المشهد

لؤلؤة المهرجانات

المشهد
TT

المشهد

المشهد

* كل شيء هادئ على الجبهة الغربية بعد موسم المهرجانات والجوائز باستثناء أن النشاط السينمائي لا يهدأ كل ما في الأمر أن أحدا لم يعد يلهث وراء متابعة مصير الأفلام المتنافسة على جوائز العام التي بدأت بالغولدن غلوبس وانتهت (تقريبا) بالأوسكار
* يكتب أحد الزملاء المداومين الذين اشتغلوا في إخراج الأفلام التسجيلية سابقا أنه لا يفهم السبب الذي من أجله سرت «حمى الأوسكار» على النحو الذي وقع في الأسابيع والأشهر السابقة وهو بذلك يدين (من دون أن يستخدم الكلمة) ذلك الاهتمام ويضيف عليه أن ما شاهده من أفلام رشحت للجوائز الذهب لم تكن في رأيه تستحق
* وجهة نظره تحمل صوابا بلا ريب هناك الكثير مما سعى إليه الإعلام الدولي لنشره وتداوله ربما لو جمعنا كل ما كتب عن هذه الدورة من سباق الأوسكار في كتاب لوصل عدد صفحاته إلى ألف لكن المسألة معقدة بعض الشيء: الجمهور يريد المعرفة وعلى الصحف والمواقع الإعلامية أو المتخصصة أن تلبي الجمهور المهتم يشكل حول العالم الغالبية بين فئات الجماهير كل صحيفة أو مجلة أو موقع يود تأمين الإقبال على مواده في شتى الشؤون الحياتية بالتالي ليس هناك من سبب لعدم انغماس الإعلام برصد المناسبات التي أدت إلى الجوائز والرابح ثلاثي الأبعاد: الإعلام والجمهور والجمعيات التي توزع الجوائز وفي مقدمتها جائزة الأوسكار
* وكما ذكرنا الحديث عن الجوائز ينتهي (ولو أن بعض المقالات الأجنبية طرحت، من الآن السؤال حول ماهية الأفلام التي ستدخل عرين الجوائز في العام المقبل!) لكن النشاط السينمائي يستمر
* هناك مهرجانات مغربية وتونسية مقبلة مهرجان قمرة القطري في الأسبوع المقبل مهرجان ترايبيكا يعلن قائمة أفلامه وهناك مهرجانات فنلندية وفرنسية وتركية ولاتينية وشرق آسيوية كثيرة مقبلة في الواقع لو صرف الناقد كل أيامه منتقلا من مهرجان لمهرجان لما عرف النوم في سريره الخاص ليلة واحدة من أيام السنة
* كل ذلك قبل أن يصل موعد الحدث الأكبر في هذا المجال وهو مهرجان «كان» السينمائي الذي سيعلن برنامجه في منتصف الشهر المقبل وهو المحطة الكبيرة الثانية (بعد برلين) في عالم السينما كل سنة ومستهل موسم الصيف من المهرجانات المرموقة مثل كارلوفي فاري ولوكارنو قبل الوصول إلى المحطة الكبرى الثالثة وهي مهرجان فنيسيا الكامن في مطلع الخريف
* يبدو الأمر مثيرا للشفقة بعض الشيء تصور أن عليك أن تحسب الأيام بناء على روزنامة المهرجانات لكن إذا ما كانت السينما هي شغف الحياة لديك فإن كل التعب يتلاشى والأمل بأنك تستطيع يوما حضور 24 مهرجانا أو أكثر في السنة الواحدة يبدو لك مثل لؤلؤة نادرة تنتظر من يقتنصها



شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز