الأوروبيون يستثمرون بخسارة في ظاهرة فريدة بمنطقة اليورو

راهنوا على ارتفاع معدلات التضخم

الأوروبيون يستثمرون بخسارة في ظاهرة فريدة بمنطقة اليورو
TT

الأوروبيون يستثمرون بخسارة في ظاهرة فريدة بمنطقة اليورو

الأوروبيون يستثمرون بخسارة في ظاهرة فريدة بمنطقة اليورو

يبدو الأمر في ظاهره ضربا من ضروب الخيال حينما يتعلق الأمر بإقبال المستثمرين على شراء سندات سيادية بمنطقة اليورو العائد عليها دون الصفر، أي إنه وبمعنى أدق استثمار في الخسارة.
لا يتوقف الأمر عند هذا الحد فتراجع العائد للسند يعني بالضرورة ارتفاع الطلب عليه فالعلاقة العكسية بين معدل الفائدة على السند والطلب عليه تظهر للصورة جانبا آخر وهو ارتفاع في الطلب يتزامن مع تراجع في المعروض.
ويوم الأربعاء الماضي، وفي سابقة هي الأولى في تاريخها، باعت ألمانيا سندات لأجل 5 سنوات بعائد دون الصفر أي إن المستثمرين سيدفعون للحكومة الألمانية فوائد على شرائهم لسنداتها.
وطرحت ألمانيا سندات للبيع بقيمة 3.28 مليار يورو (3.72 مليار دولار أميركي) لأجل استحقاق في شهر أبريل (نيسان) 2020. بمعدل عائد يبلغ - 0.08 في المائة.
ويقول محللون استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم إن العائد السالب للسندات السيادية في منطقة اليورو يرجع بالأساس إلى النظر إليها باعتبارها ملاذا آمنا في أوقات الأزمات بالإضافة إلى العرض الضعيف والطلب القوي عليها، بالتزامن أيضا مع إقبال بعض البنوك المركزية على تخفيض أسعار الفائدة لتشجيع الاقتراض.
وفنلندا هي أول دولة أوروبية تبيع سندات لأجل 5 سنوات ذات فائدة سالبة، حيث يتراوح متوسط العائد عليها حاليا في نحو 52 أسبوعا عند مستوى سالب 0.032 في المائة وفقا لبيانات استقتها «الشرق الأوسط» من مؤسسة «إم.تي.إس بوندز ماركت».
ويقول بيترو دوكا، محلل أسواق السندات لدى «غي.بي.مورغان»، لـ«الشرق الأوسط» إن «ما يحدث الآن من تداول السندات السيادية في منطقة اليورو بعوائد سالبة ظاهرة غريبة حقا. هناك طلب مرتفع على سندات بلدان على غرار ألمانيا وسويسرا وفنلندا والدنمارك وهو ما يفسر هبوط عوائد سندات تلك البلدان للمنطقة السالبة».
وتابع دوكا: «الأمر برمته بسيط، إنه شيء يتعلق بالعرض والطلب ولكن لماذا يقبل المستثمرون الخسارة هذا هو السؤال الأهم هنا».
والسندات هي نوع من الدين القابل للبيع والشراء يتناسب العائد عليه عكسيا مع الطلب فالطلب المرتفع يقلل العائد على السند والعكس بالعكس.
يضيف دوكا أن «الأمر هنا ربما بتخوف المستثمرين من ضخ أموالهم في الاستثمارات ذات المخاطر المرتفعة على غرار أسواق الأسهم. كما أن برنامج التيسير الكمي الذي أقره المركزي الأوروبي ينعكس أيضا على أداء السندات السيادية للبلدان الأوروبية مع ارتفاع الطلب خلال الفترة المقبلة مع بدء تنفيذ البرنامج في مطلع الشهر المقبل».
ويبدأ البنك المركزي الأوروبي برنامج تاريخي لشراء السندات الحكومية في منطقة اليورو في مطلع مارس (آذار) الجاري بقيمة 60 مليار يورو شهريا لدعم معدل التضخم المتعثر ولكي يصل مجددا إلى مشارف 2 في المائة في نهاية البرنامج. وتبلغ المدة الزمنية للبرنامج نحو 19 شهرا ليبلغ بذلك إجمالي مشتريات البنك خلال تلك الفترة نحو 1.2 تريليون يورو.
يختتم دوكا رؤيته قائلا: «قد نجد المستثمرين يتجهون نحو شراء الذهب خلال الفترة المقبلة، ولكن العائد على السندات السيادية سيظل متراجعا حتى بعد انخفاض طلب الأفراد عليها مع تلك الكمية الهائلة من السندات التي يحتاجها المركزي الأوروبي من أجل برنامجه للتيسير الكمي».
وأسعار الذهب مرتفعة منذ مطلع العام الجاري نحو 9 في المائة، مع تسجيلها أفضل أداء أسبوعي منذ أغسطس (آب) 2013 خلال الأسبوع الأول من تعاملات الشهر الجاري.
ووفقا لدراسة حديثة صادرة عن «غي.بي مورغان» فإن نحو 1.7 تريليون دولار عبارة عن سندات في منطقة اليورو العائد عليها سلبي في الوقت الحالي.
وقالت سيسليا غلين، مديرة صندوق استثماري في أدوات الدخل الثابت لدى سيتي غروب إنه «شيء نادر الحدوث حقا، ولكننا قد نجد تفسيرا لتلك الظاهرة في الأمان النسبي الذي تتمتع به سندات تلك البلدان والتي تتداول الآن في نطاقات فائدة سالبة».
تتابع غلين: «قد يبدر سؤال إلى ذهنك لماذا يقبل المستثمر على الخسارة؟ في حقيقة الأمر وفيما يتعلق بمنطقة اليورو على وجه التحديد تبقى معدلات التضخم السالبة ظاهرة صحية للمستثمر، فالقاعدة هنا بسيطة ومفادها أن الفائدة السلبية على السند لا تزال تمكنه من الربح إن كانت معدلات التضخم في نطاق سالب هي الأخرى وأقل من العائد على السند».
وتمكن معدلات التضخم السالبة المستثمرين من تحقيق الأرباح مع الوضع في الاعتبار بيع تلك السندات في الأوقات التي يعاود فيها التضخم الارتفاع، بمعنى أنه إذا كان العائد على السند سالب 0.6 في المائة في وقت يبلغ فيه معدل التضخم سالب 0.7 في المائة فإن المستثمر سيحقق ربحا على هذا السند في ظل أي تحرك لمعدلات التضخم لأعلى فوق المستوى سالف الذكر.
وتراجع معدل التضخم في منطقة اليورو إلى سالب 0.6 في المائة خلال يناير (كانون الثاني) الماضي مقابل سالب 0.2 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) ليسجل أقل مستوى له منذ يوليو (تموز) 2009.
وفي فبراير (شباط) الماضي ارتفع معدل التضخم قليلا إلى سالب 0.3 في المائة وفقا لقراءة أولية من مكتب الإحصاء الأوروبي ظهرت الاثنين.
وتضيف غلين أن «المستثمر في منطقة اليورو يعتقد أنه يمكنه تحقيق عائد إيجابي في وقت تشير فيه القراءات الأولية إلى هبوط التضخم، بالإضافة إلى تيسير البنوك المركزية لسياستها النقدية خلال الفترة الماضية بخفض أسعار الفائدة».
وخفضت بنوك مركزية أوروبية من أسعار الفائدة على غرار البنك المركزي الدنمركي الذي خفض أسعار الفائدة نحو 3 مرات في أسبوعين منذ مطلع العام الحالي للدفاع عن العملة المحلية في مواجهة اليورو.
وقال نادير لوفيسيتي، محلل أدوات الدخل الثابت لدى دويتشه بنك إن «ما يحدث في أسواق السندات بمنطقة اليورو يعطي علامة واضحة عن سبب تريث الفيدرالي الأميركي في رفع أسعار الفائدة فهم يدركون أنهم لا يعيشون بمعزل عن العالم».
وما زال الفيدرالي الأميركي يطالب بمزيد من التريث فيما يتعلق بخطوته المقبلة لرفع أسعار الفائدة في علامة جديدة تتعلق بانطواء تلك الرغبة على مخاوف بشأن وتيرة النمو في الاقتصاد الأكبر بالعالم.
وفي محضر البنك لشهر يناير الماضي، لا توجد إشارة واضحة على اتخاذ تلك الخطوة الهامة التي ستعتبر أول تحريك لأسعار الفائدة منذ الأزمة المالية العالمية في أواخر 2008.
ويشير المحضر إلى أن صناع السياسة النقدية في أكبر البنوك المركزية بالعالم ما زالوا يعانون من معدل التضخم المنخفض وبطء ارتفاع الأجور في الاقتصاد الأميركي.



صندوق النقد الدولي وإثيوبيا يتوصلان إلى اتفاق بشأن المراجعة الثانية لبرنامج التمويل

منظر عام لأفق أديس أبابا (رويترز)
منظر عام لأفق أديس أبابا (رويترز)
TT

صندوق النقد الدولي وإثيوبيا يتوصلان إلى اتفاق بشأن المراجعة الثانية لبرنامج التمويل

منظر عام لأفق أديس أبابا (رويترز)
منظر عام لأفق أديس أبابا (رويترز)

قال صندوق النقد الدولي إن موظفيه والحكومة الإثيوبية توصلا إلى اتفاق بشأن المراجعة الثانية لبرنامج التمويل البالغ 3.4 مليار دولار للبلاد.

وحصلت إثيوبيا على البرنامج في يوليو (تموز)، بعد ساعات من اتباعها لتوصية رئيسية من صندوق النقد الدولي بتعويم عملتها، البير، في سوق الصرف الأجنبية، وفق «رويترز».

وقال صندوق النقد الدولي في بيان إن المراجعة التي أجراها المجلس التنفيذي للصندوق ستسمح لإثيوبيا بالوصول إلى نحو 251 مليون دولار من الدفعات.

وجاء في البيان أن «برنامج الإصلاح الاقتصادي في إثيوبيا، بما في ذلك الانتقال إلى سعر صرف تحدده السوق، يواصل التقدم بشكل جيد».

وأضاف البيان: «في ظل استقرار الاقتصاد الكلي المدعوم بالسياسات الحكيمة وتأثير إصلاح سوق الصرف على التضخم المنخفض حتى الآن، تشير الظروف إلى آفاق واعدة للنمو الاقتصادي في الفترة المقبلة».

وتم الاتفاق مع موظفي الصندوق في سبتمبر (أيلول) على المراجعة الأولى للبرنامج، التي ركزت على جوانب مثل احتياطيات النقد الأجنبي والديون الخارجية، ووافق عليها مجلس الإدارة الشهر الماضي.

وبعد إجراء مراجعات سريعة غير مسبوقة لبرنامج إثيوبيا حتى الآن، التي كانت تهدف إلى رصد تأثير الإصلاحات، بما في ذلك تحرير سوق الصرف، ينتقل صندوق النقد الدولي الآن إلى جدول مراجعة كل ستة أشهر.