الممثلة الكويتية فاطمة الصفي: طموح بلوغ {الترند} بلا سبب أمر سخيف

أصعب ما واجهته فاطمة الصفي في «أمنيزيا» هو انفصالها التام عن شخصيتها الحقيقية
أصعب ما واجهته فاطمة الصفي في «أمنيزيا» هو انفصالها التام عن شخصيتها الحقيقية
TT

الممثلة الكويتية فاطمة الصفي: طموح بلوغ {الترند} بلا سبب أمر سخيف

أصعب ما واجهته فاطمة الصفي في «أمنيزيا» هو انفصالها التام عن شخصيتها الحقيقية
أصعب ما واجهته فاطمة الصفي في «أمنيزيا» هو انفصالها التام عن شخصيتها الحقيقية

تجسد الممثلة الكويتية فاطمة الصفي في مسلسل «أمنيزيا» دوراً مركباً يرتكز على شخصيتي مها ونوال؛ الأولى هي شخصيتها الأصلية في العمل، رسامة حالمة تطمح إلى الشهرة، فتتزوج رغم أنف والدها، وتسافر إلى بيروت مع زوجها طلال (الكويتي حمد أشكناني) لتحقيق حلمها. أما نوال، فهي شخصية المرأة المريضة التي وجدت نفسها بعد مرور 10 سنوات مرمية في مصح للأمراض العقلية، وتحاول جاهدة لإثبات هويتها (الرسامة مها)، لتكتشف فيما بعد أنها ضحية مؤامرة حاكها زوجها ضدها لإجراء تجارب دواء عليها، بعد أن أوهمها بإصابتها بمرض الأمنيزيا (فقدان الذاكرة).
وتجذب فاطمة الصفي مشاهدها منذ اللحظات الأولى من متابعته للعمل، وهو الأمر نفسه الذي حققته في «دفعة بيروت»، المسلسل الذي حصد نجاحاً وانتشاراً كبيرين في العالم العربي، وهو من إنتاج «إيغل فيلمز». فهي تتمتع بأداء عفوي تترجمه بالخبرة والتوازن التمثيلي، وتغوص في الشخصية التي تلعبها إلى حد الذوبان، بحيث تسرق انتباه المشاهد تلقائياً من دون استئذان، ويغيب عن تمثيلها المبالغة والافتعالية، وتنساب مع الدور، وتنسى نفسها وتعطيه ذاتها.
وعن ذلك، تقول: «هكذا أنا، عندما أقوم بدور ما، فإنني أتشرب خطوطه؛ يسكنني فأنسى نفسي». وحول الصعوبات التي واجهتها في دور مها، تقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تخليت تماماً عن فاطمة الصفي، وما عدت أشبهها في أي شيء؛ نظراتي اختلفت، ولغة جسدي تأقلمت مع الشخصية، فانفصلت عنها تماماً، وبت إنسانة أخرى... حتى أصدقائي لاحظوا ذلك. من الصعب ألا تعودي تشبهين نفسك، فلا يعود هناك ما يربطك بحالك. ولكني كنت سعيدة بهذا الانفصال، إذ لبست الدور وتعمقت به، وتساءلت في قرارة نفسي: كيف يستطيع الأشخاص أصحاب الوجهين أن يعيشوا حياتهم. يقولون لي أنت تعرفين أن تمثلي وأن تكذبي، ولكن هذا خطأ. فمشكلتي في الحياة أني حقيقية، وعندما أجسد دوراً ما أترجمه إنساناً على الأرض، تماماً كما هو مطلوب في الأداء التمثيلي المقنع».
ودرست فاطمة الصفي الإخراج والتمثيل، ولكنها عُرفت في المجال الثاني؛ تقول: «لم أجد نفسي أبداً بصفة مخرجة المسرح، فالإخراج بشكل عام يلزمه شخص يتمتع بطول البال، وهو أمر أفتقده. لديَّ الصبر نعم، ولكن في التمثيل فقط، أتأقلم مع جميع ظروفه، مهما كانت صعبة».
ولم تكن انطلاقتها في عالم التمثيل عادية. فقد تعاونت مع نجمتين قديرتين في الكويت: سعاد العبد الله وحياة الفهد، من خلال: «الخرز» و«فضة قلبها أبيض». وتتابع في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «أنا محظوظة، كوني عملت مع نجمتين كويتيتين بهذا المستوى، إضافة إلى هبة حمادة. والجميل في الأمر أن هذا التعاون جاء على خلفية إعجابهما بأدائي على المسرح، عندما رأتاني على خشبته؛ كنت يومها أركز جداً على دراستي، ولا أرغب في الدخول في أعمال عادية، بل من الباب الواسع. كان لديّ هذا الهاجس، وجاءتني الفرصة إلى حد بابي، فأنا ابنة المسرح، وتربطني به حالة حب تتجلى على خشبته؛ يومها لاحظتا شغفي في التمثيل، وطلبتاني بكل بساطة، بعيداً عن أي وساطات معروفة في مجالنا».
وهل تحققين دائماً ما تطمحين إليه في العمل؟ تجيب: «أرفض فكرة وضع خطة (باء) إلى جانب الخطة الأساسية (ألف). فعندما نقوم بهذا الخيار، نكون بشكل أو بآخر قد أدرجنا احتمالية الفشل في الخطة الرئيسية؛ أفضل أن أسعى وأتعب وأحقق ما أصبو إليه. وأنا ضد فكرة الخطة (باء) تماماً».
وبرأي فاطمة الصفي، فإن الفنان يجب أن يتجدد بشكل دائم، وكذلك الساحة الفنية، موضحة: «إذا عدنا إلى الوراء، لاحظنا أن التمثيل كان مبالغاً فيه كي يصل إلى الجمهور. ومع الوقت، تتغير الأمور وتتجدد بمدارس حديثة وتقنيات متطورة؛ الموهبة لا تكفي، ويجب صقلها بالدراسة والبحث وتاريخ غني».
وتجد فاطمة الصفي أن مسلسل «دفعة بيروت»، كما سابقه «دفعة القاهرة»، قد فتح آفاقاً واسعة أمام الممثل الخليجي بشكل عام، حيث تقول: «لقد عرفت المشاهد العربي علينا، إذ كانت أعمالنا الخليجية من نوع (الاستاندارد). وقد اجتهدنا مع زملاء لي لإبراز أفكارنا وأسلوبنا في التمثيل، فوصلنا إلى الناس. حققنا هذا الأمر من خلال (دفعة بيروت) و(دفعة القاهرة)، ونجحنا بذلك». وتتابع: «تمسكنا بالخروج من القوقعة من قبل، عندما شاركت مع شجون الهاجري في (ذاكرة من ورق) للمخرج علي العلي، ضمن قصة تحكي عن مجموعة طلاب كويتيين يدرسون في برلين؛ يومها أيضاً وضعنا حجر الأساس لدراما كويتية غير تقليدية».
ولكن في «أمنيزيا» واجهتكم انتقادات تصب في عدم التزامكم بالبيئة الخليجية! ترد: «أنا لا أرد على من يقول هذا ليس من بيئتنا، صحيح هو كذلك، ولكنه يعبر عن بيئة أخرى، ولا بأس في أن نتعرف إليها. ولكن في المقابل، هناك الآلاف من الناس الذين وجدوا بذلك خطوة إيجابية. فردود الفعل السلبية القليلة يقابلها ردود إيجابية بأعداد أكبر، حتى أن هناك طلاب طب يتخصصون في علم النفس عدوا ما قدمناه في (أمنيزيا) يمكن أن يدرس في الجامعات، ورأوا أننا غصنا في مرض (الأمنيزيا) وأظهرنا تفاصيل علمية دقيقة عنه لم يجر تناولها درامياً من قبل».
وتعد فاطمة الصفي تجربتها في «دفعة بيروت» تكملة لتجارب سابقة لها مع فنانين لبنانيين، وتقول: «عملت لعشر سنوات متتالية مع فريق لبناني بحت كان يشرف على مسرحيات نقدمها في الكويت، وفي مقدمهم سمير عبد المسيح. أحب الفنان اللبناني، وأنا معجبة به، ولكني في الوقت نفسه أرفض فكرة توزيع الفنانين على الساحة حسب جنسياتهم. فبرأيي، لا هوية للفنان تحد من انتشاره؛ يجب أن تكون الأجواء والفرص مفتوحة أمام الجميع، والأهم هو ألا يعمل الفنان بشكل عام، والممثل بشكل خاص، بهدف حصد (الترندات) المجانية؛ أجد ذلك أمراً سخيفاً، فماذا يعني أن تتصدر «الترندات» وأنت في الواقع لست فناناً حقيقياً. أنا شخصياً أفضل أن أقوم بعملي على أكمل وجه، وأفيد مجتمعي بأفكار توعوية حديثة».
هل سبق أن تم انتقادك إلى حد جعلك تفكرين في التوقف عن التمثيل؟ تقول: «لا أبداً، لم يحصل معي ذلك لأني لا أوافق على دور أقوم به من دون قناعة تامة. كل شخصية لها مؤيدوها ومعارضوها، ولكني أسير وراء إحساسي، وأحرص على أن تراعي الشخصية خياراتي والذوق العام».
وبالمناسبة، فإن فاطمة الصفي معجبة بأسلوب العمل عند الفريق اللبناني، وتصفه بأنه «منظم إلى أبعد حدود، ويرتكز على الورقة والقلم. وعندما جلست أتشاور مع مخرج (أمنيزيا)، رودني حداد، حول حيثيات العمل، تفاجأت عند دخولي موقع التصوير بالتنظيم التام؛ كل شيء كان جاهزاً، والفريق مستعداً لانطلاق التصوير، فالترتيب يكون أسلوب عملهم، وهو أمر لا نجده عندنا في الكويت».
وعمن يلفت نظرها من الممثلين اللبنانيين، تقول: «بأمانة، أي فنان حقيقي يلفتني؛ أعجبت كثيراً بكارلوس عازار في (دفعة بيروت)، مع أني لم أجتمع به في أي مشهد، وتابعت مسلسل (2020)، ووجدته رائعاً، كما أني أتابع أفلاماً لبنانية مختلفة، ولا أفوت فرصة مشاهدتها».
وبرأيك، ماذا أضافت دراما المنصات إلى الساحة؟ تجيب: «المنصات الرقمية، والسوشيال ميديا بشكل عام، قربت المسافات بين الفنان وجمهوره، ولم تعد بفضلها مسلسلات رمضان تقوم وحدها بذلك. اليوم، باستطاعة أي كان مشاهدة الممثل الذي يحب في أي زمان ومكان عبر هذه المنصات. المشاهد صار في استطاعته تصفح تاريخ الفنان، وامتلاك فكرة واضحة عن مشواره، وهو أمر أجده إيجابياً جداً».
ولا تكتفي فاطمة الصفي بتقديم الدور الذي تلعبه انطلاقاً من النص فقط «بل أتصل وأبحث وأتعرف على خطوط شخصيات شبيهة، فذكاء الممثل يكمن في الوصول إلى المشاهد، وإقناعه بما يقدمه. لقد كتب هؤلاء الطلاب الذين ذكرتهم آنفاً توصيفات رائعة للعمل أسعدتني بشكل كبير، فقالوا لي إني سهلت عليهم استيعاب حالات يدرسونها؛ أليس هذا أمراً رائعاً؟». وعن أعمالها الجديدة، تقول: «سآتي قريباً إلى لبنان، فهناك مشاريع كثيرة ومفاجآت كثيرة أحضرها لكم، وأعدكم بأدوار متجددة لأني لا أحب التكرار».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».