يورغن كلينسمان: المنتخب الألماني سيتأهل إلى المربع الذهبي على أقل تقدير

ينظم يورغن كلينسمان احتفالاً بالذكرى السنوية الـ25 لفوز المنتخب الألماني «الماكينات» ببطولة كأس الأمم الأوروبية 1996 في سبتمبر (أيلول) المقبل. وعلى الرغم من كل شيء؛ الخروج المهين من نهائيات كأس العالم الماضية، والهزيمة المذلة أمام إسبانيا بسداسية نظيفة، والخسارة في ألمانيا أمام منتخب مقدونيا الشمالية المتواضع في تصفيات كأس العالم المقبلة، والتأهل بصعوبة من دور المجموعات في كأس أوروبا الحالية بعد التعادل مع المجر في الجولة الأخيرة، ومواجهة إنجلترا على ملعب ويمبلي في دور الـ16، ونهاية حقبة يواخيم لوف على رأس القيادة الفنية للماكينات الألمانية، يعتقد كلينسمان أن مانويل نوير يمكنه قيادة المنتخب الألماني للفوز ببطولة اليورو الحالية، وبالتالي الاحتفال بالذكرى السنوية الـ25 لهذا الإنجاز، في حال تحقيقه، عام 2046!
قد يرى كثيرون أن حظوظ المنتخب الألماني في الفوز باللقب محدودة، لكن كلينسمان يعرف أفضل من غيره أن التوقعات لا تكون دائماً صحيحة في عالم الساحرة المستديرة. ويعتقد كلينسمان المدير الفني السابق للمنتخب الألماني ومهاجمه السابق أن المنتخب الألماني ونظيره الإنجليزي متشابهان للغاية قبل مواجهتهما المرتقبة في دور الـ16 ببطولة أمم أوروبا «يورو 2020» المقرر إقامتها يوم الثلاثاء المقبل. وكان كلينسمان آخر قائد للمنتخب الألماني يرفع لقب بطولة كأس الأمم الأوروبية، وآخر لاعب يفعل ذلك على ملعب ويمبلي الشهير. ويتذكر القائد التاريخي للمنتخب الألماني كثيراً من الحكايات عن «يورو» 1996، بما في ذلك «خوفه» من هدف بول غاسكوين في مرمى أسكوتلندا، وكيف رافقته طائرات مقاتلة إلى مطار فرانكفورت، وكيف وقف في إحدى الشرفات ليغني أغنية المنتخب الإنجليزي الشهيرة «كرة القدم تعود إلى موطنها» لمشجعي المنتخب الألماني الذين كانوا يشعرون بالقلق.
كان كلينسمان يتحدث عن هذه الذكريات الجميلة وهو يضحك، لكن عندما سألته عن احتمال أن يكرر نوير إنجازه ويقود المنتخب الألماني لمنصة التتويج في 11 يوليو (تموز)، توقف عن الضحك على الفور. وقال النجم الألماني البالغ من العمر 56 عاماً: «نظراً للثقافة التي نتمتع بها في ألمانيا، فإن التوقعات بشأن ما سيحققه المنتخب الألماني لا تتغير وتقف على أرض صلبة، لأن تاريخ المنتخب الألماني يقول إنه فاز بـ4 بطولات لكأس العالم و3 بطولات لليورو. وبالتالي، تكون التوقعات دائماً هي الفوز بأي بطولة نشارك فيها. أعتقد أن التوقعات قد تكون أعلى الآن بسبب كارثة الخروج من دور المجموعات بكأس العالم الأخيرة بروسيا، وأنا أقول ذلك بكل صدق. لقد أدى ذلك إلى إحباط كثيرين، وخاصة اللاعبين الذين شاركوا في تلك البطولة ولم يقدموا المستويات المتوقعة منهم. اللاعبون الذين يشاركون في البطولات الدولية يحملون آمال وطموحات بلادهم على أكتافهم، وبالتالي يتعين على الجيل الحالي للمنتخب الألماني أن يثبت أنه جيل جيد حتى يمحو آثار ما حدث في البطولة السابقة. لديّ ثقة في أن المنتخب الألماني سيبلغ نصف النهائي على أقل تقدير».
وينطبق نفس الأمر أيضاً على يواخيم لوف، الذي تولى قيادة المنتخب الألماني قبل 15 عاماً خلفا لكلينسمان بعد أن قاد الأخير المنتخب الألماني لاحتلال المركز الثالث في نهائيات كأس العالم عام 2006. وستنتهي مسيرة لوف مع المنتخب الألماني بعد بطولة كأس الأمم الأوروبية 2020؛ حيث سيتولى المسؤولية هانسي فليك، على الرغم من أن منتقدي لوف يعتقدون أنه كان يجب إقالته على الفور بعد الخروج المهين من دور المجموعات في كأس العالم 2018. ويرفض كلينسمان فكرة أن الفترة الطويلة لبقاء مساعده السابق على رأس القيادة الفنية للمنتخب الألماني هي السبب في هذا التراجع الملحوظ.
يقول كلينسمان: «من الطبيعي أن يحدث صعود وهبوط في مسيرة أي فريق على مدى فترة طويلة من الزمن، كما أنه من الطبيعي أن يحدث صعود وهبوط في بنية أي برنامج لأي منتخب أو نادٍ على المدى الطويل. دائماً ما كان السير أليكس فيرغسون هو مثلي الأعلى في مجال التدريب؛ حيث تمكن من الحفاظ على النجاح الكبير طوال فترة طويلة من الزمن، وحافظ على نفس الروح الإيجابية، والقدرة على القيادة، والرغبة في تحفيز كل لاعب حتى يمكنه تقديم أفضل ما لديه داخل المستطيل الأخضر».
ويضيف: «ما فعله يواخيم لوف على مدى 15 عاماً كان رائعاً في حقيقة الأمر. من المؤكد أنه كانت هناك خيبة أمل كبيرة للغاية في كأس العالم الأخيرة بروسيا، لكن في النهاية، وبغضّ النظر عن المدير الفني الذي يتولى المسؤولية، فإن الأمر يتعلق الأمر بالروح المعنوية للاعبين والحوافز التي لديهم. وتقع المسؤولية الكبرى على اللاعبين، لأنهم هم من يتخذون القرارات داخل الملعب، فإذا كان لديهم حافز كبير لتقديم نتائج جيدة خلال البطولة ومواصلة المشوار حتى المباراة النهائية، فسيكون بإمكانهم تحقيق ذلك».
ويتابع: «كان هناك كثير من الانتقادات الموجهة إلى يواخيم لوف بسبب ما حدث في روسيا، لكن بشكل عام الجمهور الألماني يحبه حقاً. إنه شخص جيد وسيحترمه الناس دائماً بسبب قيادته للمنتخب الألماني للفوز بلقب كأس العالم 2014. سيتمنون له التوفيق في بطولته الأخيرة، وسيحظى دائماً بحب كبير؛ لكن على الجانب الآخر فالجمهور الألماني يرغب في نسيان ما حدث في روسيا وتعويض ذلك بتقديم أداء جيد في البطولة الحالية. ولن يقبل الجمهور الألماني بأقل من الوصول للدور نصف النهائي، فهذا هو الحد الأدنى حقاً. والأفضل هو الفوز بالبطولة بالطبع. هذه التوقعات لم تتغير أبداً منذ أن كنت لاعباً».
ولدى كلينسمان صورة في منزله وهو يستلم كأس بطولة كأس الأمم الأوروبية من ملكة بريطانيا بعد الفوز في المباراة النهائية على جمهورية التشيك بهدفين مقابل هدف وحيد. وكان هذا الفوز، بفضل الهدف الذهبي الذي أحرزه أوليفر بيرهوف في الوقت الإضافي، هو الأول للألمان منذ توحيد ألمانيا الغربية والشرقية. ويستحضر قائد المنتخب الألماني في تلك البطولة كثيراً من الذكريات الرائعة.
يتذكر كلينسمان ما حدث آنذاك قائلاً: «كنا نقيم بالقرب من مانشستر في بداية البطولة. وكانت عائلاتنا قريبة في فندق مختلف، وكانت زوجاتنا يذهبن إلى مانشستر خلال النهار. ثم حدث هجوم بالقنابل في وسط مدينة مانشستر (أقيمت مباراة ألمانيا ضد روسيا في دور المجموعات في اليوم التالي على ملعب أولد ترافورد، وسجل كلينسمان هدفين في المباراة التي فازت فيها ألمانيا بثلاثية نظيفة)، وشعر الجميع بالصدمة. كنا جميعاً نخشى أن يحدث شيء آخر، لكن نحمد الله أنه لم تكن هناك هجمات أخرى. لكننا كنا نحب الإقامة في مانشستر، وكانت الأجواء طوال البطولة رائعة للغاية، وكنا نستمتع بذلك كثيراً».
ويضيف: «تعرضت لإصابة عضلية في الساق في مباراة دور الثمانية أمام كرواتيا، وهي الإصابة التي أجبرتني على مشاهدة مباراة الدور نصف النهائي (ضد إنجلترا) من المدرجات، وهذا هو السبب في أنني أستطيع التحدث عن تلك الأجواء الرائعة كأنني شاهدتها من الخارج، لقد كانت الجماهير متحمسة للغاية وتغني أغنية (كرة القدم تعود إلى موطنها). لقد كان بإمكان هذا المشهد أن يجعلك تشعر بالقشعريرة، ولا يهم في ذلك ما إذا كنت إنجليزياً أو ألمانياً. إنه مشهد لا يُنسى على الإطلاق. لقد أحببنا تلك الأغنية كثيراً وكنا نرددها طوال البطولة. لقد غنيناها في إحدى الشرفات في فرانكفورت بعد المباراة النهائية ولم يستوعبها الجمهور الألماني حقاً، لكنها أصبحت مشهورة جداً في ألمانيا بعد ذلك».
ويختتم كلينسمان حديثه قائلاً: «عندما فزنا بكأس العالم (في عام 1990) كنت أحد اللاعبين الشباب، وكان من الصعب فهم ما حدث للتو. كنت أنضم فقط إلى المجموعة وأحتفل معها وأقول لنفسي إن هذا هو أروع شيء في الحياة. لكن في نهائيات كأس الأمم الأوروبية عام 1996 كنت قد وصلت لقمة عطائي الكروي، وكانت مسيرتي الكروية تقترب من نهايتها، وبدأت أفهم الأمور بشكل أفضل، وخاصة ما يتعلق بما يحدث لي ودوري في هذا الحدث الكروي الكبير. لقد كان لي الشرف أن أكون قائداً للمنتخب الألماني وأن أفكر بشكل أكبر في الآخرين وليس في نفسي فقط. لقد كنت أتمنى أن تسير الأمور على ما يرام مع الجميع وأن نستمتع بتلك اللحظة، فقد كنت أنظر للأمور بشكل مختلف عن الآخرين».