شكّلت قاعدة «باغرام»، إلى شمال العاصمة الأفغانية، على مدى عقود، نقطة ارتكاز للقوات الأجنبية التي تقاتل المتمردين، ورمزاً للفظاعات التي ارتُكبت على مدى سنوات من النزاعات في هذا البلد.
تقع قاعدة «باغرام» الجوية، التي أخلتها بشكل كامل القوات الأميركية وقوات حليفاتها من «ناتو»، قرب مدينة شاريكار في مقاطعة باروان الأفغانية. اللافت أن هذه القاعدة الجوية الضخمة التي بناها السوفيات في ثمانينات القرن الماضي، واستخدمها الأميركيون على مدى عقدين من الزمن كمركز للقيادة والعمليات الجوية في البلاد، استُغلت أيضاً كسجن ضم آلاف من عناصر «طالبان» والجماعات الجهادية الأخرى.
وتعاقبت عدة جهات على السيطرة على القاعدة منذ بنائها وعلى مدى عقود من النزاعات التي عصفت بأفغانستان.
من تلك القاعدة وُضعت خطط الاتحاد السوفياتي لاحتلال أفغانستان بعد اجتياح البلد عام 1979، وقام الجيش الأحمر بتوسيعها. وبعد انسحاب القوات السوفياتية عام 1989 سيطرت الحكومة الأفغانية المدعومة من موسكو على القاعدة، قبل أن تنتقل السيطرة إلى إدارة المجاهدين المنقسمة بين مختلف الفصائل خلال الحرب الأهلية الأفغانية.
وتوصف هذه القاعدة الجوية الشاسعة بأنها أكبر منشأة عسكرية تستخدمها القوات الأميركية وقوات الناتو في أفغانستان، وكان يتمركز فيها عشرات الآلاف من العسكريين في ذروة العمليات العسكرية الأميركية في هذا البلد. ويقع مطار قاعدة «باغرام» الذي بناه السوفيات عندما احتلوا أفغانستان في ثمانينات القرن الماضي وأطلقوا عليه اسم قرية مجاورة، على بُعد نحو 40 كيلومتراً (25 ميلاً) شمال كابل.
وبدا حتى في مرحلةٍ ما أن «طالبان» كانت تسيطر على أحد طرفي المسلك الممتد على طول ثلاثة كيلومترات، والتحالف الشمالي المعارض لـ«طالبان» على الطرف الآخر.
وفي نهاية المطاف، وقعت «باغرام» في قبضة «طالبان» خلال صعود الحركة إلى السلطة في منتصف التسعينات.
بعد اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 واجتياح الولايات المتحدة للبلاد على رأس تحالف عسكري، عادت القاعدة تحت السيطرة الأميركية.
من «باغرام» انطلقت الطائرات العسكرية لشن ضربات جوية على «طالبان» وحلفائهم من تنظيم «القاعدة»، ومنها نُظمت عمليات إعادة تموين القوات.
وفي العقدين الأخيرين، تلقّت القاعدة زيارات عديدة من الرؤساء الأميركيين. كما أُقيم فيها سجن أثار جدلاً حول معاملة المعتقلين فيه. واستهدف تنظيم «داعش» القاعدة بصواريخ في الأشهر الأخيرة، ما أثار مخاوف من أن تتعرض لهجوم وشيك.
وبعد أشهر من المشاورات، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن في أبريل (نيسان)، أن آخر القوات الأميركية ستغادر أفغانستان بحلول 11 سبتمبر، واضعاً حداً لأطول حرب في تاريخ أميركا. ما زال من الممكن حتى الآن رؤية هياكل دبابات سوفياتية صدئة على حافة الطريق بين كابل و«باغرام»، في تذكير بأكثر من أربعة عقود من النزاعات التي أنهكت البلد.
وانتقلت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة لاحتلال مطار قاعدة «باغرام» في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2001، وتم تطويره لكي يصبح قاعدة ضخمة قادرة على استيعاب ما يصل إلى 10 آلاف جندي. ويوجد في المطار مدرجان، يبلغ طول المدرج الحديث منهما 3.6 كيلومتر، حيث يمكن أن يستقبل طائرات الشحن الضخمة والقاذفات الكبيرة. وهناك 110 مواقف للطائرات، كما أن هناك مستشفى ميدانياً يتسع لـ50 سريراً، مع مركز لعلاج الصدمات، وثلاث غرف للعمليات، وعيادة حديثة لطب الأسنان، كما ورد في تقرير لوكالة «أسوشييتد برس». وتعد قاعدة «باغرام» الواقعة على بُعد 50 كيلومتراً شمال شرقي كابل، أكبر قاعدة أميركية في أفغانستان. وكانت هذه القاعدة التي بناها السوفيات عندما احتلوا البلاد (1979 - 1989) تؤوي ما يزيد على 30 ألف جندي ومدني أميركي ومن قوات الحلف الأطلسي -بينها القوات الفرنسية- خلال ذروة العمليات العسكرية في عام 2011. وتشتمل القاعدة على مستودعات كبيرة، وتضم مبانيها السجن الرئيسي للجهاديين وعناصر من «طالبان» الذين تحتجزهم القوات الأميركية في ذروة الصراع، حتى صار يُعرف باسم «غوانتانامو أفغانستان»، على مسمى السجن العسكري الأميركي الشهير في كوبا.
قاعدة «باغرام» موقع أساسي للسيطرة على أفغانستان
الأكثر أهمية... وسجن لـ«طالبان» والجهاديين
قاعدة «باغرام» موقع أساسي للسيطرة على أفغانستان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة