الكاظمي يشيد بدور «الناتو» في استقرار العراق وسط جدل داخلي

الكاظمي خلال لقائه ممثلي حلف الناتو في بروكسل أول من أمس (تويتر)
الكاظمي خلال لقائه ممثلي حلف الناتو في بروكسل أول من أمس (تويتر)
TT

الكاظمي يشيد بدور «الناتو» في استقرار العراق وسط جدل داخلي

الكاظمي خلال لقائه ممثلي حلف الناتو في بروكسل أول من أمس (تويتر)
الكاظمي خلال لقائه ممثلي حلف الناتو في بروكسل أول من أمس (تويتر)

على الرغم مما بدا أنه شهر عسل جديد بين رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي و«الحشد الشعبي» والفصائل المسلحة المقربة من إيران، فإن إشادة الكاظمي، من بروكسل التي يزورها حالياً ملبياً دعوة رسمية، بـ«الدور الذي لعبه حلف شمال الأطلسي في تحقيق الاستقرار في العراق في حربه ضد داعش»، تعكس وجهة نظر مخالفة لما تتبناه تلك الفصائل.
فحضور الكاظمي الاستعراض الذي أقامته «هيئة الحشد الشعبي»، السبت الماضي، هدأ الاحتقان بينه وبين تلك الفصائل التي دأبت على مهاجمته، إضافة إلى أن بعضها، لا سيما التي تملك ألوية ضمن «الحشد الشعبي»، يتمرد على قراراته بوصفه القائد العام للقوات المسلحة. لكن الضربة الأميركية التي استهدفت موقعين لتلك الفصائل على الحدود بين العراق وسوريا بعد ساعات من أجواء التهدئة بين الكاظمي وفصائل الحشد أربكت المشهد نسبياً، لولا مسارعة الكاظمي إلى اتخاذ موقف بدا حازماً حيال تلك الضربة، حيث أدانها بقوة.
وفيما ينوي الكاظمي زيارة واشنطن نهاية شهر يوليو (تموز) الحالي للقاء الرئيس الأميركي جو بايدن، لمناقشة ملف العلاقة بين البلدين بما في ذلك جدولة الانسحاب الأميركي والحوار الاستراتيجي، فإن زيارته إلى مقر الاتحاد الأوروبي بعد يومين من الضربة الأميركية جاءت بمثابة محاولة منه للتعامل مع ملف الإرهاب بوصفه «قضية عالمية» لا تخص العراق وحده، في وقت لا يزال الانقسام الداخلي بين مختلف الأوساط العراقية، لا سيما القوى الشيعية، على أشده بشأن كيفية التعامل مع قوات التحالف الدولي بما فيها قوات «الناتو»، التي كانت قررت قبل نحو شهرين زيادة عدد قواتها في العراق من 500 مقاتل إلى 4000. يضاف إلى ذلك أن الكاظمي الذي يزور دول الاتحاد الأوروبي حالياً، وسيزور واشنطن نهاية الشهر، لم يعد يحمل تفويضاً شبه مفتوح على صعيد كيفية التعامل دبلوماسياً مع ملف الانسحاب وفق جدولة يتفق عليها، بل تم إبلاغه من قبل القيادات الشيعية عقب الضربة الأميركية بأن موقفها تغيير من الجدولة إلى الانسحاب الفوري.
الكلمة التي ألقاها الكاظمي، خلال اجتماعه بالممثلين الدائمين لحلف شمال الأطلسي في بروكسل، عكست همومه حيال الملفات الصعبة التي يتعين عليه التعامل معها بين الداخل، حيث الانقسامات على أشدها، وبين الحاجة إلى الدعم الخارجي من دول الاتحاد الأوروبي ومن الولايات المتحدة، حيث عاد التنسيق بين الجانبين في العديد من الملفات الدولية جيداً في ظل إدارة بايدن بعكس ما كان عليه الأمر أثناء إدارة سلفه دونالد ترمب.
فالكاظمي أكد أمام ممثلي «الناتو» أن التقدم الأمني الذي تحقق في العراق لمحاربة تنظيم داعش يدفع إلى إيجاد آليات زمنية وفنية لسحب القوات القتالية للتحالف الدولي من العراق. وقال الكاظمي إن «ما أحرزناه من تقدم على الصعيد الأمني، يدفعنا من خلال الحوار الاستراتيجي الذي بدأناه عام 2020 مع التحالف الدولي إلى إيجاد آليات زمنية وفنية لسحب القوات القتالية للتحالف، واستمرار التعاون في كل المجالات، خصوصاً التسليح والتأهيل والتدريب والدعم الاستخباري»، وذلك طبقاً لبيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي. لم ينسَ الكاظمي الإشادة بالدور الذي لعبه حلف الناتو «من أجل دعم إعادة بناء مؤسساتنا العسكرية وتعزيز قدرات قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية في مواجهة الإرهاب، وتحدونا رغبة في تطوير هذا التعاون المشترك».
وقال الكاظمي: «لقد كان العراق ولا يزال هو الخط الأول في الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي، وقد أكسبت هذه الحرب، بغض النظر عن ضراوتها، قواتنا الأمنية خبرة لا يستهان بها على المستويين الإقليمي والدولي»، مبنياً أن «العراق يتطلع إلى استمرار دول حلف الناتو في تدريب وتأهيل وتجهيز قواتنا المسلحة ودعم الكليات العسكرية وتوسيع برامج تدريب الشرطة وتدريب المهارات المتخصصة والفنيين في صنوف الأسلحة الجوية والبحرية لتمكينها من مواجهة الإرهاب والحصول على الخبرات اللازمة لبناء المؤسسات العسكرية بما يساعد على رفع مستوى مهنيتها وكفاءتها». ودعا الكاظمي إلى تجنيب العراق أن «يكون ساحة للصراعات الإقليمية من جهة أو الدولية من جهة أخرى، وأن أمن العراق واستقراره يتأثر بأمن المنطقة كما أن أمن المنطقة لا يتحقق إلا بالالتزام بالقرارات الدولية التي تدعو جميع أطراف النزاع إلى التقيد بالشرعية الدولية»، مجدداً «رفض العراق بشكل قاطع استخدام أراضيه للاعتداء على جيرانه».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.