فلسطيني يدهس أفرادًا من الشرطة الإسرائيلية قبل اعتقاله في القدس

السلطة الفلسطينية تلتزم الصمت.. وحماس تدعو إلى مزيد من العمليات

قوات إسرائيلية تطوق سيارة الشاب الفلسطيني الذي نفذ الهجوم أمس في القدس (رويترز)
قوات إسرائيلية تطوق سيارة الشاب الفلسطيني الذي نفذ الهجوم أمس في القدس (رويترز)
TT

فلسطيني يدهس أفرادًا من الشرطة الإسرائيلية قبل اعتقاله في القدس

قوات إسرائيلية تطوق سيارة الشاب الفلسطيني الذي نفذ الهجوم أمس في القدس (رويترز)
قوات إسرائيلية تطوق سيارة الشاب الفلسطيني الذي نفذ الهجوم أمس في القدس (رويترز)

أشعلت عملية دهس فلسطيني لمجموعة من الشرطيات الإسرائيليات في القدس، أمس، المخاوف من حدوث تصعيد جديد في الضفة الغربية، بعد هدوء نسبي تلا شهورا من التوتر والعمليات المتبادلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
فقد أقدم فلسطيني كان يقود سيارة على دهس مجموعة من قوات الشرطة الإسرائيلية قرب محطة القطار الخفيف في القدس الشرقية، ما أسفر عن إصابة 4 شرطيات إسرائيليات ورجل كان مارا بالصدفة بالقرب من مكان الهجوم، ووصفت حالة اثنين من الجرحى بأنها متوسطة، والآخرين بأنها طفيفة، فيما أصيب 3 بالصدمة ونقلوا جميعا إلى المستشفى للمعالجة.
وقالت لوبا السومري، الناطقة باسم الشرطة الإسرائيلية، إنه «تمت إصابة منفذ العملية محمد السلايمة بجروح خطيرة، بعدما أطلق جندي من حرس الحدود النار عليه، بينما كان يهم بطعن إسرائيليين آخرين». وأضافت موضحة أن «سيارة خصوصية تقدمت باتجاه أحد الشوارع عند مقر شرطة حرس الحدود، واعتلى سائقها الرصيف ودهس في طريقه 5 أشخاص، قبل أن يواصل سيره على الطريق رقم واحد، فأطلق أفراد حرس الحدود عيارات نارية باتجاهه، إلا أنه تمكن من مغادرة السيارة شاهرا بيده سكينا، وحاول الاعتداء على شرطي وحارس أمن، فتمت إصابته بجروح بالغة أحيل على أثرها للعلاج بالمستشفى، وهو رهن الاعتقال».
وأظهرت لقطات فيديو مجموعة من رجال الأمن الإسرائيليين يحيطون بفلسطيني ملقى على الأرض، وهو يعاني من إصابة، لكنه غير فاقد للوعي. وقد جاءت هذه العملية في ذروة الاحتفالات اليهودية بعيد المساخر، ما خلف حالة من الخوف والقلق لدى المحتفلين. وفي محاولة لطمأنة الإسرائيليين أعلنت الشرطة أنها نشرت قوات معززة إضافية في القدس، بغية الحفاظ على مجرى الحياة الطبيعية فيها، إذ قال رئيس بلدية القدس نير بركات إن «ردنا على الإرهاب هو محاربته من دون هوادة، ومواصلة حياتنا بشكل طبيعي.. يجب استمرار الاحتفالات بعيد المساخر في ساحات المدينة المختلفة».
كما جاءت هذه العملية في وقت تشهد فيه العلاقات الفلسطينية - الإسرائيلية توترا كبيرا، خاصة بعد إعلان المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، عن وقف كل أشكال التنسيق الأمني مع إسرائيل، وهو ما خلف مخاوف أكبر من تجدد عمليات مشابهة.
ووقع الهجوم الجديد في شارع يقع على الحدود بين القدس الشرقية والعربية، وهو الشارع نفسه الذي كان مسرحا لهجمات فلسطينيين بالسيارات أواخر سنة 2014.
من جهته، أعلن الميجور جنرال تشيكو أدري، قائد الشرطة الإسرائيلية في القدس، أن منفذ العملية قام بها منفردا، وأن الشرطة لم تتلق أي إنذار مبكر محدد حول احتمال وقوع عمليات.
وفورا أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو برجال الأمن الذين أصابوا منفذ الهجوم، وقال في بيان: «إننا مصممون على مواصلة محاربة الإرهاب وعلى استخدام جميع القوات المطلوبة من أجل ذلك».
واتهم مسؤولون إسرائيليون السلطة بخلق الأجواء المساعدة على تنفيذ مثل هذه العمليات بعد إعلانها وقف التنسيق الأمني، حيث قال وزير الاقتصاد الإسرائيلي نفتالي بينت إن عملية القدس «تثبت أن أي استعدادات للتنازل للفلسطينيين تمنح الدعم لتنفيذ عمليات إرهابية».
وطالب وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان بتنفيذ الإعدام في حق منفذي العمليات في مدينة القدس، وقال بهذا الخصوص: «يجب أن يعلم كل منفذ عملية أنه لن يخرج للحرية في أي صفقة تبادل أسرى، وبذلك يمكن خفض حجم الإرهاب».
وبحلول ساعات المساء استقرت الحالة الصحية لمنفذ العملية، كما اعتقلت الشرطة الإسرائيلية والده وأشقاءه وأخضعوهم للتحقيق.
وقال محمد محمود، محامي مؤسسة الضمير، في بيان، إن «الشاب محمد السلايمة يرقد في المستشفى ووضعه مستقر، والمخابرات الإسرائيلية تحقق مع والده وشقيقه في المسكوبية في القدس... وستقوم المخابرات بتقديم طلب إلى محكمة الصلح بالقدس لتمديد اعتقاله غيابيا نظرا لخضوعه للعلاج».
وفيما التزمت السلطة الفلسطينية الصمت، باركت الفصائل الفلسطينية مجتمعة عملية الدهس، إذ قال سامي أبو زهري، الناطق باسم حماس: «نبارك عملية القدس البطولية ونعتبرها ردا طبيعيا على جرائم الاحتلال».
وعدّت الحركة نجاح العملية، رغم كل إجراءات الاحتلال الأمنية، دليلا جديدا على فشل الاحتلال أمنيا واستخباريا، وأضافت أن «العملية البطولية التي تزامنت مع الاحتفالات بعيد المساخر، كانت رسالة واضحة للاحتلال بأذرعه المختلفة أن المقاومة تعرف اختيار مكان الرد وزمانه المناسبين».
وتابعت: «العملية البطولية التي أصاب بها السلايمة عددا من المجندات في جيش الاحتلال بالدهس، ومن ثم نزل من حافلته ليطعن آخرين بالقرب من قاعدة لما يسمى (حرس الحدود) وسط القدس، تأتي تزامنا مع الذكرى السنوية الثامنة لعملية الاستشهادي القسامي علاء أبو دهيم في المعهد التلمودي بالقدس عام 2008».
وعدت حماس العملية «ردّا على جرائم المحتل في القدس، واستمرار تدنيس المسجد الأقصى المبارك، وحصار قطاع غزة الصامد وتصاعد الاستيطان».
كما دعت حركة حماس إلى مزيد من العمليات.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».