الأمم المتحدة تشرف على توزيع «المنحة القطرية»

بنيت يتوقع استمرار التوتر على جبهة غزة

فيليب لازريني المفوض العام لـ«الأونروا» يشارك طلبة مدارس المفوضية الصيفية بغزة كرة القدم (أ.ب)
فيليب لازريني المفوض العام لـ«الأونروا» يشارك طلبة مدارس المفوضية الصيفية بغزة كرة القدم (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة تشرف على توزيع «المنحة القطرية»

فيليب لازريني المفوض العام لـ«الأونروا» يشارك طلبة مدارس المفوضية الصيفية بغزة كرة القدم (أ.ب)
فيليب لازريني المفوض العام لـ«الأونروا» يشارك طلبة مدارس المفوضية الصيفية بغزة كرة القدم (أ.ب)

دخلت الأمم المتحدة على خط أزمة تحويل الأموال القطرية إلى قطاع غزة، ووافقت على مقترح مشترك لعدة وسطاء، بتولي المسؤولية عن عملية صرف المنحة القطرية للعائلات في القطاع.
وقالت مصادر متعددة إن المبعوث الأممي لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، أبلغ إسرائيل وقطر بموافقة الأمم المتحدة على تولي المسؤولية عن المنحة وصرفها. وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية وفلسطينية أن الأموال ستُصرف عبر بنوك تابعة لسلطة النقد الفلسطينية (أي السلطة الفلسطينية)، مثل بنك فلسطين، وليس عبر البريد أو البنوك التابعة لحركة «حماس»، كما كان معمولاً به قبل الحرب الأخيرة على القطاع، الشهر الماضي.
وجاء هذا التطور بعدما قررت الحكومة الإسرائيلية بشكل نهائي وقطعي، عدم السماح بنقل الأموال القطرية أو غيرها من الأموال إلى قطاع غزة بواسطة حقائب (سيولة نقدية)، كما كان في عهد حكومة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو.
في شأن متصل، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت إن «إسرائيل مهتمة بالهدوء في الجنوب (مع قطاع غزة) وليس لها مصلحة بإلحاق الأذى بسكان غزة، ولكن البالونات (الحارقة) ستُقابل برد قاسٍ». وأضاف في جلسة الحكومة الإسرائيلية أمس: «نحن نعمل أيضاً على حل إنساني للسكان هناك، لكن دون حقائب الدولار، هذا شيء ورثناه من الحكومة السابقة، ويجب أن ننتهي منه».
وتريد الحكومة الإسرائيلية ضمان وصولها إلى أهداف محددة، من دون أن تستفيد منها حركة «حماس». ومنعت إسرائيل تحويل الأموال القطرية إلى غزة منذ حرب الـ11 يوم الشهر الماضي، وسمحت فقط باستخدام جزء من هذه الأموال في توريد الوقود إلى القطاع. وكانت إسرائيل عرضت تحويل الأموال عبر السلطة الفلسطينية، لكنّ «حماس» وقطر رفضتا ذلك بشدة، فتم اختيار الأمم المتحدة.
في هذه الأثناء، طالب الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في غزة، الأحد، برفع الحصار الإسرائيلي عن القطاع المفروض منذ عام 2007، وفتح المعابر بشكل كلي والبدء الفوري والسريع بإعادة الإعمار.
جاء ذلك خلال اعتصام نظمه اتحاد نقابات العمال أمام حاجز (بيت حانون - إيرز) في شمال قطاع غزة، بمشاركة عشرات العمال رفعوا فيه لافتات طالبت بإنهاء الحصار والضغط على إسرائيل لفتح المعابر.
وقال المسؤول في الاتحاد خالد حسين، إن «الحصار الإسرائيلي وإغلاق المعابر يسبب ضغطاً معيشياً يثقل كاهل عائلات غزة، فزادت رقعة العائلات الفقيرة، ونفد الدواء والطعام من المخازن». وذكر حسين أن «عشرات الآلاف من عائلات قطاع غزة باتت بلا أي مصدر دخل، فيما مئات المنازل المدمرة منذ حرب عام 2014 لم تعمر وما زالت عائلاتها مشردة»، بحسب وكالة الأنباء الألمانية.
وأضاف أن إسرائيل تقيد منذ نحو شهرين عمل معابر قطاع غزة وتمنع البضائع والسلع الأساسية من الدخول، الأمر الذي «سبب كارثة إنسانية كبيرة ستبقى تداعياتها ماثلة أمامنا لفترة طويلة». وذكر أن نسبة الفقر ارتفعت في صفوف العمال إلى أكثر من 80 في المائة، وزادت نسبة البطالة عن 60 في المائة، أما أعداد المتعطلين عن العمل فتدق ناقوس الخطر بعد أن وصلت لقرابة 270 ألف عامل نتيجة الحصار.
وأشار حسين إلى أن إجراءات إسرائيل تسبب شلل حركة قطاع الإنشاءات الذي يشغل 40 ألف عامل، وتكبد قطاع الزراعة، الذي يشغل 35 ألف عامل، خسائر كبيرة نتيجة إطلاق النار المستمر ورش المبيدات الحشرية وفتح السدود ومنع التصدير.
وحذر من أن إجراءات إسرائيل تشكل حكماً بـ«الموت البطيء» يصدر على مليوني إنسان في قطاع غزة، مطالباً بالإسراع في إعمار ما دمرته إسرائيل خلال جولة التوتر الأخيرة لإعادة عجلة الاقتصاد للدوران وللتخفيف من حدة
الظروف المعيشية الكارثية. كما طالب بإنشاء صندوق دعم للعمال الفلسطينيين تشارك فيه مؤسسات محلية ودولية لدعم العمال أمام شبح البطالة والحصار والفقر ومد طوق النجاة للعمال من براثن مستنقع البطالة.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.