فساد أجهزة الأمن الحوثية يفتح باباً للصراع بين أجنحة الجماعة

TT

فساد أجهزة الأمن الحوثية يفتح باباً للصراع بين أجنحة الجماعة

فتحت فضيحة مساعي مخابرات ميليشيات الحوثي لتجنيد فنانات وناشطات للعمل معها في مراقبة السياسيين والبرلمانيين والإيقاع بهم جنسياً، إضافة إلى ما تعرض له من انتهاكات كثير من رجال الأعمال، باباً للصراع بين قادة أجنحة الميليشيات، حيث أوكل زعيم الجماعة لابن عمه محمد علي الحوثي، مهمة احتواء ما تسرب من انتهاكات وعمليات استيلاء على الممتلكات، وهي الأعمال التي أُلقي باللوم فيها على عمه عبد الكريم الحوثي الذي يشغل منصب وزير داخلية الانقلاب.
مصادر سياسية في صنعاء ذكرت لـ«الشرق الأوسط» أن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي دفع بابن عمه محمد الحوثي لاحتواء هذه الفضائح لتظهر الجماعة كأن ما تقوم به ليس من صميم سياستها وأنه مجرد سوء تقدير من بعض قادة أجهزتها.
وكان نواب ونشطاء ومثقفون نقلوا عن الممثلة وعارضة الأزياء انتصار الحمادي أن سجنها واتهامها بحيازة مخدرات وقضايا أخرى مرده إلى أنها رفضت عرضاً من قيادات في أجهزة مخابرات الميليشيات للعمل معهم في الإيقاع بشخصيات سياسية ونواب، وحثها وأخريات على إقامة علاقات جنسية وحفلات لشرب الكحول.
ومن هذه القضايا التي ظهرت للعلن قيام الميليشيات بالسطو على ممتلكات رجال أعمال، التي كان آخرها الاستيلاء على مبنى ضخم يخص رجل أعمال اسمه محمد الحيفي، بتهمة أن السفير الأميركي زاره في بيته.
ومع التنافس المتأصل بين محمد وعبد الكريم الحوثي منذ الاستيلاء على صنعاء والانقلاب على الشرعية؛ حيث عين الأخير حاكماً (مستتراً) على المدينة فيما عين الأول رئيساً لما تسمى «اللجنة الثورية» التي كانت تحكم شكلياً مناطق سيطرة الميليشيات، تطور هذا الخلاف في عام 2018، وهو اضطر زعيم الميليشيات إلى تعيين عمه وزيراً لداخلية الانقلاب، وابن عمه عضواً في مجلس حكم الانقلاب؛ الذي يعدّ أعلى سلطة في مناطق الميليشيات لكنه لا يمارس أي صلاحيات.
ووفق ما تحدثت به المصادر، فإن عبد الكريم الحوثي رفض في بداية الأمر كل الاتهامات الموجهة لعناصره وبالذات الإدارة العامة للمباحث الجنائية سيئة الصيت التي اشتهرت بقضايا الاغتصاب والتعذيب للنساء في سجون سرية على يد مديرها السابق سلطان زابن، إلا إنه وبعد تدخل السفير الإيراني قبل بأن تكون «المنظومة العدلية» التي استحدثت بوصفها سلطةً موازيةً يديرها محمد علي الحوثي في مقابل السلطة الأمنية والمخابراتية التي يقودها.
وفي الوقت الذي يقود فيه الجناح الثالث في الجماعة أحمد حامد مدير مكتب حكم الانقلاب، أكد أصدقاء الفنانة الحمادي أنها حاولت الانتحار مرتين بعد أن نقلها الحوثيون إلى قسم الدعارة في السجن المركزي بصنعاء، رغم فشلهم في تقديم أي أدلة إلى المحكمة التي تَمْثل وخمس أخريات أمامها، في حين ظهر محمد علي الحوثي يترأس اجتماعاً لمسؤولي الأمن في صنعاء حضره مدير أمن العاصمة وقادة المناطق الأمنية ومديرو أقسام الشرطة في المدينة.
ويعني ذلك - بحسب المصادر - تقديم الرجل على أنه مناهض للفساد، وعلى أنه صاحب الكلمة الفصل في محاسبة المنتسبين لهذه القوة الأمنية، حيث نقلت عنه وسائل إعلام الجماعة قوله إن «أي شخص تثبت عدم صلاحيته فسيتم فصله».
وفي تأكيد على السلطة الجديدة الممنوحة له، خاطب محمد الحوثي الحضور بلهجة دارجة قائلاً: «نحن ما نريد أن يكون هناك أشخاص بدأوا بالتعلم، وإلا يشتوا (يريدون) أن يتعلموا في ظهر المواطنين، ففتحنا باب للشكوى ودعينا وزير الداخلية، والوزير مع الوزارة أعلنوا أول قسم لباب الشكاوى في الأمانة (العاصمة) على أساس أنه سيتدرج بفتح الشكوى في بقية المحافظات».
وفي إقرار واضح بما تمارسه جماعته، قال الحوثي: «لسنا في حاجة أنك تروح تعتدي على أحد ولا في حاجة أنك تضبطه غير الضبط القانوني، لسنا بحاجة إلى أن تذهب إلى الآخرين للاعتداء عليهم بالقوة، هي في حالة واحدة عندما يتم ما خولك القانون العمل به، غيرها غير مسموح لك على الإطلاق، يعني لا تقول أنا مجاهد أمني ولا أنا في كذا ولا أنا في كذا»، في إشارة منه إلى السلطة التي يستمدها عناصر الجماعة من انتمائهم لها أو من قربهم من زعيمها وسلالته أو من أحد قادة الأجنحة البارزين.


مقالات ذات صلة

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الشرق الأوسط)

خاص مكتب غروندبرغ لـ«الشرق الأوسط»: نناقش مع صنعاء وعدن تجنب انهيار اقتصادي أعمق

قال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إن مشاوراته ونقاشاته مستمرة مع مسؤولي «البنك المركزي» في صنعاء وعدن؛ لإيجاد حلول تقنية ومستدامة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

انقلابيو اليمن يبطشون بصغار الباعة في ذمار

اتهامات لجماعة الحوثي بتعمد البطش بالسكان في ذمار (إكس)
اتهامات لجماعة الحوثي بتعمد البطش بالسكان في ذمار (إكس)
TT

انقلابيو اليمن يبطشون بصغار الباعة في ذمار

اتهامات لجماعة الحوثي بتعمد البطش بالسكان في ذمار (إكس)
اتهامات لجماعة الحوثي بتعمد البطش بالسكان في ذمار (إكس)

تواصلاً لمسلسل انتهاكات الجماعة الحوثية الذي كانت بدأته قبل أسابيع في صنعاء وإب، وسّعت الجماعة من حجم بطشها بصغار التجار وبائعي الأرصفة في أسواق محافظة ذمار وشوارعها، وفرضت عليهم دفع إتاوات تحت مسميات غير قانونية. وفق ما ذكرته مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط».

وأكدت المصادر أن الحملات التي شارك فيها مسلحون حوثيون مدعومون بعربات عسكرية وجرافات وشاحنات، جرفت المتاجر الصغيرة وصادرت 40 عربة لبائعين متجولين بما فيها من بضائع في مدينة ذمار وعلى طول الشارع العام الرابط بين صنعاء ومحافظتي إب وتعز.

جانب من حملة حوثية استهدفت السكان وممتلكاتهم في ذمار (فيسبوك)

وجاءت الحملة التعسفية بناءً على مخرجات اجتماع ضم قيادات حوثية تُدير شؤون محافظة ذمار، (100 كيلومتر جنوب صنعاء) نصت على قيام ما تسمى مكاتب الأشغال العامة والمرور وصندوق النظافة والتحسين وإدارة أمن ذمار باستهداف صغار الباعة في المدينة وضواحيها قبيل انتهاء العام الحالي.

وبرّرت الجماعة الانقلابية حملتها بأنها للحفاظ على ما تسميه المنظر العام للشوارع، وإزالة العشوائيات والاختناقات مع زعمها بوجود مخالفات.

واشتكى مُلاك متاجر صغيرة، طالهم التعسف الحوثي لـ«الشرق الأوسط»، من ابتزاز غير مسبوق على أيدي مشرفين ومسلحين يجمعون إتاوات بالقوة تحت مسميات عدة.

وذكروا أن مسلحي الجماعة دهموا شوارع وأسواق شعبية في مناطق عدة بذمار، وباشروا بجرف المتاجر ومصادرة عربات البائعين واعتقلوا العشرات منهم عقب رفضهم دفع مبالغ مالية «تأديبية».

وأجبر الوضع المتردي كثيراً من السكان في ذمار ومدن أخرى تحت سيطرة الجماعة على العمل بمختلف المهن، حيث يعجّ الشارع الرئيسي للمدينة وشوارع فرعية أخرى منذ سنوات عدة بآلاف العاملين بمختلف الحِرف جُلهم من الشباب والأطفال والنساء؛ أملاً في توفير لقمة العيش.

انتهاكات ممنهجة

ويصف عبد الله (30 عاماً) وهو مالك متجر صغير، ما يتعرض له صغار الباعة من حرب شعواء من قِبل الجماعة الحوثية بأنه «انتهاكات ممنهجة» بقصد التضييق عليهم ودفعهم إلى الالتحاق ببرامج التعبئة العسكرية.

ويشير مراد، وهو مالك عربة متجولة إلى أنه تمكن من استعادة عربته من بين أيدي عناصر حوثيين بعد مصادرتها مع عربات بائعين آخرين في سوق شعبية وسط المدينة، وأكد أن ذلك جاء بعد استجابته بدفع مبلغ مالي لمسلح يُشرف على تنفيذ الحملة الاستهدافية.

الحوثيون صادروا عربات باعة بزعم التهرب من دفع إتاوات (فيسبوك)

وليست هذه المرة الأولى التي تستهدف فيها الجماعة صغار الباعة بذمار، فقد سبق لها أن نفذت منذ مطلع العام الحالي ما يزيد على 6 حملات للبطش والتنكيل بالمئات منهم؛ بغية إرغامهم على دفع إتاوات.

وكان الانقلابيون الحوثيون أطلقوا قبل نحو شهر حملة استهدفت بالتعسف والابتزاز تجاراً وبائعين في سوق «المثلث» بمدينة ذمار، أسفر عنها جرف متاجر صغيرة ومصادرة عربات وإتلاف بضائع.

وسبق للباعة الجائلين أن طالبوا مرات عدة سلطات الانقلاب في ذمار بتوفير أسواق بديلة لهم، بدلاً من الحملات التي تُشنّ عند كل مناسبة طائفية بهدف جمع أكبر قدر من المال.