تقنيات مستقبل الطاقة: من النفط الخام إلى الكيميائيات

«كاوست» و«أرامكو» تمكنتا من تطوير آلية جديدة للتحويل

مختبرات «كاوست»
مختبرات «كاوست»
TT

تقنيات مستقبل الطاقة: من النفط الخام إلى الكيميائيات

مختبرات «كاوست»
مختبرات «كاوست»

تعمل جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) وشركة «أرامكو» معاً على خلق مستقبل جديد للنفط، مستقبل من دون احتراق. ويقود هذه الجهود مركز الحفز في الجامعة ومركز أرامكو السعودية للأبحاث في «كاوست» الذي تم إطلاقه في العام 2016 بهدف إجراء أبحاث أصيلة ومبتكرة لتسريع بناء تقنيات مستقبل صناعة الطاقة في المملكة العربية السعودية. يدعم المركز أبحاث شركة أرامكو في مجالات الكيميائيات والأنظمة الذكية والطاقة الشمسية وهندسة المكامن والنمذجة الحاسوبية وحماية البيئة.
يعمل مركز الحفز الكيميائي في «كاوست» منذ 2014 مع أرامكو لتحويل كميات أكبر من النفط الخام إلى مواد كيميائية قيمة تتمثل في بوليمرات، بما في ذلك البولي إيثيلين والبولي بروبيلين، تستخدم لجميع أنواع المنتجات اليومية، مثل الملابس والنوافذ وعزل الأسلاك والكراسي.
تعد هذه المبادرة التكنولوجية الرائدة - المعروفة باسم «تحويل النفط الخام إلى كيميائيات» - أولوية استراتيجية رئيسية لشركة أرامكو التي تسعى لأن تصبح منتجاً بارزاً للمواد الكيميائية.
من بين جميع المسارات البحثية في برنامج أرامكو، فإن أكثر المسارات طموحاً يجري بالاشتراك مع «كاوست»، حيث يهدف هذا التعاون إلى تحقيق عملية حفز قادرة على إحداث هذا التحويل في خطوة واحدة، ما يعد «الغاية المنشودة» لبحوث «تحويل النفط الخام إلى كيميائيات»، إذا أنها تتطلب محفزاً متعدد الوظائف قادراً على تكسير الكبريت، ونزع الهيدروجين، وإزالة الكبريت منه.
تنطوي هذه العملية على القدرة على إعادة تشكيل صناعة البتروكيميائيات العالمية، وتأمين طلب طويل الأمد على النفط السعودي مع تقليل البصمة الكربونية المرتبطة باستخدامه. فمن خلال تحويل استخدام النفط في الاحتراق وزيادة نسبة كل برميل من النفط الخام المحول إلى مواد كيميائية، يمكن لهذه التقنية أن تساعد المملكة على معالجة تغير المناخ بشكل استباقي، وتخفيف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، مع الاستمرار في كونها واحدة من أهم منتجي النفط في العالم.
معاً، تمكنت أرامكو و«كاوست» من تطوير آلية جديدة لـ«تحويل النفط الخام إلى كيميائيات»، حيث قدمتا براءات اختراع لمفاهيم المفاعلات الجديدة وتشكيلات المحفز. ويتمثل الهدف النهائي في تسريع التكنولوجيا نحو التسويق. فيما تتمثل المرحلة التالية من التعاون في بناء مختبر تجريبي جديد في «كاوست» للبرهان على نجاعة التكنولوجيا على نطاق واسع.
ويوضح البروفسور جورجي جاسكون، مدير مركز الحفز في «كاوست» وأستاذ الهندسة الكيميائية إلى أن هناك ثمة حاجة إلى إعادة التفكير في الطريقة التي يتم بها تكرير النفط وتحويله.
نظراً للطلب المتزايد على المواد الكيميائية والانخفاض المتوقع في الطلب على البتروكيميائيات في العقود المقبلة. ويضيف: «نعمل في «كاوست» على ابتكار تقنيات جديدة لتطوير عملية تحويل النفط إلى مواد كيميائية، بهدف إنتاج البتروكيميائيات من النفط الخام بخطوة واحدة».
من جانبه يقول الدكتور خو وي، كبير مستشاري البحوث العلمية في أرامكو: «يعد إطلاق الإمكانات الأكبر الكامنة في موارد الهيدروكربون في صميم استراتيجية الكيميائيات في أرامكو السعودية. تدعم «كاوست» رحلتنا لتحقيق الهدف الطموح المتمثل في تحويل ما بين 70 إلى 80 في المائة من كل برميل من النفط الخام إلى مواد كيميائية بحلول العام 2030».


مقالات ذات صلة

اختتام معرض «CES» بابتكارات تعكس توجه مستقبل التكنولوجيا الاستهلاكية

تكنولوجيا استقطبت دورة هذا العام أكثر من 100 ألف مشارك وشركة عارضة في مدينة لاس فيغاس (CES)

اختتام معرض «CES» بابتكارات تعكس توجه مستقبل التكنولوجيا الاستهلاكية

في لاس فيغاس كمبيوترات قابلة للطي، وشاشات فائقة السطوع، وساعات اللياقة الذكية وأجهزة للعرض المنزلي وغيرها.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا يعد «Daily Listen» من «غوغل» نموذجاً مثيراً لكيفية تطور الوسائط الشخصية في السنوات القادمة (أدوبي)

بودكاست من «غوغل» يُقدمه اثنان من روبوتات الدردشة فقط!

روبوتا الدردشة يناقشان مواضيع تتماشى تماماً مع اهتماماتك الخاصة بناءً على تاريخ بحثك ونشاطك.

نسيم رمضان (لندن)
خاص تتوافق مبادرات «آي بي إم» في مجال الذكاء الاصطناعي مع «رؤية 2030» مما يضع المنطقة في موقع رائد في مجال الابتكار (أدوبي)

خاص مدير عام «آي بي إم» لـ«الشرق الأوسط»: الذكاء الاصطناعي قادر على جني 4 تريليونات دولار سنوياً

يعدّ سعد توما مدير عام «آي بي إم» في الشرق الأوسط وأفريقيا خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، أن الذكاء الاصطناعي «ليس مجرد أداة أخرى، بل ورشة عمل بأكملها».

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا يستمر معرض «CES 2025» حتى التاسع من شهر يناير بمشاركة عشرات الآلاف من عشاق التكنولوجيا والشركات التقنية في مدينة لاس فيغاس (CES)

معرض «CES» يكشف أحدث صيحات التقنيات الاستهلاكية لـ2025

إليكم بعض أبرز الابتكارات التي تكشف عنها كبريات شركات التكنولوجيا خلال أيام المعرض الأربعة في مدينة لاس فيغاس.

نسيم رمضان (لندن)
خاص توفر السيارة أحدث التقنيات بما في ذلك نظام صوتي قوي وميزات مساعدة السائق المتقدمة والتكامل السلس مع الهواتف الذكية (كاديلاك)

خاص تعرف على التقنيات التي تطرحها «كاديلاك» في «إسكاليد 2025»

«الشرق الأوسط» تـتحدث إلى سارة سميث مديرة هندسة البرامج في «كاديلاك».

نسيم رمضان (لندن)

«إعادة التحريج»... عوائد إيجابية للمجتمعات الأفريقية

دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
TT

«إعادة التحريج»... عوائد إيجابية للمجتمعات الأفريقية

دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)

شهدت السنوات الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في الاهتمام بمبادرات «إعادة التحريج» بصفتها استراتيجية فعّالة لمواجهة آثار تغيّر المناخ وتحسين سبل معيشة السكان المحليين.

«إعادة التحريج»

تعني «إعادة التحريج»، وفق الأمم المتحدة، استعادة الأراضي التي كانت مغطاة بالغابات من خلال زراعة أشجار جديدة لتعويض الغطاء الحرجي المفقود، بخلاف التشجير الذي يركّز على زراعة أشجار في مناطق لم تكن غابات أصلاً.

وتهدف هذه العملية إلى معالجة تحديات بيئية كبيرة، مثل: التغير المناخي وتآكل التربة، كما تعزّز التنوع البيولوجي، فضلاً عن فوائدها البيئية، مثل تحسين جودة الهواء. وتُسهم «إعادة التحريج» في خلق فرص عمل وتحسين الأمن الغذائي.

ومن أبرز هذه المبادرات «تحدي بون» (Bonn Challenge)، الذي أُطلق عام 2011 بوصفه حملة عالمية، تهدف إلى إعادة تأهيل 350 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة والغابات بحلول عام 2030.

وتشمل هذه المبادرة أساليب متعددة؛ مثل: الزراعة المكثفة لتكوين غابات جديدة لأغراض بيئية أو إنتاجية، والزراعة المختلطة التي تدمج الأشجار مع المحاصيل، أو تربية الحيوانات لزيادة الإنتاجية، بالإضافة إلى التجدد الطبيعي حيث تترك الطبيعة لاستعادة الغابات ذاتياً دون تدخل بشري.

وفي دراسة أُجريت من قِبل فريق بحث دولي من الدنمارك وكندا والولايات المتحدة، تم تحليل تأثير «إعادة التحريج» في تحسين مستويات المعيشة لدى 18 دولة أفريقية، ونُشرت النتائج في عدد 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، من دورية «Communications Earth & Environment».

واعتمدت الدراسة على بيانات أكثر من 200 ألف أسرة بين عامي 2000 و2015. واستخدم الباحثون أساليب إحصائية دقيقة لتحديد العلاقة الإيجابية بين إعادة التحريج وتحسّن مستويات المعيشة.

واستندوا إلى مؤشرات متنوعة لقياس الفقر تشمل التعليم والصحة ومستويات المعيشة؛ حيث أظهرت النتائج أن زراعة الأشجار أسهمت بشكل مباشر في تحسين الدخل وتوفير فرص عمل، بالإضافة إلى آثار اقتصادية غير مباشرة. كما أظهرت أن مناطق زراعة الأشجار كان لها تأثير أكبر من مناطق استعادة الغابات الطبيعية في تخفيف حدة الفقر.

يقول الباحث الرئيس للدراسة في قسم علوم الأرض وإدارة الموارد الطبيعية بجامعة كوبنهاغن، الدكتور باوي دن برابر، إن الدراسة تطرح ثلاث آليات رئيسة قد تُسهم في تقليص الفقر، نتيجة لتوسع مزارع الأشجار أو استعادة الغابات.

وأضاف، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن الآليات تتمثّل في توفير الدخل من خلال بيع منتجات الغابات، مثل: المطاط أو زيت النخيل، ما يسمح للأسرة بزيادة مواردها المادية. كما أن زراعة الأشجار قد تؤدي إلى خلق فرص عمل للسكان المحليين، في حين يمكن أن تُسهم مناطق التجديد البيئي في تحسين الظروف البيئية، ما يفيد الأسر المحلية من خلال النباتات والحيوانات التي يمكن بيعها وتوفير دخل إضافي للسكان.

ووفقاً لنتائج الدراسة، هناك مؤشرات من بعض البلدان؛ مثل: أوغندا، وبنين، أظهرت زيادة في النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار مقارنة بتلك التي لا تحتوي عليها.

تأثيرات الاستدامة

كما أشارت الدراسة إلى أن برامج التشجير في أفريقيا التي تهدف إلى استعادة أكثر من 120 مليون هكتار من الأراضي عبر مبادرات، مثل: «السور الأخضر العظيم»، و«الأجندة الأفريقية لاستعادة النظم البيئية»، تمثّل جهداً كبيراً لمكافحة الفقر وتدهور البيئة.

وتُسهم نتائج الدراسة، وفق برابر، في النقاش المستمر حول استدامة تأثيرات زراعة الأشجار في التنوع البيولوجي والمجتمعات المحلية، من خلال تسليط الضوء على الفوائد المحتملة لهذه المبادرات عندما يتمّ تنفيذها بشكل مدروس ومتوازن. كما أظهرت أن مبادرات زراعة الأشجار، مثل «تحدي بون»، يمكن أن تؤدي إلى نتائج إيجابية للمجتمعات المحلية، سواء من حيث تحسين مستوى المعيشة أو تعزيز التنوع البيولوجي.

وتوصي الدراسة بأهمية مشاركة المجتمعات المحلية في هذه المبادرات بصفتها شرطاً أساسياً لضمان استدامتها ونجاحها، فالتفاعل المباشر للمجتمعات مع المشروعات البيئية يزيد من تقبلها وفاعليتها، مما يعزّز فرص نجاحها على المدى الطويل.