الفيلم: «المواطن 4»
إخراج: لورا بويتراس
النوع: تسجيلي - الولايات المتحدة
تقييم الناقد: (3*) من خمس
* الفيلم الحائز على أوسكار أفضل فيلم تسجيلي قبل أسابيع قليلة، هو ثالث عمل للمخرجة الجيدة لورا بويتراس يتناول الحياة السياسية الأميركية بعد عدوان 2001. الفيلمان السابقان هما «بلدي، بلدي» (2006)، و«العهد» (2010)، وكلاهما يشكلان تمهيدا لهذا العمل الأفضل من سابقيه والأكثر آنية.
بويتراس كانت بدأت التحضير لفيلم حول تصنت أميركا (ممثلة بمؤسسة «وكالة الأمن القومي») وبأجهزة غير حكومية (تعمل بالتنسيق مع وكالة الأمن القومي) على مواطنيها عندما اتصل بها إدوارد سنودون وعرض عليها أن تجري معه مقابلة يكشف فيها أسرار وكالة الأمن القومي الذي كان يعمل موظفا مؤتمنا فيها عارضا الغوص على: كيف تتجسس الوكالة المفترض بها أن تحارب الإرهاب برصد المشتبه بهم على مواطنيها كافة.
المخرجة لم تكن بحاجة لمن يقنعها. هذا موضوع فيلمها أساسا، وهي لاحظت أنها موضع مراقبة. المقابلة التي تتم بينها وبين سنودون في غرفة صغيرة في أحد الفنادق شاركها فيها صحافيان كان لهما أثر كبير في نشر أولى التقارير الكاشفة لنشاط الوكالة هما غلن غرينوولد، والبريطاني أوان ماكاسكيل لكن المعلومات كانت خطرة ودامغة وهي التي دفعت بسنودون إلى البحث عن ملجأ هربا ممن قد يحاول اعتقاله أو إسكاته.
بعد أن تلتقط المخرجة ملاحظاتها حول الموضوع، بما في ذلك تصوير محطة رصد ضخمة قامت «وكالة الأمن القومي» بإنشائها في بعض جبال يوتا تستطيع التنصت على كل من في الأرض وحفظ ملفات بعدد سكان العالم، تركن المخرجة إلى ذلك الجزء الطويل من المقابلة التي تتم داخل الغرفة. على عكس المتوقع، تصور المخرجة المقابلة التي يجريها غرينوولد وماكاسكيل مع سنودون. لا تلقي أي سؤال بل تلتقط الحوار القائم. فوق ذلك تلتقط الذعر الذي كان سنودون يعيشه ويخيم على جو الغرفة. هل هو مراقب؟ هل هناك من يستمع إلى حديثه؟ (يوعز بسحب خط الهاتف من الحائط، لأنه بإمكان تقنية اليوم طلب رقم هاتف أرضي من دون أن يرن الهاتف، لكن عبره يتاح الاستماع إلى كل ما يقال). يقف عند النافذة خلف الستائر ويلقي نظرة على الشارع تحته لعله يلحظ شيئا. سنودون ليس بطلا في هذه اللقطات، بل رجلا يخشى على حياته.
تغذي المخرجة الفيلم أيضا بمشاهد لجلسات محكمة عليا تنظر في القضية وفي نفي ممثلي الكونغرس أن التنصت والرصد المرئي على غير المشتبه بهم (الغالبية) وارد وتحيط بمؤتمرات مناهضة يتحدث فيها البعض عن الموضوع وخطره. لكن يبقى سنودون نجم الفيلم. ذلك الموظف ابن التاسعة والعشرين (حينها) الذي عرض حياته للخطر عندما أدرك أنه لا يستطيع قبول ما يعرفه أو السكوت عنه.
القول بأن هذا فيلم جريء لا يعكس كل الحقيقة. في الأساس هذا فيلم تسجيلي رائع كعمل سينمائي في وقت بات كل من يصور نفسه وأقاربه ويوعز بحركة الجميع تبعا لاحتياجاته، يعتقد أنه يحقق فيلما تسجيليا. هو أيضا فيلم مهم في عصر ابتعدت الحياة فيه عن السلامة وودعت عصورا باهية وأزمنة أفضل.