عراقية في لجنة «ليندغرين» العالمية لأدب الأطفال

الجائزة الثانية بعد «نوبل» وتُمنح لأفراد وأصحاب مشاريع ومنظمات

بلسم كرم
بلسم كرم
TT

عراقية في لجنة «ليندغرين» العالمية لأدب الأطفال

بلسم كرم
بلسم كرم

اختار مجلس الثقافة السويدي الروائية من أصل عراقي بلسم كرم، لعضوية لجنة جائزة «آستريد ليندغرين» العالمية في أدب الأطفال والمعروفة اختصاراً بـ«آلماِ» (ALMA). تحمل الجائزة اسم كاتبة الأطفال السويدية الشهيرة «آستريد ليندغرين»، وتم اطلاقها من قِبل الحكومة السويدية في عام 2002 الذي توفيت فيه، وتعتبر الأكبر في أدب الأطفال عالمياً والأرفع بعد جائزة نوبل في الأدب.
تضم لجنة الجائزة 12عضواً متنوعي الاختصاص، بينهم كتّاب ورسامون وباحثون في علوم الأدب والاجتماع وخبراء في حقوق الأطفال، وغير ذلك.
ولدت بلسم كرم في طهران من أبوين عراقيين، هجَّرهما نظام صدام حسين، بحجة التبعية إلى إيران. انتقلت مع عائلتها إلى السويد وهي في سن السابعة. وبعد إتقانها اللغة السويدية دخلت معترك النشاط السياسي والاجتماعي، وانصبّ اهتمامها على قراءة القصص والروايات، وعملت في إحدى المكتبات.
تقول كرم، في تلك الفترة تولدت لدي فكرة لكتابة قصة، فحاولت البحث عن إمكانية لتحقيقها واشتركت في دورة تدريبية لتعلم فن التأليف وكتابة القصة، لكن ذلك لم يساعدني كثيرا لتحقيق ما أريده. لذلك درست في جامعة غوتنبرغ ونلت منها بعد سنتين شهادة الماجستير في مجال الإبداع. هذه الدراسة منحتني إمكانية البدء لكتابة قصة طويلة، لكن هذه القصة أخذت وقتاً طويلاً، بسبب انهماكي في العمل بالمكتبة العامة بدوام كامل. وما بين فكرتها الأولى في 2005 وحتى إنجازها وإصدارها في 2018 مرّ وقت طويل.
صدرت هذه الرواية الأولى لها بعنوان لافت هو «أفق الحدث»، وأثارت اهتماما في الساحة الأدبية السويدية. وكتب عنها كثير من النقاد. ووصفتها إحدى الناقدات بأنها «صورة واقعية وقاتمة عن قساوة الحاضر».
تستمد المؤلفة عنوان روايتها من علم الفلك والفيزياء الحديثة، وبالأخص النظرية النسبية العامة لأينشتاين. وما يعرف بالثقب الأسود، الذي توظفه المؤلفة كأداة من أدوات الصراع التي تملكها السلطة للتخلص من معارضيها. لكن الثقب الأسود الذي يشاع عنه ابتلاعه كل شيء يقترب منه بفعل جاذبيته العالية جداً، توجد على فوهته منطقة محايدة في الزمكان تقل فيها الجاذبية. ومن هذا الحد الفاصل يتصور المرء بأن الثقب الأسود فارغ، خال من أي شيء. لكنه في الحقيقة مليء بأشياء كثيرة لا ترى. وهذا ما يعرف بـ«أُفق الحدث».
تستخدم كرم هذا العنصر العلمي استعارةً لمفهوم حافة الهاوية، التي تعيش فيها بطلة الرواية ميلدا، الشابة الناقمة على الوضع، حيث الشعور بالاستلاب والعيش في فقر مدقع مع نساء أخريات وأطفالهن في مناطق بائسة على الهوامش. يساقون إلى مخيمات، وإلى مناطق لا تملك مقومات السكن على تخوم المدن. لكن، رغم البؤس تتماسك هذه المجموعات، وبينها تضامن وعلاقات ألفة وحب.
تقول كرم، هذا ما قصدته بالفعل. التضامن والعلاقات المشتركة والحب الذي يسود هذه المناطق رغم كل شيء. لكن هؤلاء المهمشين لم يقفوا مكتوفي الأيدي، بل يقومون بانتفاضة تقودها الشابة ميلدا، التي ينتهي بها المطاف إلى المقصلة. وفي تلك اللحظة، لحظة تنفيذ حكم الإعدام يأخذ إيقاع الرواية منحى آخر، فلا أحد يعلم هل تم إعدامها بالفعل، أم أنها استخدمت في تجربة علمية بإرسالها إلى الفضاء لتواجه مصيرها في الثقب الأسود وتصبح شهيدة، أو من الغائبين.
في روايتها الثانية «التفرد» ترصد حياة امرأة فقدت ابنتها، فأخذت تبحث عنها على طول كورنيش المدينة التي لم تطلق عليها المؤلفة اسماً. الأم تبحث في الأماكن المكتظة بالسياح والتي كانت ابنتها تعمل بها من حين إلى آخر. كانت تسير هائمة دون هدى وهي تنادي على ابنتها، حتى اختل عقلها وأصيبت بالجنون ونسيت أن لديها أطفالاً آخرين. لكنها في النهاية تضع حداً لحياتها بإقدامها على الانتحار. يجري ذلك في الوقت ذاته الذي تمر فيه امرأة حامل. فتصاب بالهلع مما شاهدته. ويبدو لاحقاً من سياق السرد أن المرأة الحامل فقدت طفلها قبل ولادته. بل هي تعتقد جازمة بأن الطفل توفي في اللحظة التي شاهدت فيها عملية الانتحار.
عن علاقة ذلك بالثقب الأسود تقول كرم، الرواية الأولى تحدثت فيها عن المساحة الخارجية المحيطة بالثقب الأسود. وفي الثانية أتحدث عن الباطن، عن العمق والمكنون. البعض يعتقد أن داخل الثقب الأسود فراغاً. وهذا غير صحيح. فهو مليء بنجوم ومواد وأشياء كثيرة يبتلعها. أحياناً يقول شخص بأنه يشعر وكأنه ثقب أسود. ويقصد أنه يحس بفراغ داخلي، خواء. لكنه في الحقيقة مليء بأشياء دفينة متراكمة.
وبنظرة شاملة للروايتين اللتين صدرتا عن دار نشر «نورستيدت»، إحدى كبريات دور النشر في اسكندنافيا، يجدهما القارئ تتقاسمان أبعاداً سياسية وآيديولوجية يدخل فيها العلم والخيال بطريقة درامية ذات نبرة خاصة ومعمار لغوي متميز.
وبالعودة إلى نيلها جائزة «فيلهلم موبري» الأدبية والمعروفة باسم «سموليتس» قبل بضعة أشهر، ثم اختيارها للجنة جائزة «آستريد ليندغرين» تؤكد كرم على أن هذا الأمر يشكل بالنسبة لها دافعاً مضافاً لمواصلتها العطاء. لكن اختيارها لعضوية لجنة التحكيم يمنحها مكانة لتصبح النافذة التي تطل منها للتعرف على آداب أخرى غير الأوروبية، وتحديداً آداب الشرق الأوسط الذي تنتمي إليه الروائية وتتقن ثلاث من لغاته: العربية والكردية والفارسية. وفي الوقت نفسه يضعها أمام مسؤولية الاختيار والتشخيص الصحيح والعادل لمن يستحق نيل الجائزة.
يشار إلى أن جائزة «آستريد ليندغرين» تملك قيمة معنوية كبيرة، وتأتي بالمرتبة الثانية بعد نوبل في الأدب، وتبلغ قيمتها المادية خمسة ملايين كرون، نصف جائزة نوبل. وتمنح منذ عام 2003، إلى أفضل عمل عالمي في أدب الأطفال والشباب، سواء أكان أدباً مكتوباً أو محكياً، بل حتى لأعمال التخطيطات والرسومات التي تحكي قصة ما، ولا تعدّ الجائزة تقييماً فردياً للمبدع فحسب، بل يكون لها بعد شامل، من خلال التأكيد على حقوق الأطفال في المجتمع. وهي لا تمنح للمؤلفين ومبدعي العمل الأدبي والفني للأطفال فقط، بل كذلك إلى أصحاب المشاريع أو المنظمات التي قامت بجهود كبيرة في مجال التشجيع على القراءة وانتشارها بين الأطفال والشبيبة وتعزيز الاهتمام بأدبهم في العالم.
أول من نال الجائزة الصحافية كاتبة قصص الأطفال النمساوية كريستينا نوستيلغر، والرسام الأميركي من أصل بولوني ماوريس سانديك. ثم لمبدعين من أميركا وبلجيكا. ومن بين المؤسسات التي حظيت بها مؤسسة «تامر» التعليمية في فلسطين عام 2009، التي تعنى بتحفيز الأطفال على القراءة. وتختلف عن جائزة نوبل في أن تسمية المرشحين لها تتم بشكل علني قبل فترة من إعلان الاسم الفائز بها.



انطلاق الدورة الـ19 لـ«البابطين الثقافية» بمضاعفة جوائز الفائزين

وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)
وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)
TT

انطلاق الدورة الـ19 لـ«البابطين الثقافية» بمضاعفة جوائز الفائزين

وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)
وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)

كرمّت «مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية»، صباح اليوم (الأحد)، الفائزين بجوائز الدورة الـ19 للجائزة، مع انطلاق هذه الدورة التي حملت اسم مؤسس وراعي الجائزة الراحل عبد العزيز سعود البابطين، تخليداً لإرثه الشعري والثقافي.

وأُقيم الاحتفال الذي رعاه أمير الكويت، الشيخ مشعل الأحمد الصباح، في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، بحضور (ممثل أمير البلاد) وزير الإعلام والثقافة وزير الدولة لشؤون الشباب عبد الرحمن المطيري، ومشاركة واسعة من الأدباء والمثقفين والسياسيين والدبلوماسيين وأصحاب الفكر من مختلف أنحاء العالم العربي، كما حضر الحفل أعضاء المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.

جانب من حضور دورة الشاعر عبد العزيز سعود البابطين (الشرق الأوسط)

وقال وزير الثقافة والإعلام الكويتي، عبد الرحمن المطيري، في كلمته، إن هذا الملتقى «الذي يحمل في طياته عبق الشعر وأريج الكلمة، ليس مجرد احتفالية عابرة، بل هو تأكيد على أن الثقافة هي الروح التي تحيي الأمم، والجسر الذي يعبر بنا نحو مستقبل زاخر بالتسامح والتعايش والمحبة».

وأضاف: «إن لقاءنا اليوم ليس فقط تكريماً لمن أبدعوا الكلمة وشيَّدوا صروح الأدب، بل هو أيضاً دعوة لاستلهام الإرث الثقافي الكبير الذي تركه لنا الشاعر الراحل عبد العزيز سعود البابطين (رحمه الله)، والذي كان، وسيبقى، قامة ثقافية جمعت بين جمال الكلمة وسمو الرسالة... رسالة تُعبِّر عن القيم التي تجمع بين الحضارات. ومن هنا جاءت مبادراته الرائدة، التي عرَّف من خلالها الشرقَ بالشعر العربي، وقدَّم للغرب بُعدَه الإنساني، جاعلاً من الشعر جسراً يربط القلوب، ومفتاحاً للحوار بين الثقافات».

رئيس مجلس أمناء «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين يلقي كلمته في افتتاح الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)

في حين قال رئيس مجلس أمناء «مؤسسة البابطين الثقافية»، سعود البابطين، إن هذه الدورة تأتي احتفاءً «بالشعر، فن العرب الأول على مر العصور، وتكريماً للمبدعين والفائزين مِنَ الشعراءِ والنقاد، ووفاءً ومحبة لشاعر هذه الدورة (عبد العزيز البابطين) الذي أخلص في رعاية الشعر العربي وخدمة الثقافة العربية بصدق ودأب وتفانٍ طيلة عمره كله، بلا ملل ولا كلل».

وفي خطوة لافتة، قدَّم رئيس مجلس الأمناء، أمين عام المؤسسة السابق، الكاتب عبد العزيز السريع، الذي رافق مؤسس الجائزة منذ نشأتها، ليتحدث عن ذكرياته مع راعي الجائزة الراحل، والخطوات التي قطعها في تذليل العقبات أمام إنشاء المؤسسة التي ترعى التراث الشعري العربي، وتعمل فيما بعد على بناء جسور التواصل بين الثقافات والحضارات.

وأعلن البابطين، في ختام كلمته عن مضاعفة القيمة المالية للجوائز ابتداءً من هذه الدورة، وفي الدورات المقبلة لـ«جائزة عبد العزيز البابطين».

ونيابة عن الفائزين، تحدَّث الأديب والشاعر الكويتي الدكتور خليفة الوقيان، مشيداً بـ«جهود (مؤسسة البابطين الثقافية) في دعمها اللامحدود للفعل والنشاط الثقافي داخل وخارج الكويت».

وأضاف: «في هذا المحفل الثقافي البهيج، يمرُّ في الذاكرة شريط لقاءات تمَّت منذ 3 عقود، كان فيها الفقيد العزيز الصديق عبد العزيز البابطين يحمل دائماً هَمّ تراجع الاهتمام بالشعر، ويضع اللَّبِنات الأولى لإقامة مؤسسة تُعنى بكل ما من شأنه خدمة ذلك الفن العظيم، ثم ينتقل عمل المؤسسة إلى الأفق الدولي، من خلال ما يُعنى بقضية حوار الثقافات والحضارات».

وألقى الشاعر رجا القحطاني قصيدة عنوانها «إشعاع الكويت»، من أشعار الراحل عبد العزيز البابطين.

يُذكر أن فعاليات الدورة الـ19 مستمرة على مدى 3 أيام، بدءاً من مساء الأحد 15 ديسمبر (كانون الأول) إلى مساء الثلاثاء 17 ديسمبر الحالي. وتقدِّم الدورة على مسرح مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي 5 جلسات أدبية، تبدأ بجلسة بعنوان «عبد العزيز البابطين... رؤى وشهادات»، تليها 4 جلسات أدبية يعرض المختصون من خلالها 8 أبحاث عن الشاعر عبد العزيز سعود البابطين المحتَفَى به، و3 أمسيات شعرية ينشد فيها 27 شاعراً.

وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)

الفائزون:

* الفائز بالجائزة التكريمية للإبداع الشعري الشاعر الدكتور خليفة الوقيان، وقيمة الجائزة 100 ألف دولار.

* الفائزان بجائزة الإبداع في مجال نقد الشعر «مناصفة»، وقيمتها 80 ألف دولار: الدكتور أحمد بوبكر الجوة من تونس، والدكتور وهب أحمد رومية من سوريا.

* الفائزة بجائزة أفضل ديوان شعر، وقيمتها 40 ألف دولار: الشاعرة لطيفة حساني من الجزائر.

* الفائز بجائزة أفضل قصيدة، وقيمتها 20 ألف دولار: الشاعر عبد المنعم العقبي من مصر.

* الفائز بجائزة أفضل ديوان شعر للشعراء الشباب، وقيمتها 20 ألف دولار: الشاعر جعفر حجاوي من فلسطين.