لبنان: «الاشتراكي» يحصن ساحاته بـ«حوارات وطنية» لضبط الأمن وتخفيف التشنجات

بعد اجتماع القوى السياسية الدرزية

TT

لبنان: «الاشتراكي» يحصن ساحاته بـ«حوارات وطنية» لضبط الأمن وتخفيف التشنجات

أطلق الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي يرأسه النائب السابق وليد جنبلاط، سلسلة حوارات مع القوى الحزبية التي تتواجد في مناطق نفوذه التقليدية بهدف ضبط الوضع ومنع التشنجات بين أنصار هذه القوى على خلفية تردي الأوضاع الاقتصادية.
عقدت القوى السياسية في منطقة راشيا والبقاع الغربي لقاءً وطنياً بدعوة من الحزب التقدمي الاشتراكي. ويأتي هذا اللقاء الذي جمع ممثلين عن الأحزاب الموجودة في المنطقة، منها «الاشتراكي» و«تيار المستقبل» و«الحزب السوري القومي الاجتماعي»، في إطار تفادي أي توتر أمني قد يزيد الأمور صعوبة، وفي إطار الحراك الذي يقوم به رئيس «الاشتراكي» وليد جنبلاط لتخفيف الاحتقان والتشنجات في الشارع، لا سيما في ظل الظروف الحساسة التي يمر بها لبنان، كما يشير مصدر متابع لحراك «الاشتراكي».
ويلفت المصدر في حديث مع «الشرق الأوسط»، إلى أن الهم الأكبر حالياً دعم صمود الناس والتخفيف عنهم قدر الإمكان، والتأكيد على وحدة الصف تماماً، كما كان هدف لقاء خلدة (الذي ضم القوى الدرزية) السبت الماضي، وشارك فيه جنبلاط ورئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان، ورئيس «حزب التوحيد العربي» الوزير السابق وئام وهاب.
وفي حين يشير المصدر إلى أن أجواء هذه الاجتماعات والبعيدة عن السياسة كانت إيجابية، يلفت إلى استمرار مساعي «الاشتراكي» في هذا الإطار والهدف تجنيب الناس ما أمكن أي توتر أمني ومساعدتهم على الصمود.
وكان اجتماع السبت أكد أن الهم المعيشي الذي يعانيه اللبنانيون كافة وأبناء الجبل خصوصاً، يتطلب أعلى مستويات الجهوزية والتحرك الفوري لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بضبط الوضع وتجنباً للكوارث والمآسي، مشدداً على دور المغتربين في المرحلة المقبلة.
كما أكد المجتمعون على إنهاء ذيول الأحداث التي وقعت في منطقة الجبل انطلاقاً من القوانين والأعراف المعمول بها في طائفة الموحدين الدروز، ورفع الغطاء عن كل من يخل بأمن الجبل واستقراره، كما اتفقوا على مرجعية الجيش اللبناني والقوى الأمنية في حفظ السلم الأهلي، فضلاً عن التشديد على تسليم كل المطلوبين في أحداث الجبل إلى القضاء.
وفي الإطار، تلقى شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، اتصالاً من نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، الذي أعرب عن تقدير لقاء القيادات السياسية في طائفة الموحدين الدروز في خلدة، منوهاً بروح التلاقي والوحدة الذي عبر عنها اللقاء.
وشدد حسن على أن المصالحة والوحدة داخل الطائفة، ستبقيان الأساس الذي تقوم عليه رفعتها، متمنياً أن تسود هذه الروحية بين كل الأطياف والمكونات الوطنية، وبين مختلف القوى السياسية وعلى مستوى كل المسؤولين، لكي يخرج بلبنان من قعر الأزمة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.