«داعش» يضرم النار في حقل نفطي شرق تكريت

الأمم المتحدة تؤكد نزوح 28 ألف مدني جراء المعارك

قوة مشتركة من الجيش العراقي والحشد الشعبي في ناحية العلم جنوب تكريت لدى إطلاق صاروخ على تنظيم داعش في صلاح الدين (رويترز)
قوة مشتركة من الجيش العراقي والحشد الشعبي في ناحية العلم جنوب تكريت لدى إطلاق صاروخ على تنظيم داعش في صلاح الدين (رويترز)
TT

«داعش» يضرم النار في حقل نفطي شرق تكريت

قوة مشتركة من الجيش العراقي والحشد الشعبي في ناحية العلم جنوب تكريت لدى إطلاق صاروخ على تنظيم داعش في صلاح الدين (رويترز)
قوة مشتركة من الجيش العراقي والحشد الشعبي في ناحية العلم جنوب تكريت لدى إطلاق صاروخ على تنظيم داعش في صلاح الدين (رويترز)

قال شاهد إن مقاتلي تنظيم داعش أضرموا النار في حقل نفطي شمال شرقي مدينة تكريت بالعراق لتعطيل هجوم من مقاتلي الحشد الشعبي وجنود عراقيين، لطردهم من المدينة والبلدات المجاورة لها.
وذكر الشاهد ومصدر عسكري أن مقاتلي «داعش» أشعلوا النار في حقل عجيل لحماية أنفسهم من هجمات طائرات الهليكوبتر العسكرية العراقية.
وهذه هي أكبر عملية تنفذها القوات العراقية ضد تنظيم داعش حتى الآن.
وقال الشاهد الذي يرافق مسلحين وجنودا عراقيين يتقدمون صوب تكريت من ناحية الشرق إن دخانا أسود شوهد يتصاعد من الحقل النفطي منذ بعد ظهر أول من أمس (الأربعاء). ولعبت السيطرة على الحقول النفطية دورا مهما في تمويل التنظيم، حتى رغم افتقاره للخبرة الفنية لإدارتها بكامل طاقتها.
وقبل سيطرة التنظيم المتشدد على الحقل النفطي في يونيو (حزيران) كان ينتج 25 ألف برميل من الخام يوميا، وكان إنتاجه يشحن إلى مصفاة كركوك إلى الشمال الشرقي، بالإضافة إلى 150 مليون قدم مكعب من الغاز يوميا كانت تضخ إلى محطة كهرباء كركوك التي تسيطر عليها الحكومة.
وقال مهندس في الموقع لـ«رويترز» في يوليو (تموز) إن مقاتلي التنظيم يضخون كميات أقل من النفط من عجيل خوفا من اشتعال الغاز، بسبب طرق الضخ البدائية التي يستعملونها. وقالت الإدارة الأميركية لمعلومات الطاقة إن قصفا وقع في أغسطس (آب) أضر بغرفة التحكم في حقل عجيل.
وتكريت هي مسقط رأس الرئيس الأسبق صدام حسين، وستحدد نتيجة المعركة بشأنها، إن كانت القوات العراقية ستتمكن من التقدم شمالا وبالسرعة الكافية في مسعى لاستعادة الموصل أكبر مدينة تحت حكم «داعش».
ولم يستعد الجيش المدعوم من الحشد الشعبي ومقاتلي البيشمركة الأكراد السيطرة بعد على أي مدينة احتلها التنظيم، رغم حملة الضربات الجوية التي ينفذها تحالف تقوده الولايات المتحدة منذ 7 أشهر، بالإضافة إلى إمدادات الأسلحة والدعم الاستراتيجي من إيران.
وأدت العملية العسكرية التي بدأتها القوات العراقية ومسلحون موالون لها يوم الاثنين الماضي لاستعادة مدينة تكريت ومحيطها من سيطرة تنظيم داعش المتطرف، إلى نزوح 28 ألف شخص، بحسب ما أعلنت الأمم المتحدة أمس.
وقالت المنظمة، إن «العملية العسكرية في تكريت ومحيطها أدت إلى نزوح ما يقدر بنحو 28 ألف شخص إلى مدينة سامراء» جنوب تكريت. وأضافت أن «التقارير الميدانية تشير إلى تسجيل نزوح إضافي، كما أن الكثير من العائلات لا تزال عالقة عند نقاط التفتيش»، من دون تحديد أي منها.
وبدأ نحو 30 ألف عنصر من الجيش والشرطة وفصائل شيعية وأبناء عشائر سنية موالية للحكومة يوم الاثنين الماضي، هجوما واسعا من ثلاثة محاور لاستعادة السيطرة على تكريت ومحيطها، في أكبر عملية هجومية ضد تنظيم داعش منذ هجومه الكاسح في العراق في يونيو (حزيران)، والذي سيطر خلاله على مساحات واسعة في شمال البلاد وغربها.
وتلعب طهران، وليس واشنطن، الدور الرئيسي في الهجوم الحالي، فيما شوهد الجنرال البارز بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني وهو يوجه العمليات في الجهة الشرقية، بينما يقود مقاتلو الميليشيا المدعومة من إيران معظم العملية. ويتقدم جنود ومقاتلون أيضا على نهر دجلة من شمال وجنوب تكريت استعدادا لهجوم مشترك متوقع في غضون أيام. ومن المرجح أن يبدأ الهجوم ببلدتي الدور والعلم إلى الجنوب والشمال من تكريت. لكن تفجيرات بعبوات ناسفة ونيران قناصة وهجمات انتحارية تسببت في إبطاء تقدمهم.
وقال مصدر عسكري إن انتحاريا من تنظيم داعش قاد عربة صهريج مفخخة مساء أول من أمس إلى معسكر على الطرف الشرقي من الدور، مما أدى إلى مقتل مهدي الكناني القيادي بميليشيا عصائب أهل الحق المدعومة من إيران و4 آخرين.
وأكدت قناة العهد التلفزيونية التابعة للميليشيا مقتل الكناني، أمس، الذي دفن في مدينة النجف المقدسة لدى الشيعة، جنوب العاصمة بغداد.
وذكر مصدر في الشرطة بمحافظة صلاح الدين حيث تقع تكريت أن قافلة تابعة لتنظيم داعش مكونة من 8 عربات هاجمت القوات العراقية، فجر أمس في منطقة المعيبدي إلى الشرق من العلم. وقال المصدر إن الجيش رد بإطلاق النار، فقتل 4 متشددين وأحرق اثنتين من سياراتهم.
وكانت الهجمات الأكثر دموية في حي نهروان السني جنوب شرقي العاصمة حيث قتل 3 أشخاص في انفجار قنبلة بسوق، وفي حي الرشيدية الشمالي قتل 3 جنود في انفجار قنبلتين زرعتا على جانب طريق.
وذكر سكان محليون أمس أن عناصر «داعش» نفذوا حكم الإعدام رميا بالرصاص بقرار من المحكمة الشرعية في «داعش» بحق القاضي عبد الله عبد الوهاب قاضي محكمة الجنايات في الموصل. وقال السكان لوكالة الأنباء الألمانية إن تنظيم داعش نفذ حكم الإعدام بحق القاضي عبد الله عبد الوهاب قاضي محكمة الجنايات في الموصل رميا بالرصاص، بقرار من المحكمة الشرعية في «داعش»، حيث كان محتجزا لدى التنظيم عدة أشهر.
وأشار السكان إلى أنه تم إرسال جثة القاضي إلى دائرة الطب العدلي في مستشفى الموصل.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم