دعوات للمسارعة بإقرار القاعدة الدستورية للانتخابات الليبية

الحوار السياسي» يواصل اجتماعاته في جنيف وسط تباين في مواقف أعضائه

جانب من جلسات اليوم الثاني لملتقى الحوار السياسي الليبي بجنيف (البعثة الأممية)
جانب من جلسات اليوم الثاني لملتقى الحوار السياسي الليبي بجنيف (البعثة الأممية)
TT

دعوات للمسارعة بإقرار القاعدة الدستورية للانتخابات الليبية

جانب من جلسات اليوم الثاني لملتقى الحوار السياسي الليبي بجنيف (البعثة الأممية)
جانب من جلسات اليوم الثاني لملتقى الحوار السياسي الليبي بجنيف (البعثة الأممية)

وسط تمسك كل عضو برأيه، يستكمل ملتقى الحوار السياسي الليبي جلساته في جنيف، لليوم الثالث على التوالي، بهدف الانتهاء من إقرار القاعدة الدستورية للانتخابات الرئاسية والنيابية المقبلة، في وقت حثّ المبعوث الأممي لدى ليبيا، يان كوبيش، والشركاء الدوليون، جميع الأطراف الليبية الفاعلة، على الإسراع في إنجاز هذه الخطوة كي تتمكن البلاد من إجراء الاستحقاق الانتخابي في موعده المقرر قبل نهاية العام.
وقالت البعثة الأممية لدى ليبيا، أمس، إن رئيسها أجرى مشاورات مع ممثلي فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة (مجموعة الـ3+2)، مساء أول من أمس، وجاءت تلك المشاورات عقب محادثات هاتفية أجراها قبل أيام أيضاً مع شركاء دوليين آخرين، من بينهم روسيا والمغرب وممثلين ليبيين رفيعي المستوى، مشيرة إلى أن هذه المحادثات تستهدف مناقشة التقدم المحرز حتى الآن في تنفيذ خارطة الطريق التي أقرها ملتقى الحوار السياسي، تماشياً مع مخرجات مؤتمر برلين الثاني وقرار مجلس الأمن رقم (2570) بما في ذلك ضرورة إقرار قاعدة دستورية متفق عليها في أسرع وقت ممكن لإجراء الانتخابات في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وتفرعت مداخلات أعضاء ملتقى الحوار، الذي تأخر عن موعد انعقاد أمس لإصابة أحد المشاركين بفيروس «كورونا»، إلى قضايا وتفصيلات تتعلق بالقاعدة الدستورية، وشكل الانتخابات، لكنها عكست بقدر كبير توجهات وآيديولوجيات مختلفة، إذ رأى عبد الرحمن السويحلي، عضو الملتقى الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة، إمكانية إجراء انتخابات تشريعية أولاً في 24 ديسمبر، على أن يباشر البرلمان المنتخب عملية عرض الدستور للاستفتاء الشعبي، ثم تُجرى عقب ذلك الانتخابات الرئاسية إذا قرر الليبيون أن يكون نظام ليبيا رئاسياً.
غير أن كثيراً من المشاركين رفضوا هذا المقترح وتمسكوا بإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية معاً، مشددين على معاقبة من يعترض على نتائج الاستحقاق المرتقب، هي وجهة النظر التي أبدتها النائبة سلطنة المسماري، عضو الملتقى، داعية إلى ضرورة توفر عقوبات رادعة بحق كل مَن يعترض على نتائج الانتخابات.
في السياق ذاته، دعا الشركاء الدوليون جميع الجهات الفاعلة الليبية المعنية، لا سيما أعضاء الملتقى المجتمعين في جنيف، إلى إحراز التقدم بشأن ما قطعوه من تعهدات بتسهيل إجراء الانتخابات الوطنية من خلال وضع مقترح توافقي على القاعدة الدستورية للانتخابات، والوفاء بالتزامهم تجاه الشعب الليبي بتسهيل إجراء الانتخابات.
وأكد الشركاء الدوليون مجدداً، وفقاً للمبعوث الأممي لدى ليبيا، دعمهم لتنظيم الانتخابات على النحو المنصوص عليه في خارطة الطريق التي أقرها الملتقى والتنفيذ التام لاتفاق وقف إطلاق النار بما في ذلك فتح الطريق الساحلي، فضلاً عن انسحاب المقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية دون أي تأخير وفقاً لقراري مجلس الأمن (2570) و(2571). وجدد المبعوث الخاص وأعضاء المجتمع الدولي مناشدتهم جميع الجهات الفاعلة والمؤسسات ذات الصلة في ليبيا للارتقاء إلى مستوى مسؤولياتهم الوطنية وتيسير إقرار القاعدة الدستورية وسنّ الإطار القانوني للتمكين من إجراء الانتخابات.
ورحب كوبيش بقرار مجلس الاتحاد الأوروبي الصادر في 21 يونيو (حزيران) الفائت، «لتوضيح أن معايير فرض التدابير التقييدية (في ضوء الوضع الليبي) تشمل أيضاً الأشخاص والكيانات التي تعرقل أو تقوض الانتخابات المنصوص عليها في خارطة الطريق التي أقرها ملتقى الحوار السياسي الليبي. وهذا يتماشى مع قرارات مجلس الأمن».
ويتحتم على الملتقى الانتهاء من إقرار «القاعدة الدستورية» للانتخابات العامة مع مطلع يوليو (تموز) الجاري، لكن التعقيدات التي يضعها بعض المشاركين فيه دفعت عبد الرازق العرادي أحد المشاركين باجتماع جنيف للمطالبة بضرورة حل الملتقى واختيار بديل عنه إذا لم ينجح في الاتفاق على القاعدة الدستورية بحلول اليوم (الخميس). وقال: «لو خرجنا من الملتقى دون اعتماد نص واضح للقاعدة الدستورية؛ فلا وجود للاتفاق وسيعرقل الانتخابات».
وبالمثل رأى أشرف بودوارة، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني لتفعيل «دستور الاستقلال والعودة للملكية الدستورية في ليبيا»، أن ملتقى الحوار السياسي «يرسل مؤشرات سلبية واضحة، وأصبح يمثل عقبة أمام وحدة البلاد والمصالحة الوطنية»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أعضاء الملتقى أثبتوا عدم قدرتهم على إيجاد حل يُنهي معاناة الليبيين واستنزاف مقدراتهم. فليراجعوا حساباتهم جيداً لأن الضمانات لم تعد متوفرة وليعلموا أن المفاجآت تكاد تكون قريبة، والنظام الرئاسي الذي اختاروه، بعيداً عن رأي الشعب، سيكون مقدمة لعودة الديكتاتورية أو الحرب الأهلية».
في غضون ذلك، أكدت الولايات المتحدة دعمها للعملية السياسية في ليبيا، التي تتمثل في مخرجات منتدى الحوار السياسي بجنيف، وكذلك التأكيد على مخرجات مؤتمر برلين، وذلك للخروج من الأزمة التي تعيشها البلاد.
وأكد جيك سوليفان، مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي، أن بلاده «تقف جنباً إلى جنب وبالكامل مع الشركاء الليبيين والدوليين، لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها»، معتبراً، في بيان أمس، أن ذلك سيمكّن الليبيين من اختيار قادتهم، وإعادة إرساء سيادتهم بعد سنوات من الصراع الأهلي والاضطراب الاقتصادي.
وأشاد سوليفان بالتقدم الذي تم إحرازه أخيراً في إنشاء حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، ومؤتمر برلين الثاني، وعلى عمل منتدى الحوار السياسي الليبي، حيث يجتمع أعضاؤه في جنيف لوضع اللمسات الأخيرة على الاستعدادات لإجراء انتخابات في 24 ديسمبر (كانون الأول).
وأضاف: «يشجعنا الجو الإيجابي وروح التوافق اللذان يتحلى بهما منتدى الحوار السياسي الليبي في الاجتماع، وذلك بتيسير نشط من الأمم المتحدة، لاعتماد الترتيبات الدستورية والتشريعية اللازمة للانتخابات. نحن ندعم الشعب الليبي وهو يشق طريقاً نحو مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً وأماناً».



إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
TT

إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)

بهدف توحيد الصف اليمني ومساندة الشرعية في بسط نفوذها على التراب الوطني كله، أعلن 22 حزباً ومكوناً سياسياً يمنياً تشكيل تكتل سياسي جديد في البلاد، هدفه استعادة الدولة وتوحيد القوى ضد التمرد، وإنهاء الانقلاب، وحل القضية الجنوبية بوصفها قضيةً رئيسيةً، ووضع إطار خاص لها في الحل النهائي، والحفاظ على النظام الجمهوري في إطار دولة اتحادية.

إعلان التكتل واختيار نائب رئيس حزب «المؤتمر الشعبي» ورئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر رئيساً له، كان حصيلة لقاءات عدة لمختلف الأحزاب والقوى السياسية - قبل مقاطعة المجلس الانتقالي الجنوبي - برعاية «المعهد الوطني الديمقراطي الأميركي»، حيث نصَّ الإعلان على قيام تكتل سياسي وطني طوعي للأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، يسعى إلى تحقيق أهدافه الوطنية.

القوى السياسية الموقعة على التكتل اليمني الجديد الداعم للشرعية (إعلام محلي)

ووفق اللائحة التنظيمية للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، ستكون للمجلس قيادة عليا تُسمى «المجلس الأعلى للتكتل» تتبعه الهيئة التنفيذية وسكرتارية المجلس، على أن يكون المقر الرئيسي له في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، وتكون له فروع في بقية المحافظات.

وبحسب اللائحة التنظيمية للتكتل، فإن الأسس والمبادئ التي سيقوم عليها هي الدستور والقوانين النافذة والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية، والتداول السلمي للسلطة، والعدالة، والمواطنة المتساوية، والتوافق والشراكة، والشفافية، والتسامح.

ونصَّ الباب الثالث من اللائحة التنظيمية على أن «يسعى التكتل إلى الحفاظ على سيادة الجمهورية واستقلالها وسلامة أراضيها، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام، ودعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على كافة التراب الوطني، وتعزيز علاقة اليمن بدول الجوار، ومحيطه العربي والمجتمع الدولي».

وكان المجلس الانتقالي الجنوبي، الشريك في السلطة الشرعية، شارك في اللقاء التأسيسي للتكتل الجديد، لكنه عاد وقاطعه. وأكد المتحدث الرسمي باسمه، سالم ثابت العولقي، أن المجلس الانتقالي الجنوبي يتابع نشاط التكتل الذي تعمل عليه مجموعة من الأطراف لإعلانه، ويؤكد عدم مشاركته في هذا التكتل أو الأنشطة الخاصة به، وأنه سيوضح لاحقاً موقفه من مخرجات هذا التكتل.

ومن المقرر أن يحل التكتل الجديد محل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تأسس منذ سنوات عدة؛ بهدف دعم الحكومة الشرعية في المعركة مع جماعة الحوثي الانقلابية.

ويختلف التكتل الجديد عن سابقه في عدد القوى والأطراف المكونة له، حيث انضم إليه «المكتب السياسي للمقاومة الوطنية» بقيادة العميد طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وغيرهما من القوى التي لم تكن في إطار التحالف السابق.

ووقَّع على الإعلان كل من حزب «المؤتمر الشعبي العام»، وحزب «التجمع اليمني للإصلاح»، و«الحزب الاشتراكي اليمني»، و«التنظيم الناصري»، و«المكتب السياسي للمقاومة الوطنية»، و«الحراك الجنوبي السلمي»، وحزب «الرشاد اليمني»، وحزب «العدالة والبناء».

كما وقَّع عليه «الائتلاف الوطني الجنوبي»، و«حركة النهضة للتغيير السلمي»، وحزب «التضامن الوطني»، و«الحراك الثوري الجنوبي»، وحزب «التجمع الوحدوي»، و«اتحاد القوى الشعبية»، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وحزب «السلم والتنمية»، وحزب «البعث الاشتراكي»، وحزب «البعث القومي»، وحزب «الشعب الديمقراطي»، و«مجلس شبوة الوطني»، و«الحزب الجمهوري»، وحزب «جبهة التحرير».

وذكرت مصادر قيادية في التكتل اليمني الجديد أن قيادته ستكون بالتناوب بين ممثلي القوى السياسية المُشكِّلة للتكتل، كما ستُشكَّل هيئة تنفيذية من مختلف هذه القوى إلى جانب سكرتارية عامة؛ لمتابعة النشاط اليومي في المقر الرئيسي وفي بقية فروعه في المحافظات، على أن يتم تلافي القصور الذي صاحب عمل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تحوَّل إلى إطار لا يؤثر في أي قرار، ويكتفي بإعلان مواقف في المناسبات فقط.

بن دغر مُطالَب بتقديم نموذج مختلف بعد إخفاق التحالفات اليمنية السابقة (إعلام حكومي)

ووفق مراقبين، فإن نجاح التكتل الجديد سيكون مرهوناً بقدرته على تجاوز مرحلة البيانات وإعلان المواقف، والعمل الفعلي على توحيد مواقف القوى السياسية اليمنية والانفتاح على المعارضين له، وتعزيز سلطة الحكومة الشرعية، ومكافحة الفساد، وتصحيح التقاسم الحزبي للمواقع والوظائف على حساب الكفاءات، والتوصل إلى رؤية موحدة بشأن عملية السلام مع الجماعة الحوثية.