الرئيس الإيراني: طهران على استعداد لتعاون إقليمي لمكافحة التطرف

جودة نقل رسالة من العاهل الأردني لروحاني ودعا لحوار عربي ـ إيراني

روحاني خلال استقباله ناصر جودة في طهران أمس (إ.ب.أ)
روحاني خلال استقباله ناصر جودة في طهران أمس (إ.ب.أ)
TT

الرئيس الإيراني: طهران على استعداد لتعاون إقليمي لمكافحة التطرف

روحاني خلال استقباله ناصر جودة في طهران أمس (إ.ب.أ)
روحاني خلال استقباله ناصر جودة في طهران أمس (إ.ب.أ)

أجرى نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني ناصر جودة أمس محادثات مع الرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف، تناولت ضرورة تعزيز الحوار وتفعيل العمل المشترك ورفض الإرهاب، في أجواء وصفت بالإيجابية.
وقالت مصادر رسمية أردنية لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الزيارة النادرة كانت تلبية لدعوة إيرانية سابقة من قبل محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني خلال زيارته إلى عمان في مطلع العام الماضي».
وبحسب وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، فإن «جودة نقل رسالة خطية من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى الرئيس روحاني، تضمنت تمنياته بالتقدم والاستقرار للشعب الإيراني».
وأعلن الرئيس روحاني ووزير خارجيته ظريف أمس أثناء استقبالهما وزير الخارجية الأردني جودة أن إيران على استعداد لتعاون إقليمي لمكافحة التطرف، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية.
وقال روحاني خلال استقباله جودة: «على دول المنطقة أن تتعاون. الأمن والاستقرار ليسا ممكنين إلا إذا اضطلعت كل دول المنطقة بدور إيجابي».
وأضاف كما نقلت عنه الوكالة الرسمية أن «جمهورية إيران الإسلامية حذرت منذ البداية من الإرهاب». مشددة على أن السبيل الوحيد لمنع الإرهاب هو تعاون الجميع.
وتابع روحاني أن «هذه الجرائم تثبت أن الإرهاب خطر شامل»، في إشارة إلى قتل تنظيم داعش المتطرف للطيار الأردني معاذ الكساسبة بإحراقه حيا.
من جهته، شدد ظريف على «ضرورة مواصلة الحوار والتعاون مع دول المنطقة من أجل مكافحة التطرف والإرهاب».
وتأتي زيارة جودة على خلفية توتر حاد للغاية في المنطقة حيث تدعم إيران مكافحة المسلحين في تنظيم داعش في العراق وسوريا، الدولتين الجارتين للأردن.
ويشارك الأردن من جهته في التحالف الدولي الذي شكلته الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش، عبر شن غارات جوية في سوريا.
وقال ظريف أيضا إن «الأعمال الإرهابية الوحشية مثل قتل الطيار الأردني غير مقبولة وترمي إلى تشويه صورة الإسلام وإيجاد انقسامات فيما بيننا».
ودعا جودة من جهته إلى حوار بين الجامعة العربية وإيران. وقال بحسب وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية إن «عدم الاستقرار والعنف والتطرف تجذرت في المنطقة في السنوات الأخيرة ونعتبر أن وحدة وتماسك الدول الإسلامية والحوار مع أشقائنا الإيرانيين بشأن المسائل الإقليمية أمر ضروري».
وأضاف «من الجيد أن تقيم الجامعة العربية حوارا عربيا إيرانيا تماما مثل الحوار الذي تقيمه مع دول أخرى».
وإيران القوة الإقليمية الشيعية، تدعم بقوة حليفيها العراقي والسوري اللذين يكافحان المتطرفين السنة في تنظيم داعش. لكن هذا الدعم يثير مخاوف لدى بعض دول التحالف الدولي الذي يضم دولا سنية تعتبر أن إيران تمثل تهديدا.
وقال جودة إن مشكلة الإرهاب «لا تعرف شیعة أو سنة». وقال كذلك «إن عدم الاستقرار والعنف والتطرف قد مدت جذورها فی منطقتنا منذ أعوام ونحن نعتقد بضرورة عودة الأمن والاستقرار السیاسی للمنطقة سریعا، ولهذا السبب فإننا بحاجة إلی الوحدة والتلاحم بین جمیع الدول الإسلامیة، ومن المهم لنا فی هذا السیاق إجراء محادثات مع الإخوة الإيرانيين والتشاور معهم بشأن القضایا الإقليمية».
وكانت العلاقات الأردنية الإيرانية قد سادها توتر في سنوات خلت. وأرسل الأردن مؤخرا سفيرا إلى طهران بعد سنوات من انخفاض التمثيل.
من جانبه قال رئيس لجنة التوجيه الوطني والإعلام في مجلس النواب الأردني النائب زكريا الشيخ لـ«الشرق الأوسط»، إن «الزيارة تأتي في الوقت الذي تمر به المنطقة في مرحلة إعادة تقييم ونفوذ ومنها النفوذ الإيراني الذي أصبح واضحا في اليمن وتبعاته على أمن الخليج والأردن». وأضاف قائلا إن «نفوذ إيران في العراق وتشابك المصالح مع الأردن وما يجري من محاربة عصابة (داعش) في المناطق السنية والقريبة مع الحدود الأردنية إضافة إلى وصول (حزب الله) اللبناني والحرس الثوري إلى جنوب سوريا في قتالهم قوات المعارضة السورية وكذلك التقارب الإيراني الأميركي وما يتخللها من غزل ناعم بينهما وما وجهه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إزاء التطور العلاقات الأميركية الإيرانية مما حدا بالأردن أن يكون على اطلاع للإرهاصات التي تحدث في المنطقة».
وقال إن «زيارة الوزير جودة جاءت للاطلاع على ما يجري من تطورات في الملفات التي ذكرتها والتنسيق ما أمكن بين البلدين في هذه الملفات»، مشيرا إلى أن «الزيارة هي خطوة دبلوماسية أردنية كي لا يكون الأردن معزولا عما يجري في المنطقة والإقليم وتبادل للمصالح المشتركة بين البلدين».ويرى مراقبون أن الوضع الراهن في المنطقة المتمثل بتهديد تنظيم داعش، دفع عمان إلى الانفتاح بشكل ما على طهران، بعد التشاور مع الدول الحليفة في المنطقة والغرب.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.