البرلمان الليبي يستأنف اجتماعاته في طبرق بغياب {حكومة الوحدة}

توافق على قاعدة الانتخابات قبل اجتماع ملتقى الحوار السياسي

جانب من الجلسة التي عقدها البرلمان الليبي في طبرق أمس (مجلس النواب الليبي)
جانب من الجلسة التي عقدها البرلمان الليبي في طبرق أمس (مجلس النواب الليبي)
TT

البرلمان الليبي يستأنف اجتماعاته في طبرق بغياب {حكومة الوحدة}

جانب من الجلسة التي عقدها البرلمان الليبي في طبرق أمس (مجلس النواب الليبي)
جانب من الجلسة التي عقدها البرلمان الليبي في طبرق أمس (مجلس النواب الليبي)

استأنف ملتقى الحوار السياسي الليبي أعماله مجدداً في مدينة جنيف السويسرية برعاية بعثة الأمم المتحدة، بينما تغيبت حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة عن الجلسة المغلقة التي عقدها، أمس، مجلس النواب بمقره في مدينة طبرق بأقصى شرق البلاد.
وأبلغ رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، أعضاءه، أن الحكومة اعتذرت عن حضور الجلسة، نظراً إلى وجود الدبيبة وعدد من وزرائه خارج البلاد، مؤكداً أنها ستكون حاضرة في جلسة الأسبوع المقبل لاستعراض خطة عملها خلال المائة يوم الأولى من عملها.
ونقلت وكالة الأنباء الليبية الموالية للمجلس عن مصادر أن صالح أطلع أعضاء المجلس على فحوى رسالة تلقاها من «اللجنة العسكرية المشتركة 5+5»، تطلب فيها وقف البت في ميزانية وزارة الدفاع إلى حين تعيين وزير ووكيل لها.
وطبقاً لأعضاء في مجلس النواب، تقرر تعليق الجلسة غير المنقولة على الهواء من دون اعتماد الميزانية المقترحة من حكومة الوحدة. وكان المتحدث الرسمي باسم المجلس عبد الله بليحق، أعلن أن جلسته، أمس، كانت تستهدف استكمال النقاش والمداولة حول بند مشروع قانون الميزانية العامة للدولة للعام الحالي.
لكن المتحدث باسم الحكومة محمد حمودة، أبلغ وسائل إعلام محلية أنها لن تحضر جلسات مجلس النواب، مشيراً إلى أنه «تم الاتفاق مع رئاسة البرلمان على عقد اجتماع لاحق بحضور تمثيلي واسع للحكومة». وتوقع أعضاء في المجلس عدم المصادقة على الميزانية بسبب غياب النصاب القانوني، ووجود عدد من أعضائه خارج البلاد.
كانت بعثة الأمم المتحدة أعلنت عن توصل اللجنة الاستشارية المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي في ختام اجتماع دام ثلاثة أيام، إلى صيغ توافقية حول العديد من القضايا العالقة، مشيرة إلى أنها سترفع توصياتها إلى الملتقى للنظر فيها، واتخاذ القرار المناسب بشأنها خلال اجتماعه في سويسرا، أمس.
وأشادت البعثة بنجاح اللجنة القانونية في وضع مشروع للقاعدة الدستورية لإجراء الانتخابات الوطنية البرلمانية والرئاسية في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، موضحة أن اللجنة استعرضت خلال اجتماعها مختلف المقترحات المقدمة من أعضاء الملتقى حول القاعدة الدستورية اللازمة لإجراء هذه الانتخابات، كما نصت عليها خريطة الطريق التي أقرها الملتقى، ودعت إليها خلاصات مؤتمر برلين الثاني، وكذا قرار مجلس الأمن رقم 2570.
وطبقاً لبيان أصدرته البعثة الأممية، «جرت النقاشات في أجواء إيجابية مليئة بروح التوافق». وأثنت البعثة على «روح المسؤولية الوطنية التي تحلى بها أعضاء اللجنة الاستشارية، وعلى سعيهم الدؤوب للوصول إلى صيغ واقعية توافقية تؤمن إجراء الانتخابات في أجواء آمنة استجابة لتطلعات الليبيين وتوقهم إلى الاستقرار الدائم والسيادة والشرعية الديمقراطية للمؤسسات الليبية ولممثليهم المنتخبين».
وتهدف اللجنة الاستشارية إلى إنهاء الخلاف بشأن القضايا العالقة في ملتقى الحوار حول مقترح القاعدة الدستورية الذي يتضمن 47 مادة، بينما تركزت نقاط الخلاف الرئيسية في 3 محاور رئيسية موزعة على 6 مواد تتمثل في مسألة انتخاب الرئيس، واشتراط عدم ازدواجية الجنسية، سواء بالنسبة إلى الرئيس أو رئيس الحكومة وحتى الوزراء، بالإضافة إلى تأجيل «طرح مشروع الدستور للاستفتاء إلى ما بعد تشكيل السلطة التشريعية الجديدة المنتخبة».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.