إيران لم تحسم قرارها بشأن تسجيلات وكالة الطاقة

المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده (أ.ف.ب)
المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده (أ.ف.ب)
TT

إيران لم تحسم قرارها بشأن تسجيلات وكالة الطاقة

المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده (أ.ف.ب)
المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده (أ.ف.ب)

أعلنت إيران، اليوم (الاثنين)، أنها لم تحسم قرارها بشأن تسجيلات الكاميرات العائدة للوكالة الدولية للطاقة الذرية في بعض منشآتها النووية، بعد أيام من انتهاء مهلة اتفاق تقني مؤقت بين الجانبين، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، في مؤتمر صحافي عقده في مقر الوزارة: «لم يتم اتخاذ أي قرار بشأن مسح تسجيلات» الكاميرات.
وبموجب قانون أقره مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) الذي يهيمن عليه المحافظون، بدأت إيران في فبراير (شباط) الماضي بتقييد نشاط المفتشين التابعين للوكالة الدولية، في إجراء أبدت حكومة الرئيس حسن روحاني تحفظاتها بشأنه، لكنها أكدت أنها ستلتزم بمندرجاته.
وربط القانون البرلماني بين تطبيق هذا الإجراء وخطوات نووية أخرى، واستمرار العقوبات التي أعادت واشنطن فرضها اعتباراً من عام 2018، بعد قرار الإدارة الأميركية الأحادي بالانسحاب من الاتفاق حول الملف النووي الإيراني المبرم بين طهران وقوى دولية كبرى قبل ذلك بثلاثة أعوام.
لكن دخول إجراء تقييد عمل المفتشين حيز التنفيذ، تزامن مع إبرام الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومديرها العام رافاييل غروسي، اتفاقاً مؤقتاً مع طهران ممثلة بمدير المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي.
وأتاح الاتفاق «التقني»، استمرار بعض الإجراءات التي كانت ستتوقف بشكل كامل بموجب قانون الشورى، وإن بشكل محدود.
وبموجب هذا الاتفاق، أبقت طهران على عمل كاميرات المراقبة في بعض المنشآت، لكن مع الاحتفاظ بتسجيلاتها، بدلاً من أن تحصل عليها الوكالة الدولية بالتوقيت الفعلي المباشر.
وقالت إيران إنها ستسلّم الوكالة الدولية هذه التسجيلات في حال رفع العقوبات بانتهاء مهلة الاتفاق، لكنها حذّرت من أنها ستمسحها كاملة في حال عدم رفع واشنطن عقوباتها.
وقال خطيب زاده في مؤتمره الصحافي: «أشدد على أنه لم يتم اتخاذ أي قرار سلبي أو إيجابي يتعلق بالكاميرات أو الاتفاق السابق مع الوكالة الدولية».
وأبرم الاتفاق التقني بداية لثلاثة أشهر (بين فبراير - ومايو (أيار)) وبنهايته، أعلن تمديده لشهر إضافي انتهى في 24 يونيو (حزيران).
وأكد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي في 25 الحالي أن «إيران لم ترد» بعد على رسالته بشأن ما إذا كانت تعتزم مواصلة العمل بالاتفاق التقني.
وعقب ذلك، شدد مندوب إيران لدى الوكالة كاظم غريب آبادي، على أن بلاده ليست ملزمة بتمديد الاتفاق مجدداً، معتبراً أنه كان «تفاهماً على أساس مبادئ سياسية وليس اتفاقاً فنياً على أساس التزامات طهران»، وفق وكالة الأنباء الرسمية «إرنا».
والاثنين، حضت فرنسا، وهي إحدى الدول التي لا تزال منضوية في الاتفاق النووي لعام 2015 (مع بريطانيا وروسيا والصين وألمانيا)، على ضرورة أن توفر إيران للوكالة الدولية وصولاً فورياً وكاملاً إلى منشآتها النووية.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية، خلال مؤتمر صحافي عبر الإنترنت: «ندعم بشكل كامل جهود الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال إيران لالتزاماتها النووية ومراقبتها. على إيران استئناف التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإعادة تمكينها من الوصول الكامل والفوري».
وعادة ما تعود صلاحية اتخاذ قرارات تطال الملف النووي في إيران، إلى المجلس الأعلى للأمن القومي ولم يتضح ما إذا كان المجلس عقد اجتماعا بعد 24 يونيو، للتقرير بشأن الاتفاق المؤقت مع الوكالة الدولية.
ويأتي الحديث عن مصير الاتفاق التقني في وقت تخوض طهران والدول التي لا تزال منضوية في الاتفاق النووي، بمشاركة أميركية غير مباشرة، مباحثات في فيينا منذ مطلع أبريل (نيسان)، سعياً لإحياء اتفاق 2015. واسمه الرسمي «خطة العمل الشاملة المشتركة».
وأتاح الاتفاق الذي أبرم بعد أعوام من التوتر والمفاوضات الشاقة، رفع عقوبات اقتصادية كانت مفروضة على طهران، مقابل الحد من أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها. لكن مفاعيله باتت في حكم الملغاة منذ قرر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب سحب بلاده أحادياً منه عام 2018، وإعادة فرض عقوبات قاسية على إيران.
وأبدى الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن عزمه على إعادة بلاده إلى الاتفاق، بشرط عودة طهران إلى كل التزاماتها بموجبه، والتي بدأت التراجع عن غالبيتها تدريجياً بعد عام من انسحاب الولايات المتحدة منه.



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».