اتهامات «زعيم المافيا» تهدد بإزاحة وزير الداخلية التركي

تجاذب بين أنقرة وواشنطن بشأن تسليم رجل أعمال تركي مطلوب

وزير الداخلية التركي في مؤتمر بإسطنبول في أغسطس 2019 (رويترز)
وزير الداخلية التركي في مؤتمر بإسطنبول في أغسطس 2019 (رويترز)
TT

اتهامات «زعيم المافيا» تهدد بإزاحة وزير الداخلية التركي

وزير الداخلية التركي في مؤتمر بإسطنبول في أغسطس 2019 (رويترز)
وزير الداخلية التركي في مؤتمر بإسطنبول في أغسطس 2019 (رويترز)

أفادت تقارير بوقوع خلافات شديدة داخل أروقة حزب العدالة والتنمية الحاكم على خلفية المزاعم المتعلقة بتورط وزير الداخلية سليمان صويلو في وقائع فساد واتجار بالمخدرات، والتي يواصل تفجيرها زعيم المافيا الهارب خارج البلاد سادات بيكر.
وكشفت مصادر قريبة من الحزب أن خلافات احتدمت في صفوف الحزب الذي يتزعمه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بشأن استمرار وزير الداخلية، سليمان صويلو، في منصبه بعد ما كشف عنه زعيم المافيا سادات بكر من تورطه في فضيحة تحويل تركيا لمركز رئيسي لتجارة المخدرات حول العالم.
وبحسب ما جاء في موقع «خلق تي في » التركي، نقلا عن مصادر، فإن نواب الحزب أعربوا لإردوغان عن قلقهم من تأثير ادعاءات بكر بحق صويلو على شعبية الحزب ومستقبله، لكن إردوغان رد في وقتها بأن سادات بكر «ليس على جدول أعمالنا». ومع ذلك، فإن الكواليس تشير إلى أن إردوغان ينتظر الوقت المناسب للإطاحة بصويلو من منصبه.
وأرجعت المصادر السبب الوحيد لعدم الإطاحة بصويلو من منصبه أو استقالته حتى الآن، هو وقوف رئيس حزب الحركة القومية الحليف لإردوغان وحزبه، دولت بهشلي، بذريعة عدم تعطيل الحرب ضد الإرهاب. وفي مجموعة تغريدات جديدة على « تويتر» ليل السبت إلى الأحد، واصل بكر تفجير فضائح فساد أكد أن بطلها هو وزير الداخلية سليمان صويلو، وكشف بالتفصيل كيف جمع ثروته ومن هم شركاؤه السريون في عمليات الفساد.
وقال بكر عن صويلو: «لقد قلت إنك أسوأ شخص في العالم، نعم إنك هكذا حقًا. عندما أظهر وجهك الحقيقي للناس، سيرون أنك أكبر شيطان في العالم»، مضيفا «أصدقائي الأعزاء، سأعرفكم على الشركاء السريين لسليمان، إنهما يوكسل أوزيورت، وأورهان أوزيورت، اللذان يعملان في العديد من المناطق، لا سيما مركز حي أسنيورت في إسطنبول ويمتلكان مجموعة أوزيورت لار». وتابع: «بعض ممتلكات هذين الشخصين الشريكين السريين لصويلو، هي عقارات بمستشفى جامعة إستينيا في بهشة شهير في إسطنبول، مركز تسوق في أسنيورت، وبخلاف مركز التسوق يملكان في العقار ذاته 400 شقة سكنية، بالإضافة إلى ذلك قاما بإنشاء مبنيين مكونين من 10 طوابق على أرض الدولة، أعطيا أحدهما للبلدية والآخر لحاكم المنطقة بالإيجار، و2000 فيلا».
وقال بكر: «يدعم هؤلاء الأخوة كرؤساء لجمعية (أراكليليلار) في إسطنبول العمل السياسي لصويلو... عن طريق تسليم الأموال التي سلبها من الأمة وخزانة الدولة له عن طريق هذين الأخوين إلى أحد مستشاري صويلو، وهو أردم صرمان، الذي تعمل زوجته برئاسة الفرع النسائي للعدالة والتنمية في طرابزون شمال تركيا... هذان الشقيقان يحملان الأموال في سيارة (رانج روفر) بيضاء وسيارة مرسيدس سوداء، ويسلمان الأموال إما لهذا المستشار أو إلى نجل صويلو».
وأشار بكر إلى أن هذين الشقيقين كانا يحصلان على جميع المناقصات في أسنيورت من خلال صويلو، وقال: «لقد سرقتم وسرقتم، لكن لم تشبعوا، كما أنك كنت شاهدا على حفل زفاف نجل يوكسل أوزيورت». وتابع: «سليمان... ستدخل السجن. وستصادر الدولة الأموال التي تضعونها في خزائن سرية وتجمعها مع الشركاء السريين. وبهذه الطريقة ستكون دولتنا غنية».
على صعيد آخر، تشهد العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة تجاذبا بشأن رجل أعمال تركي معتقل في النمسا، حيث ترغب كل من الدولتين في تسلمه، في ملف من شأنه إعادة إحياء التوتر بين الدولتين.
رجل الأعمال التركي سيزجين باران قرقماز في قلب عدة فضائح مالية، كلفت مقدم برامج تلفزيونية تركي مشهور منصبه، وأغرقت وزيرا نافذا في حكومة الرئيس رجب طيب اردوغان في بلبلة، وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وبعد فراره من تركيا في ديسمبر (كانون الأول)، اعتقل في 19 يونيو (حزيران) في النمسا بطلب من الولايات المتحدة. ويفترض أن يمثل اليوم (الاثنين) أمام محكمة ستبت في طلب تسليمه الذي أودعته واشنطن، كما قال المحامي الخاص به.
يتهم المدعون الأميركيون قرقماز والمتآمرين معه في الولايات المتحدة بأنهم قاموا بتبييض 112 مليون يورو حصل عليها بالاحتيال عبر حسابات مصرفية في تركيا ولوكسمبورغ. وهم يتهمون أيضا رجل الأعمال باستخدام هذا المال لشراء شركة الطيران التركية «بوراجيت» وفنادق في تركيا وسويسرا، ويخت أطلق عليه اسم «الملكة آن» وكذلك فيلا وشقة في إسطنبول تطلان على البوسفور.
ونصّ الاتهام الأميركي الذي كشف عنه الشهر الماضي بحق قرقماز، يشمل تهم «التواطؤ للقيام بتبييض أموال» و«عرقلة تحقيق قضائي» و«الاحتيال الإلكتروني». لكن في مقابلة مع صحافي تركي من سجنه، قال قرقماز الذي يرفض هذه الاتهامات إنه يريد إعادته إلى تركيا حيث هو مطلوب أيضا. وقال مسؤول في السفارة التركية في فيينا، طلب عدم الكشف عن اسمه لوكالة الصحافة الفرنسية، إن أنقرة تريد محاكمة قرقماز بتهمة «تبييض الأموال».
وفي حال إعادة قرقماز إلى تركيا، فإن احتمال تسليمه إلى الولايات المتحدة لاحقا سيتبدد بسبب الخلافات القضائية بين البلدين، لا سيما رفض واشنطن تسليم أنقرة فتح الله غولن. وفي حال حصول معركة قضائية بشأن قرقماز فإن ذلك سيعقد بشكل إضافي العلاقات التركية - الأميركية التي تسممها أساسا العديد من الملفات.
وإذا كانت قضية قرقماز لا تبدو في الوقت الراهن أولوية في العلاقات بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي، إلا أنها أحدثت بالفعل بلبلة في الحياة السياسية التركية. فقد اتهم مقدم البرامج، فائز أتيس، بالمشاركة في محاولة ابتزاز قرقماز مقابل إنهاء متاعبه القضائية في تركيا.
وقدّم أتيس استقالته، رافضا هذه الاتهامات ضده.
كما قام زعيم المافيا التركي سادات بكر باتهام وزير الداخلية صويلو بأنه حذر قرقماز من اعتقاله الوشيك، ما أفسح أمامه المجال للفرار من البلاد في الوقت المناسب. ويرفض صويلو اتهامات بكر.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.