معصوم يختتم زيارته إلى أربيل حاملا إلى بغداد ملفات ليبحثها مع الأطراف السياسية

لجنة فنية من حكومة إقليم كردستان تتوجه إلى العاصمة لمناقشة الاتفاقية النفطية

معصوم يختتم زيارته إلى أربيل حاملا إلى بغداد ملفات ليبحثها مع الأطراف السياسية
TT

معصوم يختتم زيارته إلى أربيل حاملا إلى بغداد ملفات ليبحثها مع الأطراف السياسية

معصوم يختتم زيارته إلى أربيل حاملا إلى بغداد ملفات ليبحثها مع الأطراف السياسية

اختتم الرئيس العراقي فؤاد معصوم مساء أمس لقاءاته في أربيل مع الأطراف السياسية وعاد إلى بغداد لإتمام مبادرته الساعية للتقريب بين الحكومتين الاتحادية والإقليمية. في غضون ذلك، أعلنت لجنة الثروات الطبيعية والطاقة في برلمان إقليم كردستان أمس إن وفدا فنيا من الإقليم سيزور بغداد هذا الأسبوع لبحث المشكلات الفنية التي تعيق تطبيق الاتفاقية النفطية بين الجانبين.
ووصف مستشار رئيس الجمهورية، آزاد ورتي، لـ«الشرق الأوسط» زيارة رئيس الجمهورية إلى إقليم كردستان بـ«الناجحة»، مضيفا أنه «سيعمل في بغداد على كل الملفات التي بحثها مع قيادة الإقليم والأطراف السياسية الكردستانية خلال الأيام الماضية، خصوصا حل مشكلة النازحين والعبء الذي تشكله على محافظات الإقليم، وكذلك إيجاد مساحة أوسع للتفاهم بين حكومة الإقليم وبغداد».
وتابع ورتي أن «رئيس الجمهورية سيعمل من أجل زيارة وفد من حكومة الإقليم إلى بغداد، للوصول إلى حل يرضي الطرفين بشأن المشكلات العالقة بينهما، ومن المقرر أن يكون هناك تجاوب من قبل بغداد»، مشيرا إلى أن معصوم سيبدأ خلال الأيام المقبلة لقاءاته مع القوى السياسية العراقية والحكومة الاتحادية لمناقشة كل الملفات التي جلبها معه من الإقليم.
وبحث معصوم أمس في اجتماعين منفصلين مع الأمين العام للاتحاد الإسلامي الكردستاني محمد فرج وسكرتير الحزب الشيوعي العراقي كمال شاكر أهم المستجدات على الساحتين السياسية والأمنية والمخاطر التي تهدد الأمن والاستقرار في العراق، والأوضاع السياسية والاقتصادية في إقليم كردستان، خصوصا في ظل الاستمرار في مواجهة الإرهاب وتداعياتها من خلال نزوح موجة كبيرة من المواطنين الذين فروا من بطش تنظيم داعش، فضلا عن المشكلات الناجمة عن انخفاض أسعار النفط وتأثيره على حياة المواطنين.
وقال فرج للصحافيين، عقب انتهاء اجتماعه مع رئيس الجمهورية: «تحدثنا خلال اللقاء عن ضرورة أن تقدم الحكومة الاتحادية الأسلحة اللازمة لقوات البيشمركة في الحرب ضد (داعش)، فهذا من واجبات بغداد، بالإضافة إلى بحث العلاقات الحالية بين أربيل وبغداد»، مؤكدا أن اللقاءات التي أجراها معصوم كانت ضمن برنامج خاص لمعرفة آراء الأطراف السياسية في الإقليم، وسيجتمع مع الأطراف السياسية في بغداد أيضا لمعرفة كيفية حل المشكلات العالقة مع بغداد.
وفي السياق ذاته، كشف عضو لجنة الثروات الطبيعية والطاقة في برلمان الإقليم، فائق مصطفى، لـ«الشرق الأوسط» أن وفدا فنيا برئاسة وزير الثروات الطبيعية في حكومة الإقليم، اشتي هورامي، سيتوجه إلى بغداد خلال هذا الأسبوع لمناقشة كل العوائق الفنية التي تعيق تطبيق الاتفاقية المبرمة بين الجانبين. وأضاف «حكومة الإقليم تريد من خلال عقد هذا الاجتماع أن تبين لبغداد أن هناك خللا فنيا يمنع تصدير الكمية المتفق عليها من النفط يوميا، وهذا يتعلق بقدرة المضخات والأنبوب، وإن الجهود متواصلة لحل هذه المشكلة».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.