«العائلات البيروتية» تهب محكمة الحريري نصف مليون يورو

رئاسة الحكومة اللبنانية تنتظر إبلاغها رسمياً لإصدار موافقة استثنائية

TT

«العائلات البيروتية» تهب محكمة الحريري نصف مليون يورو

بيروت: «الشرق الأوسط»

تنتظر رئاسة الحكومة اللبنانية رسالة رسمية من «اتحاد جمعيات العائلات البيروتية» تبلغها فيها رسمياً بتقديم هبة مالية بقيمة 500 ألف يورو تُدفع للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان المعنية بمحاكمة قتلة رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري والجرائم المرتبطة بها، كي تبدأ الإجراءات القانونية لاستقبال الهبة وتحويلها إلى المحكمة.
وكانت رئاسة مجلس الوزراء أوضحت في بيان الأسبوع الماضي، أن مبلغ 500 ألف يورو هو عبارة عن «هبة» من غير أن تحدد مصدرها، وذلك بعد أن كان رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب قد أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة ورئاسة المحكمة الدولية مراراً منذ بداية العام الحالي 2021 عدم قدرة لبنان على تسديد مساهمته في تمويل المحكمة الخاصة بسبب الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها. وقالت إن «تسديد هذه الهبة للمحكمة ترافق مع الطلب من المحكمة وضع جدول زمني وخطة تفصيلية لاختتام مهامها».
وقالت مصادر حكومية لـ«الشرق الأوسط» إن الهبة «سيقدمها اتحاد جمعيات العائلات البيروتية الذي أعلن عن استعداده لدفعها»، لكن رئاسة مجلس الوزراء لم يصلها بعد أي إخطار رسمي من قبل الاتحاد، قائلة إن رئاسة مجلس الوزراء «بانتظار رسالة رسمية حول الهبة لتبدأ الإجراءات القانونية لاستقبالها».
وأثار إعلان رئاسة مجلس الوزراء، جملة أسئلة عن قانونية استلامها من قبل حكومة مستقيلة، بالنظر إلى أن قبول الهبة، وفق القانون، يستوجب موافقة مجلس الوزراء.
وأوضحت المصادر أن الإجراءات الرسمية «عبارة عن إصدار موافقة استثنائية تتيح استقبال الهبة فور إبلاغ رئاسة مجلس الوزراء رسمياً، وما يتيح تحويلها إلى المحكمة الدولية». ولم تبلغ رئاسة مجلس الوزراء أركان الحكومة المستقيلة بشيء حول الهبة قبل أن تتلقى رسالة رسمية من «اتحاد جمعيات العائلات البيروتية».
وكانت المحكمة الدولية أعلنت الشهر الماضي أنها «من دون تمويل فوري، لن تتمكن من مواصلة عملها بعد يوليو (تموز) المقبل»، وهو أمر «سيؤثّر على قدرتها على إنجاز ولايتها الحالية وإنهاء الإجراءات القضائية في القضيتين القائمتين حالياً أمامها».
وتأسست المحكمة عام 2007 بقرار من مجلس الأمن، وبلغت ميزانيتها العام الماضي 55 مليون يورو (67 مليون دولار). وتستقي المحكمة 51 بالمائة من تمويلها من المساهمات الطوعية و49 بالمائة من الحكومة اللبنانية. وكانت المحكمة قد خفضت ميزانيتها لعام 2021 بنسبة عالية بلغت 37 بالمائة تقريبًا مقارنةً بالسنوات السابقة، نظرًا إلى الظروف الصعبة الناتجة عن جائحة (كوفيد - 19) العالمية والأزمة المالية في لبنان. أما الحكومة اللبنانية فقد أبلغت الأمم المتحدة بعجزها عن دفع مساهمتها بسبب الأزمة المالية والاقتصاية التي تعصف بلبنان، وذلك رداً على طلب الأمم المتحدة من الحكومة بدفع مستحقاتها.
وتعمل المحكمة الدولية الخاصّة بلبنان حالياً على قضيتين مستمرّتين ضدّ المتّهم القيادي في «حزب الله» سليم عيّاش وآخرين، مرتبطتين بالعملية الإرهابية التي وقّعت في 14 فبراير (شباط) 2005، وأودت بحياة رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري وواحد وعشرين شخصاً آخرين، وتسببت بجرح الكثيرين. وأدانت المحكمة العام الماضي عياش غيابيا في التفجير الذي أسفر عن اغتيال الحريري و21 آخرين، في حكم يجري استئنافه.
وأعلنت أن المحكمة تملك حالياً تمويلاً يكفيها حتّى نهاية يوليو. لكنّ من الضروري جداً أن يقدّم المجتمع الدّولي المزيد من التمويل قبل نهاية هذه المهلة، وقبل حلول موعد إخطار جميع الموظفين العاملين فيها بالمغادرة. وأوضحت في الشهر الماضي أن «توقّف التمويل يعني أنّ المحكمة لن تملك الموارد اللازمة لاستكمال القضايا المرفوعة أمامها. وفي هذه الحالة، سيحدّد القضاة مصير هاتين القضيتين».
وأصدرت غرفة الدرجة الأولى في المحكمة الخاصة بلبنان قراراً ألغت به بدء المحاكمة في قضية عياش الذي كان مقرراً في 16 يونيو (حزيران) 2021، وعلّقت أيضاً جميع القرارات المتعلقة بالمستندات المودعة حالياً أمامها، وبأي مستندات تودع مستقبلاً، وذلك حتى إشعار آخر.
وتتعلق قضية عياش باعتداءات ثلاثة استهدفت النائب الوزير والنائب اللبناني مروان حمادة، والأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي، ووزير الدفاع السابق إلياس المر. وقد اعتبرت المحكمة، أنّ هذه الاعتداءات متلازمة مع الاعتداء الذي أودى بحياة الحريري في 14 فبراير 2005.
وفي مارس (آذار) الماضي، قدّمت الأمم المتحدة للمحكمة إعانة بلغ قدرها 15,5 مليون دولار أميركي تغطي نسبة 75 بالمائة من مساهمة لبنان في ميزانيتها، بهدف دعم استمرار العمل القضائي للمحكمة.



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.