Anzio
****
(1968)
عن حرب
بلا بطولات تُذكر
«لا شيء تغيّر ما عدا البزّات والعربات»… يقول الصحافي دِك إينيس (روبرت ميتشوم) في نهاية «أنزيو» ملاحظاً كيف أن التاريخ لا يأتي بجديد وأن الحروب ما زالت ميدان قتال بين البشر لم يتغيّر فيها شيء من عهد الرومان وما قبله إلى اليوم.
فيلم إدوارد ديمتريك «أنزيو» هو إنتاج إيطالي (للأسطوري دينو ديلا رونتيس) وتوزيع أميركي لشركة MGM مع رسالة عالمية يتطرّق إليها الفيلم من دون خطابات أو كليشيهات. ملاحظة دِك هي مدنية وليست عسكرية فالأميركيون موجودون في إيطاليا كجزء من الحملة ضد القوّات الألمانية المحتلة تمهيداً لإنهاء الحرب العالمية الثانية، وبين الجنود هناك نيويوركي يهودي اسمه رابينوف (بيتر فولك) يؤمن بالحرب والقتل لأن هذا ما يحب القيام به (كما يقول في الفيلم) ربما كرد فعل شخصي نتيجة ما سمعه من اضطهاد النازيين لليهود.
موقف دِك متوازٍ مع موقف الفيلم إلى حد بعيد. «أنزيو» ليس فيلم بطولات أميركية، بل فيلم حربي يميل إلى الواقع أكثر مما يحشد للخيال. تدرك نسيجه هذا من خلال إخراج ديمتريك المختلف عن معظم الأفلام الحربية الأخرى. هنا الحوار متّزن والمجابهات واقعية وعوض أن نرى الألمان أغبياء حرب (كما جرت العادة) نجدهم يذودون جيّداً عن مواقعهم. في الحقيقة هناك مشهد مقلوب ليؤكد هذا الاتجاه: في الأفلام الأخرى عن الحرب ضد الألمان كثيراً ما نشاهد الجنود الألمانيين (واليابانيين في أفلام حربية أخرى) يتقدّمون بطيش شديد مغادرين مواقعهم الآمنة كاشفين عن أجسادهم بطيش غريب لتحصدهم نيران الجنود الأميركيين بكل راحة. هنا نجد العكس حاصلاً ولو في مشهد واحد نجد فيه الأميركيين في ذلك الموقف.
حبكة الفيلم هي أن الفيلق الأميركي يغزو الساحل الإيطالي ثم يتوقف تبعاً لأوامر القيادة التي آثرت البقاء قريباً من الساحل عوض أن تتقدّم سريعاً لاحتلال مدينة روما، مما سمح للألمان بتعزيز مواقعهم والصمود في معارك استمرت (في الواقع) 4 أشهر وخلّفت أكثر من 30 ألف قتيل من الجانبين. لا يتابع الفيلم هذه الحرب على هذا النحو ولا يتحوّل إلى عرض ترفيهي حول البطولة الكبيرة كسواه. ما ينصرف إليه هو مواكبة فرقة من الجنود تم إرسالها لمعاينة مواقع العدو لتجد نفسها قد حوصرت في شبه كمّاشة.
إخراج دميتريك المتماسك وغير المهدور يخلو من الخطابات في الصوت والصورة. يشكّل دراما سياسية من دون أن يخسر أرضيّته وخلفيّته الحربية. أما روبرت ميتشوم فهو الدرّة بين الممثلين. كان وصل، كديمتريك، إلى السنوات الذهبية من حياته المهنية وبات يعرف كيف يستثمر خبرته لصالح شخصياته بتلاؤم مع المواقف الذاتية التي تعكسها.
في العام ذاته، قام جون واين بإنتاج وبطولة «القبعات الخضر» وفيه شخصية صحافي (ديفيد جنسن) معارض للحرب. لكن في حين أن معارضة الصحافي في «أنزيو» تحمل رسالة لا تنثني، لا ينتهي «القبعات الخضر» إلا بتحوّل ذلك الصحافي فيه من حب السلام إلى حب الحرب.
سنوات السينما
سنوات السينما
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة