الراعي: الحياد الإيجابي والوحدة الطريق لحل القضية اللبنانية

أكد الاستعداد للتعاون مع أبناء الطوائف الأخرى لتعزيز السلام

البطريرك بشارة الراعي في قداس الأحد (الوكالة الوطنية)
البطريرك بشارة الراعي في قداس الأحد (الوكالة الوطنية)
TT

الراعي: الحياد الإيجابي والوحدة الطريق لحل القضية اللبنانية

البطريرك بشارة الراعي في قداس الأحد (الوكالة الوطنية)
البطريرك بشارة الراعي في قداس الأحد (الوكالة الوطنية)

شدد البطريرك الماروني بشارة الراعي على الانفتاح والاستعداد للتعاون مع المسلمين وأبناء الديانات الأخرى «لبناء الأخوة وتعزيز السلام»، مشدداً على أن «في السلام إخوة وأخوات، يسيرون من الصراع إلى الوحدة، رغم سوء التفاهم وجراح الماضي».
وأكد الراعي أن مسار حل القضية اللبنانية ومصير البلاد «يمر حتماً بلقاء اللبنانيين على وحدة دولة لبنان، في ظل الديمقراطية والتعددية واللامركزية والحياد الإيجابي الناشط ووحدة القرار الوطني والانتماء العربي وتنفيذ جميع القرارات الدولية»، مشدداً على «حاجة لبنان في ظل هذا التمزق والانهيار إلى مساعدة الأشقاء والأصدقاء عبر مؤتمر دولي يخرج لبنان من أزمته المصيرية».
ويعاني لبنان من أزمة سياسية ومعيشية تتفاقم يومياً، في ظل التباين السياسي بين الرئيس اللبنانية ميشال عون والرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، والذي حال دون تأليفها. والتقى البابا فرنسيس في الفاتيكان يوم الخميس الماضي عشرة من رؤساء الكنائس الموجودة في لبنان في إطار «يوم التأمل والصلاة من أجل لبنان».
وقال الراعي في عظة الأحد بعد أيام على مشاركته في يوم الصلاة لأجل لبنان في الفاتيكان، بأن البابا فرنسيس «وجه نداءات بصيغة الواجب، بالتوالي، إلى كل من بيده السلطة أن يضع نفسه نهائيا وبشكل قاطع في خدمة السلام، لا في خدمة مصالحه الخاصة». وقال: «كفى أن يبحث عدد قليل من الناس عن منفعة أنانية على حساب الكثيرين! كفى أن تسيطر أنصاف الحقائق على آمال الناس! كفى استخدام لبنان والشرق الأوسط لمصالح ومكاسب خارجية! يجب إعطاء اللبنانيين الفرصة ليكونوا بناة مستقبل أفضل، على أرضهم وبدون تدخلات لا تجوز»، لافتاً إلى أن البابا «دعا القادة السياسيين لإيجاد حلول عاجلة ومستقرة للأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الحالية».
ولفت الراعي إلى أن «الصلاة هي أساس أي حل»، مشيراً إلى أن مأساة لبنان الحالية تعصى على الحلول العادية. ودعا اللبنانيين إلى اللقاء مجدداً، «ونرمي خلافاتنا العبثية وراءنا، ونمشي في النور نحو المستقبل، وسيكون لنا مستقبل عظيم».
وتوجه إلى المسيحيين بالقول: «معكم، نريد اليوم أن نجدد التزامنا بناء مستقبل معا، لأن المستقبل سيكون سلميا فقط إذا كان مشتركاً». وقال: «لا يمكن أن تقوم العلاقات بين الناس على السعي وراء المصالح والامتيازات والمكاسب الخاصة للبعض». وأضاف: «نحن مدعوون لأن نكون زارعي سلام وصانعي أخوة، وألا نعيش على أحقاد الماضي والتحسر، وألا نهرب من مسؤوليات الحاضر، وأن ننمي نظرة رجاء في المستقبل». وأكد الراعي «لإخوتنا وأخواتنا المسلمين ومن الديانات الأخرى الانفتاح والاستعداد للتعاون لبناء الأخوة وتعزيز السلام، ليس في السلام غالبون ومغلوبون، بل إخوة وأخوات، يسيرون من الصراع إلى الوحدة، رغم سوء التفاهم وجراح الماضي». وتمنى أن تنجم عن هذا اليوم «مبادرات عملية في إطار الحوار والالتزام والتضامن».
ولا يكف رجال الدين في لبنان عن توجيه الدعوات لحل الأزمة. قال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران إلياس عودة: «كنا نأمل أن يفتح هول الفاجعة التي أصابت بيروت، وهول الحالة الانهيارية التي يعيشها اللبنانيون، كوة أمل وصفحة جديدة وبداية عملية إصلاح حقيقي تبعث بعض الأمل في النفوس اليائسة، ولكن يبدو أن الحالة مستعصية على الحل». وأضاف: «مع هذا، سوف نتابع، مع جميع محبي هذا البلد والمخلصين له، رفع الصوت، علنا نجد آذانا صاغية».
من جهته، رأى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أن «البلد يهوي للقعر وينتقل من كارثة إلى كارثة»، لافتاً إلى أن «مشروع الدولة ينازع بشدة فيما الفوضى تكاد تضع البلد بقعر الارتطام الكبير». واعتبر أن «المزيد من التلطي وراء الدستور وآليات التشكيل يعني أن مسألة الانهيار أسرع مما يتصور البعض».
وقال قبلان بأن «الدولة غير موجودة والجيش يكاد يكون مشلولا أمام الأزمة المعيشية العاصفة بناسه والتي قد تنتهي بتمزيق البلد»، مشيراً إلى أن «المثير أن الجو الدولي الإقليمي لا يدفع بجدية لتشكيل حكومة». وأضاف: «في الوقت المنظور: لا حكومة ولا قرار دوليا بالإنقاذ والدولار سيد اللعبة والتجويع جزء من المشهد والفوضى على الطاولة، والأخطر حديث البعض عن سيناريو تمزيق البلاد».
وفي مقابل التحذيرات من رجال الدين، تصاعدت أيضاً المواقف السياسية التي تندد بالمراوحة القائمة وتحول دون تشكيل الحكومة. رأى عضو اللقاء الديمقراطي النائب وائل أبو فاعور أن المواطن اللبناني «سئم وسئمنا معه كل هذا الصراع الحالي حول الصلاحيات وكل هذا الجدل حول الأعراف، وكل هذا النقاش الممجوج حول وحدة المعايير، وكل هذه المعادلات الرقمية والحسابية التي يجري النقاش حولها في الحكومات»، مؤكداً أن «المواطن يريد حكومة ويريد أن يأكل ويشرب ويريد دواء وبنزين».
وأمل أبو فاعور «أن يتم الإصغاء إلى دعوة (رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي) وليد جنبلاط في التسوية لأن التسوية مهما كانت الأثمان تبقى أقل كلفة على اللبنانيين من هذا الاستعصاء الحالي ومن هذه الاستحالة ومن هذا القهر والذل الذي يعيشه المواطن اللبناني».
من جهته، رأى عضو هيئة الرئاسة في حركة «أمل» قبلان قبلان أن «هناك حكومة لا تتشكل ولن تتشكل لأن هناك من يريدها على قياس مصالحه وخاطره، ولأنه غير معني بأوجاع الناس وآلامهم ولا يسمع ولا يرى هموم الناس ومشاكلها بل يريد فقط أن يحقق مكسبا سياسيا لغايات معينة»، مؤكداً أن رئيس مجلس النواب نبيه بري «يقدم في كل مرة المبادرات ويدور الزوايا ويقدم الاقتراحات وهناك من يعطلها».



انقلابيو اليمن يبطشون بصغار الباعة في ذمار

اتهامات لجماعة الحوثي بتعمد البطش بالسكان في ذمار (إكس)
اتهامات لجماعة الحوثي بتعمد البطش بالسكان في ذمار (إكس)
TT

انقلابيو اليمن يبطشون بصغار الباعة في ذمار

اتهامات لجماعة الحوثي بتعمد البطش بالسكان في ذمار (إكس)
اتهامات لجماعة الحوثي بتعمد البطش بالسكان في ذمار (إكس)

تواصلاً لمسلسل انتهاكات الجماعة الحوثية الذي كانت بدأته قبل أسابيع في صنعاء وإب، وسّعت الجماعة من حجم بطشها بصغار التجار وبائعي الأرصفة في أسواق محافظة ذمار وشوارعها، وفرضت عليهم دفع إتاوات تحت مسميات غير قانونية. وفق ما ذكرته مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط».

وأكدت المصادر أن الحملات التي شارك فيها مسلحون حوثيون مدعومون بعربات عسكرية وجرافات وشاحنات، جرفت المتاجر الصغيرة وصادرت 40 عربة لبائعين متجولين بما فيها من بضائع في مدينة ذمار وعلى طول الشارع العام الرابط بين صنعاء ومحافظتي إب وتعز.

جانب من حملة حوثية استهدفت السكان وممتلكاتهم في ذمار (فيسبوك)

وجاءت الحملة التعسفية بناءً على مخرجات اجتماع ضم قيادات حوثية تُدير شؤون محافظة ذمار، (100 كيلومتر جنوب صنعاء) نصت على قيام ما تسمى مكاتب الأشغال العامة والمرور وصندوق النظافة والتحسين وإدارة أمن ذمار باستهداف صغار الباعة في المدينة وضواحيها قبيل انتهاء العام الحالي.

وبرّرت الجماعة الانقلابية حملتها بأنها للحفاظ على ما تسميه المنظر العام للشوارع، وإزالة العشوائيات والاختناقات مع زعمها بوجود مخالفات.

واشتكى مُلاك متاجر صغيرة، طالهم التعسف الحوثي لـ«الشرق الأوسط»، من ابتزاز غير مسبوق على أيدي مشرفين ومسلحين يجمعون إتاوات بالقوة تحت مسميات عدة.

وذكروا أن مسلحي الجماعة دهموا شوارع وأسواق شعبية في مناطق عدة بذمار، وباشروا بجرف المتاجر ومصادرة عربات البائعين واعتقلوا العشرات منهم عقب رفضهم دفع مبالغ مالية «تأديبية».

وأجبر الوضع المتردي كثيراً من السكان في ذمار ومدن أخرى تحت سيطرة الجماعة على العمل بمختلف المهن، حيث يعجّ الشارع الرئيسي للمدينة وشوارع فرعية أخرى منذ سنوات عدة بآلاف العاملين بمختلف الحِرف جُلهم من الشباب والأطفال والنساء؛ أملاً في توفير لقمة العيش.

انتهاكات ممنهجة

ويصف عبد الله (30 عاماً) وهو مالك متجر صغير، ما يتعرض له صغار الباعة من حرب شعواء من قِبل الجماعة الحوثية بأنه «انتهاكات ممنهجة» بقصد التضييق عليهم ودفعهم إلى الالتحاق ببرامج التعبئة العسكرية.

ويشير مراد، وهو مالك عربة متجولة إلى أنه تمكن من استعادة عربته من بين أيدي عناصر حوثيين بعد مصادرتها مع عربات بائعين آخرين في سوق شعبية وسط المدينة، وأكد أن ذلك جاء بعد استجابته بدفع مبلغ مالي لمسلح يُشرف على تنفيذ الحملة الاستهدافية.

الحوثيون صادروا عربات باعة بزعم التهرب من دفع إتاوات (فيسبوك)

وليست هذه المرة الأولى التي تستهدف فيها الجماعة صغار الباعة بذمار، فقد سبق لها أن نفذت منذ مطلع العام الحالي ما يزيد على 6 حملات للبطش والتنكيل بالمئات منهم؛ بغية إرغامهم على دفع إتاوات.

وكان الانقلابيون الحوثيون أطلقوا قبل نحو شهر حملة استهدفت بالتعسف والابتزاز تجاراً وبائعين في سوق «المثلث» بمدينة ذمار، أسفر عنها جرف متاجر صغيرة ومصادرة عربات وإتلاف بضائع.

وسبق للباعة الجائلين أن طالبوا مرات عدة سلطات الانقلاب في ذمار بتوفير أسواق بديلة لهم، بدلاً من الحملات التي تُشنّ عند كل مناسبة طائفية بهدف جمع أكبر قدر من المال.