الجزائر: «جبهة التحرير» تترقب «الحصة الأكبر» من وزارات الحكومة الجديدة

أبو الفضل بعجي زعيم «جبهة التحرير» (أ.ف.ب)
أبو الفضل بعجي زعيم «جبهة التحرير» (أ.ف.ب)
TT

الجزائر: «جبهة التحرير» تترقب «الحصة الأكبر» من وزارات الحكومة الجديدة

أبو الفضل بعجي زعيم «جبهة التحرير» (أ.ف.ب)
أبو الفضل بعجي زعيم «جبهة التحرير» (أ.ف.ب)

بدأ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون «مشاورات سياسية» باستقبال الأحزاب وأعضاء من مجموعة البرلمانيين المستقلين، الذين أفرزهم الاستحقاق قصد بدء مشاورات سياسية واسعة لتشكيل حكومة جديدة. وفي غضون ذلك، أعلن أمين عام «جبهة التحرير الوطني» أن الحزب «سيأخذ العدد الأكبر من الحقائب الوزارية» في الحكومة المرتقبة، بناءً على الريادة التي عادت إليه في انتخابات البرلمان التي جرت في 12 من يونيو (حزيران) الجاري.
وصرح أبو الفضل بعجي، زعيم «جبهة التحرير»، لصحافيين بالعاصمة بعد استقباله في مقر الرئاسة، أن تبون لم يبلغه إن كان سيختار الوزير الأول من حزبه الذي فاز بـ98 مقعداً من 407 مقاعد. مشيراً إلى أن «هذه المسألة من صلاحيات رئيس الجمهورية». لكنه أكد بنبرة ثقة كبيرة بأن «الحصة الأكبر من الوزارات سنأخذها بحكم أن نتائج الانتخابات وضعتنا في المركز الأول».
وقدم الوزير الأول عبد العزيز جراد، الخميس، استقالته مع طاقمه كما ينص عل ذلك الدستور. وكلفه تبون بتصريف أعمال الحكومة حتى الإعلان عن الطاقم التنفيذي الجديد.
وذكر بعجي أن قياديي الحزب، الذين التقوا تبون، «قدموا له عرضاً حول مشاركتنا في الحكومة، ولا يزال التواصل بيننا مستمراً بهذا الخصوص»، وبدا متكتماً بشأن مضمون «العرض». لكنه أوضح أنه «ستكون حكومة سياسية بناءً على ما أفرزه صندوق الانتخابات، وهذا ما هو معمول به في العالم». في إشارة، ضمناً، إلى أنه غير وارد أن يختار تبون وزراء من خارج الأحزاب والمترشحين المستقلين الذين تصدروا الانتخابات. كما يفهم بأن الرئيس أبعد من حساباته «الشخصيات التكنوقراط» لتولي مناصب وزارية، خصوصاً ما تعلق بالوزارات الفنية، كما كان الحال في حكومته الأولى ما بعد انتخابات الرئاسة 12 ديسمبر (كانون الأول) 2019.
وبسؤاله عن «رفض الحراك» عودة «جبهة التحرير» إلى صدارة المشهد السياسي، بعد أن كانت أهم ركائز حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، قال بعجي: «شاركنا في الانتخابات ببرنامج ووعود، وقد أعطانا الشعب ثقته. نسعى (في حال دخول الحكومة الجديدة) لتلبية المطالب الخاصة بالتنمية». في وقت تعيش فيه البلاد حالياً أزمة مياه خطيرة، أدت إلى إعداد مخطط لاقتصاد استهلاكه، حيث بدأت الحكومة منذ أمس تنفيذ خطة لتقليص توزيع المياه على سكان العاصمة (5 ملايين) وذلك لأول مرة منذ 20 سنة. أما في باقي المحافظات الـ57 فندرة المياه بات أمراً مألوفاً.
وتابع بعجي بخصوص شعارات رفعت في الحراك، تطالب بحل «جبهة التحرير» قائلاً: «صاحب السيادة هو الشعب، وهو من نصبنا في الطليعة، ومن لا يحب جبهة التحرير ما عليه إلا أن يعرض ما يريد على الشعب. الشعب هو من أعطانا المرتبة الأولى. ولو لم يقتنع بنا الناخبون لما أعطونا 98 مقعداً. نحن حزب له قوة شعبية وحضور واسع، وسيكون أقوى في الانتخابات المحلية المقبلة».
واللافت أن «السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات» لم تعلن عن عدد الأصوات، التي حصلت عليها الأحزاب والمستقلون، وهو ما استغربته الأوساط الإعلامية والمراقبون. وقد أعطت النتائج الأولية «جبهة التحرير» 105 مقاعد، لكن «المجلس الدستوري» خصم منها 7 مقاعد بعد دراسة الطعون وتم منحها للمستقلين.
وجاء في بيان للرئاسة أن تبون استقبل، إلى جانب بعجي وأعضاء من «المكتب السياسي» للحزب، في نفس اليوم وفداً من المستقلين يتكون من 6 نواب. وشارك في المحادثات نور الدين بغداد الدايج مدير الديوان برئاسة الجمهورية، ومحمد الأمين ميسايد الأمين العام لرئاسة الجمهورية، وبوعلام بوعلام مستشار رئيس الجمهورية للشؤون القانونية والقضائية. يشار إلى أن المستقلين حصلوا على 84 مقعداً.
ويرتقب أن يقدم اليوم رئيس «حركة مجتمع السلم» (65 مقعداً)، عبد الرزاق مقري، رؤيته بخصوص التحديات المطروحة على الحكومة، عندما يستقبله تبون. فيما استبعد قياديون من الحزب المعارض الوحيد في البرلمان الجديد التحاقه بالطاقم التنفيذي المرتقب.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».