انتقاد أميركي ـ روسي لمشروع أوروبي حول المساعدات إلى سوريا

واشنطن تطالب بفتح 3 معابر... وموسكو تتهم «تحرير الشام» بعرقلة الإغاثة

أطفال نازحون يتلقون التعليم في مخيم شمال شرقي سوريا (رويترز)
أطفال نازحون يتلقون التعليم في مخيم شمال شرقي سوريا (رويترز)
TT

انتقاد أميركي ـ روسي لمشروع أوروبي حول المساعدات إلى سوريا

أطفال نازحون يتلقون التعليم في مخيم شمال شرقي سوريا (رويترز)
أطفال نازحون يتلقون التعليم في مخيم شمال شرقي سوريا (رويترز)

انتقدت روسيا وأميركا مشروع قرار قدمته النرويج وآيرلندا إلى مجلس الأمن يمدد آلية تقديم المساعدات الإنسانية إلى سوريا «عبر الحدود»، في وقت انضم فيه مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون إلى الداعين للحفاظ على التفويض لإيصال المساعدات من دون المرور بدمشق، وهو أمر ترفضه موسكو، ويُعد اختباراً لعلاقتها مع الإدارة الأميركية الجديدة.
وقال بيدرسون أمام مجلس الأمن إن «المدنيين في أنحاء البلاد في حاجة ماسة إلى مساعدات حيوية، وتعزيز قدرتهم على الصمود. ومن بالغ الأهمية الحفاظ على الوصول وتوسيعه، بما في ذلك من خلال العمليات عبر الحدود والخطوط الأمامية». وشدد المبعوث على أن «الاستجابة الواسعة النطاق عبر الحدود ضرورية لمدة 12 شهراً إضافية لإنقاذ الأرواح».
ويسري التفويض عبر الحدود منذ عام 2014، لكنه قُلص بشكل كبير العام الماضي، عبر الإبقاء على نقطة دخول حدودية واحدة، هي معبر باب الهوى (شمال غربي البلاد) مع تركيا. وتنتهي صلاحية التفويض في 10 يوليو (تموز) المقبل.
والجمعة، سلمت آيرلندا والنرويج، المسؤولتان عن الملف في الأمم المتحدة، وهما عضوان غير دائمين في مجلس الأمن، مشروع قرار لبقية الأعضاء الثلاثة عشرة في المجلس. وقد حصلت وكالة الصحافة الفرنسية على نسخة من المشروع.
وأخذاً في الاعتبار أن ثمة زيادة في الاحتياجات الإنسانية في شمال غربي سوريا وشمال شرقها، يُطالب مشروع القرار بالتمديد لعام واحد في تفويض إيصال المساعدات عبر معبر باب الهوى لمنطقة إدلب التي تسيطر عليها فصائل معارضة، وكذلك إعادة تفويض معبر اليعربية لإيصال المساعدات إلى شمال شرقي سوريا عبر العراق.
وانتقدت الولايات المتحدة سريعاً هذا المشروع، في موقف نادر الحدوث لواشنطن حيال حليفين أوروبيين لها، لأنه لا يسعى إلى اعتماد معابر حدودية جديدة.
وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، في بيان لاذع: «أستمر بالدعوة إلى إعادة تفويض معبر باب الهوى، واعتماد معبري باب السلام (شمال غربي سوريا) واليعربية مجدداً للمساعدات الإنسانية». وأسفت لفحوى المشروع الأوروبي الذي وافقت عليه الدول العشر غير دائمة العضوية في المجلس، على ما أفاد به دبلوماسيون.
وأضافت السفيرة الأميركية: «يجب أن يوفر مجلس الأمن راهناً إمكان وصول المساعدات الإنسانية التي يحتاج إليها السكان أمس الحاجة؛ إن تخلفنا عن ذلك يعني تجاهل مسؤولياتنا حيال الشعب السوري والأسرة الدولية ومُثلنا الخاصة».
وبعد مفاوضات بين دول المجلس الخمسة عشرة، يتوقع التصويت على المشروع بحلول العاشر من يوليو (تموز) المقبل.
ونُوقش موضوع التفويض عبر الحدود في القمة الأخيرة في جنيف بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين، لكنهما لم يكشفا عن موقف محدد حول الملف. وفي حال إقرار تمديد التفويض، يمكن أن يكون الملف نقطة بداية جديدة في العلاقة الروسية - الأميركية، على ما ذكرته وسائل إعلام أميركية.
وتصر موسكو، الحليف الرئيسي لدمشق الذي يؤيد بسط سيادة حكومة الرئيس بشار الأسد على كامل البلاد منذ بداية العام، على إنهاء تفويض الأمم المتحدة. كذلك تعد موسكو أن مرور المساعدة الدولية عبر دمشق يمكن أن يعوض المساعدات عبر الحدود، وهو أمر ترفضه الدول الغربية والأمم المتحدة. ومنذ بدء الحرب في سوريا عام 2011، استخدمت موسكو التي تُرجع تدهور الوضع الإنساني إلى العقوبات الغربية حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن 16 مرة في مواضيع تتعلق بالملف السوري، فيما استخدمت الصين الفيتو 10 مرات.
وفي بيان الجمعة، شددت ديانا سمعان، من منظمة العفو الدولية، على أن وقف المساعدات عبر الحدود ستكون له «عواقب إنسانية وخيمة». وأضافت: «ندعو مجلس الأمن إلى تجديد التفويض لوصول المساعدات الإنسانية عبر باب الهوى، وإعادة فتح معبري باب السلامة واليعربية».
كذلك دعا لويس شاربونو، من منظمة هيومن رايتس ووتش، إلى استمرار التفويض عبر الحدود، وتوسيعه إلى المعبرين المغلقين منذ عام 2020. وقال في بيان: «أي شيء بخلاف تجديد التفويض قد يؤدي إلى الحكم على الملايين من السوريين في شمال البلاد بالفقر المدقع أو الموت نتيجة سوء التغذية أو (كوفيد - 19)».
وقالت المندوبة الأميركية: «الرسالة التي نتلقاها باستمرار من العاملين في الخطوط الأمامية للأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية هي أنه يجب تفويض عمل 3 معابر حدودية من أجل وصول المساعدات الإنسانية إلى ملايين السوريين الذين هم في أمس الحاجة إليها».
وزادت: «كان هناك في وقت من الأوقات 4 معابر حدودية تقدم المساعدات الإنسانية الحيوية للسوريين، بمن فيهم اللاجئون والنازحون داخلياً، ولا يوجد الآن سوى معبر واحد. وعندما تم إغلاق المعابر الأخرى، عانى السوريين. وكمثال واحد على ذلك، ارتفعت الاحتياجات بنسبة 38 في المائة في شمال شرقي سوريا منذ إغلاق معبر اليعربية، وفقاً للأمم المتحدة. وكان هذا التدهور في البيئة الإنسانية متوقعاً، ويمكن تفاديه».
وأضافت: «أطالب بإعادة تفويض عمل معبر باب الهوى، وإرجاع عمل معبري باب السلام واليعربية، لتقديم المساعدة الإنسانية. كما أخبرني أحد مسؤولي الأمم المتحدة على الحدود التركية - السورية في وقت سابق من هذا الشهر أن هذا هو الوقت المناسب لتوسيع نطاق استجابتنا الإنسانية، وليس تقليصها».
وأكدت وكالة «أسوشيتد برس» أن مجلس الأمن الدولي ينظر في مشروع قرار يقضي بفتح ممرٍ ثانٍ لتقديم المساعدات عبر الحدود إلى سوريا.
وأفادت وكالة «أسوشيتد برس» بأن مشروع القرار الذي وزعته على المجلس (الجمعة) النرويج وآيرلندا يقضي بتمديد عمل ممر باب الهوى عند حدود تركيا وسوريا (وهو الممر الإنساني الوحيد العامل حالياً بموجب الآلية الأممية لتقديم المساعدات)، وإعادة فتح ممر اليعربية بين العراق وسوريا الذي تم إغلاقه في يناير (كانون الثاني) 2020.
وينص مشروع القرار كذلك على استئناف التفويض لمدة عام في هذه المسألة، بدلاً عن التفويض لمدة 6 أشهر الذي أصرت عليه روسيا.
ومن المتوقع أن يناقش الخبراء في مجلس الأمن مشروع القرار الجديد مطلع الأسبوع المقبل.
ونقلت «أسوشيتد برس» عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في رسالة شفهية إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الثلاثاء الماضي، اتهامه تنظيم «هيئة تحرير الشام» الذي تشكل «جبهة النصرة» السابقة عموده الفقري بمنع القوافل الإنسانية من عبور الحدود إلى سوريا، مع تغاضي أنقرة عن هذا الأمر.
وحمل لافروف أيضاً المانحين الغربيين المسؤولية عن الابتزاز، من خلال التهديد بقطع التمويل الإنساني عن سوريا في حال عدم تمديد تفويض ممر باب الهوى، مشدداً على ضرورة التصدي لمثل هذا السلوك.
وجدد مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، الأربعاء الماضي، موقف موسكو القاضي بأن الظروف في سوريا تغيرت، ما يتيح التخلي عن أسلوب تقديم المساعدات عبر الحدود، والانتقال إلى توزيعها عبر خطوط القتال داخل البلاد.
ولفت نيبينزيا إلى أن الغرب لم يبذل أي جهد في هذه المسألة، قائلاً إنه لا يمكن الحديث عن تمديد تفويض معبر باب الهوى، ما لم يؤكد الغرب بالأقوال والأفعال التزامه بتحقيق هذا الهدف.



الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
TT

الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)

أعلنت السلطات السورية، الثلاثاء، أن قواتها قتلت زعيم خلية مرتبطة بتنظيم «داعش» واعتقلت 8 آخرين، على خلفية الهجوم الدامي الذي استهدف، الأحد، قوات الأمن بشمال البلاد.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، قالت الوزارة في بيان إن العملية «استهدفت موقع خلية إرهابية تتبع لتنظيم (داعش) الإرهابي»، وأدت العملية إلى «إلقاء القبض على جميع أفراد الخلية وعددهم 8، وحُيّد (قُتل) العنصر التاسع، متزعم الخلية، أثناء المداهمة».

وأفادت الوزارة بعملية أمنية ثانية بناء على المعلومات التي جمعتها من العملية الأولى، وأسفرت العمليتان عن «ضبط أحزمة ناسفة، وكواتم صوت، وصواريخ من نوع ميم-دال، إلى جانب أسلحة رشاشة».

وقالت الداخلية إن المجموعة المستهدفة «مسؤولة عن تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية التي استهدفت دوريات أمنية وعسكرية في محافظتي إدلب وحلب».

وتأتي هذه العملية بعد هجوم استهدف، الأحد، دورية لإدارة أمن الطرق في ريف إدلب، ما أسفر عن مقتل أربعة من عناصر قوى الأمن الداخلي وإصابة خامس، حسب وزارة الداخلية السورية.

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» بأن مسلحين أطلقوا النار على الدورية أثناء تنفيذ مهامها على طريق معرة النعمان جنوب المحافظة.

وتبنى تنظيم «داعش» لاحقاً الهجوم، وفق ما أورده موقع «سايت» المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية.

ويأتي ذلك بعد أيام من استهداف وفد عسكري مشترك في مدينة تدمر وسط سوريا، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أميركيين، بينهم جنديان ومدني يعمل مترجماً، إضافة إلى إصابة عناصر من القوات الأميركية والسورية، حسب واشنطن ودمشق.


تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
TT

تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)

أقرت مصر حزمة واسعة من التسهيلات لمستثمري منطقة طابا ونويبع، الواقعتين على شاطئ البحر الأحمر بجنوب سيناء، بعد تضرر الأنشطة السياحية هناك على مدار العامين الماضيين، نتيجة الحرب في قطاع غزة والتوترات الأمنية المحيطة بالمنطقة.

وبحسب تصريحات إعلامية لرئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإنه تمت الموافقة من جانب إدارة الهيئة على منح المستثمرين عاماً إضافياً لتأجيل سداد المديونيات، مع وقف المطالبة بالسداد لمدة 18 شهراً دون فوائد، لافتاً إلى أن هذه القرارات جاءت استجابة لمطالب المستثمرين وبعد عدة اجتماعات ميدانية وجولات تفقدية للمنطقة.

وتضمنت حزمة التسهيلات المقررة مد فترة الإعفاء من سداد قيمة الأراضي إلى 3 سنوات بدلاً من عامين، إلى جانب تجميد المديونيات لمدة سنة ونصف السنة دون فرض أي أعباء إضافية.

وأوضح أن المنطقة تعرضت لضغوط استثنائية أدت إلى توقّف غالبية المقاصد السياحية، مشيراً إلى أن عدد الفنادق العاملة حالياً لا يتجاوز 6 فنادق من بين 55 فندقاً مسجلة في المنطقة.

حوافز حكومية لمنتجعات جنوب سيناء في مصر لتنشيط السياحة (هيئة تنشيط السياحة)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أشارت تقارير إعلامية مصرية إلى «إغلاق نحو 90 في المائة من المنشآت السياحية في مدينتي طابا ونويبع الواقعتين بسيناء على شاطئ البحر الأحمر وتراجع معدل الإشغالات الفندقية في منتجع شرم الشيخ ومدن جنوب سيناء نتيجة الحرب على غزة».

الدكتور يسري الشرقاوي، مستشار الاستثمار الدولي ورئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، عدّ التسهيلات المالية التي تقدمها الحكومة المصرية لمساندة المشروعات السياحية المتعثرة خطوة مهمة، لكنها لا تمثل حلاً كاملاً في مواجهة تداعيات الظروف الجيوسياسية الراهنة، مشدداً على ضرورة تبني استراتيجية متعددة المحاور.

وقال الشرقاوي، لـ«الشرق الأوسط»: «تُعد السياحة أحد أهم المصادر للعملة الصعبة في مصر، وكان تأثير الظروف الجيوسياسية على مناطق سيناء، خصوصاً المناطق الجنوبية المتضررة جغرافياً، تأثيراً مباشراً وحاداً».

وتابع: «اليوم، تنظر الحكومة المصرية إلى عام 2026 بوصفه عاماً مرتقباً للهدوء النسبي والاستقرار، وهو العام الذي سيأتي أيضاً بعد شهور من الافتتاح الكامل للمتحف المصري الكبير، والتدابير المتخذة تهدف إلى جعل عام 2026 عاماً ذهبياً لقطاع السياحة إذا ما تلاشت التأثيرات الخارجية»، مؤكداً أن الحلول المالية المطروحة حالياً ستسهم في سداد الفواتير الكبيرة المستحقة على أصحاب المشروعات السياحية المتعثرة في سيناء، ومتوقعاً المزيد من المساعدات التدريجية في هذا الصدد.

وبحسب تصريحات رئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإن الهيئة حرصت على جمع مطالب المستثمرين، وإقرار ما يدعم استمرارية النشاط في المنطقة التي تمثل أحد أهم المقاصد في جنوب سيناء.

واستقبلت مصر، وفق بيانات رسمية 15.7 مليون سائح خلال عام 2024، ما يُعدّ أعلى رقم تحققه البلاد في تاريخها. كما أعلنت زيادة أعداد السائحين خلال الربع الأول من العام الحالي 2025 بنسبة 25 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، رغم التحديات الجيوسياسية التي تواجهها المنطقة.

ودعا الشرقاوي إلى ضرورة تدخل أوسع من الحكومة على 3 محاور متزامنة لضمان جذب أعداد أكبر من السائحين؛ أولها المحور الدبلوماسي والسياسي، عبر استمرار الجهد المكثف، ممثلاً في وزارة الخارجية وتحت توجيهات القيادة السياسية، لضمان التحسن التدريجي المستقر في الظروف الجيوسياسية وتلاشي أثرها، إلى جانب الترويج النوعي، من خلال إعداد وزارة السياحة والآثار المصرية برامج ترويجية جاذبة تستهدف إعادة تثبيت الرؤية الآمنة لأسواق السياحة الدولية تدريجياً، خاصة للوافدين إلى سيناء.

وتابع: «كما يجب أن يكون هناك ترويج مدعوم للسياحة الداخلية للحفاظ على نسب الإشغال داخل هذه المنطقة، فلا يمكن لأي منطقة في العالم أن تتجاوز جميع الآثار إلا إذا تضافرت الأيدي الداخلية مع الدعم الخارجي».


«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

في وقت تحدث فيه إعلام إسرائيلي عن زيادة وتيرة التوتر بين مصر وإسرائيل في الفترة الحالية، بسبب ممارسات حكومة بنيامين نتنياهو في قطاع غزة، قال مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأجهزة المصرية رصدت ما تقوم به إسرائيل من مخالفات لاتفاق شرم الشيخ، وأعدت به ملفاً وأبلغت به واشنطن للتأكيد على أن القاهرة ملتزمة ومصرة على تنفيذ الاتفاق».

ووفق عسكريين سابقين بمصر، فإن «القاهرة ترى في ممارسات إسرائيل بغزة محاولة للتملص من خطة ترمب المتفق عليها، واللجوء لترسيخ وجود عسكري إسرائيلي دائم فيما يعرف بالخط الأصفر بغزة، مما يهدد الأمن القومي المصري».

و«الخط الأصفر» هو خط تقسيم يفصل قطاع غزة إلى جزأين، وفقاً لخطة السلام الموقعة بشرم الشيخ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهي الخطة التي تهدف إلى إنهاء حرب غزة. ويفصل الخط الأصفر 47 في المائة من الأراضي في المنطقة الغربية التي يسيطر عليها الفلسطينيون، عن 53 في المائة من قطاع غزة التي تسيطر عليها إسرائيل، وتقريباً جميع الفلسطينيين في غزة نزحوا إلى المنطقة الغربية من الخط.

قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)

وكشف تقرير لـ«القناة 14» الإسرائيلية عن نشاط للجيش الإسرائيلي فيما يعرف بـ«الخط الأصفر»، وتعديل التضاريس الجغرافية لقطاع غزة، وهو ما تعدّه القاهرة «تهديداً مباشراً لمصالحها الإقليمية»، وفق القناة، التي ذكرت أن «ذلك أغضب مصر ودفعها للشكوى إلى الولايات المتحدة، متهمة إسرائيل بأنها تعمل على تقسيم قطاع غزة إلى جزأين، وتغيير التركيبة الديموغرافية والتضاريسية للمنطقة».

وحسب التقرير، فإن القاهرة «تنظر بقلق بالغ لما يجري في قطاع غزة، خصوصاً بعد تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي إيل زامير، حول الخط الأصفر، باعتباره خطاً دفاعياً وهجومياً جديداً»، حيث إن نشاط الجيش الإسرائيلي في المنطقة «الصفراء» - الذي يشمل تدمير بنية تحتية للأنفاق وهدم منازل - «يفسر في القاهرة على أنه استعداد لترسيخ وجود عسكري طويل الأمد في غزة، ما دفع مصر إلى التحرك الدبلوماسي العاجل باتجاه واشنطن»، وفق القناة العبرية.

وأكد نائب مدير المخابرات الحربية ورئيس جهاز الاستطلاع السابق بمصر، لواء أركان حرب أحمد كامل، أن «مصر غاضبة بشدة من محاولات إسرائيل التملص من التزامها بخطة السلام المتفق عليها، وتحركاتها في المنطقة الصفراء توحي برغبتها في تثبيت وجود عسكري دائم في غزة وقرب الحدود المصرية، مما يمثل تهديداً للأمن القومي المصري».

مصادر تتحدث عن اشتراطات مصرية لعقد قمة بين السيسي ونتنياهو (إعلام عبري)

كامل، وهو مستشار بالأكاديمية العسكرية المصرية للدراسات العليا والاستراتيجية قال لـ«الشرق الأوسط»: «الموقف المصري واضح ومحدد وثابت في عده قضايا رئيسية تخص الأمن القومي المصري، ويقوم على أن السلام هو الهدف الرئيسي والاستراتيجي للسياسة الخارجية المصرية، واحترام مصر للاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، خصوصاً اتفاقيه السلام الموقعة عام 1979، والملحق العسكري المرفق بالاتفاقية وتعديلاته الخاصة بزيادة أعداد القوات المسلحة المصرية في سيناء، وضرورة احترام إسرائيل للاتفاقيات الموقعة بين الجانبين».

وأوضح أن «هناك اشتراطات مصرية للتهدئة مع إسرائيل تتعلق بتنفيذ اتفاق غزة طبقاً لمبادرة الرئيس الأميركي ترمب بمراحلها المختلفة، والبدء فوراً في المرحلة الثانية دون عرقلة أو أسباب واهية، مع التأكيد على تثبيت وقف إطلاق النار الدائم والتحول إلى مرحلة السلام، وقيام إسرائيل بالتنفيذ الدقيق للاتفاقية ودخول المساعدات الإنسانية بالكميات المتفق عليها، وفتح معبر رفح في الاتجاهين».

ومن الشروط كذلك بحسب كامل، «رفض مصر الهجرة القسرية أو الطوعية لسكان قطاع غزة، وكذلك الإجراءات الإسرائيلية بالضفة الغربية الخاصة بإقامة المستوطنات وضم الضفة الغربية لإسرائيل، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من كامل أراضي القطاع بما فيها محور فيلادلفيا والعودة لحدود 7 أكتوبر 2023، والتأكيد أن الوجود الإسرائيلي الحالي هو وضع مؤقت مرهون بتطور تنفيذ مراحل الاتفاق، وأن الخطوط الملونة ومنها الخط الأصفر، هي خطوط وهمية لا يعتد بها».

الشرط الرابع، وفق كامل، متعلق بـ«مدى تجاوب نتنياهو وحكومته مع المطالب العربية الواضحة في المبادرة العربية، والخاصة بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، والشروع والموافقة على حل الدولتين وعدم التهجير للفلسطينيين؛ سواء بغزة أو الضفة، وإبداء النوايا الحسنة الخاصة بحسن الجوار وعدم الاعتداء، والتجاوب مع المطالب الدولية الخاصة بإخلاء المنطقة من التهديد بالسلاح النووي، وانضمام إسرائيل للاتفاقيات الدولية بذات الشأن».

مسلحون من «حماس» يرافقون أعضاء «الصليب الأحمر» نحو منطقة داخل «الخط الأصفر» الذي انسحبت إليه القوات الإسرائيلية في مدينة غزة (أرشيفية - رويترز)

ويعتقد أن «مصر لن تتجاوب مع المساعي الأميركية والإسرائيلية الخاصة بعقد اجتماع بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، دون تقديم إسرائيل مبادرة واضحة ومحددة لرغبتها في السلام واستقرار المنطقة، وتكون قابلة للتنفيذ».

وذكرت التقارير الإسرائيلية أن الولايات المتحدة حاولت فعلياً تنظيم قمة ثلاثية في واشنطن؛ بين السيسي ونتنياهو بحضور ترمب، لكن الفكرة ارتطمت بجدار الشروط المصرية التي وصفها الإعلام العبري بـ«غير المقبولة» من وجهة النظر الإسرائيلية، لكن التقارير ذاتها أشارت إلى أن القاهرة تتوقع أن يمارس ترمب ضغوطاً خلال لقائه المرتقب مع نتنياهو في فلوريدا نهاية الشهر الحالي، لـ«كبحه» والحد من خطواته في غزة.

وقال مدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق بالجيش المصري، اللواء سمير فرج، إن «هناك تعويلاً كبيراً على القمة التي ستعقد بين ترمب ونتنياهو ومخرجاتها، وإن ترمب بالقطع سيضغط على نتنياهو للالتزام بخطة السلام في غزة، التي تحمل اسم ترمب شخصياً».

ونوه فرج في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بأن مصر ستقيم الموقف في إطار ما ستتمخض عنه قمة ترمب ونتنياهو، ولكن في الوقت ذاته، فإن موقفها واضح وثابت في أنها لا تقبل أبداً بتثبيت الوجود العسكري الإسرائيلي في الخط الأصفر، أو في أي منطقة من غزة، وكل ما تفعله حكومة نتنياهو تدرك القاهرة تماماً أنه محاولة لعرقلة خطة السلام التي تنص على الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من جميع أراضي غزة.