مقتل عنصر بارز لـ«حزب الله» اللبناني في درعا

مواصلة حصار درعا البلد وسط رفض «الابتزاز الرخيص»

ضابط روسي مع مجموعة من  أهالي اللجاة جنوب سوريا (تجمع أحرار درعا)
ضابط روسي مع مجموعة من أهالي اللجاة جنوب سوريا (تجمع أحرار درعا)
TT

مقتل عنصر بارز لـ«حزب الله» اللبناني في درعا

ضابط روسي مع مجموعة من  أهالي اللجاة جنوب سوريا (تجمع أحرار درعا)
ضابط روسي مع مجموعة من أهالي اللجاة جنوب سوريا (تجمع أحرار درعا)

شهدت محافظة درعا، تصعيداً مساء السبت، بعد مقتل عارف الجهماني، المعروف بكونه أبرز رجال «حزب الله» في درعا جنوبي سوريا، برصاص مجهولين، على الطريق الرئيسي بين بلدتي صيدا والغارية الغربية، والجهماني، فيما تواصل الحصار على درعا البلد وسط رفض الأهالي ما اسموه بـ«الابتزاز الرخيص»، الممارس عليهم من قبل الجانب الروسي والنظام السوري.
وذكر موقع «تجمع أحرار حوران»، أن الجهماني قائد لإحدى المجموعات المسلحة التي تعمل لصالح إيران و«حزب الله» في بلدة صيدا، وسبق له العمل مع مجموعته المسلحة تحت إمرة رئيس فرع الأمن العسكري، العميد «لؤي العلي»، وتتهمه المعارضة بتنفيذ مهام أمنية لصالح شعبة المخابرات العسكرية 215. بدمشق، منها اغتيال معارضين للنظام شرقي درعا. وأفادت مصادر محلية بإصابة أحد أطفال الجهماني، الذي كان برفقته أثناء إطلاق الرصاص عليه. وسبق أن تعرض الجهماني لعدة محاولات اغتيال فاشلة، آخرها كان في 30 أبريل (نيسان) الماضي، أصيب جراءها بجروح متوسطة، مع اثنين من عناصر مجموعته المسلحة.
من جهة أخرى، تشهد مدينة درعا حالة من الترقب والتوتر الأمني واحتمالية لتصعيد عسكري من قبل النظام السوري وروسيا عقب جولات من التفاوض بينهم وبين لجان درعا المركزية، من أجل مناقشة الأوضاع الأمنية في المحافظة التي تشهد عمليات اغتيال بشكل يومي، وفوضى أمنية عارمة محورها الميليشيات المحلية التابعة لأفرع النظام الأمنية.
ويهدف الحصار الذي يفرضه الروس وقوات النظام على منطقة درعا البلد، إلى الضغط على الأهالي للقبول بشروط تسوية جديدة تقضي بتسليمهم السلاح الخفيف الذي بحوزتهم، ويقدر بمائتي بندقية روسية كلاشنكوف وعشرين رشاش بي كي سي، وإقامة نقطة عسكرية روسية دائمة على طريق درعا البلد - المحطة، مقابل حلّ الميليشيات المحلية التابعة للنظام والمشكلّة من أبناء درعا البلد، الذين تحولوا من صفوف المعارضة المسلحة إلى صفوف النظام بموجب تسوية في عام 2018، وتشكيل لجنة محلية يقبل بها الأهالي.
مصادر محلية في درعا، قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام يستغل حوادث الاغتيالات التي تجري في مناطق متفرقة من المحافظة، لتبرير سحب السلاح الفردي الخفيف المتبقي بأيدي الأهالي في درعا البلد، حسب تسوية 2018، علماً بأن الأهالي التزموا بالتسوية ولم تشهد منطقتهم أي عملية اغتيال لأشخاص من النظام، ولا هجوماً على أي حاجز تابع له، وأن معظم الاغتيالات والهجمات التي جرت حصلت في مناطق سيطرة قوات النظام. وأكدت المصادر بأن هذا الواقع يدركه كل ضابط روسي سبق وعين في حوران. وتابعت: «كلما عيّن ضابط روسي في حوران وتمكن من فتح حوار مع الأهالي وتفهم مطالبهم، قامت قيادته باستبداله. وخلال سنوات التسوية الثلاث، استبدل الكثير من الضباط الروس بمعدل ضابط جديد كل شهرين أو ثلاثة أشهر، جميعهم من ذوي الرتب العالية».
وفيما يتعلق بالضابط الروسي الجديد المعين قبل شهر ويدعى أسد الله، قالت المصادر، إنه وبعد ثلاث جلسات مع لجنة درعا البلد وتعهده بإقناع القيادة بدمشق بمطالب الأهالي، حنث بوعده ثم أرسل إليهم بشروط تسوية جديدة في رسالة إلى لجنة درعا البلد ترافقت بالتهديد والوعيد، وتم قطع الطرق الرئيسية يوم الخميس الماضي وسط تحليق للطيران العسكري في أجواء المحافظة.
وبينت المصادر أن مطالب الأهالي، تضمنت «سحب الجيش من الشوارع وإعادة الحياة الطبيعية إلى المحافظة، وعودة الموظفين المفصولين من أبناء حوران إلى وظائفهم، ويقدر عددهم بعشرة آلاف موظف، والكشف عن مصير عشرات الآلاف من المعتقلين». ولفتت إلى أن هذه المطالب سبق ووعد النظام بتلبيتها بوجود الضامن الروسي لدى إتمام تسوية 2018، لكن النظام والضامن الروسي تهربا من تنفيذ كامل بنود التسوية، واليوم يريدون إملاء شروط جديدة.
من جانبه، وصف الشيخ فيصل أبازيد، خلال خطبة يوم الجمعة الماضية، ما يقوم به الضامن الروسي بـ«الابتزاز الرخيص»، وقال إن الأهالي أبلغوا الضابط الروسي، أنه بعد حل كافة الفصائل المسلحة التي كانت في منطقتهم، لم تعد هناك جهات يمكن مخاطبتها لتسليم السلاح، «وأن ما تبقى هو سلاح فردي للدفاع عن النفس لا يمكن تسليمه». فكان رد الضابط الروسي، طلب دخول الروس مع قوات النظام إلى درعا البلد والقيام بعمليات تفتيش.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.