما في تبليغ الرسالة بوضوح للتونسيين بشأن أهمية التوقي إزاء الانتشار الخطير للوباء وضرورة التلقيح.
من ناحيتها، أعلنت وزارة الصحة التونسية عن تسجيل 116 وفاة و4686 إصابة جديدة بـ«كورونا»، وذلك في الثالث من هذا الشهر، لترتفع حصيلة الضحايا في تونس إلى 15377 حالة وفاة، أما إجمالي الإصابات المسجلة منذ بداية الجائحة فقد ارتفع إلى حدود 443631 إصابة. يذكر أن تونس تمكنت خلال السنة الماضية من السيطرة على الموجة الأولى من الوباء بفضل استراتيجية استباقية اعتمدتها منذ ظهور هذا الفيروس عبر العالم، واتخاذها تدابير وقائية إزاء ما يمكن أن يحصل آنذاك من نتائج مجهولة في إطار محاربة فيروس غير معروف، غير أن الوضعية اختلفت منذ يوم 27 يونيو (حزيران) 2020، حيث تم فتح الحدود أمام الوافدين من مختلف دول العالم لتمر أعداد الضحايا من 50 وفاة آنذاك إلى أكثر من 15 ألف وفاة حالياً.
في غضون ذلك، دعا عبد اللطيف المكي وزير الصحة التونسي السابق، إلى ضرورة إعلان الحجر الصحي العام لمدة أسبوعين، وذلك للحد من قوة العدوى بصورة ملموسة، وكسر حلقات انتشار الوباء، واقترح أن يكون هذا الحجر متبوعاً بفترة «حجر موجه» يتم خلالها تطبيق إجراءات الوقاية الفردية والجماعية بصورة صارمة.
وحث حكومة هشام المشيشي، على إصدار الأوامر الحكومية التي تسمح بالشراءات المباشرة لكل المستلزمات الطبية في هذا الظرف الاستثنائي، وإعفاء كل التجهيزات الطبية من المعاليم الديوانية، وتسهيل وصولها للمستشفيات العمومية، وتسخير كل موارد الدولة المالية واللوجيستية لمحاربة الوباء، وفتح باب الانتداب الاستثنائي في القطاع الصحي.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.