«ذاكرة الريح العاتية»... سيرة شاعر ليبي

أحمد الفيتوري يجمع أعمال سعيد المحروق وحياته

«ذاكرة الريح العاتية»... سيرة شاعر ليبي
TT

«ذاكرة الريح العاتية»... سيرة شاعر ليبي

«ذاكرة الريح العاتية»... سيرة شاعر ليبي

عن دار ميادين الليبية للنشر، صدر كتاب «ذاكرة الريح العاتية»، وهو عبارة عن سيرة ذاتية للشاعر الليبي سعيد المحروق، الذي عاش مقعداً، يتنقل على كرسي متحرك، بعد أن أُصيب بشلل نصفي إثر تعرضه لحادث سيارة طائشة، وفشلت سبل علاجه في الداخل والخارج أيضاً.
أعد الكتاب وقدم له الكاتب والناقد الليبي أحمد الفيتوري. وهو يضم أغلب ما نشره المحروق من دراسات ومقالات، منذ منتصف ستينات القرن العشرين حتى وفاته عام 1994 عن عمر ناهز 48 عاماً. كما يرصد المحطات الفكرية والثقافية التي مر بها المحروق ولعبت دوراً مهماً في حياته الأدبية، وأسهمت في تكوينه وتشكيل وعيه كمفكر إشكالي، من حيث الرؤية الفلسفية متعددة المنطلقات، ثم التعاطي الفكري مع المسائل الاجتماعية والسياسية والأدبية، عبر تناول قضايا عدة وفي مجالات مختلفة. ويلفت الكتاب إلى أن المحروق في كل هذا كان حريصاً، على أن يكون صاحب الرأي المختلف والجديد، وهذا ما جعله متفرداً في الوسط الثقافي الليبي، فأفكاره تنهض على الحرية وتؤسس لها، ولهذا كانت تعكس المرحلة التي تمر بها ليبيا وإشكالاتها الفكرية والواقعية بخصوصية نادرة.
يقول أحمد الفيتوري في مقدمته: «إن الكتاب يمنح القارئ زاوية أخرى، لرؤية مرحلة فكرية وسياسية، وهو ما حرص سعيد المحروق على أن يكون له رأي فيها، بنظرة متميزة لا مثيل لها، وقد اشتبك لأجل ذلك، مع المشروع الفكري والسياسي السائد في تلك اللحظة الاستثنائية، ما بين عقدَي الستينات والثمانينات من القرن الماضي، ما جعل مما كتب مسباراً مسلطاً بقوة ضغط عالٍ على المسائل التي انبرى لها وفي مجالات مختلفة. كذلك تبين المنشورات بالكتاب الطبيعة الشخصية للمحروق، وكيف أنه كان يحرص على نشر ما يكتب كما حرصه على الكتابة نفسها، وبأسلوب خاص يجوس في أغوار قضايا ومسائل كانت ساخنة وحارقة، كُتبت بجرأة ووضوح وحتى بمباشرة، ما يجعل من الكتاب وثيقة حية وطازجة في نفس الوقت لمرحلة، كما شابتها الانقلابات العسكرية، عصفت بها أيضاً تيارات فكرية متباينة ومتساوقة، من هذا تعاطي المحروق مع ما اعتقد أنها مسائلهُ ومسائلُ عصره».
يقع الكتاب في 450 صفحة من القطع المتوسط ويضم كتابات للمحروق من بينها مقالاته عن سلامة موسى، والداروينية والفلسفة الوجودية، والعلاقة بين الدين والنضال في تاريخ الليبيين. كما يضم شهادات حول تجربته، منها شهادة لفرج الترهوني حول الخلاف الذي نشب بين المحروق وصديقه اللدود الروائي إبراهيم الكوني. وفي معرض انتقاده لصديقه الأمازيغي الراحل يؤكد الكوني أن «رسالة المبدع هي روحُ الهوية، وليس حرفها، وأنّ روحَ الهوية هو الإبداعُ وليس مجرد التلويح بالشعار الداعي لتأكيد حرفِ الهوية، لأن التضحية بالروح إنما هي تضحية بالهوية الثقافية واستبدال جانبها المغاير والمميت، وهو السياسي، بها».
يُذكر أن من بين الكتب التي جمعها أصدقاء الشاعر سعيد المحروق ونُشرت مؤخراً له كتاب «رسالة إلى العقيد معمر القذافي»، وهو صك إدانة عن الفاشية والقمع والإرهاب. أيضاً ديوان شعر بعنوان «أين نخاف مساء الغد؟»، وصدر له في حياته ديوانه الأول «سقوط -ال- التعريف»، والذي يلعب على شعرية اللحظة، وقنص إيقاعها المباغت في فضاء الصحراء المفتوح على براح الوجود والأسئلة وحياة البشر، فهو الأمازيغي، يعرف كيف يوسّع تلك اللحظة لتصبح دروباً وأزمنة وأماكن تبقى في التاريخ والوجدان، مثلما يقول:
«فأنا أخشى أن يتنصتني الناس أفكر جدياً
أو أعبس جدياً
أو أضحك جدياً
ويضايقني بقايا تعاسة
أو يفضحني حب
أو رعب
أو إحساس.
الحاصل: أخشى أن أفرد عن قطعان الناس»
ثم أصدر سعيد المحروق ديوانه الثاني «أشعار كاتمة للصوت»، وكتاب «أصوات منتصف الليل - جامع نصوص حكايات ليبية»، وفيه يبرز اهتمامه بالأدب الشعبي كأحد تضاريس الذاكرة والحياة.



انطلاق الدورة الـ19 لـ«البابطين الثقافية» بمضاعفة جوائز الفائزين

وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)
وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)
TT

انطلاق الدورة الـ19 لـ«البابطين الثقافية» بمضاعفة جوائز الفائزين

وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)
وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)

كرمّت «مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية»، صباح اليوم (الأحد)، الفائزين بجوائز الدورة الـ19 للجائزة، مع انطلاق هذه الدورة التي حملت اسم مؤسس وراعي الجائزة الراحل عبد العزيز سعود البابطين، تخليداً لإرثه الشعري والثقافي.

وأُقيم الاحتفال الذي رعاه أمير الكويت، الشيخ مشعل الأحمد الصباح، في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، بحضور (ممثل أمير البلاد) وزير الإعلام والثقافة وزير الدولة لشؤون الشباب عبد الرحمن المطيري، ومشاركة واسعة من الأدباء والمثقفين والسياسيين والدبلوماسيين وأصحاب الفكر من مختلف أنحاء العالم العربي، كما حضر الحفل أعضاء المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.

جانب من حضور دورة الشاعر عبد العزيز سعود البابطين (الشرق الأوسط)

وقال وزير الثقافة والإعلام الكويتي، عبد الرحمن المطيري، في كلمته، إن هذا الملتقى «الذي يحمل في طياته عبق الشعر وأريج الكلمة، ليس مجرد احتفالية عابرة، بل هو تأكيد على أن الثقافة هي الروح التي تحيي الأمم، والجسر الذي يعبر بنا نحو مستقبل زاخر بالتسامح والتعايش والمحبة».

وأضاف: «إن لقاءنا اليوم ليس فقط تكريماً لمن أبدعوا الكلمة وشيَّدوا صروح الأدب، بل هو أيضاً دعوة لاستلهام الإرث الثقافي الكبير الذي تركه لنا الشاعر الراحل عبد العزيز سعود البابطين (رحمه الله)، والذي كان، وسيبقى، قامة ثقافية جمعت بين جمال الكلمة وسمو الرسالة... رسالة تُعبِّر عن القيم التي تجمع بين الحضارات. ومن هنا جاءت مبادراته الرائدة، التي عرَّف من خلالها الشرقَ بالشعر العربي، وقدَّم للغرب بُعدَه الإنساني، جاعلاً من الشعر جسراً يربط القلوب، ومفتاحاً للحوار بين الثقافات».

رئيس مجلس أمناء «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين يلقي كلمته في افتتاح الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)

في حين قال رئيس مجلس أمناء «مؤسسة البابطين الثقافية»، سعود البابطين، إن هذه الدورة تأتي احتفاءً «بالشعر، فن العرب الأول على مر العصور، وتكريماً للمبدعين والفائزين مِنَ الشعراءِ والنقاد، ووفاءً ومحبة لشاعر هذه الدورة (عبد العزيز البابطين) الذي أخلص في رعاية الشعر العربي وخدمة الثقافة العربية بصدق ودأب وتفانٍ طيلة عمره كله، بلا ملل ولا كلل».

وفي خطوة لافتة، قدَّم رئيس مجلس الأمناء، أمين عام المؤسسة السابق، الكاتب عبد العزيز السريع، الذي رافق مؤسس الجائزة منذ نشأتها، ليتحدث عن ذكرياته مع راعي الجائزة الراحل، والخطوات التي قطعها في تذليل العقبات أمام إنشاء المؤسسة التي ترعى التراث الشعري العربي، وتعمل فيما بعد على بناء جسور التواصل بين الثقافات والحضارات.

وأعلن البابطين، في ختام كلمته عن مضاعفة القيمة المالية للجوائز ابتداءً من هذه الدورة، وفي الدورات المقبلة لـ«جائزة عبد العزيز البابطين».

ونيابة عن الفائزين، تحدَّث الأديب والشاعر الكويتي الدكتور خليفة الوقيان، مشيداً بـ«جهود (مؤسسة البابطين الثقافية) في دعمها اللامحدود للفعل والنشاط الثقافي داخل وخارج الكويت».

وأضاف: «في هذا المحفل الثقافي البهيج، يمرُّ في الذاكرة شريط لقاءات تمَّت منذ 3 عقود، كان فيها الفقيد العزيز الصديق عبد العزيز البابطين يحمل دائماً هَمّ تراجع الاهتمام بالشعر، ويضع اللَّبِنات الأولى لإقامة مؤسسة تُعنى بكل ما من شأنه خدمة ذلك الفن العظيم، ثم ينتقل عمل المؤسسة إلى الأفق الدولي، من خلال ما يُعنى بقضية حوار الثقافات والحضارات».

وألقى الشاعر رجا القحطاني قصيدة عنوانها «إشعاع الكويت»، من أشعار الراحل عبد العزيز البابطين.

يُذكر أن فعاليات الدورة الـ19 مستمرة على مدى 3 أيام، بدءاً من مساء الأحد 15 ديسمبر (كانون الأول) إلى مساء الثلاثاء 17 ديسمبر الحالي. وتقدِّم الدورة على مسرح مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي 5 جلسات أدبية، تبدأ بجلسة بعنوان «عبد العزيز البابطين... رؤى وشهادات»، تليها 4 جلسات أدبية يعرض المختصون من خلالها 8 أبحاث عن الشاعر عبد العزيز سعود البابطين المحتَفَى به، و3 أمسيات شعرية ينشد فيها 27 شاعراً.

وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)

الفائزون:

* الفائز بالجائزة التكريمية للإبداع الشعري الشاعر الدكتور خليفة الوقيان، وقيمة الجائزة 100 ألف دولار.

* الفائزان بجائزة الإبداع في مجال نقد الشعر «مناصفة»، وقيمتها 80 ألف دولار: الدكتور أحمد بوبكر الجوة من تونس، والدكتور وهب أحمد رومية من سوريا.

* الفائزة بجائزة أفضل ديوان شعر، وقيمتها 40 ألف دولار: الشاعرة لطيفة حساني من الجزائر.

* الفائز بجائزة أفضل قصيدة، وقيمتها 20 ألف دولار: الشاعر عبد المنعم العقبي من مصر.

* الفائز بجائزة أفضل ديوان شعر للشعراء الشباب، وقيمتها 20 ألف دولار: الشاعر جعفر حجاوي من فلسطين.