«أخطر طقس على الإطلاق»... التغير المناخي يضرب نصف الكرة الشمالي

درجات حرارة غير مسبوقة تسببت بمئات القتلى وتدمير مدينة كندية

جانب من حرائق الغابات في كولومبيا البريطانية (أ.ف.ب)
جانب من حرائق الغابات في كولومبيا البريطانية (أ.ف.ب)
TT

«أخطر طقس على الإطلاق»... التغير المناخي يضرب نصف الكرة الشمالي

جانب من حرائق الغابات في كولومبيا البريطانية (أ.ف.ب)
جانب من حرائق الغابات في كولومبيا البريطانية (أ.ف.ب)

أصبحت بلدة ليتون الصغيرة تحمل رقماً قياسياً في درجة حرارتها، الثلاثاء، حيث شهدت كندا أعلى درجة حرارة على الإطلاق، في موجة حر غير مسبوقة تسببت في مقتل مئات الأشخاص على مدار أكثر من أسبوع وتسببت في أكثر من 240 حريقاً في جميع أنحاء كولومبيا البريطانية، معظمها لا يزال مشتعلاً.
وبلغت درجة حرارة بلدة ليتون 49.6 درجة مئوية (121.3 درجة فهرنهايت)، وهو أمر مذهل بالنسبة لمدينة تضم 250 شخصاً فقط يعيشون في الجبال، حيث تكون درجات الحرارة القصوى لشهر يونيو (حزيران) عادة نحو 25 درجة. لكن في الأسبوع الماضي، كانت لياليها أكثر سخونة مما هي عليه في العادة، في منطقة يندر فيها تكييف الهواء وتم تصميم المنازل للاحتفاظ بالحرارة، حسبما أفاد تقرير لشبكة «سي إن إن» الأميركية.
وحولت الحرائق الكثير من بلدة ليتون إلى رماد وأجبرت سكانها، وكذلك المئات من حولهم، على الفرار.
يأتي ذلك في الوقت الذي حذر علماء لعقود من الزمن من أن التغير المناخي سيجعل موجات الحرارة أكثر تواتراً وشدة، ويعد هذا واقعاً يحدث الآن في كندا، ولكن أيضاً في أجزاء أخرى كثيرة من نصف الكرة الشمالي والتي أصبحت غير صالحة للسكن على نحو متزايد، وفقاً للشبكة الأميركية.
وأشار التقرير إلى أن الكثير من الطرق تعرضت للذوبان هذا الأسبوع في شمال غربي الولايات المتحدة الأميركية، وطُلب من سكان مدينة نيويورك عدم استخدام الأجهزة عالية الطاقة، مثل الغسالات والمجففات، وللأسف مكيفات الهواء من أجل الحفاظ شبكة الكهرباء.

* موجة «التيار النفاث»
وفي روسيا، أبلغت موسكو عن أعلى درجة حرارة على الإطلاق في يونيو وهي 34.8 درجة في 23 يونيو، ويسارع المزارعون في سيبيريا لإنقاذ محاصيلهم من الموت في موجة الحر المستمرة.
حتى في الدائرة القطبية الشمالية، ارتفعت درجات الحرارة إلى ما فوق الثلاثينات. وتسعى المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى التحقق من أعلى درجة حرارة على الإطلاق شمال الدائرة القطبية الشمالية منذ أن بدأت السجلات هناك، بعد أن سجلت محطة أرصاد جوية في فيرخويانسك بسيبيريا 38 درجة في 20 يونيو.
وتقول ليز بنتلي، الرئيس التنفيذي للجمعية الملكية للأرصاد الجوية في المملكة المتحدة، لـ«سي إن إن»: «الحرارة والضغط العالي الموجودان في كندا والولايات المتحدة مدفوعان بشيء يسمى (التيار النفاث)، وهي مجموعة من الرياح القوية جداً التي تجلس فوق رؤوسنا، على ارتفاع نحو 30 ألف قدم حيث تشتد درجة الحرارة»، موضحة أن تكوين «التيار النفاث» يمنع أنظمة الطقس من التحرك بكفاءة على طول مسارها الطبيعي من الغرب إلى الشرق.
وأضافت بنتلي أن الأزمة ليست في ارتفاع درجة الحرارة، لكنها في أن تلك الزيادة «حطمت الأرقام القياسية في تلك المناطق تماماً».
وفي الولايات المتحدة، حدث الشيء نفسه في منتصف يونيو في الجنوب الغربي، محطماً الأرقام القياسية في المكسيك وأماكن مثل فينيكس في أريزونا. بعد أسبوعين، تم ظهور قبة من الضغط العالي فوق الشمال الغربي، وأسقطت الأرقام القياسية في واشنطن وأوريغون وجنوب غربي كندا.

* القادم أسوأ
وذكرت الشبكة أن هناك قبولاً متزايداً بين بعض القادة السياسيين بأن تغير المناخ هو القوة الدافعة وراء تأجيج عدد من الظواهر الجوية المتطرفة، خصوصاً لموجات الحر والعواصف.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن (الأربعاء)، إن «تغير المناخ يقود التقاء خطيراً للحرارة الشديدة والجفاف المطول». وتابع: «نشهد حرائق غابات شديدة وتتحرك بسرعة أكبر وتستمر إلى ما بعد الأشهر التقليدية، أي الأشهر التقليدية من موسم الحرائق».
ويرى إيدي بيريز، مدير شبكة العمل المناخي الكندية، أن «هذا حرفياً هو أخطر طقس على الإطلاق في منطقة شمال غربي المحيط الهادئ الأميركية ومنطقة جنوب غربي كندا البعيدة».
وتابع بيريز أن «الخسائر وخيبة الأمل نتيجة الحرارة الشديدة والحرائق المدمرة في كندا هي تذكير بما سوف يحدث مستقبلاً مع تفاقم أزمة المناخ».
وتابع الخبير أن «كندا تعاني من خسائر وأضرار تاريخية ناجمة عن المناخ بينما لا تقوم في نفس الوقت بنصيبها العادل لمكافحة تغير المناخ الخطير. وبصفتها منتجاً للنفط والغاز، لا تزال كندا تفكر في التوسع في استخدام الوقود الأحفوري الذي يُنسب إليه ارتفاع درجة الحرارة».


مقالات ذات صلة

«اليونيسيف» تحذر من أن مستقبل الأطفال «في خطر»

العالم طفل فلسطيني أثناء فرز القمامة في مكب نفايات بقطاع غزة (أ.ب)

«اليونيسيف» تحذر من أن مستقبل الأطفال «في خطر»

حذّرت منظمة «اليونيسيف» من التحول الديموغرافي والتداعيات المتزايدة لظاهرة الاحترار وتهديد التكنولوجيا المتصلة، وكلها «توجهات كبرى» ترسم مستقبلاً قاتماً للأطفال.

«الشرق الأوسط» (الأمم المتحدة (أميركا))
بيئة رجل يسكب الماء على رأسه أثناء موجة حر في هيوستن بولاية تكساس بالولايات المتحدة - 25 أغسطس 2023 (رويترز)

دراسة: ارتفاع درجات الحرارة يزيد خطر الإصابة بالرجفان الأذيني

تشير دراسة جديدة إلى أن موجات الحر قد تزيد خطر الإصابة بالرجفان الأذيني، وهو اضطراب في ضربات القلب، إلى ضعفين أو 3 أضعاف، لا سيما إذا لم يكن القلب بصحة جيدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
بيئة متوسط درجات الحرارة كان مرتفعاً للغاية منذ يناير حتى أكتوبر (أ.ب)

علماء: عام 2024 سيكون الأكثر حرارة على الإطلاق

كشفت خدمة «كوبرنيكوس» لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي اليوم (الخميس) عن أن عام 2024 سيتخطى 2023 ليصبح العام الأعلى حرارة منذ بدء التسجيلات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق تغير المناخ يرفع درجات الحرارة إلى مستويات جديدة خطيرة (أ.ف.ب)

تقرير: مستويات قياسية من الوفيات المرتبطة بالحرارة في عام 2023

حذّر تقرير جديد أعدّه مجموعة من الأطباء وخبراء الصحة من أن تغير المناخ يرفع درجات الحرارة إلى مستويات جديدة خطيرة، كما يفاقم مشكلة الجفاف والأمن الغذائي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
بيئة تظهر صورة القمر الاصطناعي العاصفة الاستوائية «ميلتون» وهي تشتد وتتجه للتحول إلى إعصار قبل وصولها إلى فلوريدا في خليج المكسيك في 6 أكتوبر 2024 (رويترز)

لماذا يجعل الاحتباس الحراري الأعاصير أكثر قوة؟

يؤدي الاحتباس الحراري إلى ارتفاع درجات حرارة مياه المحيطات؛ مما يجعل الأعاصير أكثر قوة. ومع ذلك، هذا لا يعني بالضرورة أنه سيكون هناك المزيد من الأعاصير.

«الشرق الأوسط» (باريس)

نوبات غضب الأطفال تكشف اضطراب فرط الحركة

من المهم مراقبة مسارات تطوّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال (جامعة واشنطن)
من المهم مراقبة مسارات تطوّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال (جامعة واشنطن)
TT

نوبات غضب الأطفال تكشف اضطراب فرط الحركة

من المهم مراقبة مسارات تطوّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال (جامعة واشنطن)
من المهم مراقبة مسارات تطوّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال (جامعة واشنطن)

كشفت دراسة بريطانية عن أنّ الأطفال في سنّ ما قبل المدرسة الذين يواجهون صعوبة في التحكُّم بمشاعرهم وسلوكهم عبر نوبات غضب، قد يظهرون أعراضاً أكبر لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه عند بلوغهم سنّ السابعة.

وأشارت الدراسة التي قادتها جامعة أدنبره بالتعاون مع جامعتَي «نورثمبريا» و«أوكسفورد» إلى أهمية مراقبة تطوّر التنظيم العاطفي لدى الأطفال في مرحلة مبكرة من حياتهم، وفق النتائج المنشورة، الخميس، في دورية «Development and Psychopathology».

والتنظيم العاطفي لدى الأطفال هو القدرة على إدارة مشاعرهم بشكل مناسب، مثل التعبير الصحّي عن المشاعر والتحكُّم في الانفعالات القوية منها الغضب والحزن، ويساعدهم ذلك على التفاعل إيجابياً مع الآخرين والتكيُّف مع التحدّيات اليومية.

أمّا اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، فهو حالة تؤثّر في قدرة الفرد على التركيز والتحكُّم في الانفعالات والسلوكيات، ويتميّز بصعوبة في الانتباه، وفرط النشاط، والاندفاعية، ويظهر في الطفولة وقد يستمر إلى البلوغ، مع عوامل وراثية وبيئية وعقلية تسهم في حدوثه.

وأوضح الباحثون أنّ دراستهم الجديدة تُعدّ من أوائل البحوث التي تستكشف العلاقة بين أنماط تنظيم المشاعر في المراحل المبكرة من الطفولة والصحّة النفسية في مرحلة المدرسة. فقد حلّلوا بيانات نحو 19 ألف طفل وُلدوا بين عامي 2000 و2002. واستندت الدراسة إلى استبيانات ومقابلات مع أولياء الأمور لتقويم سلوكيات الأطفال الاجتماعية وقدرتهم على تنظيم مشاعرهم.

واستخدموا تقنيات إحصائية لفحص العلاقة بين مشكلات المشاعر والسلوك وأعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه عند سنّ السابعة.

وتوصل الباحثون إلى أنّ الأطفال الذين يُظهرون استجابات عاطفية شديدة ويتأخرون في تطوير القدرة على تنظيم مشاعرهم يكونون أكثر عرضة للإصابة بأعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والمشكلات السلوكية والانطوائية، مثل القلق والحزن.

وأظهرت النتائج أنّ هذه العلاقة تنطبق على الجنسين، حتى بعد أخذ عوامل أخرى في الحسبان، مثل وجود مشكلات نفسية أو عصبية مسبقة.

وقالت الدكتورة آجا موراي، من كلية الفلسفة وعلم النفس وعلوم اللغة بجامعة أدنبره، والباحثة الرئيسية للدراسة: «تُكتَسب مهارات تنظيم المشاعر في سنّ مبكرة وتزداد قوة تدريجياً مع الوقت، لكنّ الأطفال يختلفون في سرعة اكتساب هذه المهارات، وقد يشير التأخُّر في هذا التطوّر إلى احتمال وجود مشكلات نفسية أو عصبية».

وأضافت عبر موقع الجامعة: «تشير نتائجنا إلى أنّ مراقبة مسارات تطوُّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال يمكن أن تساعد في تحديد مَن هم أكثر عرضة للمشكلات النفسية في المستقبل».

ويأمل الباحثون أن تُسهم هذه النتائج في تطوير برامج وقائية تستهدف الأطفال في المراحل المبكرة من حياتهم، لتقليل احتمالات تعرّضهم لمشكلات نفسية وسلوكية عند الكبر.