خطة طوارئ لمواجهة العنف في المجتمع العربي بإسرائيل

في أعقاب تصفية زوجين وابنتهما معاً في خلاف عائلي

TT

خطة طوارئ لمواجهة العنف في المجتمع العربي بإسرائيل

أعلن رئيس الوزراء، نفتالي بنيت، في مستهل جلسة الحكومة الأسبوعية، أمس الأحد، عن وضع «خطة طوارئ وطنية لمكافحة الإجرام» وذلك في أعقاب تصاعد جرائم العنف في المجتمع العربي في إسرائيل (فلسطينيي 48).
واعترف بنيت بأن حكومات إسرائيل أهملت هذا الموضوع، وقال: «العنف الذي يجتاح الوسط العربي يشكل آفة وطنية تم إهمالها على مدار سنين طويلة، وهي تلقي على عواتقنا مسؤولية محاربتها. إنها مهمة وطنية. لقد تحدثت هذا الصباح مع وزير الأمن الداخلي، عومر بارليف، واتفقنا على بلورة خطة وطنية تُعنى بمكافحة الإجرام في الوسط العربي، في أسرع وقت ممكن. وسنقوم بذلك على كافة الأصعدة بما فيها الأصعدة المدنية، والاقتصادية، وطبعًا الجنائية، ما يُعتبر بالدرجة الأولى أمرًا يريده المجتمع العربي ذاته بشدة، وطبعًا مصلحة وطنية بشكل عام.
وكان المجتمع العربي قد شهد منذ مطلع السنة، مئات جرائم العنف خلال شجارات عائلية، وجرائم تصفية حسابات بين عائلات إجرام وعصابات مافيا من مختلف الأصناف، قتل خلالها 46 شخصاً وجرح المئات. وقد وقعت آخر هذه الجرائم، صباح أمس الأحد، إذ قتل الشاب جميل زبارقة (30 عاماً)، بعد إطلاق النار عليه عند مدخل محطة للوقود في مدينة اللد. وكان والد جميل، سلمان (66 عاماً)، قد قتل هو أيضاً في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2020، ضمن تصفية حسابات مع عائلة أخرى، كانت قد فقدت فتى في الخامسة عشرة من العمر قبل أيام من تلك الجريمة.
وفي بلدة دير الأسد في الجليل، أطلق جناة مجهولون النار، صباح أمس، على منزل وثلاث سيارات خصوصية تعود لعضو المجلس المحلي، إبراهيم طه، وأسرته، وأسفر الاعتداء عن أضرار للمنزل والسيارات. وأعرب رئيس مجلس دير الأسد المحلي، أحمد ذباح، عن شجبه واستنكاره لجريمة إطلاق النار. وقال إن «الجريمة تعتبر تعدياً على دير الأسد وأهلها، ونحن في هذا البلد بكل أطيافه وعائلاته نعبر عن استيائنا واستنكارنا وحزننا على هذه الجريمة النكراء. كما ندين ونستنكر جميع جرائم العنف التي تجتاح مجتمعنا والتي باتت تهدد كل فرد منا على حد سواء». واختتم قائلاً: «في ظل الغياب المتعمد لوازع السلطة والقانون لم يبق لنا إلا إحياء وازع الإيمان والأخلاق كخط دفاع أخير».
وفي يوم السبت، وقعت جريمة تمت خلالها تصفية عائلة بأكملها، الزوج يوسف جاروشي (58 عاماً) والزوجة نوال جاروشي (46 عاماً) وابنتهما ريان البالغة من العمر 16 عاماً. وهم من سكان مدينة الرملة بالأصل، ينتمون إلى عائلة منكوبة بجرائم القتل من داخلها. ومع أن المواطنين العرب، بمن في ذلك أقارب الضحايا لا يجرؤون على الحديث عن الأسباب والتفاصيل، فإن رئيس بلدية الرملة السابق، يوئيل لابي، وهو ضابط كبير سابق برتبة عقيد في الجيش الإسرائيلي، اعتبر ما يجري «حرباً بين عصابات إجرام». وقال إن هذه الجريمة هي جزء من مسلسل جرائم مرعبة حصلت داخل العائلة نفسها، وطرفا هذه الحرب هما أبناء عم (والدا الزوجين شقيقان).
وقد شعر يوسف بالخطر على حياته فقرر الابتعاد إلى الجليل وسكن في بلدة دير حنا، قبل شهر ونصف الشهر، ويبدو أن القتلة عرفوا مكان سكنه الجديد فنصبوا له كميناً، وعندما غادر البلدة باتجاه الشرق، هو وزوجته وابنته، تعرضوا لإطلاق نار في شارع 806 بالقرب من قرية عيلبون. وقد بلغ عدد القتلى في هذا المسلسل حتى الآن 4 أشخاص، بينهم حاتم جاروشي، الذي قتل بـ12 طعنة سكين وهو يؤدي الصلاة في المسجد الأقصى في القدس.
وفي النقب أعلن الإضراب العام في بلدة عرعرة احتجاجاً على مقتل نجاح فخري أبو عرار (49 عاماً)، يوم الجمعة، إثر إصابتها بجروح حرجة جراء تعرّضها لإطلاق نار في شجار عائلي في عرعرة النقب. وضحية هذه الجريمة أم لعشرة أولاد، أكبرهم 31 عاماً وأصغرهم 16 عاماً، وجدة لتسعة أحفاد. وكانت قد فقدت زوجها خالد أبو عرار في شجار، قبل نحو 12 عاماً.
وتهدد آفة العنف في المجتمع العربي بنسف الإنجازات الكبيرة التي حققها أبناؤه وبناته في شتى مجالات الحياة بإسرائيل، علمياً وطبياً واقتصادياً وثقافياً وفنياً ورياضياً. ويتهم المواطنون شرطة إسرائيل بتعمد إهمال القضية والامتناع طيلة سنوات عن معالجتها. وحذروا: «أنتم الآن تشاهدون العرب وهم يقتلون بعضهم بعضاً، وفقاً لنظرية «فخار يكسر بعضه». ولكن هذه النار ستصل قريباً أيضاً إلى الشارع اليهودي. عندها ستضطرون إلى التدخل ولكن بعد فوات الأوان».
وقال اللواء يعقوب بوروفسكي، القائد الأسبق لشرطة الشمال، إن شرطته أهملت فعلاً هذا الموضوع والآن تجني ثمن هذا الخطأ الفاحش. ودعا إلى سن قوانين ووضع خطط عملية جدية يكون عنوانها القضاء على آفة العنف، لأن تبعاتها مدمرة على المجتمع الإسرائيلي برمته وعلى الاقتصاد والسياحة والأمن. ولكن المواطنين العرب يشيرون أيضاً إلى الأسباب الداخلية التي تؤدي إلى تدهور العنف، والتي تستوجب دوراً مسؤولاً أكثر من القيادات السياسية والدينية والتعليمية لنشر ثقافة محاربة العنف.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.