وزير الداخلية لـ«الشرق الأوسط»: نخشى الفوضى وتدهور الأمن المجتمعي أكثر

تصاعد مخاوف اللبنانيين مع تفاقم عمليات السطو والسلب

وزير الداخلية اللبناني محمد فهمي (الوكالة الوطنية)
وزير الداخلية اللبناني محمد فهمي (الوكالة الوطنية)
TT

وزير الداخلية لـ«الشرق الأوسط»: نخشى الفوضى وتدهور الأمن المجتمعي أكثر

وزير الداخلية اللبناني محمد فهمي (الوكالة الوطنية)
وزير الداخلية اللبناني محمد فهمي (الوكالة الوطنية)

بات الهاجس الأمني أبرز ما يؤرق اللبنانيين الغارقين أصلاً في مشكلاتهم المالية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية؛ فبعدما ظل الوضع ممسوكاً إلى حد كبير في الأشهر الماضية، تسارعت التطورات والمستجدات في الأيام الماضية التي توحي باتجاه البلد إلى الفوضى مع تفاقم عمليات السطو والسلب؛ مما جعل كثيراً من المواطنين يعتمدون تدابير جديدة، كالامتناع عن الخروج ليلاً إلا في حالات طارئة، والامتناع عن زيارة مناطق بعيدة ونائية، وتفادي التوقف عند الصرافات الآلية في المصارف ليلاً، وتفادي وضع الحلي والساعات الثمينة.
وشهدت أكثر من منطقة؛ سواء شمالاً وفي البقاع شرقاً، في الأيام الماضية عمليات سطو وسلب؛ بحيث كان يجري توقيف صهاريج المحروقات بالقوة والاستيلاء عليها، والاعتداء على سائقين ينقلون حليباً للأطفال ومستلزمات طبية. وأفيد بإقدام مجهولين على استدراج أحد اللبنانيين إلى مدخل بلدة الخضر عند الطريق الدولية شرق البلاد حيث سلبوه حمولة زيت قُدرت قيمتها بـ20 مليون ليرة (نحو 13 ألف دولار بسعر الصرف الرسمي).
كذلك جرى تداول إقدام عدد من الأشخاص على سلب مواطنين الأكياس التي كانت معهم عند خروجهم من سوبر ماركت كبير قبل فرارهم بعيداً.
وقال وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال، محمد فهمي، إنه كان قد نبه منذ مارس (آذار) الماضي إلى تدهور الوضع الأمني المجتمعي، «وتعرضنا حينها لهجمات وحملات، وتبين أنني كنت محقاً... اليوم هناك خوف من الأسوأ ومن تدهور الأمن المجتمعي أكثر؛ لأن هناك الكثير من الناس الجائعة وهم يستطيعون أن يتحملوا كل شيء إلا جوع أولادهم؛ لذلك ما دام الوضع على ما هو عليه؛ فستزداد الفوضى، لكنها لن تتحول إلى فوضى تامة». وأضاف فهمي لـ«الشرق الأوسط»: «سنعمل بكل ما أوتينا من قوة للمحافظة على القوانين والنظم المعتمدة، وسنحمي المواطنين والممتلكات العامة والخاصة».
وكان فهمي أعلن في مارس الماضي أن الوضع الأمني في لبنان «تلاشى» وأن البلد بات «مكشوفاً على كافة الاحتمالات وليس فقط اغتيالات»، لافتاً إلى أنه لم يعد بمقدور القوى الأمنية تنفيذ 90 في المائة من مهامها.
وبحسب «الشركة الدولية للمعلومات»؛ ازدادت عمليات القتل والسرقة منذ مطلع عام 2021، فارتفعت جرائم القتل بنسبة 45.5 في المائة، أما جرائم السرقة فارتفعت بنسبة 144 في المائة، في حين استقر عدد السيارات المسروقة على 115 سيارة خلال شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط).
وعدّ رئيس «مركز الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري - أنيجما»، رياض قهوجي، أن «الوضع يتجه لمزيد من الفوضى مع غياب أي أفق لحل سياسي للأزمة الحكومية والاقتصادية في البلد»، مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «مع استمرار ارتفاع الأسعار وانهيار الليرة تزداد الأمور صعوبة على معظم المواطنين في تأمين متطلبات العيش. فالأمن الإنساني بمكوناته السبعة (الأمن الاقتصادي والغذائي والتربوي والبيئي والصحي والسياسي والاجتماعي) مفقود في لبنان، وهذه مسؤولية الدولة؛ مما يثبت أن لبنان بات دولة فاشلة».
وأضاف قهوجي: «من الطبيعي أن نشهد ارتفاعاً في معدل السرقات والجرائم؛ لكن لا يمكننا أن نتوقع الكثير من أجهزة أمنية عناصرها لا تستطيع تأمين قوت يوم عائلاتها وبعضهم يبحث عن وسيلة لترك البلد، علماً بأن هناك تقارير بأن أعداداً منهم تمتنع عن الخدمة وربما هاجرت». وختم: «لبنان في حالة سقوط حر، ولا أحد يعلم كيف ستنتهي هذه المأساة ومتى».
وتحسباً لتطور الأوضاع دراماتيكياً، أقدم كثير من المواطنين على زيادة إجراءات الحماية حول منازلهم، فاشتروا بوابات جديدة، أو استقدموا كلاباً لتأمين الحراسة.
وتقول رندا الهبر (44 عاماً) لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المرة الأولى منذ سنوات التي لم أعد أشعر فيها بالأمان؛ لا في المنزل ولا على الطرقات. أشعر بأنني وعائلتي مهددون في أي لحظة بالسرقة أو القتل بهدف السرقة، وأعتقد للأسف أن الهجرة باتت الحل الوحيد».



إرغام محال الإنترنت بصنعاء على المشاركة في التعبئة الحوثية

اليمنيون يشتكون من بطء الإنترنت رغم مزاعم تدشين خدمة الجيل الرابع (إكس)
اليمنيون يشتكون من بطء الإنترنت رغم مزاعم تدشين خدمة الجيل الرابع (إكس)
TT

إرغام محال الإنترنت بصنعاء على المشاركة في التعبئة الحوثية

اليمنيون يشتكون من بطء الإنترنت رغم مزاعم تدشين خدمة الجيل الرابع (إكس)
اليمنيون يشتكون من بطء الإنترنت رغم مزاعم تدشين خدمة الجيل الرابع (إكس)

شنَّت الجماعة الحوثية أخيراً حملات ضد مُلاك مَحال وشبكات الإنترنت في العاصمة المختطفة صنعاء، بغية ابتزازهم مالياً، وإجبارهم على الترويج لأفكار الجماعة، والمساهمة في التعبئة العسكرية.

وأكدت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الحملة التي تنفِّذها عناصر تابعة لما تُسمَّى دائرة «التعبئة والتحشيد» الحوثية، ومكتب الاتصالات الخاضع للجماعة، أغلقت محال الإنترنت في مديريتي الوحدة ومعين، بذريعة مخالفة التعليمات ونشر محتوى برامج وتطبيقات علمية ورياضية وترفيهية، مخالفة لما تسميه الجماعة «الهوية الإيمانية».

مقر شركة «تيليمن» المزودة الرئيسية لخدمة الاتصالات الخاضع للحوثيين في اليمن (إكس)

واشترطت الجماعة الحوثية لإعادة فتح المحال، أن يقوم مُلاكها بدفع غرامات تأديبية، وتقديم محتوى يركز على نشر «الملازم الخمينية» وخطب زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.

واشتكى مُلاك محال إنترنت في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات ابتزاز تستهدفهم ومصادر عيشهم على أيدي مشرفين ومسلحين، يجبرونهم على نشر محتوى أُحادي يُحرِّض الشبان والمراهقين من مرتادي محال الإنترنت على الانضمام للجبهات.

ووفقاً لبعض السكان، فإن مسلحي الجماعة لم يتركوا المجال لأي مالك محل وشبكة إنترنت دون أن يستهدفوه، إما بالابتزاز والإغلاق، وإما بالإرغام على المشاركة في الترويج لأفكار الجماعة ذات المنحى الطائفي، وبث الأهازيج الحماسية بغية حشد المقاتلين.

وتتحكم الجماعة الانقلابية في اليمن بخدمة الإنترنت من خلال سيطرتها على شركة «تيليمن» المزودة الوحيدة للخدمة، وتحصل جميع شركات الهاتف الجوال -خصوصاً بمناطق سيطرتها- على الخدمة من الشركة.

استغلال عسكري

ويأتي التعسف الحوثي ضد محال الإنترنت متوازياً مع تقرير حديث صادر عن فريق خبراء الأمم المتحدة، اتهم الجماعة باستغلال إيرادات قطاع الاتصالات في الجانب العسكري، وشراء معدات الاتصال ذات الاستخدام المزدوج.

وأوضح التقرير أن جماعة الحوثي استغلت وسائل التواصل في حربها ضد اليمنيين، واستخدموا وجنَّدوا كثيراً من المشاهير في الشبكات الاجتماعية، للحديث باسم الجماعة، وتمرير أي رسائل وأجندة.

الجماعة الحوثية تستغل الاتصالات للتجسس على السكان (إعلام حوثي)

ويتزامن ذلك مع تصاعد شكاوى سكان في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرة الحوثيين، من استمرار تردي خدمة الإنترنت بصورة غير مسبوقة، لافتين إلى أن ذلك البطء تصاعد أكثر خلال الأيام القليلة الماضية.

ولفت السكان إلى وجود مساعٍ حوثية لعزلهم عن العالم، عبر التدابير المتعاقبة التي تقوم بها الجماعة، والمتصلة بخدمة الإنترنت، سواءً من حيث إضعاف الخدمة إلى درجة كبيرة، أو رفع أسعارها بصورة متكررة.

ولا يُعد هذا الاستهداف الأول لملاك محال وشبكات الإنترنت، فقد سبق للجماعة أن استهدفت أكثر من 50 ألف شبكة إنترنت محلية في مناطق سيطرتها.