الرئيس العراقي يوصي بضوابط لإجراء انتخابات «نزيهة»

السماح لنجل وزير دفاع صدام بالمشاركة... والصدر يهاجم الأحزاب «المفلسة»

الرئيس العراقي برهم صالح (واع)
الرئيس العراقي برهم صالح (واع)
TT

الرئيس العراقي يوصي بضوابط لإجراء انتخابات «نزيهة»

الرئيس العراقي برهم صالح (واع)
الرئيس العراقي برهم صالح (واع)

شدد الرئيس العراقي برهم صالح على أهمية إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة في موعدها في العاشر من شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، مع وضع ضوابط لها لضمان نزاهتها. وقال صالح خلال لقائه مساء أول من أمس (الثلاثاء) رئيس وأعضاء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، إنه «من الضروري أن يتم إعلان النتائج خلال 24 ساعة من انتهاء الاقتراع، على أن تتم تغطية عملية الاقتراع والعد والفرز والنتائج العامة عبر البث المباشر». كما أوصى الرئيس العراقي المفوضية بمنع «الاستخدام غير المشروع لبطاقة الناخب قصيرة الأمد عبر جمعها وحصرها من قبل المكتب الوطني لمفوضية الانتخابات، بالإضافة إلى أن الناخبين الذين يحملون بطاقات قصيرة الأمد في يوم الاقتراع يتم تسجيل بياناتهم بايومترياً في يوم الاقتراع وقبل الإدلاء بأصواتهم وتجري عملية فحص وتقاطع للبصمات». وشدد صالح على «فرض عقوبات قانونية ومالية على موظفي المراكز الانتخابية التي تشهد خروقات وتزويراً وإحالتهم إلى المحاكم المختصة».
وتعكس توصيات الرئيس العراقي للمفوضية العليا المسؤولة عن الانتخابات والمكونة من القضاة، حجم المخاوف من إمكانية تزويرها في ظل استمرار السلاح المنفلت والمال السياسي وتضارب المصالح بين القوى والأحزاب المتنفذة.
وكان العراق طلب من مجلس الأمن الدولي إرسال فريق خاص من المراقبين الدوليين يتولون عملية الإشراف على الانتخابات؛ لضمان حصر عملية التزوير في أضيق مساحة ممكنة. وفي الوقت الذي أنهت الأجهزة المعنية كل الإجراءات الخاصة بإجراء الانتخابات في موعدها المقرر، فإن المخاوف من إمكانية تأجيلها إلى موعدها الدستوري في العام المقبل لا تزال قائمة.
إلى ذلك، وفي تطور لافت، أبطل القضاء العراقي قراراً بمنع مشاركة خالد سلطان هاشم، نجل وزير الدفاع العراقي خلال حكم الرئيس السابق صدام حسين. وكانت إحدى المحاكم العراقية أبعدت نجل هاشم من المشاركة في الانتخابات بدعوى شموله بإجراءات المساءلة والعدالة؛ كون والده وزير دفاع سابقاً في عهد صدام، غير أن محكمة التمييز نقضت قرار عدم شموله وسمحت له بخوض الانتخابات، حيث لم يكن بعثياً، كما أن كونه ولد مسؤول كبير سابق لا يحرمه وفق القانون العراقي، من حقه في المشاركة في الحياة السياسية.
وكان سلطان هاشم آخر وزراء دفاع صدام حتى احتلال بغداد عام 2003، ورغم صدور حكم الإعدام بحقه، لكنه لم ينفذ، في حين جرت مساع كثيرة لإطلاق سراحه، لكنها فشلت حتى وافته المنية في السجن خلال شهر يوليو (تموز) عام 2020.
من ناحية ثانية، هاجم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من سماها «الأحزاب الفاسدة» إثر حملة شنتها قوى سياسية عبر جيوشها الإلكترونية في السوشيال ميديا ضد التيار الصدري والمدينة التي تحمل اسم الصدر «مدينة الصدر» شرق بغداد والتي يبلغ عدد سكانها نحو 4 ملايين نسمة يدينون في الغالب بالولاء لزعيم التيار مقتدى الصدر. وقال الصدر في بيان أمس (الأربعاء)، إن «جميع الأحزاب السياسية أشهرت إفلاسها من خلال استهداف الناجي الوحيد» (في إشارة إلى التيار الصدري)، مبيناً أن «الإصلاح عرقل التقدم المالي للتيار وقد كان يستطيع إعمار مدينة الصدر من أموال الفاسدين لو كنا فاسدين». وفي حين هاجم الصدر رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي الذي أطلق عليه تسمية «ذو الرئاستين»؛ في إشارة إلى تولي المالكي ولايتين حكوميتين، فإنه هاجم أيضاً المنشقين عن تياره واصفاً إياهم بـ«المتشدقين بالمقاومة»، ومحذراً في الوقت نفسه من «استعمال الشعب كحطب لحرب تستهدف هيبة الدولة (في إشارة إلى عمليات إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة ضد قواعد الجيش الأميركي في العراق) لأغراض انتخابية». وأوضح الصدر، أن «القوات الأميركية على وشك الانسحاب، وإن لم تنسحب فإن رئيس الوزراء الصدري قادم»، في إشارة إلى أن رئيس الوزراء الذي سيشكل الحكومة بعد الانتخابات القادمة سيكون من كتلة الصدر.



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.