الهند تعيد حساباتها الجيوسياسية وتنفتح على {طالبان المتجددة»

تقيم للمرة الأولى قنوات اتصال مع فصائل وقيادات الحركة المسلحة

مقاتلون من حركة طالبان سلموا أسلحتهم قبل أيام للحكومة الأفغانية في حيرات (رويترز)
مقاتلون من حركة طالبان سلموا أسلحتهم قبل أيام للحكومة الأفغانية في حيرات (رويترز)
TT

الهند تعيد حساباتها الجيوسياسية وتنفتح على {طالبان المتجددة»

مقاتلون من حركة طالبان سلموا أسلحتهم قبل أيام للحكومة الأفغانية في حيرات (رويترز)
مقاتلون من حركة طالبان سلموا أسلحتهم قبل أيام للحكومة الأفغانية في حيرات (رويترز)

بعد إحجامها عن التعامل مع حركة طالبان الأفغانية بأي صورة من الصور، فتحت الهند لأول مرة قنوات اتصال مع فصائل وقيادات طالبان الأفغانية، بما في ذلك الملا بردار، على خلفية الانسحاب السريع للقوات الأميركية من أفغانستان، وهذا ما أكده الدبلوماسي القطري مطلق بن ماجد القحطاني. وتعتبر هذه هي المرة الأولى التي يكشف فيها مسؤول مشارك في محادثات مع طالبان عن معلومات حول لقاء نيودلهي السري مع طالبان. وذكر القحطاني، المبعوث الخاص لقطر «لمكافحة الإرهاب والوساطة في حل النزاعات» خلال ندوة افتراضية نظمها المركز العربي في واشنطن، تحت عنوان «التطلع إلى السلام في أفغانستان بعد انسحاب الولايات المتحدة وناتو»، أن «مسؤولين هنوداً قاموا بزيارة هادئة للتحدث مع طالبان، وذلك لأن طالبان، كما تعتقد نيودلهي، هي عنصر أساسي أو ستكون مكوناً رئيسياً لمستقبل أفغانستان». ولم يؤكد المسؤولون في وزارة الخارجية الهندية أو ينفوا أي محادثات من هذا القبيل. وقد عُلم أن المشاركة من الجانب الهندي يقودها مستشار الأمن القومي، أجيت دوفال. حتى وزير الخارجية الهندي جاي شانكار زار الدوحة مرتين يومي 9 و15 يونيو (حزيران) خلال رحلاته إلى الكويت وكينيا. والتقى المبعوث الأميركي الخاص إلى أفغانستان، زلماي خليل زاد، الذي كان أيضاً في الدوحة في ذلك الوقت. وتأتي هذه الخطوة بعد أشهر من إعلان الولايات المتحدة والقوات الدولية انسحاباً كاملاً لقواتها من الدولة التي مزقتها الحرب بحلول 11 سبتمبر (أيلول).
وعلم أن غصن الزيتون الهندي اقتصر على جماعة طالبان الموجودة بعيداً عن نفوذ باكستان وإيران. وذكرت تارا كارثا، التي عملت في هندسة الأمن القومي في الهند ومؤلفة كتاب «أدوات الإرهاب: الأسلحة الخفيفة والأمن الهندي»، أن «الوقوف بقوة مع تيار حكومة كابل هو أمر جيد للغاية، لكن الحقيقة هي أن طالبان قد تكون جزءاً من أي نظام مستقبلي في أفغانستان. المحادثات هي تحول كبير لأن نيودلهي تنتقل من علاقة غير موجودة إلى بداية نوع من قنوات الاتصال، وهو أمر ليس مستغرباً. كانت هناك مؤشرات في الأشهر الأخيرة على أن الحكومة الهندية كانت تتطلع إلى التواصل مع طالبان».

لماذا تنفتح الهند على طالبان؟
الأسباب بالطبع جيوسياسية، حيث تتصارع كل من إيران والصين وباكستان وروسيا لتعزيز نفوذها في أفغانستان بعد الانسحاب الأميركي. وكان يُنظر إلى الهند منذ فترة طويلة على أنها اللاعب الإقليمي الذي لم تكن له روابط فعلية مع طالبان، وأقامت دول أخرى في المنطقة مثل روسيا والصين وإيران اتصالات مع طالبان. لكن سيظل دور الهند المستقبلي في أفغانستان غير مؤكد، خصوصاً إذا أصبحت طالبان القوة السياسية المهيمنة. ويتزامن التحول في موقف الهند مع الموقف الذي اتخذته القوى الرئيسية بأن طالبان ستلعب دوراً في أي نظام مستقبلي في كابل. وتسعى الهند إلى ترسيخ نفسها لمقابلة النفوذ الباكستاني في أفغانستان. وتراقب الهند أيضاً الوجود الصيني المتزايد في أفغانستان بقلق نظراً لأنه حدث في مناسبات عديدة أن تركت الصين الهند خارج المناقشات الحاسمة مثل المحادثات الثلاثية بين الصين وأفغانستان وباكستان. واجتمع وزراء خارجية الصين وأفغانستان وباكستان الشهر الجاري عبر الفيديو لمناقشة مستقبل أفغانستان، وعرضوا محاولات بكين لتعزيز ثقلها في آسيا الوسطى وكذلك توسيع استثماراتها في أفغانستان التي يُنظر إليها باعتبارها ممراً مربحاً لما يسمى بـ«مبادرة الحزام والطريق».
إن باكستان المجاورة التي لا تزال تمارس نفوذاً كبيراً على طالبان تشعر بالاستياء الشديد من جهود الهند للتأثير على مستقبل أفغانستان. فخلال اجتماع لمستشاري الأمن القومي الإقليمي في طاجيكستان الأسبوع الماضي، حدث أن وجه مستشار الأمن القومي الباكستاني، معيد يوسف، انتقادات قائلاً إن «المفسدين» الخارجيين يمكن أن يعرقلوا جهود السلام في أفغانستان. لكن مع تعهد مجموعة السبع الأخيرة بالتصدي للصين، يتعين على الهند كسب بعض الأرض مع طالبان. ودفعت الولايات المتحدة الهند إلى الانضمام مباشرة إلى طاولة المفاوضات مع طالبان. ووفقاً لجوتام موخوبادهايا، السفير الهندي السابق في أفغانستان الذي أعاد فتح السفارة في عام 2001، فإن رئيس الوزراء الباكستاني رفض منح أي قواعد عسكرية للطائرات الأميركية أو طائرات المراقبة بدون طيار خوفاً من رد الفعل الصيني وطالبان. كما تعد الهند حليفاً رئيسياً يمكن الرجوع إليه في إطار إصلاحها في المحيطين الهندي والهادئ. علاوة على ذلك، يمكن لواشنطن الضغط على باكستان بسهولة للحصول على قواعد عسكرية».

خيار الهند مع طالبان المتجددة
إن تجاهل طالبان واحتضانها ليس خياراً جيداً، ومن الأفضل تحقيق توازن دبلوماسي. ونجت طالبان من الهجوم الأميركي لمدة 20 عاماً، والطريق إلى كابل أصبح مفتوحاً. فطالبان اليوم تختلف عما كانت عليه في عام 1996. الآن المتحدث باسمهم يتحدث الإنجليزية بطلاقة وترى ممثليها يسافرون إلى الخارج، ويستخدمون هواتف فاخرة وما إلى ذلك، لكن وجهات نظرهم حول العالم لم تتغير، فهم لا يدعمون الديمقراطية ويعارضون تعليم الفتيات، ولا يزالون يشنون الهجمات الإرهابية ويدعمون الإسلام المتشدد، ولا يزال تغيير مواقفهم تجاه العديد من القضايا مجرد أمنيات. لكن طالبان اليوم أكثر خبرة أيضاً، فإن التصور القائل إن طالبان لم تعد منظمة متجانسة وإن بعض الفصائل قد لا تكون بالكامل تحت سيطرة الجنرالات الباكستانيين قد ترسخ في السنوات الأخيرة.
تأمل الهند في العثور على موطئ قدم وسط الخلاف القائم بين طالبان وباكستان. والآن، لدى طالبان أجنحتها السياسية والعسكرية التي تعمل بشكل منفصل عن باكستان وبآلات حديثة بعيداً عن باكستان. لذلك، هناك احتمال لعلاقة ملائمة بين الهند وأفغانستان. فقد استثمرت الهند أكثر من 3 مليارات دولار في أفغانستان. قد لا يكون المبلغ كبيراً، لكن الهند حظيت بنوايا حسنة، وشعب أفغانستان ذاق طعم الرخاء. ولإبقاء الناس سعداء، تحتاج طالبان إلى أموال هندية، والهند مستعدة لاستثمارها.
كانت الهند قد أعلنت عن مساعدات إضافية بقيمة 80 مليون دولار في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، لكن ما الذي تحتاجه الهند من طالبان؟. وقال راكيش سود، السفير الهندي السابق في أفغانستان: «إذا لم تتحدث الهند، فسيجري إخراجها من منطقتها المريحة».

ما هو رد طالبان؟
أعلن المتحدث باسم طالبان سهيل شاهين أن منظمته لم تشارك أبداً في القضايا الداخلية للهند مثل كشمير، وهي نقطة هندية ساخنة مهمة، مضيفاً «نؤكد لكل الدول المجاورة لأفغانستان أنه لن تنشأ مشكلات جراء وصول مقاتليها إلى الحدود وسيتم الحفاظ على العلاقات الجيدة كما كان من قبل ولن يتم إنشاء أي عوائق لإدارة الحدود. وتشعر حركة طالبان بالقلق من أن تهدد الهند مصالحها في أفغانستان. لذلك، فإن المجموعة مستعدة لطمأنة الهند بأن مصالحها لن تتعرض للتهديد في أفغانستان، كما أن طالبان بحاجة إلى الهند التي يمكن أن توفر رابطاً مع المجتمع الدولي لضمان التمويل والدعم. وحال رفضت طالبان التعاون مع الهند، يمكن لنيودلهي استخدام نفوذها لتعزيز المعارضة الإقليمية للجماعة.



أستراليا والولايات المتحدة واليابان تعزز تعاونها العسكري

قوات أميركية ويابانية خلال أحد التدريبات المشتركة (صفحة الجيش الياباني عبر فيسبوك)
قوات أميركية ويابانية خلال أحد التدريبات المشتركة (صفحة الجيش الياباني عبر فيسبوك)
TT

أستراليا والولايات المتحدة واليابان تعزز تعاونها العسكري

قوات أميركية ويابانية خلال أحد التدريبات المشتركة (صفحة الجيش الياباني عبر فيسبوك)
قوات أميركية ويابانية خلال أحد التدريبات المشتركة (صفحة الجيش الياباني عبر فيسبوك)

تعهدت أستراليا واليابان والولايات المتحدة، الأحد، التعاون عسكرياً بشكل وثيق في تدريب قواتها، بينما تعمّق هذه الدول علاقاتها في محاولة لمواجهة القوة العسكرية للصين.

واستقبل وزير الدفاع الأسترالي ريتشارد مارلز نظيريه الأميركي لويد أوستن والياباني جين ناكاتاني، الأحد، لعقد اجتماع وزاري ثلاثي هو الأول في أستراليا.

وبموجب الاتفاق الجديد بين الدول سيُنْشَر «لواء الانتشار السريع البرمائي» الياباني، وهو وحدة تابعة للنخبة البحرية، في داروين للعمل والتدريب بشكل منتظم مع القوات الأسترالية والأميركية، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

ورأى مارلز أن هذا التعهد «مهم جداً للمنطقة والعالم»، ويتناول «التزام بلداننا الثلاثة العمل بعضها مع بعض». وأضاف: «سيؤدي إلى بناء قابلية للنشاط المشترك بين بلداننا الثلاثة».

وقال أوستن إن الشراكة ستزيد من «أنشطة المراقبة والاستطلاع» الاستخباراتية بين الدول الثلاث؛ ما «سيعزز أهدافنا لتحقيق الأمن والسلام في منطقة المحيطين الهندي والهادئ».

وأشاد بعمل مكتبه في مجال «تعزيز التحالفات» في المنطقة والعمل مع «دول تشترك في رؤية منطقة المحيطين الهندي والهادئ حرة ومفتوحة».

واقتربت كانبيرا أكثر من أي وقت من الولايات المتحدة حليفتها منذ زمن بعيد، وعززت جيشها في محاولة لردع قوة الصين الصاعدة.

وبالإضافة إلى تطوير أسطولها السطحي بسرعة، تخطط أستراليا لنشر غواصات تعمل بالطاقة النووية عبر صفقة ثلاثية مع الولايات المتحدة وبريطانيا تُعْرَف باسم «أوكوس».

ويخشى البعض أن يسحب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بلاده من هذه الصفقة، أو يحاول إعادة صوغها، على أساس سياسة خارجية قائمة على مبدأ «أميركا أولاً».

لكن مسؤولين أستراليين عبَّروا هذا الشهر عن «قدر كبير من الثقة» بأن الاتفاق سيظل قائماً.