اعتقال محتجين على مشروع قناة إسطنبول

اعتقال محتجين على مشروع قناة إسطنبول
TT

اعتقال محتجين على مشروع قناة إسطنبول

اعتقال محتجين على مشروع قناة إسطنبول

تدخلت الشرطة التركية، أمس (السبت)، لفض وقفة احتجاجية نظمها عدد من جمعيات حماية البيئة في ميدان بكير كوي في إسطنبول، بمشاركة آلاف من أعضائها بالتزامن مع وضع الرئيس رجب طيب إردوغان حجر الأساس لأول جسر يمر فوق قناة إسطنبول الجديدة، إيذانا بإطلاق مشروع القناة. واشتبكت قوات الشرطة مع المحتجين الذين تجمعوا بشكل سلمي ورفعوا لافتات تطالب بوقف المشروع، واعتقلت نحو 50 منهم، وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريقهم. واعتبر المحتجون أن الحكومة ترتكب الجريمة تلو الأخرى بحق مدينة إسطنبول، مرددين: «الجسر الثالث جناية... قناة إسطنبول جناية». وكان المحتجون أكدوا، في بيان قبل تدخل الشرطة ضدهم، أنهم سيواصلون النضال القضائي ضد إنشاء قناة إسطنبول، التي وصفوها بـ«المشروع القاتل»، ولن يتراجعوا مهما فعل الرئيس التركي الذي أكد أنه سيمضي قدماً في مشروع القناة، ولن يستمع إلى أي أصوات رافضة، و«أنه سينفذ المشروع عنداً في المعارضة». وأضاف المحتجون أن إردوغان يرفض الاستماع إلى تحذيرات العلماء والخبراء من الآثار المدمرة لمشروع القناة الموازية لمضيق البوسفور على البيئة في إسطنبول واحتمالات تدميره منطقة «كوتشوك تشكمجة» التي تقع على فالق زلزالي.
من جانبه، اعتبر إردوغان قناة إسطنبول مشروعاً لإنقاذ مستقبل مدينة إسطنبول، قائلاً: «إننا نفتح اليوم صفحة جديدة في تاريخ تنمية تركيا». وأضاف، خلال مراسم أقيمت أمس في منطقة سد «سازلي ديره» بالشطر الأوروبي من إسطنبول: «نرى أن قناة إسطنبول مشروع لإنقاذ مستقبل إسطنبول، وأن هناك حاجة لهذا المشروع من أجل حماية النسيج التاريخي والثقافي لمضيق البوسفور، وأن قناة إسطنبول من المشاريع الأكثر صداقة للبيئة في تركيا والعالم، ونهدف لإنجازها في غضون 6 سنوات بتكلفة تقارب 15 مليار دولار».
وأعرب عن اعتقاده بأن التجمعات السكنية المخطط إقامتها على ضفتي القناة بسعة إجمالية تبلغ 500 ألف نسمة ستزيل الضغط عن مركز إسطنبول. ويبلغ طول القناة، كما هو مخطط، 45 كم، وعرض قاعدتها 275 متراً بعمق نحو 21 متراً. وقال إردوغان إن قناة إسطنبول جرى تصميمها بحيث يمكنها استيعاب 99 في المائة من حركة الملاحة الراهنة في مضيق البوسفور، وبمعدل أمان أعلى 13 مرة. واستجلب المشروع انتقادات واسعة جداً من العلماء والخبراء بسبب تأثيراته الخطيرة المحتملة على البيئة في إسطنبول. وأقام رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو وعدد من جمعيات حماية البيئة دعاوى قضائية لوقف تنفيذ المشروع.
في الوقت ذاته، انتقد رئيس حزب «الديمقراطية والتقدم» علي باباجان، حزب العدالة والتنمية الحاكم برئاسة إردوغان، قائلاً إنه سلّم تركيا إلى حفنة من العصابات والتنظيمات الإجرامية.
وعلق باباجان، خلال مؤتمر لحزبه في غرب تركيا، أمس، على اتهامات الفساد وتجارة المخدرات وإساءة استخدام المناصب التي وجهت لبعض وزراء وقيادات حزب العدالة والتنمية من قبل زعيم المافيا التركي، سادات بكر، قائلاً: «مع الأسف منح حزب العدالة والتنمية تركيا لحفنة من العصابات، حيث حوّلوا موارد الدولة والتنظيمات الإجرامية إلى كيان مشترك... الأتراك الذين نسوا المنظمات الإرهابية لفترة طويلة، عادوا وتذكروها مجدداً، بسبب تفشي المنظمات الإجرامية في هذا البلد».
وأضاف باباجان، الذي كان من مؤسسي حزب العدالة والتنمية قبل أن ينفصل عنه في 2019 بسبب اختلافه مع إردوغان في إدارة شؤون البلاد، أن حزب العدالة والتنمية الذي وصل إلى السلطة لأنه رفع شعار مكافحة الفساد، أصبح فاسداً. وتشير استطلاعات الرأي المتعددة التي أجريت خلال الأشهر الأخيرة إلى تراجع حاد في شعبية حزب العدالة والتنمية إلى مستوى يتراوح بين 30 و32 في المائة، فضلاً عن تآكل شعبية إردوغان بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية ووقائع الفساد التي تسلط المعارضة الضوء عليها، فضلاً عما فجره زعيم المافيا الهارب سادات بكر، الذي كان في السابق قريباً من الحزب. لكن نائب رئيس حزب العدالة والتنمية، مصطفى شن، زعم أن الحزب لا يزال يتمتع بدعم ما بين 38 و40 في المائة من الناخبين، ولم تنخفض شعبيته إلى 20 في المائة كما تدعي شخصيات في المعارضة.
وكان حزب العدالة والتنمية يحظى من قبل بنسبة تأييد تصل إلى 49 في المائة، لكن مع التراجع المستمر في شعبيته جراء سياساته التي وسعت من عدم الرضا لدى قطاعات واسعة من الشعب، انخفضت أصواته في انتخابات عام 2018 المبكرة إلى 42.4 في المائة. ومن المقرر إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة في يونيو (حزيران) عام 2023، بالتزامن مع الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية. ويسعى حزب العدالة والتنمية وحليفه حزب الحركة القومية لإجراء تغييرات على نظام الانتخابات قبل هذا الموعد لضمان الأغلبية في البرلمان.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.