الفلسطينيون يطالبون بالتدخل لوقف الهدم في حي سلوان

تلتقط صوراً لركام متجر تم هدمه في حي سلوان قرب القدس أمس (إ.ف.ب)
تلتقط صوراً لركام متجر تم هدمه في حي سلوان قرب القدس أمس (إ.ف.ب)
TT

الفلسطينيون يطالبون بالتدخل لوقف الهدم في حي سلوان

تلتقط صوراً لركام متجر تم هدمه في حي سلوان قرب القدس أمس (إ.ف.ب)
تلتقط صوراً لركام متجر تم هدمه في حي سلوان قرب القدس أمس (إ.ف.ب)

طالبت السلطة الفلسطينية العالم بالتدخل لوقف هدم المنازل الفلسطينية في حي سلوان في القدس، واصفة المخطط الإسرائيلي هناك بالـ«مجزرة»، فيما حذرت حركة حماس إسرائيل من انفجار جديد إذا استمر استهداف منازل الفلسطينيين في القدس.
وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الوزير حسين الشيخ، إن على المجتمع الدولي التدخل الفوري لوقف مجزرة هدم المنازل وترحيل المواطنين في حي البستان في بلدة سلوان بمدينة القدس المحتلة. وحمّل الشيخ في تصريح صحافي، دولة الاحتلال مسؤولية هذا التصعيد الكبير، منوهاً إلى أن حي البستان يتعرض لهجمة احتلالية شرسة بالهدم والتدمير والتهجير.
وكانت إسرائيل قد هدمت منزلاً ومنشأة تجارية في حي البستان في سلوان، أمس، كجزء من مخطط أوسع. وحاصرت قوات إسرائيلية منشأة تجارية وهدمتها قبل أن تهدم شقة سكنية مع انتهاء المهلة لهدم 17 منزلاً في الحي. وقال فضل العباسي إن طواقم البلدية هدمت شقته دون سابق إنذار. واقتحمت القوات البناية السكنية، واعتدت على الموجودين بالضرب والاعتقال والغاز، ما فجر مواجهات واسعة في الحي أصيب خلالها 13 فلسطينياً، فيما تم اعتقال ثلاثة أشخاص.
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني، إن طواقمه تعاملت مع 13 إصابة خلال مواجهات مع قوات الاحتلال في بلدة سلوان، و5 إصابات بالغاز تم علاجهم ميدانياً، و6 إصابات بالرصاص المطاطي، إحداها بالصدر تم نقلها للمستشفى، وإصابة برضوض في اليد بسبب الضرب، وإصابة حروق من قنبلة غاز.
ويتهدد شبح الهدم أجزاء واسعة من حي البستان الذي يضم نحو 100 منزل، من أجل إقامة «حديقة وطنية توراتية» هناك. وقال قاضي قضاة فلسطين، مستشار الرئيس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية، محمود الهباش: «إن ما تقوم به دولة الاحتلال في حي البستان بسلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك، من أعمال هدم لممتلكات ومنازل المواطنين الفلسطينيين، هو نكبة جديدة يواجهها الشعب الفلسطيني، وعملية تطهير عرقي أمام سمع العالم وبصره، خصوصاً أن سلوان تمثل خاصرة الحرم القدسي الشريف الجنوبية، ودرعه الصامدة الذي يقف في وجه مخططات التهويد والاستيطان التي تحاصر الأقصى».
واعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية، ما يحدث في سلوان «امتداداً لعملية التطهير العرقي واسعة النطاق ضد المواطنين المقدسيين التي مارستها الحكومات الإسرائيلية السابقة، وتستكملها الحكومة الحالية». وأضافت في بيان «أن الهدم إمعان إسرائيلي في تهويد المدينة المقدسة وأسرلتها، وتغيير هويتها ومعالمها وفقاً لرواية الاحتلال وأطماعه الاستعمارية، ودليل على الوجه الحقيقي لحكومة «بينت - لبيد» باعتبارها حكومة استيطان ومستوطنين، تواصل تنفيذ مخططاتها الاستعمارية التوسعية في أرض دولة فلسطين، وتعمق يومياً من تغولها الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة».
وأشار بيان الوزارة، إلى أن حكومة الاحتلال تستغل احتضان المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأميركية، لها، باعتبارها «حكومة تغيير» بديلة عن حكومة نتنياهو، من أجل تنفيذ أجنداتها الاستعمارية لتقويض أي فرصة لتحقيق السلام على أساس حل الدولتين. وأعربت الوزارة عن أسفها لعدم إصدار أي انتقاد أو قلق دولي حيال الجرائم التي ترتكبها الحكومة الإسرائيلية، مضيفة أن مرور الوقت دون تحرك دولي يعارض تلك الجرائم، سيضع المنطقة ككل وليس فقط الوضع الفلسطيني الإسرائيلي، أمام مرحلة جديدة من المجهول.
أما حركة حماس فقالت إن ما يحدث في سلوان يعد تجاوزاً جديداً للخطوط الحمراء، و«عبثاً في صواعق تفجير لا يعرف عقباها». وأكد الناطق باسم الحركة عن مدينة القدس محمد حمادة، في تصريح «أن المقاومة منتبهة ومتيقظة لما يقوم به الاحتلال في القدس، و«لن نسمح للمحتل أن يستمر في سياسة قضم القدس رويداً رويداً من أجل تزوير واقعها واستكمال تهويدها». وشدد على أن خيارات المقاومة في الرد على الاحتلال مفتوحة ومتعددة، «وكلها قابلة للدراسة والتنفيذ».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.